العمل الطبي أوركسترا والمريض وحدة متكاملة
د. غالب خلايلي
يعلم أهلُ الكهرباء أهمّية وجود مسرَيَيْن في المقبس الكهربائي والبطاريات، أحدهما ساخن (أحمر)، والآخر بارد (أزرق)، ويعلمون أيضاً خطورة لمس المسرى الأحمر باليد المجردة، إذ يولّد شرارةً، وقد يحرق اليد، أو يكهرب الجسم محدثاً أذياتٍ عميقةً حتى الموت، على غرار ما يحدثه التماسّ الكهربائي في الأبنية من حرائق مرعبة (1).
مجالات كثيرة في الحياة فيها الساخن والبارد، بدءاً من الطعام، وانتهاء بالبشر ذوي الطباع المختلفة (من أشدّها سخونةً إلى أبردها)، وينسحب الأمر ذاتُه على الطُّب، ففيه أيضاً ما هو ساخن لا يحتمل الانتظار، واللعب فيه حارقٌ، وفيه البارد الذي يقبل الانتظار بلا ضرر يذكر، وهناك من الحالات ما هو بين بين، فكيف يمكن التصرّف في الحالات المختلفة؟
تلعب خبرة الطبيب دوراً أساسياً في أمرين:
- أولهما: سرعة تمييز الحالة الخطرة عن غيرها.
- وثانيهما: سرعة التصرّف، بشكل انعكاسي فوري أحياناً، دون أدنى تأخير.
إن أغلب المشاكل في الطب تحدث من غياب التعامل المناسب مع الحالة، مثل برودة التعامل في المشاكل الحارة، والاهتمام غير المبرّر بالمشاكل الباردة، ثم من الحالات الرّمادية التي لا يستطيع الطبيب أخذَ قرار فيها، بسبب قلّة علمه وخبرته، وربما ضعف حدْسه، وهذا يندرج كله تحت عنوان كبير: (غياب العقل المدبّر أو انقطاع الكهرباء)، فيكون الجسم الطبي، أياً تكن طاقاته الكامنة، عاجزاً مشلولاً، ليؤدّي سوء التواصل إلى ما يؤدّي إليه سوء التماسّ الكهربائي: الحرائق.

المريض وحدةٌ متكاملة والعمل الطبي أوركسترا
تخيّل مثلاً أن يدخل مريضٌ مصابٌ بمرضٍ مزمن في الدماغ والقلب والرئة والكليَتَيْن والغدد إلى ذات مستشفى، فكيف يمكن التعاملُ مع هذا المريض؟
إن النظرَ إلى المريض نِظرةً مجزأة لن تفيَ بالغرض، مثل أن يهتم طبيب الأعصاب بالدماغ (وطبيب القلب بالقلب…) ثم ينسى باقي الأجهزة، هذا إذا افترضنا أن كلاً يقوم بعمله خير قيام، فقد يُترَك المريض لمصيره بمقاربةٍ باردة، تسندُها مقارباتٌ أكثر برودةً عندما يُستشار أهل الاختصاصات الأخرى، وهم “لا يأتون إلا بعزيمة” كما يقال، وقد تكون استشارتُهم بلا فائدة.
نعلم علمَ اليقين أن أعضاء الجسم المختلفة يؤثّر بعضُها في بعض، مثل أن تؤثّر الكُلى على القلب والرئتين (والعكس بالعكس صحيح)، أو أن يؤثّر ارتفاع الضغط والسكّر والهرمونات على أجهزة الجسم كافة، ولهذا لا يصح العمل الطبي بغير أوركسترا متناغمة يقودها قائدٌ واحدٌ، عظيم القدرات واسعُ الخبرة مُعتَمَدٌ من المعاهد المحترمة، وإلا صار النشازُ قاعدةً، وغنّى كلٌّ على ليلاه حتى يدخلَ المريض في اختلاطاتٍ رديئة.
أما الأدهى فهو اختصار المريض بلوحةٍ إلكترونية (في الأماكن التي تملك هذا الرّفاه)، لا بصفته إنساناً مكوّناً من لحمٍ ودمٍ وأعصاب، بل من نفْس حسّاسة وروح توّاقٍ إلى الحياة، وأنه فرد معيلٌ لعائلة أو ربّ عملٍ تنعقد عليه الآمال، فلا يُرى المريض ولا يُسألُ ولا يُفحصُ، تكفي همهمات الممرّضات أحياناً، وما ينقلنَه من لغوٍ، وكثيراً ما يكون الفحص سطحياً سريعاً، كأنّ عينَ الطبيب شعاع ليزر يمسح المريض فيرى الجراثيم ويقتلها، والانسداداتِ وأماكنَها، فيفتحها ويرتاح – يا سبحان الله – المريض. ولما كان التحديق في شاشة الحاسوب ينتقل إلى جسد المريض، فقد استُغني – والحمد لله – عن المعاينة المباشرة (؟Telemedicine)، كأنها مسحة رسول للمريض في بيته.

خبرات شخصية غير مشجّعة:
- قبل نحو ربع قرن (تموز 1999)، أفقتُ من قيلولتي المسائية في مدينة “العين” مذعوراً، إذ رأيت ألسنة النيران تلتهم الجدار وتخرج من فتحات التكييف. اتصلت على الفور بزوجتي في الشام، وكانت قد سبقتني في إجازة الصيف مع الأولاد. طمأنتني. وعندما وصلت بعد أسبوعين، أخبرتني أن ابنتي الصغرى ضربتها سيارة سائق عسكري أرعن أمام بيت حَمِيّ، وكسرت عظم الفخذ، ولم أخبر بالأمر كيلا أقلق، إذ تولى الأمر حماي وقريبٌ. استدعي وقتها طبيب عظام إلى مستشفى خاص، وتم التجبير بعد الاطمئنان إلى سلامة الدماغ بالتصوير الطبقي للدماغ. اللافت هو عدد الصور الشعاعية التي أجريت لاحقاً في البيت بجهاز متحرك (وهي عشرات، بداعي متابعة الكسر)، والمبلغ الكبير الذي تقاضاه الجراح والمستشفى، مرّة في البدء، وأخرى بعد انتهاء الشدّ المضني بحجّة وضع جبيرة حديثة خفيفة الوزن، ناهيك عن حساب الزيارات المنزلية. كان عظمي ليّناً وقتها، إذ مرّ نصف عام فحسب على افتتاح العيادة المكلفة، لكن تكفي كلمة خليج للغريب والقريب حتى يأخذ بعضهم راحته بالحساب. ولأذكر أن المستشفى نفسه شهد ولادة قريبة لي في آب 2019، ورأيت مدى التأخّر المزعج لعين ألفت رونق المستشفيات الرائعة، مثلما ألفت العناية المثلى للولدان (عملي في عقد من الزمان)، مع قابلية اكتساب عدوى خطرة فيما يسمى المستشفى، بدليل أن الطبيب المولد نصح بأخذ المولود في أسرع وقت (2).
- كما أتذكر يوماً تشرينياً عام 2016، دخلتْ به والدتي مستشفى خليجياً لأزمة قلبية طارئة (احتشاء MI). يومها كنتُ متأهباً للذهاب إلى عملي في الصباح، فرأيتها متألمةً بصمت، وهي التي لا تشكو عادة. كان وجهها ينبئ عمّا بها، فحملتُها على الفور إلى أقرب مستشفى عام، وتم إجهاض الاحتشاء في الإسعاف. وفي الأسبوع التالي لم يرَها الطبيب المسجّلة باسمه ولو مرّة (وهو أستاذ وطبيب في عدد من المستشفيات العامة والخاصة)، إذ ركن إلى معاونيه، في الوقت الذي استنفرتُ فيه عدداً من الزملاء والأساتذة عن بُعد (ومنهم المرحوم سامي القباني). وقتها ارتفع السكّر عند والدتي، ولم يستطع الأطباء تدبيره (حتى طبيب الغدد)، وكلّ يناور (أن والدتي تهرّب الخبز، أي لا تلتزم بالحمية، مع أنها ليست من هذا النوع إطلاقاً، ولم نجلب لها طعاماً إضافيا). وكان أن خُرِّجتْ إلى البيت بعد أسبوع، لتقع على الأرض فور وصولها مغميا عليها، فسألتها عندما صحت: هل نعود إلى المستشفى؟ رفضت بشدة، فتولّيتُ الأمر حتى عافاها الله، وكان الإنتان البولي الذي لم ينتبه له أحد هو السبب.
- وفي الوقت نفسه، دخل المستشفى ذاته والد زميلة، بسبب تورم شديد (وذمة) في الطرفين السفليين، لم يستطع طبيبا القلب والكلية في المستشفى الخاص خماسيّ النجوم تدبيره، وقد تهرّبا من مسؤوليته، على أساس أن (المستشفى الخاص كما قيل لي: بتعرف يعني!)، والمعنى أن الخاص سوبر ماركت فخم يريد الحالات السهلة (المقشّرة) التي تجلب المال التأميني دون مشاكل، فتبقى السمعة “زي العسل”. في ذلك الوقت تابعتُ والزميلة الكبيرة وصديقة ثالثة استشارية في طب الخدّج حالة الأب نحو أربعين يوماً دون فائدة تذكر، وما استطعنا جميعنا، مع ما جلبناه من حلول اقترحناها وزملاء مشاهير، أن نعيد الكهرباء إلى المشرفين، إذ يرون في مقترحاتنا غضاضة وتدخلا سافرا. وأغرب من الغرابة أن اختبار غازات الدم لم يجرَ مرة واحدة (يفهم المختصون معنى قولي عند مريض قلبي كلوي رئوي)، وأن التخريج تم دون تحسّن على أساس أن المريض (مستقرّ) ولا يمكن أن يبقى أكثر، لا طبيا ولا تأمينيا، رغم معاناته المزرية في كل الأمور الحياتية، وكون ساقيه كجذعي شجرتين كبيرتين (بنيتين، يابستين، متشققتين). بعد أسبوع من تخريجه، تعب كثيراً، وأدخل مستشفى خاصا، بقي فيه ثمانية أشهر حتى توفّاه الله، بتكاليف بلغت نحو مليون دولار (خراب بيت بالمعنى الحرفي)، لم نستطع خلالها نقل المريض إلى حيث يُقبل تأمينُه الصحي.
- وأخيراً، وفد إليّ بابنته المريضة عام 2023 أبٌ عربيّ كان يعمل في بلده مديراً مالياً لأحد المستشفيات الناشئة، وذكر أن مدير المستشفى اختلف مع جراح العظام على الشركة التي يشترون منها المفاصل الصناعية. نفّذ الجراح رغبته (وقبض عمولته)، ليفاجأ بعد فتح جلد المريض وإبعاد عضلاته قطعةً ناقصة من المفصل الصناعي الذي اختاره (أخفاها أعوان المدير قبل العملية)، فكان لا بد أن يغلق ما فتح، بانتظار فرج الله!. أية نذالة؟!
***

لا أدري إن كان من حُسن الحظّ أم من سوئه أننا عشنا زمن التغيرات التقنية المتسارعة التي طالت معظم مناحي الحياة، وإن كنت أميل إلى الخيار الثاني، لا تمسّكاً بالقديم بل قراءة واعية للواقع.
فعلى صعيد الممارسة، كان أقصى ما يمكن عمله من استقصاءات، هو فحوص الدم المخبرية وغيرها، والتصوير بالأشعة السينية، وأخذ الخزعات. ثم ما لبثت أن ظهرت التقنيات الحديثة في بلادنا نحو عام 1984، بظهور فائق الصوت، ثم جهاز التصوير الطبقي، ليأتي المرنان (الرنين المغناطيسي)، متأخراً عقداً آخر من الزمان.
وقد بقيت ممارسة الطب على النحو المعهود منذ قرون، وعمادها الاستجواب المفصل، فالفحص الشامل، حتى بدأ الاهتمام بأمرين في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين:
- أولهما: نظام الاعتماد الدولي للمؤسّسات إلى درجة (الهوس القسري) بحيث أن من لم يحزْ على اعتمادٍ فهو متخلف، مع أنه مُنهِكٌ في تفاصيله مكلف جداً، ولا يعطي صورة عن كفاءة الأطباء.
- وثانيهما: اعتماد التأمين في ممارسة الطب، والذي يشمل الأطباء (ضد الأخطاء الطبية)، والمرضى (التأمين الصحي)، وبدأت تجارة لا تبور مع ضعف خبرة المنظومة، وبدأ الاستجواب (المراقب) باستخدام برامج الحاسوب (سيرنر على سبيل المثال)، مما بطّأ كثيراً عملية فحص المرضى، وإن كان المدافعون (المحبّون لكثيرٍ من التوثيق) يقولون غير ذلك، علماً أن الأصل هو الإنسان، وضمير هذا الإنسان، فما أسهل خداع الأجهزة عند المتمرّسين.
مرّت اليوم سنوات على استخدام البرامج الصعبة التي تأقلم الأطباء معها شيئاً فشيئاً، وإن صرّح معظمُهم أنهم لم يعودوا يتحدّثون إلى المرضى بما يشفي النفس، وتدنى عدد من يقدرون على مشاهدتهم. ويعود سبب التدنّي إلى ضرورة استكمال الحقول كافة طباعة، من أجل احتساب الأجرة كاملةً من قبل شركات التأمين. وهذا مهم جداً بالنسبة إلى الأطباء الذين يريدون أن يحصلوا على رواتبهم كاملة (حقهم). لكن من أجل التسريع لجأ بعضهم إلى عملية قصٍّ ولصقٍ لمعلوماتٍ جاهزة، دون أن ينتبهوا إلى خطورتها، ولا إلى ضرورة تعديلها في الأماكن المناسبة، إذ لا يعقل أن تنطبق المعلومات ذاتها على خديج وكهل ومسنّ، أو على الاختصاصات المختلفة. ولما كان الاستجواب طويلاً، فالمؤكد أنه لا يبقى وقتٌ من أجل فحص المرضى، لذا يُفحصون على عجل، أو لا يفحصون، وكثيراً ما عقّب المرضى بقولهم: “لم نعد نرى وجه الطبيب. لم ينظر إلينا على الإطلاق. كان مختبئاً خلف الشاشة”.
أما المشكلة التالية فهي أخلاقية (نعم أخلاقية!) بامتياز وقانونية، إذ يمكن لكل من يستطيع الدخول إلى الشبكة (لاسيما القراصنة Crackers الذين لا يهدؤون) أن يفتح أي ملفٍّ، ويعرف كل أسرار عائلة معينة، ويبتزها أو يبتز المستشفى، في اختراق واضحٍ للسرّ الطبي والاجتماعي.
يوم كنّا في سنتنا الرابعة على مقاعد الطب في دمشق عام 1982، حدّثنا الأستاذ الدكتور مدني الخيمي، رحمه الله، وكان وزيراً للصحة، وأستاذاً للأمراض القلبية والإنتانية، وصاحب فلسفة خاصة في الطب والحياة، قال: عندما تفتحون عياداتكم، اجعلوا غرفة الكشف طويلة، بحيث يتمكن الطبيب من رؤية مريضه وهو داخل، فيراقب مِشيته وسحنته، فيستنتج أموراً كثيرة. وعندما يجلس فلينظر الطبيب في عين محدّثه Eye Contact، فهذا مهم جداً في الدخول إلى القلوب، وكشف العيوب.
عملنا في عيادات ليست بذاك الحجم، وكاد المرضى (محبّةً) يجلسون على كرسي الطبيب، هذا الذي توضع أمامه ملفات ورقية كثيرة، يرى أصحابها خلال ساعات. مريض يأخذ دقائق وآخر يأخذ أكثر، ويخرج أغلب المرضى راضين. ولم يمانع بعض الأطباء العرب من أن يجلسوا ساعةً أو أكثر بعد الدوام، من غير أجرٍ، اللهمّ سوى إرضاء النفس في خدمة الناس.
فأين نحن اليوم من هذا الكلام؟
يكاد حتى طبيب العيون ألا ينظر في عين مريضه، فما بالك بطبيب العظام مثلاً؟ (هل رأيت جراحاً يحمل سمّاعة؟)، وتكاد غرفة الفحص تتحوّل إلى زنزانة منفردة، من أجل استثمار المِساحات في (البزنس) الطبّي المربح! أما الطبيب فإن تحدّث، فباستكبار واقتضاب، وهذا يذكر بالشطر الشهير: “طبيب يداوي الناس وهو عليل”.
أنا لم أتحدث عن زمن الانتظار الطويل في الصيدلية، بسبب الازدحام وطول الإجراءات، ولا عن التكاليف الباهظة للعلاج، لا سيما بعد إضافة الخدمات السيبرانية إليها، ولا عن زهد كثير من الناس في رؤية الأطباء لأن بطاقاتهم مقنّنة (بمبلغ قليل للأدوية)، أو لأنهم لا يمتلكون تأميناً أصلاً، وأسعار الخدمات خيالية، خاصة للمسنّين وأصحاب الأمراض المزمنة. كما لم أتحدّث – في زمن التقدم التقني- عن استهلاك الورق العالي، رغم غياب الملفّات الورقية. فهل عرفتم العلّة دام فضلكم؟ وهل توافقونني في أنّ التطورات التقنية ليست دائماً إيجابية ولا إنسانية تبعاً لمستخدمها؟ وأن نوع الإنسان هو الأهم؟
وعلى هامش النوع، أذكر أن أعسر الأطباء في الأوركسترا “العالم – ثالثية” وربما خارجها هم المزاجيون. نعم، ما أصعب التعامل مع المزاجي، هذا الذي يكون في سابع سماوات البسط والتفاؤل، فإذا به يهبط فجأة إلى حضيض الكآبة والغضب. يكون رائقاً جميلاً مع مريض، ثم يتحول فجأة إلى شخص هائج، لا تعرف له ميزاناً ولا قباناً، يشبه البورصة بألوانها المتبدلة بين الأحمر والأخضر دون سابق إنذار، أو سماء شباط المشمسة التي تتلبّد فجأةً بالغيوم ثم البرق والرعد والمطر. تحتار في أمر أحدهم كيف تعامله: تداريه مداراة المشط للِّحية، ليهيج إذا علقت شعرة، فلا تعرف أتكمل أم تترك المشط وتهرب؟ تداريه مداراة الأم لوليدها، ومع ذلك يغضب فجأة، ويبدأ بالصراخ ولا تعرف له حلاً، مع أنه بسيط أحياناً، مثل خلوة مع النفس أو مع (سيجارة!)، فإذا بالمياه تعود إلى مجاريها، لا يعكّرها سوى الدخان ورنين أجهزة الإنذار!
والخلاصة: فإن العناية الطبية هرمٌ صحيح البناء، فيه الرأس الحكيم المدبّر البعيد عن الانفعال والتخبط، وفيه الأعضاء العارفون المنسجمون المتكاملون، وإلا صرنا في حالة (حمّام مقطوع المياه)، ضرب الطاسات فيه شغّال، فيتزحلق من يتزحلق في الزحام والفوضى، ويحرق من يحرق بالصابون عينيه، فلا يستطيع أن يرى، ليعم الهياج، وتكثر الحوادث المؤسفة.
للحكيم ستّ عيون لا خمس (ذكرناها نهاية الجزء الأول):
يقول الشاعر الصاحب شرف الدين المملوكي:
ستُّ عيونٍ من تأتّتْ لهُ كانت له شــــافيةً كافيةْ
العلمُ والعلياءُ والعفــــوُ والعزّةُ والعفّةُ والعافيةْ
دمتم بخير، وإلى الجزء الثالث.
العين في 28 نيسان 2025
هوامش:
- الجشع في الطب، الجزء الأول: https://taminwamasaref.com/dr-ghaleb-khalayli-doctors-secrets/
- تتمتع دولة الإمارات العربية المتحدة بنظام صحي متقدم فائق الدقة، ناهيك عن النظافة والتعقيم، وبخبرات عالمية وخيارات استشفائية متنوعة، شروطه صعبة جدا، ويقيني أن تلك الشروط لو انسحبت على غير بلدان، لأغلقت معظم المنشآت الصحية فيها. إن الأطباء السوريين المتميزين يملؤون العالم، وأملنا أن ينقلوا خبراتهم إلى بلدهم الجميل.