عبد الله بداوي يتسلّم الجائزة من الأمين العام الحالي جان باتيست نتوكامازينا
المنظمة الإفريقيّة للتأمين وشركة “كويت ري” التي لها امتدادات قديمة ومتينة نحو القارة الإفريقيّة، يحتفلان معًا هذه السنة بمرور 50 عامًا على إنشاء كلّ منهما. وإذا كانت الأولى، طوال العقود الخمسة الماضية، قد حقّقت الكثير من الإنجازات بدليل انضمام العشرات، كي لا نقول المئات، من الشركات إليها، وحضور أكثر من ألفَيْ مشارك في المؤتمر الأخير الذي عُقد في نيروبي بكينيا، وهو رقم مرتفع جدًّا والأعلى بين سائر المؤتمرات، فإنّ “كويت ري” طوال السنوات الخمسين الماضية كانت تتقدّم بخطوات حثيثة هادئة ولكن ثابتة مكّنتها من مواجهة الأزمات والصمود وبلوغ الأهداف التي رسمها أعضاء مجلس الإدارة.
عبدالله بداوي المسؤول عن فرع كوالالمبور في ماليزيا والذي شارك في المؤتمرات السابقة ممثّلاً الشركة، كما في مؤتمر الـ AIO، بدا وكأنّه صلة الوصْل بين المنظمة والشركة. فهو كان أمينًا عامًا سابقًا لها في العام 2005، كما هو حاليًا المدير العام التنفيذي لــ “كويت ري” في فرع ماليزيا. وتقديرًا لجهوده وخبراته وما فعله لــ AIO خلال تولّيه أمانتها العامّة، كُرّم مع الأمناء العامين السابقين الذين لم يأتِ منهم سوى اثنَيْن.
وللوقوف على تفاصيل عدّة من بينها وضع التأمين في القارة الإفريقيّة التي باتت قِبْلة استراتيجيّة لشركات الإعادة العالميّة الكبار، كان هذا الحديث معه الذي كشف فيه امكانيّة أن تفتتح “كويت ري” فرعًا لها في لزيادة حجم أعمالها.
فإلى الحوار في الأسطر التالية…
س: شركة “كويت ري” التي تدير أعمالها في منطقة آسيا والشرق الأوسط وصولاً الى أفريقيا، من مكتبها في كوالا لامبور، إضافة إلى مركزها الرئيسي في الكويت، شاركت في مؤتمر المنظمة الإفريقيّة للتأمين (AIO)، بعد حضورها مؤتمرات تأمينية عدّة عُقدت هذا العام، كنتَ شخصيًا مشاركًا فيها مع زملاء لك، وقد فاق عدد تلك المؤتمرات ما هو متوّقع. ماذا عن مؤتمر AIO الأخير، في وقت تسعى معظم شركات التأمين إلى كسب ودّ السوق الأميركي؟
ج: ” كويت ري” شاركت عن طريق كوادرها من المقرّ بالكويت، ومن مكتبها في كوالالمبور الذي أُديره شخصياً، في مؤتمرات تأمينية عدّة، كان آخرها مؤتمر المنظمة الإفريقية للتأمين AIO التي تُعدّ أكبر منظمة تأمين في القارة الإفريقية، اذ تضمّ العشرات من الشركات المنتسبة اليها.
لقد عقدت الدورة العادية للاجتماع العام، كما المؤتمر، في مدينة نيروبي في كينيا في حزيران (يونيو) الماضي، فانتقل زملاء من المقرّ في الكويت وانتقلت أنا من مكتب كوالالمبور في ماليزيا للمشاركة في هذا المؤتمر. ولا أغالي اذا قلت ان هذا المؤتمر كان ناجحاً جداً، بل هو يُعتبر أول مؤتمر بهذا الحجم يُقام بعد جائحة كورونا، اذ فاق عدد المشاركين فيه الـ ألفَيْ مشارك من القارتَيْن الآسيوية والأوروبية وبعض المشاركين من الوطن العربي كلبنان والأردن ودبي وغيرها…
صحيح أن مؤتمرت تأمينية عدة عُقدت هذا العام بينها مؤتمر الـ Gaif الذي شاركنا فيه أيضاً، الا أن لكل مؤتمر نكهته وصيغته والمواضيع الخاصة التي عولجت فيه. ففيما خصّ مؤتمر الإتحاد العربي للتأمين في دورته الـ 33 الذي أُقيم في وهران بالجزائر أوائل شهر حزيران (يونيو)، فقد كان ناجح أيضاً، وهو يُقام مرة كل سنتيْن، وكنا سعداء كثيراً بهذه المشاركة خصوصاً أنه لم يُعقد منذ أربع سنوات. إنّ عودة الإنتظام إلى حركة المؤتمرات التأمينية، يُمكن اعتبارها خطوة ايجابية جداً.
بالعودة الى مؤتمر المنظمة الإفريقية للتأمين، فإن مشاركة “كويت ري” تُعتبر ضروريّة، بالنظر الى أهمية القارة الإفريقية بالنسبة لأعمالنا وتوسّعنا ومخططّنا الإستراتيجي الذي تبنّته الإدارة. لقد كان حضورنا قويّاً وتزامن مع اليوبيل الذهبي للشركة، كما للمنظمة الإفريقية للتأمين اللتَيْن مرّت عليهما خمسون عامًا على تأسيسهما. أنا شخصياً، كنت سعيد بلقاء الكثير من الزملاء من القارة الذين لم أرهم منذ سنوات. وكما تعلم، كانت لي تجربة ممتازة خلال إقامتي بعدة بلدان أفريقية في السنوات الماضية، كما حظيّت بشرف تعييني أميناً عاماً لهذه المنظمة في الـعام 2005 ، ولهذا كان المؤتمر في نيربوبي فرصة كي ألتقي الإخوان من جميع القارة، أكانوا ممثلّي شركات تأمين، معيدي تأمين أو وسطاء. باختصار كان حضور “كويت ري” حضوراً متألقاً.
س: ما هي البرامج التأمينيّة التي تحتاجها القارة الافريقيّة؟ وهل هناك أعمال تكفي لشركات التأمين المباشر، كما لشركات الإعادة، ووسطاء الإعادة؟
ج: القارة الأفريقية شاسعة وواسعة، اذ فيها 54 سوقاً بينها أسواق رائدة في مجال التأمين وبرامج متنوّعة مثل تغطية “الخسائر” و”الحياة”، وهذان الفرعان التأمينيان مطلوبان خصوصاً في دول جنوب افريقيا وفي المغرب ومصر. إن الـــ 54 سوقاً في قارة واحدة، ذات مساحة شاسعة، لا شكّ هي بمثابة قِبْلة استراتيجية لكلّ المعيدين، خصوصاً أن كل هذه البلدان هي في طريق النمو،ّ من هنا سيحظى التأمين بالإهتمام وبمستقبل واعد جداً. وكجميع الشركات، لنا في “كويت ري” نظرة خاصة للقارة الإفريقية واستراتيجية لتطوير أعمالنا في دولها. ففيما يخصّ برامج التأمين، فهي كباقي البرامج في البلدان الأخرى، سواء في الوطن العربي أو آسيا، أي أنّها تقوم بتغطية كافة الاحتياجات، سواء كانت خسائر مادية أو بشرية، علماً أن هناك وجوداً كبيراً للمعيدين الكبار منذ سنوات، تحديداً في الأسواق التي تُعدّ الأكبر في جنوب شرق أفريقيا، وكينيا وأثيوبيا. ان هذه البلدان في طريق نموّ تأميني وببرامج عادية كلاسيكية لا تختلف كثيراً عن برامج كافة البلدان الأخرى خارج القارة الآسيوية، ولهذا فهي من ضمن اختصاصنا وكفاءاتنا التأمينية وإعادة التأمين، ولهذا سنبقى مثابرين كي نكسب أعمالاً وأسواقاً جديدة، ولمَ لا، فقد يكون لنا مركز محلي ننطلق منه لتغطية برامج لدول المنطقة في المستقبل القريب. لذا، نحن متفائلون بمستقبل أعمالنا في هذه القارة التي تُعرف من نتائجها الجيدة وتسعيرها الذي لا يزال ضمن المستوى المقبول رغم العولمة التي نقلت المشكلة نفسها للجميع وهي تخفيض وتحطيم الأسعار Dumping. ان القارة الإفريقية لا تزال نوعاً ما بالمستوى التقني المرغوب فيه، علماً أن تعرّضها للكوارث الطبيعية يُعتبر أقل إذا قورِنَتْ بمناطق أخرى.
س: هناك جوائز سنويّة يتميّز بها هذا المؤتمر وكان لــ “كويت ري” حصّة منها. فماذا عن هذه الجوائز وما هي الجائزة التي تلقيتموها؟
ج: لم تكن هناك جوائز لـ “كويت ري”، بل أُقيم احتفال تكريمي لي شخصياً كأمين عام سابق للمنظمة مع جميع الأمناء العامين السابقين، وقد حضر اثنان منهم فقط.
س: قطاع التأمين في جنوب شرق آسيا ازدهر مدّة طويلة وثمة شركات أغنت محافظها من هذه السوق. هل لا يزال الوضع على حاله أم أنّ وضع التأمين في هذه المنطقة تعرّض لتراجع بعد جائحة كورونا؟
ج: قطاع التأمين في المنطقة الأسيوية معروف أنه نَشِط منذ سنوات وتقوده أسواق كبيرة كاليابان والصين وكوريا الجنوبية. طبعاً عرف نموّاً مطردًا بالتوازي مع النموّ الاقتصادي التي عرفته المنطقة. السوق نشط ووجودنا منذ حوالي العشرين عاماً سمح لنا أن يكون لنا حضور في المنطقة لتطوير أعمال إعادة التأمين من هذا المكتب الجهوي في كوالا لامبور، وتمكّنا بعد جهود من تحسين ورفع مستوى وجود الشركة في المنطقة وبناء سمعة جيدة فيها، وهذا كان تحدياً كبيراً لنا في السنوات الأخيرة، خاصة بعدما رأينا بعض الشركات العربية في المنطقة قد خيّبت الظنّ بانهيارها واختفائها من السوق، ما أعطى انطباعاً سلبياً نوعاً ما عن المعيد، ولكن بفضل الجهود وتبّني استراتيجية خاصة مستدامة، تمكّنا من تفادي هذه السلبيات والمحافظة على كافة الأعمال وتطويرها على رغم كلّ ما حدث، واعطاء صورة أخرى مستدامة في المنطقة عن طريق تفسير لفلسفة أعمالنا ونيّتنا في البقاء لمدة أطول، وهذا ما جعلنا نكتسب ثقة من رواد الأعمال، علماً أن هذه الثقة كانت مهمّة جداً لنمرّ عبر الظروف الصعبة التي رأيناها في المنطقة. أنا أكثر من متفائل بمستقبلنا في المنطقة لوجود “كويت ري” كمعيد محترم وذي سمعة جيدة من قبل كل من يقوم ويعمل بهذا السوق. وهذا يعود لكلّ الجهود التي قمنا بها والدعم من مجلس الإدارة لكي نحصّن موقعنا في المنطقة ونطوّر محفظة أعمالنا.
س: ماذا عن “كويت ري” وأين موقعها في قطاع التأمين الآسيوي، الشرق أوسطي، وتحديدًا في الكويت حيث مقرّها الأساسي…
ج: ذكرنا وبات معلومًا أن “كويت ري” تحتفل هذا العام بوبيلها الذهبي، أي بمرور خمسين سنة على تأسيسها واجتهادها، وقد برزت واحدة من أكبر المعيدين المهنيين في المنطقة، وما تألّقنا آسيويًا، سوى دليل على ذلك. اذاً هذه السنة الرمزية لـ “كويت ري” تختصر الجهود التي بذلت لبناء شركة قوية ذات أسس متينة، سواء من ناحية الرأسمال، أو من ناحية الموارد البشرية التي تُثابر كل يوم من أجل العمل بأحسن صورة مهنية. ها هي خمسون سنة قد مرّت بهدوء وبنمط غير سريع ولكنّه ثابت وبأهداف حقّقت للشركة نجاحاً مستمراً، بدليل محافظتنا على تصنيفنا “المستقر” منذ سنوات، كما تمكّنا من أن نجعل نتائجنا التقنية مستدامة والـمعدلّ المركّب للشركة تحت المئة في المئة وهو يتراوح بين التسعين والستة وتسعين في المئة، وهذا يُشير الى نجاح كبير ويدلّ على المهنية العقلانية لإدارة الشركة، ما يجعلنا نفتخر وما يحثّنا، كذلك، على المزيد من الجهود في المستقبل لكي تستمر الشركة في نمو مستدام، بالمحفظة والأرباح، ودائماً بفضل جهود الأصدقاء والمتعاملين معنا، سواء كانوا في المنطقة العربية، أو في شمال افريقيا أو في المنطقة الآسيوية، ولهؤلاء جميعاً ثقة متينة، كما أن لهم ايماناً برسالة “كويت ري” في أن تكون سنداً اجتماعياً قوياً في تغطياتها التأمينية وقد آمنوا بالشركة وبالرسالة التي تقوم بها متمنّين لها 50 سنة قادمة حافلة بالتقدّم والنجاح…