اجماع على ضرر تقديم او تأخير الساعة
نهاية هذا الشهر آذار (مارس)، دول عدة تقدّم الساعة مع دخولها فصل الربيع .و كان التوقيت الصيفي قد بدأ العمل به منذ أيام في غالبية الولايات الأميركية، فيما سيحّل هذا التوقيت في بريطاني نهاية الشهر الجاري.
ومع كل تقديم وتأخير للساعة، ترتفع شكوى الناس من جديد متسائلة: ما الجدوى من هاتَيْن الخطوتَيْن المضرتَيْن بساعاتنا البيولوجية و بخاصة أن التوقيت الصيفي يحرمنا من جزء من ضوء النهار الذي يدفعنا للنشاط، وكذلك يغمرنا بضوء ممتد في المساء، ما يعرقل نومنا.
جدير بالذكر أن جمعية النوم البريطانية كانت قد دعت منذ أشهر إلى التخلّي عن التوقيت الصيفي واعتماد التوقيت القياسي بدلاً منه طوال العام (وهو المشابه لتوقيت غرينتش)، بحُجة مُفادها أن «الأدلة العلمية المتاحة تُظهر تأثّر صحة النوم سلباً بالتغييرات القسرية في التوقيت، خاصة عملية تقديم الساعة”،يقول الخبراء.
وفي ضوء ما نعرفه اليوم عن تأثير الضوء على الصحة وإيقاع الجسم، تابع هؤلاء يقولون ،فربما “حان الوقت للتخلّي عن تغيير الساعة مرتين سنوياً”. لكن ذلك لن يتمّ بسهولة، إذ ما زال تقديم الساعة يغري بالأمسيات الصيفية المنعشة، إضافة إلى الآفاق الاقتصادية المتأتية من الذين يتسكعون بالخارج وينفقون حتى وقت متأخر من الليل.
تاريخيا،كانت ألمانيا أولى الدول التي اعتمدت التوقيت الصيفي في العام 1916، وسارت بريطانيا في ركابها في العام ذاته. و برر السبب، بالأمسيات الأكثر إشراقاً التي ستقلّل من الطلب على استخدام الفحم للإنارة.
وتتبع قرابة 70 دولة هذا النهج في يومنا الحاضر و تقع غالبيتها في كل من أوروبا وأميركا الشمالية. وتلعب الجغرافيا دوراً في مسألة اعتماد التوقيت الصيفي، إذ تحافظ كلّ من آيسلندا وبيلاروسيا وروسيا على توقيتاتها كما هي طوال العام. أما الدول الاستوائية، التي تتمتع بضوء نهار لما يتراوح بين 10 و12 ساعة يومياً طوال العام، فهي ليست بحاجة إلى التوقيت الصيفي.
إيفا وينيبيك، التي تُجري بحوثاً في مجال علم الأحياء الزمني والنوم في جامعة “سري” وشاركت في وضع البيان المنشور في شهر أكتوبر الماضي الذي يدعو لاعتماد التوقيت القياسي طوال العام، أشارت إلى “أن تغيير الساعة مرتين سنوياً لا يطيل أمد الضوء المتاح بأي حال من الأحوال”، بل أن “التوقيت الصيفي قرار مجتمعي يأخذ الضوء من الصباح بصورة مصطنعة وإضافته إلى نهاية اليوم”. أضافت: “أن التوقيت الصيفي مضر، لأن «ضوء الصباح هو أبرز الإشارات التي تتلقاها ساعاتنا البيولوجية التي تنظّم كل شيء، بداية من دورات النوم والاستيقاظ والمزاج وانتهاء بالتعبير الجيني والهرمونات والتمثيل الضوئي”.
من جهتها، أشارت جمعية النوم البريطانية إلى دراسات تربط بين تغيير التوقيت خصوصاً في الربيع، بنتائج سلبية، مثل ازدياد النوبات القلبية والسكتات الدماغية، علاوة على انخفاض الأداء والإنتاجية، وعادة ما يكون ذلك بسبب التأثيرات المضرة بالنوم. ونصح أحد الباحثين في جامعة كنتاكي، المستثمرين، بالحيطة في اتخاذ قرارات مهمة عند تغيير التوقيت. وتدعو كلتا المؤسستين بقوة إلى ابتعاد الدول بصورة دائمة عن التوقيت الصيفي. في المقابل، يستهدف قانون حماية ضوء الشمس، الذي شارك في رعايته ماركو روبيو الذي يشغل حالياً منصب وزير الخارجية الأميركي، أن يكون التوقيت الصيفي دائماً طوال العام.
ومن المثير للاهتمام، أن المملكة المتحدة وروسيا والبرتغال حاولت فعل ذلك في ما سبق، لكنها تخلّت عن جهودها بعد بضعة أعوام. وأثناء الحرب العالمية الثانية، حاولت المملكة المتحدة تجربة ما يُطلق عليه «التوقيت الصيفي البريطاني المزدوج» بصورة مؤقتة، فكانت تقدّم التوقيت ساعتين خلال الصيف مقارنة بتوقيت غرينتش وبساعة في فصل الشتاء.