…كشف الإحتيال بات سهلاً على شركات التأمين إذا
رئيس وكالة مكافحة الاحتيال في مجال التأمين ماكسانس بيزيان صرّح لوكالة “فرانس برس” أن “شركات التأمين أبدت اهتماما فورياً بالإفادة من الذكاء الاصطناعي في إدارة المطالبات، وخصوصا في ما يتعلق بالاحتيال. وهذا يعني أن الباب بات مفتوحاً أمام شركات التأمين كي تستخدم أدوات الذكاء الاصطناعي لكشف محاولات الاحتيال التي يلجأ إليها بعض المرتبطين معها بعقود، ومنها، مثلا، المطالبات الملفقة بالكامل أو المتلاعب بتاريخها، والمبالغة في الإبلاغ عن الأضرار.
والأمر جدير فعلا بالاهتمام إذ إن هذه الرابطة المهنية تقدّر قيمة عمليات الاحتيال على الممتلكات والمسؤوليات في فرنسا بما بين 2.1 و2.5 مليار يورو كل عام. ويستطيع الذكاء الاصطناعي أن يساعد، فور توقيع العقد، في اكتشاف ما إذا كان مستندا ما تعرض لتعديلات ولو طفيفة، ورصد أي تناقضات قد تكون موجودة بين مستندات مختلفة (وثائق هوية، شهادات تسجيل، وغيرها). كذلك يتيح، على سبيل المثال، اكتشاف ما إذا كانت صور أسقف منهارة، مثلا، مأخوذة من الإنترنت، أو ما إذا كان تمّ تعديل صور حقيقية لزجاج سيارة للإيحاء بأنه مكسور. وبهذا الصدد، أوضحت مديرة المراقبة ومكافحة الاحتيال في شركة «أليانز فرانس» ناديغ فوشيه، أن 90% من المستندات المزورة لا يمكن اكتشافها بالعين المجردة.
الى ذلك، تطلق هذه الأدوات التكنولوجية أيضا تنبيها إذا اعتبرت أن ثمة أمرا غير طبيعي في تغييرات الرمز السري أو بيانات هوية مصرفية لمصرف أجنبي عبر الإنترنت أو اتصالا بحسابات الزبائن من مكان غير اعتيادي.
ويوضح إريك سيبوني، المشارك في تأسيس شركة «Shift Technology » الفرنسية المتخصصة في هذا المجال، أن استخدام رقم هاتف واحد لمستفيدين عدة من عقود التأمين، أو ورود أسماء لأشخاص مرتبطين بمطالبات عدة وبأدوار مختلفة، عناصر تفتح «مسارات دقيقة للتحقيق» في الاحتيال من جانب عصابات منظمة.
وتوصف أدوات تكنولوجيا المعلومات للكشف عن الاحتيال بأنها “ذكية لأنها تخضع لإعادة تعلم عبر نماذج (تعلّم عميق) و(تعلم آلي) يتمّ تحسينها تدريجا مع الاستخدام”، على ما أوضح فلوريان لاغاردير من شركة «أليانز فرانس» لوكالة فرانس برس.
وفي نهاية السلسلة، يكون دائما موظف مسؤول عن إدارة مطالبات الموظفين هو الذي ينظر بالتفصيل في ملفات حدّدتها الأنظمة الآلية، ويحدد ما إذا كان هناك احتيال أم لا.
بالنسبة لشركة التأمين، فإن اعتماد أدوات جديدة للكشف عن الاحتيال ينتج عن المفاضلة بين تكلفة التطوير والتشغيل والوفورات الناتجة عن الكشف عن المطالبات الكاذبة التي لن تسددها. وفي هذا المجال،
أوضح الفرع الفرنسي لشركة التأمين الإيطالية «جنرالي» الصيف الماضي أنه وفر 20 مليون يورو بفضل الاعتماد على برمجيات «شيفت تكنولوجي”.
ويقول مستشار شركة «بارتل» ألكسندر هانينس لوكالة فرانس برس إن أولئك الذين نفذوا مشاريع تصنيع لمكافحة الاحتيال لن يعودوا إلى الوراء. لكنه حذر من ضرورة عدم وصم حاملي وثائق التأمين واعتبارهم محتالين محتملين.
يشير ماكسانس بيزيان رئيس وكالة مكافحة الإحتيال، إلى أن “العلاقة بين شركة التأمين وعميلها تقوم على الثقة، ونادرا ما ترى شركة التأمين ما تقوم بتأمينه. وبالمثل، يجب ألا تؤدي خطوات المراقبة إلى إبطاء معالجة المطالبات أكثر من اللازم، ما قد يؤدي إلى إزعاج المستفيدين حسني النية من عقود التأمين، فضلاً عن الحاجة الى طابع قانوني لهذا المسار، اذ ما يمنع أن تولد أنظمة الذكاء الإصطناعي نتائج إيجابية كاذبة؟”