كيف تتعامل شركات التأمين مع تغيّر المناخ من خلال شهادات الكربون؟ سؤال طرحته نشرة الإتحاد المصري للتأمين ذات الرقم 358 وأجابت عنه في مقال موسّع، كما العادة، مفعم بالمعلومات والأرقام والتوضيحات كما الإشارة الى المصادر.
ففي المقدمة، تحدثت النشرة عن معدلات الانبعاثات الكربونية الناتجة عن الأنشطة البشرية، وارتفاعها الكبير، ما أدى إلى تفاقم ظاهرة التغير المناخي وظهور كوارث بيئية تهدد مستقبل الحياة على الكوكب. وفي مواجهة هذه التحديات، برز دور التأمين كأداة حيوية لدعم التحوّل نحو اقتصاد منخفض الكربون. كتمويل المشاريع الصديقة للبيئة، و تقديم الحماية من المخاطر البيئية، وتشجيع السلوكيات المستدامة. فكيف تساهم صناعة التأمين في خفض تلك الانبعاثات الكربونية من خلال أدواتها ومنتجاتها المتنوعة؟
يجيب معدو النشرة أن الارتباط بين التأمين وتغيّر المناخ بات واضحًا بشكل متزايد. و مع إدراك الصناعة لدورها الحاسم في إدارة مخاطر المناخ، لم تعد شركات التأمين مجرد مؤسسات مالية؛ بل أصبحت عنصراً محورياً في الاستراتيجيات الرامية إلى التخفيف من آثار المناخ. ومع ارتفاع الأحداث الجوية المتطرفة، أصبح الحد من الانبعاثات الكربونية داخل الصناعة أمرًا ملحًا.
ويمكن شركات التأمين من خلال معالجة انبعاثاتها الخاصة، تقول النشرة، تعزيز مرونة محافظها والمساهمة في جهود الاستدامة الأوسع نطاقًا. و توفر شهادات الكربون، التي تسمح لشركات التأمين بتعويض الانبعاثات الناتجة عنها مسارًا للاستثمار في المشاريع التي تتوافق مع أهدافها البيئية، مما يضعها في موقع الريادة في الانتقال إلى اقتصاد منخفض الكربون ويسلط الضوء على التزامها بتلك المسؤولية . إن تحقيق صافي الانبعاثات الصفري ليس مسؤولية الشركات فحسب، بل إنه خطوة حيوية نحو مستقبل مستدام، كما هو الحال في قطاعات أخرى مثل التمويل والتكنولوجيا. لذا، فإن السعي للحصول على شهادات خفض الكربون يمكن أن يعزز التزام شركة التأمين بالمصداقية البيئية.
فما خصائص الاقتصاد منخفض الكربون؟ أما الجواب فهو: اقتصاد يعتمد على تقليل الانبعاثات الكربونية عبر التحول إلى مصادر طاقة نظيفة ومتجددة مثل الطاقة الشمسية، الرياح، والطاقة الكهرومائية. وكذلك يعتمد على اقتصاد يشجع على الابتكار في الصناعات الخضراء واعتماد تقنيات مستدامة تُحافظ على البيئة.
وتكمن أهمية هذا التحوّل في أنه : يحمي البيئة أي يقلّل الآثار السلبية لتغيّر المناخ على الأجيال القادمة. يعزّز النمو الاقتصادي المستدام أي خلق فرص عمل جديدة في قطاعات الطاقة المتجددة والتكنولوجيا النظيفة. يضمن أمن الطاقة أي تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري المستورد، والاعتماد على موارد محلية ومتجددة. يرسي توافقا مع الاتفاقيات الدولية، أي تحقيق أهداف اتفاقية باريس لتقليل الاحتباس الحراري والإسهام في بلوغ صافي انبعاثات صفرية. تقليل المخاطر المالية اذ يؤدي التحول إلى تقليل الأضرار المرتبطة بالكوارث المناخية، مما يحمي الاقتصاد من خسائر كبيرة.
فما دور شركات التأمين في إدارة مخاطر المناخ؟ والجواب أن الأدوار عديدة أهمها: تقييم المخاطر أي استخدام نماذج متقدمة لتقييم الخسائر المحتملة الناتجة عن الكوارث الطبيعية التي تتفاقم بسبب التغير المناخي. توفير التغطية عن طريق تقديم وثائق تساعد الأفراد والشركات على التعافي من الأضرار المرتبطة بالمناخ. تعزيز المرونةأي تشجيع حاملي الوثائق على تبني ممارسات تقلل من التعرّض لتأثيرات المناخ.
ومع تصاعد حدة الأحداث الجوية المتطرفة، يتعيّن على شركات التأمين تطوير استراتيجياتها للحفاظ على الاستقرار المالي وتعزيز مرونة المجتمع.
فما هي، أولاً، شهادات الكربون
تُعد شهادات الكربون أداة مهمة لشركات التأمين التي تسعى لتقليل انبعاثات الكربون الخاصة بها. وهذه الشهادات عبارة عن تصاريح تسمح لحاملها بانبعاث كمية معينة من غازات الاحتباس الحراري. وفي ما يلي بعض الوظائف الرئيسية لشهادات الكربون:
–تعويض الانبعاثات: عندما تستثمر شركات التأمين في مشاريع تقلل من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري – مثل إعادة التشجير أو الطاقة المتجددة – فإنها تكسب شهادات كربونية يمكن أن تعوض انبعاثاتها الخاصة.
–تسهيل الامتثال: تفرض العديد من الدول الآن على الشركات تحقيق أهداف محددة لتخفيض الانبعاثات. وتوفر شهادات الكربون وسيلة لشركات التأمين للوفاء بهذه الالتزامات دون التأثير على النمو أو الربحية.
كذلك، يمكن أن يساعد حساب البصمة الكربونية لشركات التأمين على فهم مستويات انبعاثاتها الحالية وتحديد مجالات التحسين. ومن خلال الاستخدام الفعال لشهادات الكربون وتشجيع الآخرين على القيام بذلك، تستطيع شركات التأمين أن تلعب دورًا نشطًا في تحقيق أهداف الاستدامة مع تحسين سمعتها المؤسسية.
الى ذلك، خلص تقرير حديث بعنوان ” أقساط الاكتتاب في شهادات الكربون: هل يمكن أن تبلغ قيمة شهادات الكربون في سوق التأمين المقبلة مليارات الدولارات؟“، الصادر عن شركتي أوكس بو وكيتا إيرث، إلى أن أسواق الكربون تمثل فرصة كبيرة لصناعة التأمين، ووصفتها بأنها “السايبر الجديدة” (في إشارة إلى النمو السريع للتأمين السيبراني). كما أشار تقرير آخر صادر عن غالاغر إلى أن ما يقرب من ثلثي (63%) الأهداف البيئية التي وضعتها الشركات الكبرى في المملكة المتحدة ستتحقق عبر شراء شهادات الكربون.
شجيرات زرعت خلال مؤتمر شرم الشيخ
والآن ماذا عن حلول التأمين وفرص السوق؟
لقد أصبح هناك عدد متزايد من حلول التأمين المتاحة في السوق، حيث يمكن التأمين أن يعزز الثقة ويحدد المخاطر ويخفف من تأثيرها. ويوضح الخبراء أن هناك فرصًا كبيرة لمزيد من شركات التأمين لدخول هذا المجال، خصوصًا مع بروز تقنيات جديدة مثل إزالة ثاني أكسيد الكربون من الهواء أو المشاريع البحرية، التي تقدم مخاطر غير مستكشفة بعد.
يُشار هنا الى أن الهيئة العامة للرقابة الماليةالمصرية دشّنت في أغسطس 2024 أول سوق كربون طوعي منظّم ومراقب من جهات الرقابة على أسواق المال في مصر عبر تسجيل مشروعات خفض الانبعاثات الكربونية الطوعية بقاعدة بيانات الهيئة وإصدار وتداول شهادات خفض الانبعاثات الكربونية بين أطراف محلية ودولية، عقب الانتهاء من كافة المتطلبات التنظيمية بالتعاون مع وزارة البيئة. ووضعت الهيئة العامة للرقابة المالية خطة عمل طموحة، عبر وضع إطار تنظيمي كامل وضوابط لإنشاء وتدشين أول سوق كربون طوعية لتداول شهادات خفض الانبعاثات الكربونية.
و يعد السوق الكربوني المصري أول سوق للكربون الطوعي فى مصر وإفريقيا، يهدف إلى دعم جهود الحكومة المصرية فى تحقيق الحياد الكربوني، والذي تتبناه مصر ضمن سياساتها الدولية، والرامية لخفض درجة حرارة الأرض الذي يعد المتسبب الرئيسي في حدوث كوراث طبيعية منها السيول والحرائق التي تهدد أرواح وأرزاق الملايين من البشر حول العالم.
وتهدف الهيئة العامة للرقابة المالية المصرية إلى توفير المال لدعم جهود الحكومة المصرية في تحقيق الحياد الكربوني وتعزيز انخراط الكيانات الاقتصادية العاملة في مختلف الأنشطة الإنتاجية في أنشطة خفض الانبعاثات الكربونية. حيث يعمل سوق الكربون الطوعي على تحفيز الشركات عالية الانبعاثات على خفض البصمة الكربونية لديها. فالشركات التي تعمل على تقليل انبعاثاتها من خلال استخدام طاقة متجددة نظيفة للبيئة، تستطيع الحصول نظير ذلك على مقابل مادى عبر إصدار شهادات كربون. لذا فإن إطلاق هذا السوق سيعمل على تشجيع التنافس بين الشركات لخفض انبعاثاتها للحصول على عائد مادى إضافي، ودفع الشركات التى لا تستطيع تقليل بصمتها الكربونية لشراء الشهادات كمساهمة فى تقليل الانبعاثات.
ومن الجدير بالذكر أن الأسواق العالمية نقلت سوق الكربون من نشاط طوعي إلى نشاط إلزامي خاصة للشركات ذات الانبعاثات العالية مع إلزامها بشراء كمية معينة من شهادات الكربون كل عام.
عملية إصدار شهادات الكربون
يُذكر أن عملية إصدار شهادات الكربون تمرّ عبر نحو 8 خطوات و يتم تنفيذ كل واحدة من تلك الخطوات لدى جهة من جهات سوق الكربون “دورة عمل سوق الكربون”.
- التخطيط لمشروع الخفض. وتبدأ أولى خطوات إصدار الشهادات بالتخطيط لمشروع الخفض عبر مطور المشروع الذي يتولى عمليتي التخطيط وتصميم مشروع الخفض ويعتبر الجهة المسؤولة عن تنفيذ مشروعات خفض الانبعاثات الكربونية التى يتم بموجبها إصدار شهادات خفض الانبعاثات الكربونية بالسجلات بعد اعتماد جهات التحقق والمصادقة.
- تصميم المشروع. يقوم مطور المشروع بتنفيذ تلك الخطة من خلال اختيار سجل الكربون الطوعي الذي سيقوم بإصدار شهادة خفض الانبعاثات، وتصميم وثيقة المشروع وفقًا للنماذج المعدة لذلك فى السجل الطوعى وفقًا للمنهجية والمعيار المتاح بالسجل، ويتم تحديد حجم الانبعاثات الكربونية من خلال قياس وتقدير دقيق للبصمة الكربونية، وتلك الخطوة هي التي تحدد إمكانيات الخفض وفقًا للمنهجية.
- المصادقة على وثيقة تصميم المشروع. وتلك الخطوة يتولى مهام تنفيذها جهات التحقق والمصادقة المرخص لها من قبل الهيئة العامة للرقابة المالية، بغرض الحصول على المصادقة المعتمدة من سجلات خفض الكربون .
وتقوم الجهة فى تلك الخطوة بإتمام عملية المصادقة قبل البدء فى تنفيذ المشروع بهدف تقييم التصميم للتأكد من أن المشروع يفي بمتطلبات المعايير الواجب الالتزام بها من قبل سجلات خفض الكربون، ويرصد خفض الغازات الدفيئة من خلال المنهجيات المعتمدة بعد المصادقة يتم تجربة المشروع وتتم عملية التحقق.
وجهات التحقق والمصادقة المعتمدة من قبل الهيئة العامة للرقابة المالية المصرية هي كل من المركز المصري للزراعة الحيوية “COAE” وشركة “تى يو فى نورد إيجيبت” وشركة “تى يو فى نورد سيرت”.
- تسجيل المشروع فى أحد سجلات خفض الكربون. وفي هذه الخطوة يقوم مالك المشروع بتسجيله فى سجل مشروعات الكربون في إحدى الجهات المالكة والقائمة على حفظ وإدارة سجلات الكربون الطوعية وأبرزهم “فيرا” و”جولد ستاندرد”.
وسجلات الكربون الطوعية: هى أنظمة حفظ مركزية إلكترونية تتضمن سجلات لإصدار وتسجيل وتتبع تسلسل نقل ملكية شهادات خفض الانبعاثات الكربونية وفقًا للمنهجيات الصادرة عن جهات وضع المعايير والمنهجيات.
- تنفيذ مشروع الخفض. يبدأ مطور المشروع فى بدء اتخاذ خطوات تنفيذ مشروع الخفض الذي تم تصميمه والانتهاء من عملية خفض الانبعاثات الكربونية.
- المراقبة. ويقوم بتلك الخطوة الجهات الرقابية المتمثلة فى الهيئة العامة للرقابة المالية من خلال لجنة الإشراف والرقابة على وحدات خفض الانبعاثات الكربونية.
- التحقق من المشروع. وفى هذه الخطوة يحصل المشروع على إقرار بجودة تنفيذه وتقديم الانبعاثات المخفضة من المشروع خلال فترة زمنية معينة، بالإضافة إلى التأكد من خفض كمية الغازات التى قدمها مطور المشروع فى خطوة المصادقة.
وبموجب المصادقة يمنح المشروع الشهادات المطلوبة ISO-14065 وiso-17029 لإصدار شهادات الكربون.
- إصدار شهادات خفض الانبعاثات الكربونية. وبعد إتمام الإجراءات السابقة يمكن لمطوّر المشروع إصدار شهادات خفض الانبعاثات والتي تتيح إمكانية تداول الشهادات من خلال أسواق التداول مثل سوق تداول شهادات خفض الانبعاثات الكربونية الذى تنشئه البورصة المصرية.
ويعمل السوق في مصر بنفس دورة العمل، ومنذ تدشينه تمّ تسجيل نحو 14 مشروعًا لخفض الانبعاثات الكربونية من خلال مطوّري مشروعات، ويعمل به حاليًا نحو 7 وسطاء من شركات السمسرة، ونجح فى خفض نحو 4.5 مليون طن انبعاثات كربونية حتى الآن.
فكيف تستخدم شركات التأمين لشهادات الكربون عبر النطاقات؟ عن هذا السؤال تجيب النشرة: شركات التأمين تركّز في المقام الأول على معالجة انبعاثاتها في النطاقين 1 و2 اللذين يشيران إلى الانبعاثات المباشرة وتلك الناتجة عن استهلاك الطاقة – و ذلك من خلال تحسين العمليات التشغيلية واستخدام شهادات الكربون.
–بالنسبة للنطاق 1، غالبًا ما تخفّض شركات التأمين انبعاثاتها من خلال تحديث مبانيها باستخدام أنظمة كفاءة الطاقة أو الاستثمار في أساطيل المركبات الكهربائية.
–أما بالنسبة للنطاق 2، فإنها تعتمد عادةً على شراء الطاقة المتجددة أو تحسين استخدام الطاقة في مراكز البيانات والمكاتب.
و تساعد شهادات الكربون في تعويض الانبعاثات المتبقية بعد هذه الجهود. على سبيل المثال : تعمل إحدى كبرى شركات التأمين السويسرية على تقليل انبعاثاتها سنويًا من خلال تنفيذ تدابير لتحسين كفاءة عملياتها، مثل تحسين كفاءة الطاقة، وتقليل السفر لأغراض العمل، والتحوّل إلى أسطول مركبات كهربائي، وشراء الطاقة المتجدّدة. ومع ذلك، ولتجنب إطلاق المزيد من الكربون في الغلاف الجوي ولدعم المشاريع الاجتماعية والبيئية، تعوّض الشركة الانبعاثات المتبقية من خلال شراء شهادات كربونية معتمدة من محمية “رينبا رايا” للتنوع البيولوجي.
إلى جانب تقليل انبعاثاتها التشغيلية، تستثمر شركات التأمين في شهادات الكربون كجزء من استراتيجية أوسع تهدف إلى تحقيق عوائد مالية ودعم الاستدامة. ومن الأمثلة البارزة على ذلك شراء إحدى شركات إعادة التأمين السويسرية الكبرى مؤخرًا ألف طن من شهادات إزالة الكربون من شركة “O.C.O Technology” لتعويض انبعاثاتها المتبقية. و يتلاءم هذا الاستثمار مع أهداف الشركة لتحقيق استدامة طويلة الأجل ، حيث يعكس التزامها بدعم حلول مبتكرة لإزالة الكربون من أجل مستقبل منخفض الكربون ومقاوم لتغير المناخ.
أن قطاع التأمين يلعب دورًا حاسمًا في مكافحة تغير المناخ من خلال حلول مبتكرة. فمن خلال تبني ممارسات مستدامة، لا تعالج شركات التأمين انبعاثاتها فحسب، بل تؤثر أيضًا على معايير الصناعة الأوسع نطاقًا. و يعد هذا التحول ضروريًا للانتقال إلى مستقبل أفضل لصناعة التأمين وتغير المناخ.
إن تبني الالتزام بتحقيق صافي الانبعاثات الصفرية والاستفادة من أدوات مثل شهادات الكربون يؤدي الى مسارات نحو بناء اقتصاد مرن ومنخفض الكربون. ويمكن شركات التأمين المساهمة بشكل كبير في جهود المناخ من خلال: الاستثمار في مشاريع شهادات الكربون عالية الجودة، تعزيز استراتيجيات تقييم المخاطر، تعزيز المرونة المناخية عبر المحافظ
هذا النهج الاستباقي يضع شركات التأمين في مكانة رائدة في مجال الاستدامة، وجذب المستثمرين وأصحاب المصلحة الذين يعطون الأولوية للمسؤولية البيئية.
الآن هو الوقت المناسب لمواءمة عمل أي منظمة مع الحركة العالمية نحو انبعاثات صفرية صافية. لاستكشاف كيف يمكن للمنظمة أن تصبح أكثر استدامة وامتثالاً وجاذبية للاستثمارات .
هنا تجدر الإشارة الى أن الاتحاد المصري للتأمين يهتم بشكل خاص، منذ فترة، بتفعيل مبادئ الاستدامة، وخاصة العناصر المؤثرة في كمية الانبعاثات الكربونية والتي لها التأثير الأكبر على الأرض. وقد قام الاتحاد بالتنسيق مع الهيئة العامة للرقابة المالية باحتساب متوسط الانبعاثات الكربونية الصادرة عن تنظيم ملتقى شرم الشيخ السادس ومن ثم تم شراء الشهادات المعادلة لكمية ثاني أكسيد الكربون المنبعثة أثناء الملتقى وقام الاتحاد المصري للتأمين بأخذ المبادرة الاولى في شراء شهادات الكربون الطوعية مما يضع مؤتمر شرم الشيخ للتأمين ضمن مصاف المؤتمرات المستدامة. ويستهدف الاتحاد، بخطوته هذه، الى أن يحقق المؤتمر هدف الوصول إلى صافي انبعاثات صفرية.
الى ذلك، نفذّ الاتحاد المصري للتأمين صفقة شراء 350 شهادة خفض انبعاثات كربونية كطرف مشتري من مشروع محافظة المنيا المجمع وهو أحد مشروعات خفض الانبعاثات الكربونية التابع للجمعية المصرية للزراعة الحيوية المقيد بقاعدة بيانات الهيئة لمشروعات خفض الانبعاثات الكربونية. كما سيقوم في المرحلة القادمة بتوعية شركات التأمين بأهمية سوق الكربون الطوعي وتحفيزهم للاستفادة من الأنواع المختلفة لشهادات خفض الانبعاثات الكربونية للحد من تأثير القطاع على البيئة.
والآن ماذا عن رأي الإتحاد؟
إن تغير المناخ ليس مجرد قضية بيئية؛ بل إنه خطر مالي، وسوف يحتاج قطاع التأمين إلى التطور للمساعدة في التخفيف من عواقبه.
فالتأمين ليس مجرد أداة مالية، بل هو شريك استراتيجي في تحقيق أهداف الاستدامة البيئية. فمن خلال تقديم الدعم للمشاريع الخضراء، إدارة مخاطر التغير المناخي، وتوجيه الاستثمارات نحو الاقتصاد الأخضر، يسهم التأمين في تسريع الانتقال إلى اقتصاد منخفض الكربون. ومع التحديات المتزايدة التي يفرضها تغير المناخ، يصبح من الضروري تعزيز التعاون بين شركات التأمين والحكومات والمؤسسات الدولية لضمان مستقبل أكثر استدامة.
لذا يوصي الاتحاد بضرورة تكامل دور شركات التأمين مع الجهود الوطنية والعالمية لتحقيق التنمية المستدامة وخفض الانبعاثات الكربونية من خلال :
- تعزيز الشراكة بين شركات التأمين والجهات الحكومية والمنظمات البيئية لتطوير برامج تأمينية مخصصة تدعم مشروعات خفض الانبعاثات وتوفر الحماية المالية للاستثمارات الخضراء.
- إطلاق منتجات تأمينية جديدة مرتبطة بالكربون، مثل التأمين على المشاريع المؤهلة لإصدار شهادات الكربون، لدعم التحول نحو اقتصاد منخفض الكربون.
- استثمار أموال شركات التأمين في السندات الخضراء ومبادرات الاستدامة، مع التركيز على المشاريع التي تعزز الطاقة المتجددة وتقنيات تقليل الانبعاثات.
- التحقق من تأثير الأنشطة المؤمّنة على تقليل الانبعاثات الكربونية، بما يعزز المصداقية ويزيد من فعالية التأمين كأداة لتحقيق الاستدامة.
وتمثل شهادات الكربون فرصة كبيرة لشركات التأمين، حيث توفر حماية مالية وبيئية للشركات والمستثمرين. ومع زيادة الطلب والابتكار في هذا المجال، يمكن للتأمين أن يلعب دورًا محوريًا في تعزيز مصداقية الأسواق الكربونية ودعم المشاريع المبتكرة التي تساهم في مكافحة تغير المناخ.