ترامب متباهيا بنسب الرسوم الجمركية الاضافية
تدفع الحرب التجارية التي يقودها ترامب أكبر اقتصاديي العالم نحو جبهة جديدة: “حرب العملات”، وهي “حرب ستكون تدريجية ومتعمدة ومدمّرة عالميًا”، كما يقول الرئيس التنفيذي لشركة الاستشارات المالية العالمية العملاقة، مجموعة “ديفير”. ذلك أنه مع وصول الرسوم الجمركية الأميركية على البضائع الصينية إلى 145% في المتوسط حالياً، بدأت بكين تتعرّض لضغوط متزايدة للرد. ولكن مع تقييد الخيارات التجارية الانتقامية التقليدية، بدأت تتشكّل استراتيجية جديدة تقوم على إضعاف “اليوان” بشكل تدريجي ومنضبط. والخطة في هذا المجال واضحة: تخفيض قيمته في المعاملات الخارجية إلى مستوى قياسي: عند 7.4287 مقابل الدولار، وهذا يعني، كما يقول نايغل غرين، الرئيس التنفيذي لمجموعة ديفيري: ” تحويل اليوان إلى سلاح علني، كان استخدم في العام 2007. وسيُترك هذا السلاح يعمل ببطء وحذر. صحيح أن استخدامه لا يبدو وكأن الحرب قد اندلعت فعلياً، ولكن ستكون له عواقب مهمة”. هناك شهية قليلة في بكين لخفض حاد في قيمة العملة”.
ولكن هل لهذه الخطوة تداعيات؟ نعم تقول ديفيري: ” ذكرى نزوح رؤوس الأموال في العام 2015، لا تزال تذكّر بالعواقب. يومها هربت 700 مليار دولار من الأسواق الصينية بعد تحرّك مفاجئ للعملة، وقد تؤدي حادثة مماثلة اليوم إلى إشعال شرارة “هروب مدمّر لرؤوس الأموال” وتآكل الثقة المحلية الهشة بالفعل”. يواصل محللها الإقتصادي والمالي: : “بدلاً من ذلك، نُصحت بأن تسير في طريق ضيق: استخدام تخفيضات صغيرة تدريجية لقيمة العملة لدعم المصدرين دون إثارة الذعر. إنه نهج يهدف إلى حماية النمو مع الحفاظ على صورة الرقابة المالية. ولكن حتى الانخفاض المتواضع لليوان مهم”. يؤدي ضعف العملة الصينية، يتابع نايغل غرين، “إلى خفض التكلفة الحقيقية للصادرات، ما يخفّف من وطأة الرسوم الجمركية الأميركية. كما أنه يضغط على الاقتصادات الآسيوية الأخرى للتفكير في خفض قيمة العملة استجابة لذلك، ما يؤدي إلى تأثيرات مضاعفة في الأسواق الناشئة. وبالنسبة للولايات المتحدة، يؤدي ذلك إلى تعقيد ديناميكيات التضخم، فقد تنخفض أسعار الواردات، ولكن التقلبات العالمية قد ترتفع”.
سلاح العملة بيد الصين
مضى قائلاً: “في كل يوم، يحدّد البنك المركزي الصيني سعرا مرجعيا مركزيا، ولا يسمح إلا بحركة محدودة لخفض اليوان. وهذا النظام يمنح السلطات الصينية السيطرة كما يمنحها أيضا الأدوات اللازمة لهندسة انخفاض بطيء ومستدام دون إثارة أجراس الإنذار بشكل مباشر. و هذا النهج يتناسب مع نمط أوسع في الصراع المالي الحديث: تجنّب التحرّكات المفاجئة، ذلك أن الهدف ليس الصدمة، بل الاستنزاف”. يذهب غرين أبعد من ذلك ويقول: “القلق الأكبر هو ما سيأتي بعد ذلك. فإذا بدأ الضعف البطيء لليوان في عكس اتجاه تدفقات رأس المال، فقد تضطر بكين إلى تشديد الضوابط بشكل أكبر، أو تسريع خفض قيمة العملة. ومن الممكن أن يؤدي أي من المسارين إلى إثارة تقلبات جديدة عبر العملات والسندات والأسهم، لذا على المستثمرين أن يراقبوا اليوان عن كثب، كما عليهم أن يراقبوا بنك الاحتياطي الفيدرالي أو موسم الأرباح. فالتحوّل البطيء للعملة بين الولايات المتحدة والصين يُعدّ أمرًا أساسيًا لكيفية تطور هذه المرحلة من التنافس الاقتصادي العالمي”. يختم قائلا: “أعتقد أننا ندخل مرحلة جديدة من المواجهة المالية الأقل وضوحا، ولكنها ليست الأقل استراتيجية. فاليوان أصبح بمثابة صمام ضغط، ويحتاج المستثمرون إلى فهم ما سيأتي. “ربما تكون الحرب التجارية قد بدأت بالتعريفات الجمركية، لكنها لن تنتهي عند هذا الحد.”