دونا وابنتها جيمي
من قال أن لا فائدة تُذكر لجائحة كورونا؟ صحيح أن “Covid” فَتَك بأشخاص، سجن عائلات في المنازل، وأبعد الموظفين عن أمكنة عملهم وألزمهم باستخدام وسيلة التواصل عن بُعد، الاّ أن فوائده تركت بصمات لا يُستهان بأمرها! وهاكم هذا المثل الحيّ..
دونا فاخوري ضاهر سيدة في العقد الثالث من عمرها. أم لطفلَتَيْن: Jamie، أربع سنوات، وJules، سنتان. ولأن جائحة كورونا ألزمتها البقاء في المنزل خشية الإصابة بها، فقد انكبت على نفسها تبحث عن وسيلة مفيدة تُمارسها في “سجنها” المنزلي. ولم يطل الأمر كثيراً، اذ لمعت ذات يوم الفكرة برأسها، كما لمعت أفكار في رؤوس الكثيرين والكثيرات لملء الفراغ الموحش خلال هذه الجائحة. وبين غمضة عين وانتباهتها، كما يقول الشاعر، كان ابتكارها الفريد من نوعه، وهو تصميم أزياء للأم وابنتها (أو حتى لبناتها) في خطوة جديدة وظريفة وغير مسبوقة في عالم الأزياء! وكما يفعل المبتكرون في أي مهنة من المهن، وأي علم من العلوم، خَضَعَت دونا وابنتها Jamie لهذه التجربة فصمّمت لها ولصغيرتها فستانَيْن بنوعية فاخرة ومن القماش نفسه وبألوان هي نفسها، وتحيّنت الفرصة لتخرج من منزلها الى الشارع وتتنزّه مع طفلتها الصغيرة، وهما باللباس الموحّد. وكم كانت مفاجأة دونا وابنتها كبيرة وهي تتلقى الإستفسارات والتهاني من الجيران، ومن كان يمرّ في الشارع، والكل من حولها يطرح الأسئلة ويُعبّر عن الإعجاب بهذا الإبتكار الذي لم يروا مثله قبلاً، ولا حتى قرؤوا عنه، والبعض من هذا الجمهور ليس بعيداً عن مهنة التصميم.
في الـ Flashback ، أن دونا ابنة هذه المهنة، درستها في جامعة القديس يوسف ومارستها في محترف للأزياء، وعندما اشتدّ عودها واكتسبت ثقة بالنفس مطلوبة، بدأت تُغرّد منفردة، لا خارج السرب وانما بداخله ولكن بصوت لا يُشبه أصوات أبرع العصافير. حتى أنها أصدرت قبل نهاية 2023 مجموعة من الأزياء الخاصة بالأم وبناتها، ثم ألحقتها بمجموعة ثانية قبل أيام، وهي تتحضّر لإنجاز مجموعة ثالثة للصيف، سيعرض قسم منها في معرض للأزياء سيُقام في تموز (يوليو) المقبل. وما يُميّز هذه المجموعات الثلاث أن الأزياء المُصمّمة تكاد تكون فريدة، أي أن الزيّ واحد للأم ولإبنتها ولا ثانياً له، الاّ في ما ندر، علماً أن القماش المستخدم هو من النوعية التي لا يُؤذي البشرة الناعمة للطفل ولا بشرة الأم، انطلاقاً من تجاربها الخاصة.
من مميزات هذه المجموعات التي أطلقت اثنتان منها، وهي في الطريق الى إطلاق الثالثة، أن التصميم يتناسب وشكل المرأة: طولها، وزنها، بشرتها، كما يتناسب والمعايير الخاصة بالطفلة بحيث تخرج الأولى بهذا اللباس مزهوّة مرتاحة تسير بخيلاء، والى جانبها طفلتها تنظر اليها وتحاول تقليدها بكل شيء! واللافت أن دونا لم تُصمّم للأم وابنتها فقط وانما أيضاً للدمية التي ترافق الصغيرة في يومها وليلها، عدا عن أنها تستخدم ما هو قابل للتوسّع أو التضيّق: الـ Elastique على سبيل المثال لا الحصر.
وفي دردشة مع دونا، أبلغتنا أنها اختارت محترفاً قريباً من منزلها في شارع السوديكو في منطقة قريبة من وسط بيروت ومن جميع المناطق اللبنانية، لإبتكار التصاميم لسيدات بدأن يتوافدن الى مقرّها راغباتٍ في الحصول على هذا الزي الموحّد للأم وابنتها. لكن دونا تُخيّر دائماً الزبائن بين أن يشترين ما هو منجز وفريد من نوعه، أو أن تُصمّم لهن ولبناتهن ما يتناسبهن. وكي تتعمّم فكرتها، طرقت باب وسائل التواصل الإجتماعي، لا سيما منها الـ Instagram وبدأت تروّج لأزيائها حتى تصل الى أكبر شريحة من الناس، لا في لبنان بطبيعة الحال وإنما من الدول العربية وحتى الغربية. والى ذلك، فهي تُجهّز حالياً موقعاً لمحترفها كي تكون أقرب الى الزبائن.
سألنا دونا: هل ترغبين مستقبلاً في إطلاق تصاميم للرجل ولإبنه هذه المرة؟ ضحكت ضحكة عريضة وقالت: حالياً الفكرة ليست مطروحة عندي، لأن الرجل نادراً ما يهتم بما تهتم به المرأة خصوصاً على صعيد الأزياء. ولكن من يدري كيف سيكون الغد! فإذا أدركت المساواة حدود التقارب والملامسة بين المرأة والرجل، فلمَ لا؟