أسعد ميرزا
مع أنه من المبكّر الحديث عن دور قطاع التأمين اللبناني في ضوء ما تعرّضت له مناطق عدّة في لبنان من دمار وقتل وسقوط جرحى، خصوصاً في ضاحية بيروت الجنوبية وفي الجنوب والبقاع ومناطق أخرى، الاّ أن التطّرق الى موضوع تغطية ما حصل وما قد يحصل في الأيام المقبلة، وربما الأسابيع، يدفع بالكثيرين من الذين يملكون بوالص في مختلف الفروع التأمينية، لا سيما في الممتلكات والسيارات والحرائق والإستشفاء والعجز الجزئي أو الكلي، الى التساؤل عن مصير هذه البوالص وما يُمكن أن تُسدّد لهم ولو بجزء معقول من تلك الأضرار، بعد وقف إطلاق النار بطبيعة الحال.

وعندما طرحنا هذا السؤال على رئيس جمعية شركات الضمان في لبنان ACAL السيد أسعد ميرزا، أجابنا بعد دقيقة صمت وتأمل: “ماذا أقول لك. نحن نمرّ بمرحلة لا يُمكن تصوّر مساوئها. الإقتصاد يتدحرج وقطاع التأمين يسير معه لإرتباط الإثنين في مصير واحد”. تابع: “بصراحة ليس عندي ما أقوله. وضعنا كارثي ولا نعرف الى اين نحن ذاهبون. الآن ثمة حصار جديد يتحضّر، بحسب ما نقرأ ونسمع من مشارف النهر الأولي، أي من صيدا وصولاً الى الحدود الجنوبية. وثمة أخبار تقول أن الخطة الموضوعة للأيام المقبلة، هي تقطيع أوصال وشرايين ما تبقى من لبنان، أي من صيدا، وصولاً الى البقاع، فالحدود السورية”.
سألناه: كيف يُعالج التأمين موضوع الحروب بغض النظر عما يجري حالياً في لبنان. أجاب: “التغطيات في الحروب لا قيمة لها الا إذا كانت الوثيقة تتضمن بنداً واضحاً يؤكد هذه التغطية. لكن ثمة مشكلة أخرى موجودة ليست وليدة اليوم، وهي أن شركات الإعادة التي هي الأساس في تسديد التعويضات، قد ترفض التغطية بناء لشرط وضعته في البوليصة يقول بأن لها الحقّ أن تُلغي التغطية، خلال أسبوع.
سألناه: ولكن بأي حقّ وبأي منطق يحصل ذلك؟ أجاب: “هذا البند واضح وشركة الإعادة تضعه ولكن عادة تتجاهله وتغض النظر عنه، إذا أرادت أن تُسدّد التعويض، أي أن القرار عائد لها وليس للشركة الضامنة”.
س:ولكن لماذا يؤخذ مثل هذا القرار غير المنطقي؟
أجاب:
-لأن شركات الإعادة تريد أن تحمي نفسه، خصوصاً في “الأوقات الساخنة” التي تشهد نزاعات، وهذا معروف في قطاع التأمين. فالوثيقة التي تُشترى (على البارد)، كما يُقال هي أرخص بكثير من التي تُشترى خلال (الوقت الحار). إن معيد التأمين ليس جمعية خيرية، وهو بطبيعة الحال يعمل لكسب المال، ولا نستطيع نحن كشركات تأمين مباشر أن نفرض عليه رأينا، بل هو مَنْ يفرض هذا الرأي!
س: هل هذا القرار بعدم التسديد حديث العهد، وهل كان لإنفجار مرفأ بيروت “يد” في اتخاذه؟
ج: لا، لا، أبداً. هذا الأمر معمول به من زمن بعيد في مطلق الأحوال، ان وضعنا غير سليم الله يساعدنا، وأضيف: لا نستطيع التعليق على ما جرى أو إبداء الرأي بانتظار وقف إطلاق النار ومعاينة الأضرار على الأرض. ان خوفنا من أن يكون الآتي أعظم. فحامل وثائق التأمين لا يستطيع حالياً إبرازها ولا باستطاعة شركة التأمين، في المقابل، إبداء الرأي، وخصوصاً ان وزارة الإقتصاد والتجارة المعنية مباشرة بقطاع التأمين، لم يصدر عنها أي تصريح بهذا المجال. نحن حالياً على أبواب تجديد العقود مع شركات الإعادة التي تتعامل معها شركات التأمين اللبنانية. والسؤال هو: هل ستُجدّد الإتفاقات؟ هذا هو الأساس حالياً وهذا ما نخشاه لأن شركات الإعادة حتى في موضوع التغيّر المناخي إتخذت قرارات من بينها وقف التغطية أو رفع الرسوم الى مستويات عالية جداً.

س: في ضوء ما جرى وما هو منتظر إذا استمرت المعارك الحربية، ماذا عن قطاع التأمين من حيث استمراره وقيامه بالواجبات المطلوبة منه؟
ج: نحن في وضع لا نحسد عليه ولا ندري ما سيحصل غداً. لبنان حالياً على كفّ عفريت، وإذا أردنا أن نكون واقعيين، فلا يُمكننا الا ان نقول: “ان شالله أن يستطيع لبنان أن يُكمل حياته الطبيعية لأننا في وضع مأساوي للآخر، ذلك أن استمرار الحرب والدمار وما يحصل يطرح السؤال البديهي: كيف يُمكن أن يُكمل مسيرة الحياة: اقتصادياً وتأمينياً وصناعياً وزراعياً وعلى مختلف الصعد؟ وضع البلد كتير تعبان!
سؤال على الهامش: ماذا عن طيران الشرق الأوسط وهل تغطيته التأمينية من شركة الإعادة التي يتعامل معها لا تزال سارية المفعول؟
ج: لا علم لي بالأمر، ولكن قرأت بالصحف أن الدولة هي التي تتولى هذه التغطية.
س: وهل تملك المال؟
ج: لا أعرف!