الروبو يحلّ محلّ اليدّ العاملة لإنجاز سيارة
مصطلخ “الأتمتة” Automation المستحدث والمعرّب، بات يُطلق اليوم على كل شيء يعمل ذاتياً من دون تدخل بشري: في الصناعة، في الأعمال الإدارية، في البث التلفزيوني، وقِسْ على ذلك. اما الهدف من هذه الأتمتة، فهو جعل المصانع والأعمال الإدارية والبث المرئي وغيرها، تعتمد على الآلات بدلاً من الإنسان. صحيح أن التشغيل الآلي في الأتمتة لايزال يحتاج الى الإنسان لتكملة العمل، الا أن اهميتها تكمن في زيادة الإنتاج بسرعة ودقة ووقت أقل بمئات المرات. وتتكون الآلة المؤتْمَتَة من ثلاثة أجزاء: الآلة (أو الماكينة)، جهاز التحكّم (حاسوب) وبرامج مكتوبة بلغة برمجية معيّنة بحيث يفهمها الحاسوب ويترجمها الى عمل. كلّ هذه المزايا التي تتمتع بها الآلة المؤتْمَتَة، تقابلها مساوئ، منها التهديدات الأمنية (القرصنة)، محدودية “الذكاء” والكلفة المفرطة والكبيرة..
والى مصطلح الأتمتة، راج ايضاً مصطلح آخر هو “التعليم المعمّق” Deep Learning، وهو أحد فروع الذكاء الإصطناعي الذي يضمّ مجموعة من تكنولوجيات التعليم المستوحاة من بنية الدماغ البشري وكيفية عمله…
المهندس لؤي خلايلي، نجل الطبيب والأديب غالب خلايلي الذي يتابع القراء مقالاته في “تأمين ومصارف”، مجلة وموقعاً، وفي “طبيبك” وعدد آخر من المطبوعات العربية والخليجية، خصّنا بهذه المقالة العلمية التي توضح بعض جوانب هذا التطوّر العلمي الأتمتي بحكم تخصّصه في هذا الحقل وخبرته رغم صغر سنه (مواليد 1991 في العين- الإمارات).
فلؤي الذي درس الهندسة الكهربائية في الجامعة الأميركية في الشارقة وتخرج بامتياز عام ٢٠١٢، بعدما نال جائزتَيْن تربويتَيْن مرموقتَيْن (جائزة الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، ثم جائزة صاحب السمو خليفة بن زايد، رحمهما الله)، تابع الماجستير (ميكاترونيك) في جامعة ملبورن الأسترالية، وتخرّج فيها بعد سنتين بامتياز، ليعمل بعدها مهندس تحكم في مدينة بيرث في مجال النفط، لينتقل بعد ٤ سنوات إلى كندا ويعمل في شركة تويوتا في مدينة وودستوك القريبة من كتشنر، في كتشنر، ولاية أونتاريو (N2 Vision Tech )، نحو سنتَيْن، ليقرر أخيراً تأسيس عمله الخاص.
ويطغى على المقال الطابعان العلمي والتقني، ولهذا مهّدنا له بهذه المقدمة لسهولة الفهم… فإلى الأسطر التالية…
المهندس لؤي خلايلي من كندا (1)
![](http://taminwamasaref.com/wp-content/uploads/2023/01/Screenshot_20230106_235306.jpg)
قد يبدو المشهد وكأنه مأخوذ من فيلم خيال علمي، لكنه ليس كذلك.
كانت أجهزة الروبوت مفيدة بشكل لا يصدق في التصنيع منذ الستينيات على الأقل (في صناعة السيارات). ومع تحسّن التكنولوجيا، استمرت تطبيقات الروبوت الصناعية في النمو السريع، ومع ذلك، فإن إحدى مشكلات استخدامها تمثّل ولا يزال في ميلها المحتمل إلى “الخروج عن المواصفات” ، ما يعني أنها في بعض الأحيان لا تفي بمعايير الجودة، علماً أن هذه المعايير المخالفة من قبل الروبوتات تحدث بمعدل أقل بكثير من البشر، إلا أنه لا يزال من المهم جدا، للعديد من الأغراض، اكتشاف كلّ عَيْب قبل أن يشقّ طريقه إلى العملاء بهدف سلامتهم، وحماية العلامة التجارية والتنظيم، وما إلى ذلك.
إذن، كيف يمكن المرء عمليًا، التأكّد من أن خطأ وقع في واحد من ألف جزء تمّ صنعه وتركيبه؟ وكيف يمكنه التدقيق بشكل فعّال وبكلفة معقولة، في كلّ جزء ينتهي الروبوت من انجازه بمعدل أسرع من الإنسان؟
لقد عرفتَ المقصود: المزيد من الأتمتة (Automation)، وفحص الجودة الآلية لكل جزء، ليصبح الأمر أكثر أهمية بكثير في العمليات التي لا تعتمد على الروبوت، اذ تتضاعف معدلات الخلل مرات عندما يُسهم البشر في الصناعة.
في هذه المقال، أشرح، استنادًا إلى خبرتي السابقة في أتمتة العمليات وعمليات فحص الجودة باستخدام الروبوتات والكاميرات في بعض أكبر المصانع في العالم، كيف تُقارن طريقتان مختلفتان لفحص الجودة الآلية بعضهما مع بعض، ولماذا يفوز التعلّم العميق، كل يوم.
لقد أصبح التعلّم العميق نهجًا شائعًا لحل المشكلات في رؤية الحاسوب، ولسبب وجيه. فعلى عكس الأساليب التقليدية القائمة على القواعد، فإن التعلّم العميق يسمح لأجهزة الحاسوب بالتعلّم، وإطلاق توقعات بناءً على البيانات، دون الحاجة إلى تعليمات صريحة. ولهذه الطريقة فوائد عدة: في الدقة المحسّنة، في القدرة على التعامل مع البيانات المعقّدة وغير المُهيْكلة، وأخيراً في القدرة على التكيّف مع الظروف المتغيّرة. هذا مهم ّبشكل خاص في العديد من المجالات، مثل فحص الجودة، اذ قد تتغيّر الطلبات والمتطلبات بمرور الوقت.
![](http://taminwamasaref.com/wp-content/uploads/2023/01/Screenshot_20230106_235403.jpg)
تتمثل إحدى المزايا الرئيسة للتعلّم العميق على النهج القائم على القواعد، في قدرته على تحسين الدقة. تعتمد أنظمة رؤية الحاسوب التقليدية على قواعد مشفّرة يدويًا، والتي غالبًا ما تكون هشّة ويمكن أن تتعطّل عند مواجهة بيانات معقّدة أو غير متوقعّة. في المقابل، لخوارزميات التعلّم العميق، قدرة على التعلّم من البيانات، ما يسمح لها بعمل توقعات أكثر دقة. هذا مفيد بشكل خاص لمهام مثل التعرّف إلى الأشياء، حيث ثبت أن خوارزميات التعلّم العميق تتفوق على الأساليب التقليدية بهامش كبير، وهذا يجعلها -بشكل خاص-مناسبة تمامًا لمهام مثل تحديد العيوب في السلع المصنّعة المعقّدة، اذ قد يختلف مظهر العيوب وموقعها بشكل كبير.
فائدة أخرى للتعلّم العميق، هي قدرته على التعامل مع البيانات المعقّدة وغير المنظمة. فأنظمة رؤية الحاسب التقليدية تعتمد على البيانات المنظّمة، مثل الصُور ذات المكوّنات الواضحة والمحدّدة جيدًا. ومع ذلك، ففي العديد من سيناريوهات العالم الحقيقي، يُمكن أن تكون البيانات فوضوية وغير منظّمة، ما يجعل من الصعب على الخوارزميات التقليدية فهمها.
من ناحية أخرى، فإن خوارزميات التعلّم العميق قادرة على التعامل مع مجموعة متنّوعة من البيانات، بما في ذلك الصُوَر والصوت والنص، ما يسمح لها بعمل توقعّات حتى في البيئات المعقّدة وغير المنظمة، وهو ما يجعلها مناسبة تمامًا بشكل خاص لمهام مثل تحديد العيوب في السلع المصنعة المعقدة، اذ قد يختلف مظهر العيوب وموقعها بشكل كبير.
ميزة إضافية للتعّلم العميق هي قدرته على التكيّف مع الظروف المتغيّرة، فأنظمة رؤية الحاسوب التقليدية هشّة، ويمكن أن تنكسر إذا تغيّرت الظروف التي تعمل فيها. على سبيل المثال، قد لا يتمّكن النظام المدرَّب على التعرّف إلى الأشياء في بيئة معينة من التعامل مع التغييّرات في الإضاءة أو الخلفية أو عوامل أخرى. وفي المقابل، يمكن تدريب خوارزميات التعلّم العميق على مجموعة بيانات كبيرة ومتنّوعة، ما يسمح لها بالتكيّف مع الظروف المتغيّرة وإجراء توقعات دقيقة حتى في المواقف الجديدة.
![](http://taminwamasaref.com/wp-content/uploads/2023/01/Screenshot_20230106_235456.jpg)
في الختام، يقدّم التعلّم العميق العديد من الفوائد على الأساليب التقليدية القائمة على القواعد لرؤية الحاسوب. إن قدرتها على تحسين الدقة والتعامل مع البيانات المعقّدة وغير المُهَيْكلة والتكيّف مع الظروف المتغيّرة تجعلها أداة قوية لمجموعة واسعة من التطبيقات، من تمييز الأجسام والأشياء إلى المركَبات ذاتية الحركة.
![](http://taminwamasaref.com/wp-content/uploads/2023/01/Screenshot_20230106_235610.jpg)
[1 Lois Khalayli: Deep Learning to Check a Robot’s Workor a human for that matter. تمكن مراجعة المقال الأصلي باللغة الإنجليزية في https://www.linkedin.com/posts/lkhalayli_deep-learning-to-check-a-robots-work-activity-7016038944102367233-ugbx?utm_source=share&utm_medium=member_ios