كشفت دراستان شاملتان مدّعمتان بالأدلة الواقعية أجرتهما شركة الأدوية البيولوجية العالمية أسترازينيكا، أن ذوي المناعة الضعيفة ما زالوا يواجهون أعباء كبيرة وغير متناسبة جرّاء كوفيد-19، اذ أن معدلات إصابات كوفيد-19 الشديدة بينهم، هي أعلى بكثير من السكان عموماً. والدراستان INFORM وEPOCH نشرتا في مجلة لانسيت للصحة الإقليمية – أوروبا ومجلةالآراء والأبحاث الطبية الحالية، توالياً، علماً أن بيانات دراسة INFORM تعرض حالياً في مؤتمر IDWeek السنوي الثاني عشر المنعقد حالياً في بوسطن. وفي التفاصيل، أن فعالية لقاحات كوفيد-19، الى أي شركة أنتجتها، لا تزال أقل من فعاليتها لدى ذوي المناعة الضعيفة، عكس ما هو حاصل عند عموم السكان، بسبب عدم القدرة على إنتاج استجابة وقائية قوية للقاح. ولهذا السبب، قد لا يمتلك هؤلاء حماية كافية ضد كوفيد-19 ويظلّون معرضين لخطر كبير لالتقاط عدوى الفيروس ولنتائج خطيرة نتيحة الإصابة بكوفيد-19.
مصابة بالسرطان ضعيفة المناعة
وللمزيد من الإيضاحات في ما خصّ البيانات الأساسية للدراسَتَيْن، نذكر ما يلي:
–بيّنت دراسة INFORM أن ذوي المناعة الضعيفة، ورغم أنهم لا يمثلون سوى 4% من السكان كحدّ أقصى، يشكّلون قرابة ربع إجمالي حالات دخول المستشفيات بسبب كوفيد-19 (22%)، وحالات دخول العناية المركزة (28%) والوفيات (25%) في إنكلترا.
–حتى بعد أخذ جرعات متكررة من لقاحات كوفيد-19، بقي هؤلاء أكثر عرضة لخطر دخول المستشفى بسبب كوفيد-19 بنحو 14 ضعفاً مقارنة بعموم السكان.
–كانت مخاطر دخول المستشفيات ووحدات العناية المركزة والوفاة أعلى بكثير من عموم السكان لدى جميع الأفراد ذوي المناعة الضعيفة، بغض النظر عن أمراضهم الأصلية. وسجّل بعض فئات ذوي المناعة الضعيفة، كالذين أجروا عمليات زرع أعضاء أو خلايا جذعية والذين عولجوا مؤخراً من سرطانات الدم، مخاطر أكبر بعشرة أضعاف من الذين لا يعانون هذه الحالات.
-لقد اضاءت بيانات دراسة EPOCH على الكلفة الإستشفائية طوال فترات إقامة ذوي المناعة الضعيفة في المستشفى لتلقي العلاج، اذ وصل متوسط إجمالي تكاليف الاستشفاء بعد أول تشخيص لكوفيد-19 لدى هؤلاء، إلى نحو مليار دولار (عام 2021)، بمتوسط قدره 64,029 دولاراً لكل مريض أقام في المستشفى مدة 15 يوماً، كمعدل عام.
ويقول بول موس، من معهد علم المناعة والعلاج المناعي، ونائب رئيس كلية العلوم الطبية والسنّية وأستاذ أمراض الدم في جامعة برمنغهام، المملكة المتحدة، وأحد الباحثين في دراسة INFORM: “لا يزال فهمنا لعبء كوفيد-19 على ذوي المناعة الضعيفة محدوداً حتى الآن بسبب نقص الأبحاث المتخصصة في هذا المجال. ان اللقاح وحده، كما بيّنته الدراستان، لا يكفي في كثير من الأحيان لحماية هؤلاء لذا فهم بحاجة إلى استراتيجيات وقاية فعّالة. يجب أن نعمل معاً لإيجاد حلول حتى يتمكن هؤلاء السكان المعرضون للخطر من تجاوز الوباء”. أما هيو مونتغمري، أستاذ طب العناية المركّزة في جامعة كوليدج لندن في المملكة المتحدة فعلّق قائلاً: “مع زيادة احتمالات الإصابات الشديدة، وطول الإقامة في المستشفى وارتفاع تكاليفها، فإن عبء كوفيد-19 على المرضى ذوي المناعة الضعيفة أكبر بكثير ويشكّل ضغطاً كبيراً على أنظمة الرعاية الصحية. واليوم، مع عودة إصابات كوفيد-19 وحالات دخول المستشفى بسببها فإن هذه الأعباء على ذوي المناعة الضعيفة قد تتفاقم مع دخولنا فصل الشتاء 2023-2024. إن تسريع تطوير علاجات جديدة تساعد في حماية هؤلاء الأفراد الضعفاء من كوفيد-19 وضمان قدرتهم على التعامل السليم مع الظروف المؤدية إلى الإصابة يظل أولوية صحية ملحة”.
يُذكر أن دراسة INFORM، وهي جماعية (cohort) رصدية بأثر رجعي، أجريت على عينة ضمّت قرابة 12 مليون شخص، تتراوح أعمارهم بين 12 عاماً فأكثر في إنكلترا لتقييم النتائج السريرية ومعدلات استخدام موارد الرعاية الصحية بسبب كوفيد-19. أما دراسة EPOCH فقدّمت بيانات قوية حقيقية عن مخاطر كوفيد-19 ونتائجه لدى ذوي المناعة الضعيفة في الولايات المتحدة، وقد أجريت باستخدام قاعدة بيانات ضخمة لمطالبات التأمين الصحي تضم نحو 17 مليون شخص. وسيتمّ تقديم بيانات إضافية من دراستي INFORM وEPOCH الى المشاركين في المؤتمرات الطبية المقبلة وضمن منشورات أخرى.
بالنسبة لدراسة INFORM (وهي الأحرف الأولى من عبارة إنكليزية تعني “دراسة مخاطر الإصابة بكوفيد-19 على ذوي المناعة الضعيفة”) فهي دراسة جماعية رصدية بأثر رجعي لوصف النتائج السريرية واستخدام موارد الرعاية الصحية للمتابعة الصحية للمصابين بكوفيد-19 في إنكلترا خلال فترة المتحور Omicron من كانون الثاني (يناير) الى كانون الأول (ديسمبر) 2022، عندما بدأ الوباء في التحوّل إلى مرحلة متوطّنة. وتهدف هذه البيانات المنشورة للمرة الأولى مرة من دراسة INFORM الى تحديد مخاطر حدوث نتائج خطيرة لدى ذوي المناعة الضعيفة المصابين بكوفيد-19 وإجراء تقييم شامل لها. كما يجري تحليل البيانات بعد عام 2022 وستنشر في وقت لاحق.
تمّت مقارنة حالات دخول المستشفى ووحدات العناية المركزة والوفيات بسبب كوفيد-19 لدى مجموعات مختلفة من ذوي المناعة الضعيفة مقارنة بعموم السكان باستخدام بيانات صحية إلكترونية غير محددة ومجمعة بشكل روتيني من عينة عشوائية بنسبة 25% تمثل مجموع سكان إنكلترا بعمر 12 عاماً فأكثر باستخدام قواعد بيانات هيئة الخدمات الصحية الوطنية في المملكة المتحدة (NHS Digital). وقد أظهرت دراسة INFORM أن ذوي المناعة الضعيفة يمثلون قرابة 4% من السكان بعمر 12 عاماً فأكثر في إنكلترا. جدير بالذكر أن الأفراد يصنّفون بأنهم من ذوي المناعة الضعيفة (وهو تعريف عام) إذا كان لديهم نقص مناعة أولي أو ثانوي، أو أمراض التهابية مزمنة بسبب ضعف المناعة، أو يتناولون لفترة طويلة من الزمن جرعات عالية أو متوسطة من الكورتيكوستيرويدات (لعلاج أمراض رثوية)، أو كانوا في المرحلة النهائية من مرض الكلى أو غسيل الكلى، أو زرعوا أعضاء خلال السنوات الخمس الماضية، أو زرعوا خلايا جذعية خلال العامين الماضيين، أو أصيبوا بورم صلب أو سرطان الدم خلال
السنوات الخمس الماضية، أو لديهم فيروس الإيدز المتقدم أو غير المعالج.
الكمامة تبقى حلاً الى أن يُبتكر علاج جديد
بالنسبة لدراسة EPOCH (وهي الأحرف الأولى لعبارة إنكليزية تعني “السكان الناشئون والنتائج المرتبطة بالظروف الصحية لكوفيد-19 في الولايات المتحدة) فهي أيضاً جماعية رصدية بأثر رجعي تقيّم عبء المرض واستخدام موارد الرعاية الصحية. لقد خضع لها قرابة 23 مليون شخص لديهم تأمين صحي في الولايات المتحدة ومسجلّين في قاعدة بيانات البحوث المتكاملة للرعاية الصحية (HIRD). كانت البيانات مجهولة الهوية ومتوافقة مع أحكام قانون نقل التأمين الصحي والمسؤولية (HIPPA). والهدف من الدراسة هو تقدير نسب المرضى ذوي المناعة الضعيفة المعرضّين لخطر الإصابة بكوفيد-19، وتقدير معدل انتشار كوفيد-19 ومعدل الإصابة حسب حالة ضعف المناعة، وتحديد مستويات استخدام موارد الرعاية الصحية لمعالجة إصابات كوفيد-19 وتكاليفها. استمرت الدراسة من 1 نيسان (أبريل) 2018 حتى 31 آذار (مارس) 2022، مع تحليل حالات العدوى من 1 الأول من نيسان (أبريل) 2018 حتى 31 آذار (مارس) 2022، مع تحليل حالات العدوى من الأول من نيسان (أبريل) 2020 حتى 31 آذار (مارس) 2022.
كان 2.7% من عينة دراسة EPOCH يعانون ضعف المناع. وتتضمن حالات ضعف المناعة: سرطانات الدم أو الأورام الصلبة قيد العلاج، زرع الأعضاء أو الخلايا الجذعية، ونقص المناعة الأولي والمرحلة النهائية من الفشل الكلوي. ضمّت العينة الأصلية (وعددها 16,873,161) مرضى لديهم على الأقل حالة واحدة من التعرّض لخطر ضعف المناعة خلال فترة الدراسة، أو على الأقل اثنين من العلاجات الصيدلانية أو الطبية لحالات ضعف مناعة خلال الأشهر الستة السابقة لفترة الإصابة. وشملت النتائج التي تم قياسها مدى انتشار حالات ضعف المناعة واستخدام العلاجات المثبطة للمناعة؛ ومدى انتشار ووتيرة الإصابة بكوفيد-19؛ ومدة الإقامة في المستشفى وتكاليف علاج كوفيد-19 في المستشفى (مبالغ التأمين الصحي + ما يدفعه المريض). ان ذوي المناعة الضعيفة هم الأشخاص الذين لا يستطيعون غالباً تكوين استجابة مناعية كافية بعد أخذ لقاح كوفيد-19، ويظلون معرضين أكثر من عموم السكان لخطر أعلى وغير متناسب لنتائج كوفيد-19 الشديدة كدخول المستشفى أو وحدة العناية المركزة أو الوفاةوبدون توفر حماية كافية، يواصل الكثير من ذوي المناعة الضعيفة محاولات الحماية من التعرض للفيروسات، ولهذا تأثير ضار على معالجة أمراضهم الأساسية وصحتهم النفسية وعملهم. كما أن التكلفة المرتفعة لرعاية مرضى كوفيد-19 تودي إلى إرهاقهم وإرهاق الأنظمة الصحية أيضاً.