المقرّ الرئيسي ل، بلوم بنك في فردان
لا يزال الوضع السياسي المتراجع في لبنان وخصوصًا في الفترة الأخيرة، ينعكس سلبًا على الوضع الاقتصادي. وإذا كان اللبنانيّون يعيشون هذا التراجع ويتحسّسونه، فإنّ الدراسات والأرقام التي تنشرها مصارف ومراكز أبحاث تؤكّد هذه الحال المزرية. من تلك الدراسات، نتائج مؤشّر مدراء المشتريات الصادر عن بنك لبنان والمهجر في 3 تشرين الثاني (أكتوبر) 2021. فقد سجّل هذا المؤشّر انخفاضًا جديدًا في بداية الربع الرابع من العام الحالي تمثّل في تراجع النشاط التجاري لشركات القطاع الخاص في لبنان بوتيرة سريعة. أمّا الأسباب فتعود إلى جملة عوامل منها، بل في مقدّمها: تآكل القوّة الشرائيّة للزبائن نتيجة التقلّبات غير المؤاتية في سعر صرف الليرة اللبنانيّة، ومنها أيضًا ارتفاع التكاليف التشغيليّة التي تضخّمت خلال تشرين الأوّل 2021. وكان لا بدّ أن ترفع هذه المؤسّسات أسعار البيع بوتيرة متسارعة أيضًا، سعيًا إلى التعويض عن أعباء هذه التكلفة المرتفعة.
ووفق ما وَرَدَ في البيان الصادر عن بلوم بنك، فإنّ المؤشّر يستند إلى خمسة مكوّنات هي: الطلبيّات الجديدة (وتشكّل 30 بالمئة)، مستوى الإنتاج (25 بالمئة)، مستوى التوظيف (20 بالمئة)، مواعيد تسليم المورّدين (15 بالمئة) ومخزون المشتريات (10 بالمئة).
وبحسب التحليل الذي أورده المؤشّر، فإنّ ضعف الطلب المحلّي كان العامل الرئيسي وراء تدهور النشاط التجاري بشكلٍ عام، والذي انخفضت معه الطلبيّات الجديدة بأسرع معدّل لها منذ سبعة أشهر جرّاء انخفاض سعر صرف الليرة مقابل الدولار الأميركي. وإلى ذلك، شهدت طلبيّات التصدير الجديدة انخفاضًا وواجهت الشركات صعوبات في تأمين مبيعات دوليّة جديدة لانعدام الاستقرار الاقتصادي والسياسي. وكان من البديهي أن ينخفض مستوى إنتاج شركات القطاع الخاص خلال تشرين الأوّل الماضي في حين ظلّ معدّل الانخفاض قويًّا وبقيَ الأعلى منذ شهر آذار. وإلى ذلك، ساهم انخفاض النشاط التجاري في تخفيف الضغط على القدرة الإنتاجيّة لشركات لبنانيّة وبالتالي انخفضت الأعمال غير المُنجزة. لكنّ المفارقة أنّ مؤشّر التوظيف سجّل ارتفاعًا نتيجة لتعاقد الشركات مع موظّفين إضافيّين للمرّة الأولى منذ شباط 2018، غير أنّ نمو الوظائف كان خفيفًا.
وتعليقًا على نتائج مؤشر PMI خلال تشرين الأول (اكتوبر)2021، قال الدكتور علي بلبل، كبير الاقتصاديين ومدير الأبحاث الاقتصادية في بنك لبنان والمهجر للأعمال: “أنّ تشكيل حكومة توافقية جديدة في لبنان وبدء المفاوضات الجديّة مع صندوق النقد الدولي كان ينبغي أن يكونا معزّزَيْن للثقة. وما يدعو للأسف أن هذا الوضع أصبح طبيعيًا في لبنان إذ أفشلت الأخبار والأحداث السيئة جهود تجاوز الانتكاسات والخسائر، كما ظهر بوضوح من الأحداث المُؤسفة في تاريخ 14 تشرين الأول 2021. ومن غير المُستغرب أن تنخفض في هذه الظروف جميع المؤشرات الفرعية للمؤشر مجددًا، باستثناء مؤشر التوظيف. ونتيجة لذلك، يحتاج لبنان إلى قدر وافر من الحظ وعمل جاد من جانب الحكومة من أجل عكس الاتجاهات السلبية وإيلاء الاهتمام للأولويات الاقتصادية فوق كل الإعتبارات الأخرى“.