• من نحن
  • تواصل معنا
Description of the image
لا نتيجة
عرض جميع النتائج
  • الرئيسية
  • رسالة من المحرر
  • الحدث
  • المفكرة
  • مصارف
  • تأمينية
    • شركات تأمينية
    • توعية تأمينية
    • فتاوى تأمينية
  • ملف
  • مقابلات
  • مقالات
  • طب
  • فـي ميزان العدالة
  • منوعات
  • مؤتمرات
  • الرئيسية
  • رسالة من المحرر
  • الحدث
  • المفكرة
  • مصارف
  • تأمينية
    • شركات تأمينية
    • توعية تأمينية
    • فتاوى تأمينية
  • ملف
  • مقابلات
  • مقالات
  • طب
  • فـي ميزان العدالة
  • منوعات
  • مؤتمرات
Description of the image
  • الرئيسية
  • رسالة من المحرر
  • الحدث
  • المفكرة
  • شركات تأمينية
  • توعية تأمينية
  • فتاوى تأمينية
  • ملف
  • مقابلات
  • مقالات
  • طب
  • فـي ميزان العدالة
  • منوعات
  • مؤتمرات

في أميركا يقولون “God Bless America” وعندنا يقولون “الله يحمي لبنان..” د. الياس ميشال الشويري معلّقاً: الدعاء في أميركا يُعبّر عن الثقة وفي لبنان اعتراف بالعجز…

2025/11/05
- محليات
في أميركا يقولون “God Bless America” وعندنا يقولون “الله يحمي لبنان..” د. الياس ميشال الشويري معلّقاً:  الدعاء في أميركا يُعبّر عن الثقة  وفي لبنان اعتراف بالعجز…

د. الياس ميشال الشويري

عبارة “God Bless America”  ليست مجرد صلاة وطنية تتردّد في المناسبات العامة، بل هي أحد أكثر الرموز حضورًا في الوعي الأميركي الحديث، إذ تختزل رؤية أمة ترى في نفسها نموذجًا فريدًا للحرية والقوة والإيمان. منذ أن كتبها الملحن والكاتب الأميركي الشهير إيرفينغ برلين عام 1918، وأعاد إحياءها خلال الحرب العالمية الثانية، تحوّلت هذه العبارة إلى ما يشبه المرجع الديني للهوية القومية الأميركية. فهي ليست مجرد تمنٍّ لخير الوطن، بل إعلان ضمنيّ بأن الله يقف إلى جانب الولايات المتحدة في كل حرب تخوضها وكل سياسة تنتهجها.

هذا الشعار الديني في مظهره، والسياسي في جوهره، يعكس التماهي العميق بين الدين والدولة في الثقافة الأميركية، وهو ما أطلق عليه عالم الإجتماع، الباحث روبرت بيلا، اسم الدين المدني الأميركي، أي أن تكون الوطنية ذات بعد لاهوتي، وأن تُقدَّم الممارسات السياسية على أنها تجسيد للإرادة الإلهية. وفي ظل هذا المفهوم، يصبح الإيمان جزءًا من شرعية السلطة، والدعاء الوطني أداة لتعبئة الشعب وإقناعه بأن تفوق بلاده ليس صدفة، بل بركة من السماء.

لكن السؤال المحوري هو: لماذا أصبحت عبارة “God Bless America” أكثر من مجرد صلاة؟ لماذا اكتسبت طابعًا لاهوتيًا يبرر القوة والهيمنة؟ ولماذا لم تتحوّل مثلًا إلى “God Bless Humanity”؟ الجواب يرتبط بفكرة الاستثناء الأميركي، أي الاعتقاد بأن الولايات المتحدة وُجدت لتكون أداة الله في التاريخ، وقيادة العالم نحو ما تسميه “الحرية والديمقراطية“.

تلك الفكرة التي نشأت من رحم البروتستانتية البيوريتانية، حملت معها رؤية خلاصية للعالم، فالأميركي لا يرى نفسه مجرد مواطن في دولة، بل مبشّر برسالة سماوية على الأرض. وهنا تتداخل السياسة بالدين، والمصالح بالعقيدة، لتنتج نموذجًا فريدًا من الإمبراطوريات التي تستمد سلطتها لا من القوة المادية فحسب، بل من إيمان عميق بأنها “مباركة“.

وإذا ما نقلنا هذا النموذج إلى لبنان، نكتشف مفارقة لافتة: فبينما يقول الأميركي “God Bless America”  بوصفها وعدًا بالازدهار، يقول اللبناني “الله يحمي لبنان” بوصفها صرخة يأس من وطنٍ مهدّد بالانهيار. في أميركا، الدعاء تعبير عن الثقة، أما في لبنان فهو اعتراف بالعجز. وهنا يطرح البحث فرضيته الجوهرية: أن العلاقة بين الله والوطن مرآة لمدى مسؤولية الإنسان عن مصيره، وأن الأمم التي تجعل من الإيمان حافزًا للبناء تتقدّم، بينما التي تجعله عذرًا للفشل تغرق في الأزمات.

1. “God Bless America” كعقيدة سياسية – من البركة إلى التفويض الإلهي

منذ نشأة المستعمرات الإنكليزية في القرن السابع عشر، وُلدت في ذهن المهاجرين الأوائل فكرة أن أميركا ليست مجرد أرض جديدة، بل “أرض الميعاد” التي وعدهم الله بها. كانت هذه الرؤية متأثرة بالعهد القديم، حيث اعتبر البيوريتان أنفسهم شعبًا مختارًا جديدًا، جاء إلى العالم الجديد ليؤسس “مدينة على جبل“، تكون منارةً للأمم الأخرى. ومع مرور الزمن، تحوّل هذا الوعي الديني إلى قاعدة ثقافية راسخة، تغلغلت في كل مستويات الخطاب السياسي الأميركي.

حين أعلن الرئيس جورج واشنطن في خطابه الأول أن “يد العناية الإلهية” هي التي وجّهت الأمة الفتية، كان يؤسس لربط مقدّس بين الله وأميركا. وتعمّق هذا الخطاب مع الرئيس أبراهام لينكولن الذي رأى في الحرب الأهلية اختبارًا إلهيًا لضمير الأمة. ثم جاء الرئيس فرانكلين روزفلت في الحرب العالمية الثانية ليعلن أن “الله يقف مع الشعوب الحرة“، ما جعل العبارة “God Bless America” تتحوّل إلى شعار سياسي بامتياز.

هذا الربط بين الإيمان والسياسة جعل الولايات المتحدة تمزج بين الصلوات والخطط الاستراتيجية، وبين النصوص المقدسة وخطابات الرؤساء. فكل رئيس أميركي يختم خطابه تقريبًا بعبارة “God Bless America“، ليس فقط من باب التقليد، بل كوسيلة لتأكيد أن السياسات التي يتبناها – سواء كانت حروبًا أو تحالفات – تحظى بمباركة إلهية.

في لبنان، نجد العكس تمامًا. فالدين لا يوحّد الناس حول مشروع وطني، بل يفرّقهم بين طوائف تتنازع على من يملك الله أكثر من الآخر. في حين استطاعت أميركا أن تبني دينًا مدنيًا يوحّد الأمة حول فكرة واحدة، جعل لبنان الدين وسيلة لتفتيت الدولة. ولو أن اللبنانيين اتخذوا من الإيمان ركيزة للعمل لا غطاءً للفساد، لكانوا قالوا “God Bless Lebanon” بمعناها الفعلي: بارك الله هذا الوطن بعمل أبنائه، لا بدموعهم.

بعد الحرب العالمية الثانية، خرجت الولايات المتحدة كقوة عظمى، وبدأت تنظر إلى نفسها بوصفها “أمة مختارة” لقيادة النظام الدولي. هنا تحوّلت عبارة “God Bless America” إلى منظومة فكرية كاملة، تُستخدم لتبرير كل سياسات واشنطن، من تدخلها في الشرق الأوسط إلى دعمها غير المشروط لإسرائيل. فكل حرب كانت تُقدَّم على أنها حرب من أجل “الحرية“، وكل توسّع اقتصادي يُصوَّر على أنه “مهمة إنسانية” بإرادة الله.

يرى المفكر الأميركي نعوم تشومسكي أن هذه العبارة تُخفي خلفها أخطر أنواع العنف الرمزي، إذ تجعل من أميركا معيارًا للخير، ومن معارضيها رمزًا للشر. فحين يقول الرئيس الأميركي “God Bless America“، فهو لا يدعو الله أن يبارك الجميع، بل يعلن ضمنًا أن الله يقف مع الأميركيين ضد غيرهم. إنها صيغة بلاغية تتخفّى وراءها فلسفة “التفويض الإلهي“، التي تبرّر الهيمنة وتقدّمها بوصفها مسؤولية أخلاقية.

في لبنان، يظهر أثر هذه الذهنية في الخطاب السياسي الذي يتغذّى من الخارج. فالأحزاب اللبنانية التي تستمد قوتها من “البركات” الإقليمية – سواء من الشرق أو الغرب – تكرّر النموذج الأميركي بطريقة مشوّهة. كل فريق يعتقد أن الله يباركه دون غيره، وأن نصره حتمي لأنه “على حق“. وهكذا يتكرر المشهد: كل طائفة تقول “God Bless My Sect” بدل “God Bless Lebanon”، فتتشرذم الأمة، وتتحول البركة إلى لعنة جماعية.

إن مقارنة الحالتين تكشف التناقض البنيوي بين مجتمع يوظّف الدين لتبرير النجاح، وآخر يوظّفه لتبرير الفشل. فبينما تسعى أميركا إلى استثمار الإيمان لتوحيد شعبها حول مشروع حضاري، يعيش لبنان تحت رحمة خطابات دينية تزرع الخوف والانقسام. وهكذا نرى أن الفرق بين “God Bless America”  و”الله يحمي لبنان” ليس في اللغة، بل في المضمون الحضاري الذي تقف خلفه ثقافة الفعل مقابل ثقافة التواكل.

لم تعد عبارة “God Bless America” حكرًا على السياسيين أو رجال الدين، بل أصبحت جزءًا من الوجدان الأميركي العام. فهي تتردّد في المدارس والملاعب والمسلسلات والأفلام وحتى في الإعلانات التجارية. لقد نجحت أميركا في علمنة الإيمان وتديين السياسة في آن واحد، بحيث غدا الانتماء للوطن طقسًا دينيًا بحد ذاته.

تُفتتح مباريات كرة القدم بالنشيد الوطني الذي ينتهي بـ”God Bless America“، ويقف الجمهور في خشوع أشبه بالصلوات الجماعية. أما في السينما، فتتكرر الصورة نفسها: الجندي الذي يعود من الحرب يهمس بالعبارة ذاتها، والعلم الذي يرفرف يرمز إلى الحماية الإلهية. إنها منظومة رمزية متكاملة تغرس في وعي المواطن أن الإيمان بالله يمر عبر الولاء للوطن.

في المقابل، يعيش لبنان أزمة رمزية حادّة. لا توجد عبارة جامعة توحّد وجدان اللبنانيين، بل يعيش كل منهم في عالم لغوي خاص به. فبينما الأميركي يتربى منذ صغره على الإيمان بوطن مبارك، يتربى اللبناني على الخوف من الآخر، وعلى الشكّ في وطنٍ يعتبره “مؤقتًا“. لم يتمكّن لبنان من إنتاج خطاب وطني جامع لأن نخبه الدينية والسياسية فشلت في تحويل الدعاء إلى مشروع، والإيمان إلى مؤسّسة.

إنّ الدرس المستفاد من تجربة “God Bless America” ليس في تمجيد القوة الأميركية، بل في فهم كيفية تحويل الكلمة إلى فعلٍ سياسي وثقافي منتج. فالأمم القادرة على تقديس العمل الوطني لا تحتاج إلى معجزات، بينما الأمم التي تكتفي بالصلوات تنتظر خلاصًا لن يأتي. ومن هنا يمكن القول إن لبنان، الذي غرق في دعوات “الله يحمي“، يحتاج إلى أن يخلق معنى جديدًا للبركة، يجعلها فعلاً لا شعارًا، ومؤسسة لا أمنية.

2. من الدعاء إلى السياسات – الدين كأداة في الدبلوماسية الأميركية

منذ الحرب الباردة، استخدمت الولايات المتحدة خطاب “God Bless America” لتسويق مشاريعها السياسية والعسكرية. فخلال غزو العراق وأفغانستان، كان الخطاب الديني حاضرًا بقوة في تبرير التدخل العسكري تحت شعار “محاربة الشرّ“. الرئيس جورج بوش الابن، مثلاً، لم يكن يتحدث بلغة سياسية بقدر ما كان يستخدم لغة دينية، حين قال إن “الله اختارنا لنشر الحرية في العالم“. هذا التصور اللاهوتي للسياسة جعل من الحرب “مهمة مقدسة“، ومن الجيش “أداة خلاص“.

في لبنان، يتكرر المشهد على نطاق أصغر، حيث تُستخدم الشعارات الدينية لتبرير السيطرة السياسية. فكل فريق يدّعي أن الله يقف معه في معركته ضد الآخرين، حتى أصبح الدين مطيّة للمصالح بدل أن يكون ضميرًا للأمة. وهكذا كما يبرّر الأميركي غزوه باسم البركة، يبرّر اللبناني فساده باسم الإيمان. والنتيجة واحدة: تقديس الفعل السياسي بدل محاسبته.

لقد تحوّل “God Bless America” من شعار روحي إلى سلاح دبلوماسي ناعم، يُستعمل لتلميع صورة الولايات المتحدة وتبرير تدخلاتها في الشرق الأوسط. وهو ما عبّر عنه هنري كيسنجر،  وزير خارجية الولايات المتحدة ومستشار الأمن القومي الأمريكي في ظل حكومة الرؤساء ريتشارد نيكسون وجيرالد فورد، بقوله إن “القوة الأميركية تستمد شرعيتها من أخلاقها“، أي من ادعائها أنها تمثل الخير الإلهي. وبينما استطاعت واشنطن تسويق هذا الخطاب عالميًا، بقي لبنان غارقًا في صراعات دينية لا تنتج إلا الانقسام. ولو وُجد في لبنان دين مدني حقيقي، يُوحِّد المواطنين حول الوطن، لربما صار الدعاء “God Bless Lebanon”  برنامجَ نهضةٍ لا أمنية عابرة.

لا يقتصر أثر “God Bless America” على السياسة والحروب، بل يمتد إلى الاقتصاد والثقافة والإعلام. فقد جعلت أميركا من فكرة البركة الإلهية وسيلة لتسويق “الحلم الأميركي“، أي الاعتقاد بأن كل فرد يمكن أن ينجح إذا آمن بقدره وعمل بجدّ. هذا الخطاب الاقتصادي المشبع بالدين أعطى للرأسمالية بعدًا أخلاقيًا، وكأنّ الثراء ليس فقط نتيجة جهد، بل أيضًا علامة رضا من الله.

في لبنان، يُستخدم الخطاب الديني بصورة معكوسة: لا لتشجيع العمل بل لتبرير الفقر والرضوخ. فاللبناني يُقال له “الله كاتب هيك“، وكأنّ القدر الإلهي هو المسؤول عن فساد السياسيين وسرقة الودائع وتفكك الدولة. وهكذا يتحوّل الإيمان من قوة دفع إلى قوة كبح، من أداة نهضة إلى ذريعة للسكوت.

إنّ الفرق بين النموذجين هو أن الأميركي يرى في بركة الله حافزًا للإنتاج والابتكار، بينما اللبناني يراها تعويضًا عن العجز والفشل. فحين يقول الأميركي “God Bless America“، فهو يعلن مشروعًا للتقدم، أما حين يقول اللبناني “الله يستر“، فهو يعلن استسلامه للقدر. هذه الفجوة النفسية والثقافية بين الإيمان المنتج والإيمان السلبي هي ما يجعل أميركا تبني إمبراطوريات، ولبنان يبني أضرحة.

أثّر الخطاب الأميركي الذي يمزج الدين بالسياسة على كثير من دول العالم، خصوصًا في الشرق الأوسط. فمعظم الخطابات التي تبرّر التدخلات الخارجية الأميركية تُقدَّم على أنها دفاع عن “القيم الإلهية“، في حين أن جوهرها اقتصادي واستراتيجي. وقد صدّق كثير من الأنظمة العربية هذا الادعاء، فتبنّت بدورها لغة دينية لتبرير القمع الداخلي.

في لبنان، يتكرّر النموذج الأميركي بطريقة مأساوية. فكل زعيم يعلن أن “الله معه“، وأن خصومه “أعداء الإيمان“، حتى غدا الله طرفًا في النزاعات السياسية. هذه الممارسات جعلت الدين يفقد معناه الروحي، وأفرغته من قيمته الأخلاقية. والنتيجة أن اللبناني، الذي كان يقول يومًا “الله معنا“، أصبح يقول “الله يخلّصنا منكن“.

لكن رغم هذا الانحدار، يمكن للبنان أن يتعلّم من التجربة الأميركية درسًا مهمًا: أن الإيمان لا يُترجم بالطقوس بل بالمؤسسات، وأن البركة لا تُطلب بالكلام بل تُصنع بالعدالة. فإذا أراد اللبنانيون أن يبارك الله وطنهم فعلًا، فعليهم أن يبنوا دولة قانون، لا دولة زعماء. فحين تصبح العدالة واقعًا، يصبح الدعاء صادقًا، وحين يصبح العمل عبادة، يصبح الوطن مقدسًا.

الطائفية في لبنان تتضارب

3. لبنان والبحث عن “البركة المفقودة” في ظل استحضار النموذج الأميركي

حين ننظر إلى لبنان في مرآة التاريخ، نكتشف أنه كان يومًا “سويسرا الشرق” كما كان يُوصف في خمسينيات القرن الماضي، لما امتلكه من حرية صحافة، ومصارف مزدهرة، وجامعات تُخرّج نخبًا تفكر بجرأة وانفتاح. كانت بيروت تُنير الشرق، وتستقطب العرب الباحثين عن حرية الكلمة والعقل، فيما كان العالم العربي غارقًا في الانقلابات والدكتاتوريات. غير أنّ لعنة الجغرافيا والسياسة جعلت هذه البركة تنقلب إلى نقمة. فبين الشرق والغرب، تحوّل لبنان إلى ساحة لتصفية الحسابات، لاختبار نظريات الآخرين على أرضه الصغيرة. وهنا تبرز المفارقة: بينما تُبارك أميركا نفسها باسم الله وتعتبر نجاحها نتيجة عناية إلهية، يتخبّط لبنان في لعناتٍ متتالية، لا من الله، بل من نظامٍ فاسد صنعته أيدي الناس. فكم من مرة رفعت الجماهير شعارات “الله يحمي لبنان“، لكن الله لا يحمي إلا من يسعى بصدق لبناء وطنٍ يستحق الحماية. البركة ليست في الصلاة وحدها، بل في العدالة، في المحاسبة، في احترام الإنسان. ولبنان، للأسف، ترك كل هذا مقابل ولاءٍ لزعماء الطوائف الذين جعلوه دولة بلا دولة، وجمهورية بلا جمهور، وشعبًا ينتظر معجزة لن تأتي ما دام الفاسدون أحياءً يُرزقون.

في المفهوم الأميركي، “God Bless America”  ليست مجرد دعاء، بل هي إعلان إيمانٍ بالفعل، لا بالكلام. الأميركي حين يرددها في المناسبات الوطنية، يربطها مباشرة بروح العمل والمسؤولية: البركة تأتي حين يعمل الجميع من أجل الوطن، حين تُصان القوانين، ويُحاسب القوي كما الضعيف. أما في لبنان، فقد تحوّلت البركة إلى شعارٍ عاطفي يُقال دون معنى، إلى تبريرٍ للفشل بدل أن تكون حافزًا للتغيير. هنا نجد جوهر الفرق بين المجتمعات التي تفهم الدين كقيمة فاعلة، وتلك التي تحوّله إلى غطاءٍ للفساد. في أميركا، البركة تأتي بعد إنجاز، وفي لبنان، تُطلب البركة قبل أي عمل، وكأنها بديل عن التخطيط والجهد. حين ينهض الأميركي صباحًا، يُفكر كيف سيخدم وطنه من موقعه، أما اللبناني فيُفكر كيف ينجو من وطنٍ صار عبئًا عليه. لقد غابت العدالة التي تُعد شرط البركة الأولى. كيف يبارك الله بلدًا يسرق فيه المسؤول قوت الأطفال، ويُعاقب فيه الشريف لأنه رفض الرشوة؟ وكيف يُستجاب لدعاء “الله يحمي لبنان” فيما اللبنانيون أنفسهم لا يحتمون بالقانون بل بالزعيم؟ إن المقارنة بين النموذجين تُبرز أن الله لا يُبارك بالأمنيات، بل بالأفعال، وأن الشعوب التي تبني مجدها على العلم والعدل، تستحق البركة أكثر من تلك التي تبنيه على المحاصصة والرياء.

السؤال الأهم الذي يجب أن يُطرح هو: هل يمكن للبنان أن يستعيد بركته؟ الجواب ليس مستحيلاً. فالتاريخ اللبناني مليء بمحاولات نهوضٍ حقيقية، كلما شعر الناس أنهم بلغوا الحضيض. البركة ليست غيبًا، بل هي نتيجة سلوكٍ جمعيّ يُعيد المعنى إلى القيم. حين يعود اللبناني إلى جوهر المواطنة بدل الطائفية، وحين يُعيد للعلم قيمته، وللقانون هيبته، وللعدالة صوتها، سيعود لبنان ليكون منارة. إن استلهام عبارة “God Bless America” يجب أن لا يكون انبهارًا بالغرب، بل دعوة لإعادة اكتشاف معنى “البركة الوطنية“. فكما حوّلت أميركا إيمانها إلى مشروع حضاري متكامل، على لبنان أن يحوّل إيمانه المتجذّر إلى طاقة بناء. البركة لا تنزل على الشعوب الضعيفة التي تستسلم، بل على تلك التي تُقاوم الفساد وتواجه الباطل. حين تُصبح عبارة “الله يحمي لبنان” مشروطة بصدق العمل لا بنفاق الخطاب، حينها فقط سيستعيد لبنان مكانته. فالله لا يُبارك وطنًا يرفع الأيدي إلى السماء فيما يده الأخرى تسرق من جيب الفقير، ولا يبارك شعوبًا تصلي في الكنائس والمساجد صباحًا وتكذب في الإدارات والصفقات مساءً. البركة تبدأ من الداخل، من ضمير الفرد، من طفلٍ يرفض الغش، من شابٍ يصرّ على البقاء رغم الهجرة، من قاضٍ يُصدر حكمًا عادلًا رغم التهديد. إن “الله يبارك لبنان” ليست أمنية، بل مشروع وطني طويل يحتاج إلى توبة جماعية من الزيف واللامبالاة.

4. الخاتمة: البركة الحقيقية لا تُمنح بل تُستحق

في نهاية المطاف، “God Bless America”  ليست مجرد عبارة بل فلسفة وجودية بُنيت عليها هوية أمةٍ كاملة. إنها تعبير عن علاقةٍ بين الإيمان والفعل، بين الله والوطن، بين الروح والمؤسسات. أما لبنان، فحكايته مع البركة مؤجلة ما دام يعيش خارج مفهوم الدولة. إن الله لا يُبارك الفوضى، ولا يُقدّس الانقسام، ولا يرضى عن وطنٍ يرفع شعارات المحبة وهو غارق في الحقد. البركة الحقيقية تبدأ عندما يُقرّر اللبناني أن يكون شريكًا في بناء وطنٍ عادل، لا تابعًا في طابور الزعيم. حينها فقط، يمكن أن نسمع صادقين لا ساخرين من يقول: “God bless Lebanon“

أخبار ذات صلة

حبيب يستعجل تطبيق الاتفاقية الدوليةلحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة...
محليات

حبيب يستعجل تطبيق الاتفاقية الدولية
لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة...

03/12/2025

...

ملتقى الدار البيضاء في نسخته الـ12 :إضاءة على الذكاء الإصطناعي والرقمنةوالبحث عن وسائل لمواجهة تحديات...
محليات

ملتقى الدار البيضاء في نسخته الـ12 :
إضاءة على الذكاء الإصطناعي والرقمنة
والبحث عن وسائل لمواجهة تحديات...

01/12/2025

...

التوقيع الالكتروني في الطريقالى قطاع التأمين الأردنيبهمّة الاتحاد و شركة "توقيعي"...
محليات

التوقيع الالكتروني في الطريق
الى قطاع التأمين الأردني
بهمّة الاتحاد و شركة "توقيعي"...

01/12/2025

...

ممثّلاً رئيس الحكومة باحتفال Qootلتوزيع جوائز الابتكار في صناعة الغذاءعيسى الخوري:"مستقبل لبنانيُبنى بالشراكة والمعرفة والتطوير"
محليات

ممثّلاً رئيس الحكومة باحتفال Qoot
لتوزيع جوائز الابتكار في صناعة الغذاء
عيسى الخوري:"مستقبل لبنان
يُبنى بالشراكة والمعرفة والتطوير"

29/11/2025

...

تحميل المزيد
المنشور التالي
«الكويت للتأمين» تُساهم    بخدمة التحوّل الرقمي المتقّدم…

«الكويت للتأمين» تُساهم بخدمة التحوّل الرقمي المتقّدم...

Tamin wa Masaref | by OnSups

  • سياسة خاصة
  • الأحكام والشروط
  • تواصل معنا
يرجى الانتظار...

اشترك في نشرتنا الإخبارية

هل تريد أن يتم إعلامك عند نشر مقالتنا؟ أدخل عنوان بريدك الإلكتروني واسمك أدناه لتكون أول من يعرف.
اشترك في النشرة الإخبارية الآن
لا نتيجة
عرض جميع النتائج
  • الرئيسية
  • رسالة من المحرر
  • الحدث
  • المفكرة
  • مصارف
  • تأمينية
    • شركات تأمينية
    • توعية تأمينية
    • فتاوى تأمينية
  • ملف
  • مقابلات
  • مقالات
  • طب
  • فـي ميزان العدالة
  • منوعات
  • مؤتمرات

Tamin wa Masaref | by OnSups