ابراهيم خليل ابراهيم مطلوب من شركات التأمين نشر الثقافة التأمينية
بين 9 أيار (مايو) وحتى 11 منه 2023، تنطلق فعالية لم يسبق للدول العربية أن شهدت مثيلاً لها، هي افتتاح المؤتمر العربي للإكتواريين في نسخته الأولى في القاهرة. وراء هذا الحدث الذي لا يهمّ أركان التأمين فقط، بل معنيّون في قطاعات أخرى نظرأ للدور الواسع الذي يلعبه هؤلاء الخبراء، شخصية تطويرية تعتمد التكنولوجيا كأولوية، هو السيد ابراهيم خليل ابراهيم مؤسس شركة Fintech Robos التكنولوجية المالية ورئيسها التنفيذي التي أنشأها مع خبراء في مملكة البحرين في العام 2020.
ماذا عن هذه الفعالية الجديدة.. مَن سيشارك فيها والى مَ ترمي ومن المستفيد منها… أسئلة عديدة نقلناها الى السيد ابراهيم خليل ابراهيم الذي كان في طور الإستعداد لهذا المؤتمر الذي يُشكلّ دعامة إضافية لقطاعات انتاجية تحتاج الى اكتواريين، كما الى مثلها للإكتواريين أنفسهم في زمن التطوّر التكنولوجي المتسارع…
فالى الحديث، سألناه أولاً:
-حدّثنا قليلاً عن المؤتمر العربي للإكتواريين في نسخته الأولى: كيف أتتك الفكرة، ما هي الدوافع الى هذا المؤتمر، لماذا اخترت القاهرة مكاناً له، وهل سيُشارك فيه حشد من الإكتواريين من الوطن العربي أم أن الإجتماعات ستكون عن بُعد؟ أجاب:
-كنت بداية، ولا أزال مهتما بأنظمة الإدخار التقاعدي والتأمينات الإجتماعية وما يمكن أن يُطلق عليه عامة حقل “الحماية الإجتماعية”، اذ اني اهتمّ شخصيا بإدارة وحَوْكَمة وتحليل أعمال صناديق التقاعد العامة والخاصة، وأكتب فيها مقالات كثيرة باللغتين العربية والإنجليزية، وأتحدث في المؤتمرات الدولية وفي الإجتماعات المغلقة لمناقشة سياسات وهيكية صناديق التقاعد. وأول ما بدأت به، تنظيم “المؤتمر العربي للتقاعد والتأمينات الإجتماعية” الذي ينمو في نسخته السابعة هذا العام، والمقرر أن تعقد في مدينة “أسوان” بجمهورية مصر العربية، بالتعاون مع الهيئة القومية للتأمين الإجتماعي في مصر.
معلوم أنه في نقاش وإدارة صناديق التقاعد، دائما ما يكون الجانب الإكتواري محوريا بسبب الحاجة إلى حساب الإلتزامات المالية للمشتركين وأصحاب المعاشات خلال السنين المستقبلية القادمة والتي تصل إلى 60 عاما وأكثر، وكيفية تمويلها، إذ أن العملية تخضع لعدد من الإفتراضات والمعايير التي تُصمّم وفقها إشتراكات ومزايا التقاعد. إلا أن “الخبير الإكتواري” كوظيفة ومتخصص، غير معروف دوره للكثير، سوى التقارير الصحفية التي تظهر إعلاميا بين فترة وأخرى في بلداننا حول العجز الإكتواري في صناديق التقاعد الحكومية.
وفي مجال التأمين التجاري أيضا، فإن دور الإكتواري جوهري جدا في هيكلة المنتجات وتحديد معايير الإكتتاب التأميني ومستوى المخاطر التي تقبلها شركات التأمين وإعادة التأمين، إلا أن فهم ذلك الدور لا يزال محدودا ولا يتعدّى القلّة من التنفيذيين في الإدارات العليا. ومهنة الإكتواري، مقارنة بمهن المحاسبة والصيرفة والتأمين، هي جديدة نسبيا وأقل إنتشارا بالطبع، لاسيما في منطقتنا وفي الدول النامية. إلا أنها أساسية جدا للأعمال والمنتجات المالية التي تستوجب إلتزامات مالية مضمونة للغير، مثل صناديق التقاعد الحكومية والخاصة، وتأمينات الحياة، ومحافظ التأمين العامة، مزايا وحقوق الموظفين، والتقييمات الفنية المتعلقة بالتدفقات المالية المستقبلية وملاءة الشركات والمحافظ. لذلك، فإن تنظيم ووجود مؤتمر إقليمي منتظم للأسواق العربية حول الأعمال الإكتوارية يُعدّ أمرا حيويا وذا قيمة عالية لرفد أنظمة التقاعد والحماية الإجتماعية والضمان الصحي والتأمينيات التجارية بالرؤى والتحليلات والتجارب التي تستفيد منها، ومن جهة أخرى، فإن وجود مثل هذا المؤتمر السنوي يُعدّ، بحد ذاته، نشرا للثقافة المالية والتأمينية والإكتوارية في أوساط العاملين بالصناعة المالية والتقاعدية بشكل أكبر، ما يساعد على فهم الدور الإكتواري في الصناعة المالية.
س: ماذا سيُطرح في هذا المؤتمر ومن سيُشارك فيه من المحاضرين وأي مردود سيعود منه الى قطاع التأمين العربي ككلّ، وهل ستكون له نسخ أخرى في الآتي من السنوات؟
ج: يشارك في “المؤتمر العربي للإكتوارين 2023” حوالي ثمانمائة شخصية من رؤساء وخبراء وكوادر القطاعات المالية والتقاعدية والاقتصادية والأكاديمية (600 حضوريا و200 إفتراضيا). وتستهدف الفعالية ثلاثة أهداف رئيسة:
-الأول، مواجهة ما يشهده عالم اليوم من أزمات وتحديات جيوسياسية وصحية ومناخية واقتصادية تمثّل كلّها مخاطر تؤثر بشكل كبير في الاقتصاد العالمي، وأيضا في حياة وخطط الأفراد والشركات والحكومات، إذ أنه من الأهمية بمكان وسط كلّ هذه الأزمات والتحديات، أن نفهم طبيعة هذه المخاطر من خلال الرؤية الثاقبة للخبراء الاكتواريين الذين هم في وضع أفضل لتحليلها. ذلك أن الاكتواريين متخصّصون في تحليل الأخطار وتقييم الأثر المالي المرتبط بمثل هذه الأحداث والمخاطر الاقتصادية وغير الاقتصادية، ويمكنهم تقديم نظرة شاملة حول كيفية تأثير تلك المخاطر على أوضاعنا حاليا وفي المستقبل.
-الثاني، إبراز دور الخبراء الاكتواريين في تطوير حلول وآليات لمواجهة تلك التحديات، وهو دور لايزال أقلّ فهمًا واستخدامًا نسبيًا في المنطقة العربية، بل يُعدّ دورا خلفيا في الغالب عالميًا، رغم انه دور حيوي وديناميكي في الإدارة الاستراتيجية للقطاعات الحكومية والاقتصادية والتجارية.
-الثالث، يتمثّل في بناء منصةّ حِرَفية للمهنة الاكتوارية بالعالم العربي، على غرار منصّات المؤتمرات الاكتوارية الدولية والإقليمية. ويتماشى هذا الهدف الثالث مع مساعي الجهات التنظيمية والصناعة المالية المحلية الرامية لتطوير المواهب الاكتوارية في المنطقة.
لذلك، فإن جلسات وورش عمل المؤتمر ستمتد على مدى ثلاثة أيام، وتغطي مجموعة من الموضوعات التي تهمّ الخبراء الاكتواريين والمدراء التنفيذيين بالقطاع الحكومي وقطاعَيْ التأمين وأسواق رأس المال والأشخاص المهتمين بإدارة بعض أكبر المخاطر التي تواجه البشرية، من خلال 14 جلسة مقسّمة على ستة محاور رئيسة وهي: الإكتواريون والقطاع الحكومي، الإكتواريون وقطاع التقاعد، الإكتواريون وأسواق المال، الإكتواريون والجهات التنظيمية، الإكتواريون وقطاع التأمين، الإكتواريون والتكنولوجيا. لقد تمّ تصميم الحدث على هذا الشكل، لتأطير الدور الرئيس الذي يلعبه الخبير الاكتواري والدعم الذي يقدّمه في بيئات أعمال متنوعة. كذلك يهدف المؤتمر، الى تسليط الضوء والنقاش حول الطبيعة المتغيّرة لدور الإكتواري في العصر الجديد للذكاء الاصطناعي والتعلّم الآلي وعلوم وتحليلات البيانات، خاصة أن المؤتمر سوف يتيح رؤى وتحليلات مهنية تتناول ايضا مجموعة من الموضوعات الناشئة والمهمة في الجوانب الاكتوارية والمالية والاقتصادية، وسيجمع للمرة الأولى، الخبراء الاكتواريين والشركات الإكتوارية والمؤسسات والدوائر المرتبطة بالخدمات الاكتوارية في إطار منصة مهنية إقليمية واحدة.
س: أنت مؤسس شركة Fintech Robos ورئيسها التنفيذي.. ماذا عن هذه الشركة، متى أنشأتها، ما هي مهمّتها، ومع من تتعامل، وما هي المواضيع التي تتطرّق اليها؟
“ ج: فينتك روبوز” شركة بَحْرَينية وتعمل في مجالين، الأول في المجال التكنولوجي مع المؤسسات (B2B)، وبذلك نوفر لعملائنا ميزة رائدة من خلال تزويدنا إياهم منتجاتٍ وحلولاً رقمية للادخار والاستثمار، لا سيما الإدخار التقاعدي، وبذلك يُمكن إضافتها إلى محفظة أعمالهم وتوزعيها لقاعدة زبائنهم.
تأسست الشركة في العام 2020 في مملكة البحرين، من خلال شراكة عدد من الخبراء في هذا المجال الذين اجتمعوا معًا لإحداث ثورة في كيفية إدارة عمليات التخطيط المالي للأفراد والاستثمار والتداول رقميًا.
نفخر بكوننا الشركة الأولى والوحيدة في الشرق الأوسط التي نشأت في مجال التكنولوجيا المالية للإدخار والتقاعد لتلبية احتياجات المؤسسات المالية والشركات الكبرى وقطاع الحماية الإجتماعية في المنطقة. والأهم من ذلك، فإن Fintech Robos تهدف إلى أن تكون جزءًا من الحلّ للمعضلة المزمنة في تمويل أنظمة التقاعد في المنطقة. وسوف تفعّل ذلك عن طريق ملء الفجوة الحالية في التقنيات والخدمات الإدارية المتاحة التي تسمح بتوفير كلّ من خدمات التقاعد ذات الإشتراكات المحددة للأفراد وأنظمة الإدخار التقاعدي للموظفين.
بالنسبة للمجال الثاني الذي توفره شركتنا، فيتمثّل في تنظيم المؤتمرات والمعارض للصناعة المالية في الأسواق العربية. ومن ذلك أنها تنظّم حاليا أربعة مؤتمرات منتظمة ترعاها وتدعمها جهات حكومية ورقابية وبنوك مركزية، هي: المؤتمر العربي للتقاعد والتأمينات الإجتماعية، المؤتمر العربي للإدخار والثقافة المالية، المؤتمر العربي للإكتواريين، ومؤتمر الشرق الأوسط لإدارة الثروات والمستشار المالي الآلي.
س: تبدو من خلال إطلالاتك على مواقع التواصل الإجتماعي، مهتماً كثيراً بقطاع التأمين. فما هي الأسباب وكيف ترى هذا القطاع في الوقت الراهن وهل عندك ملاحظات عليه وما هي؟
ج: خدمات وأعمال التأمين التجاري ليست تخصّصي أو إهتمامي الأول على الصعيد الوظيفي، لكنني شخصيا أعتقد أن منتجات ومزايا التأمين لم تأخذ نصيبها الى الآن، من الفهم والتقبّل والإنتشار في أسواقنا العربية، رغم أن التأمين في حدّ ذاته يُعتبر أحد الخدمات الإجتماعية الحيوية لمجتمع الحداثة. فمن الناحية المالية، فإن هذا القطاع يوفّر الضمانات لكثير من الصناعات والأنشطة التجارية والسيولة النقدية والإستثمارية لأسواق المال، وفي الوقت نفسه يوفّر الحماية والإستقرار المالي للأفراد والعائلات. أعتقد أنه لا يزال مطلوب من شركات التأمين وإتحادات شركات التأمين وهيئات الرقابة عليه في الدول العربية، كثيرا من الجهود التثقيفية والإعلامية لنشر الثقافة التأمينية والشمول التأميني والإستثماري للمواطن وللعائلة العربية، وأعتقد أن المسألة ليست بالضرورة بالكم، وإنما بالكيف، من حيث تسهيل شرح مبادىء ومزايا التأمين وكيف تنعكس على النجاح المالي للفرد والعائلة.
س: هل لك أن تُطلعنا على سيرتك الذاتية والعملية؟
ج: أنا المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة Fintech Robos لتطبيقات الادخار والتقاعد، وهو مشروع يهدف إلى إطلاق مؤسسة مالية على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لخدمات الإدخار والتقاعد. وقد كنت أحد أبرز صنّاع الثقافة المالية للإدخار والتخطيط المالي والتقاعد في المنطقة العربية. سابقًا، كنت عضوًا في مجلس إدارة شركة “تقاعد”، بعدما أمضيت أكثر من 6 سنوات في الإدارة التنفيذية للشركة. في هذا المنصب، كنت مسؤولاً عن تعزيز وتطوير التعاون الاستراتيجي لـ “تقاعد” مع المؤسسات الحكومية في مجال المعاشات التقاعدية وإدارة الأصول وأسواق رأس المال. كما كنت مسؤولاً عن تطوير الأعمال التجارية لبرامج إدخار الموظفين للشركات في القطاع الحكومي والشركات الكبرى. وبذلك أصبحت أحد المختصّين الشغوفين بالتوعية حول أهمية الإدخار والإستثمار للأفراد، وحول برامج إدخار الموظفين وأنظمة التقاعد، وقد كانت لي محاضرات ونقاشات في العديد من الندوات حول كيفية إدارة وحوكمة أنظمة إدخار الموظفين.
الى ذلك، أطلقت المؤتمر العربي للتقاعد والتأمينات الاجتماعية الذي تمّ تنظيمه في المنطقة لسنوات عديدة، كما نظمت المؤتمر العربي للادخار والثقافة المالية والمؤتمر العربي للإكتواريين، الى جانب تزويد هؤلاء بمقالات ومعلومات في مجالَيْ الإدخار والتقاعد كجزء من اهتماماتي المهنية.
والى ما تقدّم، شغلت منصب نائب الرئيس الأول للتسويق، في شركة الثريا للاتصالات الفضائية، (ضمن مجموعة “إتصالات” الإماراتية)، مسؤولًا عن تسويق خدمات ومنتجات الاتصالات عبر الأقمار الصناعية في أكثر من 140 دولة.
وقبل ذلك، توليت مناصب تسويقية رئيسة في شركة الإتصالات الوطنية في البحرين “بتلكو”، وكذلك مع المجموعة العربية للتأمين “أريج”، علماً أنني حاصل على درجة الماجستير في العلوم في الاتصالات من جامعة “ستيرلنغ” بالمملكة المتحدة.