مهرجان العين للزهور
د. غالب خلايلي
1-عاصفة مشهودة وأخرى في وسائط التواصل. كان يوم عاصفة البرَد في الثاني عشر من شباط الحالي مشهودا في مدينة “العين” الإماراتية التي لم تعرف مثل هذه الحالة على مدى عقود؛ حتى إن عاصفة من الفيديوهات انتشرت في وسائط التواصل تبدي أمرين: أولهما دهشة الناس من جو الثلج والبرد والمطر مع تعابير “أن هذا لم يحدث في السويد أو ألمانيا أو كندا”؛ وثانيهما يُبدي حجم الخراب والتكسير الذي حل ّبالسيارات على الخصوص.
2-فراش نباتي سميك يغطي الأرصفة. بعدما هدأت العاصفة في المساء خرجتُ و(أم العيال) متلفحَيْن في جولتنا الليلية المعتادة؛ وكانت هذه المرة في جو بارد هادئ؛ رأينا خلاله بركا من الماء هنا وهناك مع فراش سميك من النباتات وأوراق الشجر تغطي الأرصفة وبعض الشوارع بشكل شبه كامل.
كان ذلك منظرا عجيبا للطبيعة عندما تغضب؛ وكأن وابلَ البرد وابلُ شفرات حلاقة ومشارط لا ماء مطر تجمّد في الطريق إلى الأرض!
وبعد عودتنا نمنا منهكَيْن، ونحن نرى سحبا كثيفة من بعيد، على أمل ألا يعاودنا ذلك الكابوس.
3-شمس دافئة صباح الثالث عشر من شباط. وأشرقت شمس الصباح بعد سكوت العاصفة عن العصف المباح.. وكان لا بدّ من الاستعداد للذهاب إلى العمل؛ بعد جمع كيسَيْن كبيرَيْن من (رفاة) النباتات التالفة في حديقتنا؛ وهدوء شلال الماء الناجم عن ذوبان الجليد.
كان مدهشا تماما لي رؤية الأشجار في الطريق مجردة من زينتها الخضراء، كأن خريفا مفاجئا حل بها؛ ولم يكن مثله معروفا من قبل؛ فيما النباتات والأزاهير لفظت أنفاسها بعدما عاثت بها يد الخراب.
كما كان مدهشا لي أعداد السيارات التي تأذت هياكلها وشبابيكها؛ وكذا تساقط عدد من الإشارات الضوئية في عدة أماكن؛ وإن بقيت تعمل بكفاءة.
وقريبا من عيادتي كان المنظر في الأرض نفسه كما هو متوقّع؛ إذ يستحيل إزالة الأنقاض بين يوم وليلة، رغم استنفار كل الإمكانيات التي لا يُستهان بها في بلد أخذ العهد على نفسه أن يكون بين الأوائل.
كانت خسائر عيادتي بسيطة اذا ما قورنت بخرابٍ طال أبنية كثيرة و(مولات) ومستشفيات داهمتها المياه؛ وما زالت متعطّلة منذ ثلاثة أيام؛ فيما نصف ساعة من كنس زجاج المطبخ والحمّام المتكسّر والشبك المنتوف حلت المشكلة بانتظار عامل يعز وجوده في مثل هذا الوقت؛ وكذلك وجود كل من يعمل في الصيانة .. أي صيانة.
4-مهرجان الزهور وسباق مع الزمن. ولأن حديقة الجاهلي، المكان المقرّر لمهرجان الزهور، في طريق ذهابي وإيابي اليومي، فقد شهدتُ العمل الحثيث لإصلاح الخراب، وكذا السباق مع الزمن من أجل الوفاء بموعد الافتتاح في الرابع عشر من شباط، حيث سخرت إمكانيات هائلة للتعامل مع هذا الحدث الجميل، مثلما سُخّرت في إصلاح كل ما تخرب في الطرق والمباني والمنشآت.
ليل الأربعاء (١٤ شباط) تجولت وصديق في الحديقة، فشهدنا ورشات نشطة تضع لمساتها الأخيرة هنا وهناك؛ فيما زهت الحديقة (الجميلة أصلا) بمجّسمات من الورد وأضواء بديعة؛ فلم يكن غريبا أن يفتتح المهرجان متأخرا يوما واحدا فقط؛ لتزهو الحديقة مساء الخميس (١٥ شباط) بنباتاتها (المغروسة عن قرب) وبزوارها الذين يتوقع أن (يهطلوا) بغزارة في الأيام القادمة حيث تبدأ عطلة نهاية الأسبوع في جو مسائي ولا أجمل، بعد أن عادت المياه إلى مجاريها؛ بل عادت -من غير توقع- الضرورة إلى استخدام التكييف في السيارات ظهرا؛ وكأن يوم البرد لم يكن.
وعسى ألا يكون. دمتم بخير.
العين ١٥ شباط ٢٠٢٤