حليب لكل الأعمار
د. غالب خلايلي
أكثر من حالة لاحظتُها عند أمّهات جديدات زرنَ عيادتي، يضعن مضخّات الحليب على صدورهن، في عملية ضخّ متواصل، أو أخبرنني أنهن يُرضعن أبناءهن بهذه الطريقة!.
لو أنها حالة واحدة مثل تلك العربية المتأمركة، لقلت: لها ظروفها، لكن أن تتكرّرَ الملاحظة ذاتها عند جنسيات عربية مختلفة، فمعنى ذلك أنها صارت نزعةً أو ميلاً اجتماعياً Trend، وطريقة معتمدة عند الأمهات المساعِدات (تمييزاً لهن عن المرضعات رضاعة طبيعية)، حالها حال البوتكس والمالِئات Fillers وما أدراك… والأرجيلة والتدخين الإلكتروني (فيب) وغير ذلك.
وأولى ملاحظاتي العمليّة عن الرضاعة الطبيعية، لم تكن – للأسف – في المكان الذي أتممت اختصاصي به، بل كانت في مستشفى نرويجي عام 1988، إذ كانت الأمهات يرضعن أطفالهنّ بكل الحبّ، وبشتّى الطرق الممكنة، من احتضان الخديج بين جسم الأم وملابسها، إلى تجريب متكرر للرضاعة كيلا ينسى الخديج المصّ، فالضخّ اليدوي لخديجةٍ ضعيفة. عناية فائقة بالأمهات قرب ولدانهنّ لا فصل تعسفي، فيما تتصرف رئيسة التمريض وكأنها أهمّ طبيب. وكم رأيت أمهات يرضعن أطفالهن في أي مكان، في الشارع والحديقة والمستشفى، علماً أن هذه الحالة كانت شائعة جداً في بلادنا قبل عقود، حيث كانت الأم الأصيلة تنزوي وتتستّر وترضع طفلها ولو بين حشد من الناس، وإني أتخيل الرضيع ينصت إلى الهرج والمرج حوله، وإلى أحاديث (الستّات) التي اختلفت من غير شك عن أحاديث أمهات اليوم، فإذا به يستمرئ الرضاعة وهو يخزن تلك الذكريات.
وللأسف مرة أخرى، فشت في بلادنا في السبعينات الماضية (تقليعة) الرضاعة الصناعية، وتعالت الأمهات الثانويات على الأصيلات، بل رأيتُ في عملي في الثمانينيات ما هو أمرُّ، مثل أمّ (تقرف) من ابنها، إذ تشعر أنه فأر، فتبعده عن صدرها، وتجد في الاستقصاء أن هذه الأم تكرّر سيرتها إذ لم ترضع هي أيضاً من أمها. وكم آسف لأمّهات من بيئة فقيرة يحتجن كل فلسٍ وكل قطرة حليب، يعتمدن على حليب العلب، في مفارقة غير مهضومة ولا مفهومة.
وها قد مضى على عملي في طب الأطفال أربعة عقود، ولم أرَ ظاهرة الضخّ تنتشر إلا هذا العام (لأسمِّه عام البؤس)، لا بد إذن أن وراء الأكمة ما وراءها. والحقيقة أنني سألتُ بعض الأمهات عن الظاهرة، ولم أجد سوى أوهام، وقمتُ بالبحث علّني أجدُ تفسيراً، فما وجدت سوى دعاياتٍ لا حصر لها عن المضخات والحليب الجاف، التي ما كان لها أن تنتشر لولا الإقبال الجماهيري والتسويق الحكيم!، الأمر الذي نجده اليوم في معظم منتجات العصر الحديث، عصر التسويق الشرس الذي تشعر أنه سوف يجرّد الناس من ملابسهم، وينزع حتى جلودهم، ويكبلهم في زنزانة الدَّيْن حتى الاختناق.
وقبل أن أنتقل إلى الشق العلمي من الموضوع، أنوّه إلى أنّني أتراجع عن تصنيفي الأمهات إلى درجات في حال وُجِدت موجبات جدية تضطرّهن إلى الضخ أو الحليب الصناعي، وإلى أن الأم الحقيقية هي التي تتواصل جسديا وعاطفياً مع رضيعها بغض النظر عن طريقة رضاعته، لا تتركه لخادمة مثلاً وتذهب إلى حفل أو حتى تسافر، أو ترضعه وهي تدخّن، أو تتحدّث بهاتفها طيلة الوقت.

الساعات الأولى هي الأهم:
الرضاعة الطبيعية في الساعة الأولى من الولادة، ثم الرضاعة الحصرية لمدّة 4-6 أشهر، واستمرار الرضاعة الطبيعية لعامين أو أكثر، هي خط الدفاع القوي ضد كل أشكال سوء التغذية عند الأطفال، حتى الهزال والسمنة، ناهيك عن أنها اللقاح الأول للأطفال، إذ تحميهم من أشهر أمراض الطفولة، وتقلل خطر إصابة النساء بالسكري والسمنة وبعض أشكال السرطان.
يبدأ الخطأ الجسيم في الساعات الأولى من الولادة، خاصّة عند الحامل الخروس (الحامل أوّل مرة Primigravida)، والتي يفترض أنها أُعِدّت أثناء الحمل، فشُرِحت لها كيفية الرضاعة، وفُحِص صدرُها بحثاً عن مشكلة (تسطّحُ الحلمة أو قِصَرُها أو انقلابُها…)، لأن الانتظارَ حتى الولادة غالباً ما يعني فشل الرضاعة الطبيعية. ومن المهمّ أن تحاطَ الأم بممرّضات حصيفات وسيدات حكيمات يساندن أمّاً لا تعرف كيف تُمسِكُ ثديَها للوليد، أو قد يتأخّر الإدرارُ قليلاً عندها، فلا يتسرّعنَ إلى الحليب الصّناعي. ولكن المعلومات المضلّلة التي يمكن أن تكون وصلت الحامل من الناس أو وسائل التواصل، وإحاطتها بمرافقات جاهلات أو مُشتَريات لصالح شركات الحليب، ينتهي إلى الخطأ الكافر وهو الاعتقاد بأن ضخ الحليب (أو الحليب المجفف) وتغذية الطفل بالزجاجة أسهل من الرضاعة الطبيعية.
استطباب الضخّ وانتشاره:
من المنطقي ألا تستخدم الأم المضخّةَ إلا مضطرةً، عندما تستحيل الرضاعة الطبيعية، أو تتوقع انفصالاً قاهراً منتظماً عن طفلها، لأكثر من ثلاث ساعات أو أربع، في أوساط تضطر فيها الأم إلى التغيب أو العمل، ولا تعطى حقّها بالإرضاع. هذا غدا ظاهرة مع الأسف. أما إذا كان غرض الفراق هو التسوّق أو حضور المناسبات الاجتماعية فالمصيبة أكبر.
وبالطبع، هناك ظروف يكون الضخّ فيها ضرورياً لتزويد الرضع بالحليب مثل أطفال شفة الأرنب، أو الخدّج الضعاف الذين يتعبون من المصّ، والحالات المشابهة.
يحصل 44 % من الأطفال الذين تقل أعمارهم عن ستة أشهر على الرضاعة الحصرية على مستوى العالم. ولا توجد دراسة في بلادنا توضّح انتشار ظاهرة ضخ الحليب، فيما تبين دراسة أجريت قبل سنوات أن أكثر من 85% من مرضعات الولايات المتحدة يُفرغن حليبهن بطريقة أو بأخرى، فيما يرضِع بعضهن بالضخ حصراً. وقد كانت النساء اللواتي لم يُرضِعن من الثدي قط أكثر عرضةً للولادة المبكرة، ومن ذوات الوضع الاجتماعي الاقتصادي المتدني، الذي يتزايد أهلوه في عالم مادي باضطراد. بعضهن بدأن الضخ والرضاعة الصناعية مبكرا (في اليوم الأول بعد الولادة)، فكنّ أكثر عرضة لتعسّر إنتاج الحليب، وكذا قصر المدة. يستنتج أن ضخ الحليب يرتبط بقصر مدة الرضاعة وإدخال الحليب الصناعي مبكرا، مقارنةً بالرضاعة الطبيعية مع ضخ أو من دونه.

الآثار السلبية لضخ الحليب
– يقلل الترابط الحميم الذي توفره الرضاعة الطبيعية: فحملُ الطفل بين الذراعين، ولمُسه جسد الأم، يخلق رابطة عاطفية لا توفّرها الزجاجة، ناهيك عن أن المصّ يطلق هرمون الأوكسيتوسين (أحد هرمونات السعادة) عند الأم، فيتقلص الرحم ويعود إلى حجمه الطبيعي أسرع (خلال 6 أسابيع)، مما يقلّل فرص النزف عقب الولادة، بينما قد يستغرق الأمر عشرة أسابيع عند الأم غير المرضعة.
– يفتقر إلى بعض العناصر الغذائية، فتجميد لبن الأم أو تبريده وإعادة تسخينه يقلّل أو يستنفد العناصر الحيوية في الحليب المخزّن، كما أن التسخين السريع قد يؤثر في العناصر المناعية وفيتامين ج.
– يقلل إدرار الحليب: عادة ما يرضع الطفل قدر الحاجة، فتنطلق إشارات إلى دماغ الأم بكمية الحليب الواجب إنتاجها، لترتبك هذه الآلية إن كانت الأم تضخ وترضِع مباشرة معاً، إذ يزداد الإنتاج، لكن الضخ وحده دون إرضاع يقلل الإدرار، وهذا ينتهي مع الوقت إلى إضافة الحليب الصناعي. إن الرضاعة المختلطة (زجاجة وثدي) تربك الأطفال، فقد يمص الطفل حلماتِ أمّه بقوة (كما يفعل بالزجاجة) وهذا يؤدي إلى التهاب الحلمات. كما أن إدخال حلمة اصطناعية في وقت مبكر جداً قد يؤدي إلى رفض الرضيع ثدي أمه تماماً، ناهيك عن أن آلية الضخ تصبح غير فعالة بمرور الوقت.
– يحتقن الثدي، وتنسد القنوات اللبنية، وقد تتسطح الحلمة ويلتهب الضرع عند اللواتي يُنتجن حليبًا كثيراً، مما يغري الأمهات باستخدام المضخة لتفريغ الثدي وتخفيف الانزعاج. وهنا من الأفضل أن تتحمل الأم الشعور بالامتلاء، لكبح الدماغ، فإن أصبح غير متحمّل، ينصح بالعصر اليدوي اللطيف. ولنذكر أن الرضع عندما يشبعون يتركون عادة ربع الحليب، فتشعر الأم بامتلاء الثديين، والضخ بالآلة يعطي إشارة إلى الغدد لإنتاج المزيد، لتعويض المستهلك، ومن ثم يتشكل فائض مستمر، عكس الإراحة باليد.
– تلف الحلمة وأنسجة الثدي بسبب المضخات غير المناسبة أو الضخ الخاطئ. وقد تسبب المضخات اليدوية ألماً في أثداء الأم ويديها. المتعبتين أصلا من حمل الرضيع.
– احتمال التلوث: يأخذ الأطفال الجراثيم الجيدة من أمهاتهم، بينما قد تتلوث المضخات بالعوامل الممرضة التي تعيش في كل مكان. ويتمتّع رضّع الثدي بتنوع ثري من الجراثيم الجيدة في أفواههم وأمعائهم، أما أطفال المضخة، فأكثر احتمالا للتلوث بجراثيم ضارة، وربما بزيادة فرص الربو القصبي في المستقبل. وبغض النظر عن جودة التعقيم، هناك أجزاء معقدة من المضخة يصعب الوصول إليها، يتراكم فيها العفن والجراثيم، لأن الحليب بيئة مثالية لتكاثرها.

نصائح لضخ الحليب
– تنصح السيدة بالاستماع إلى نداء الجسد، فإذا شعرتْ بأي انزعاج، فعليها التوقّف عن الضخ، وسؤال أهل الخبرة.
– وعندما تقرر الضخّ، تنصح باستخدام المضخة المناسبة حجماً وقوةً، فتغسل يديها بعناية، وتضع واقي الثدي في منتصف الحلمة، مع التأكد من وضعها والهالة المحيطة بها بشكل صحيح.
– ومن أجل أن يبدأ منعكس نزول الحليب: تدلّك الثدي بلطف، أو تنظر إلى صورة طفلها، أو تشم قطعة من ملابسه.
– بعدئذ تبدأ بضخ ضعيف بطيء، ثم تزيد السرعة تدريجياً إلى أعلى مستوىً مريح لمدة 15 – 20 دقيقة لكل جلسة، أو حتى يتباطأ التدفق. فإن كانت تستخدم مضخة واحدة، تنتقل إلى الثدي الآخر بعد أن يتباطأ التدفق في الثدي الأول، ثم تعود إليه.
– ينصح بالضخ وقت الذروة (الصباح الباكر والليل)، حيث يزداد إنتاج هرمون البرولاكتين المنتج للحليب. كما يفضل الضخ بعد الرضاعة، عدة مرات في اليوم بدلا من جلسات قليلة وطويلة، باستخدام مضخة مزدوجة: أي لكلا الثديين في وقت واحد، الأمر الذي يعزّز إنتاج البرولاكتين.
– يجب تبريد الحليب على الفور من أجل التخزين: بزجاجات نظيفة ومغلقة وآمنة أو أكياس حليب معقمة. يوضع على كل عبوة تاريخ السحب، وتستخدم خلال 4 ساعات في حرارة الغرفة (حتى 25 درجة مئوية / 77 فهرنهايت)، أما في الثلاجة فيمكن تخزينها حتى 4 أيام. وفي المُجمّدة (الفريزر): يمكن التخزين لـ 6 أشهر تقريباً؛ ويُسمح باستخدامه لمدة تصل إلى 12 شهراً.
– تنظف المضخة جيداً في أسرع وقت، بفرشاة خاصة وحوض خاص، لا بأدوات المطبخ التي غالبا ما تكون مجرثمة. بعدها تجففها في الهواء لا بمناشف المطبخ التي يحتمل تلوثها.
– يجب تبديل المضخات كل 8-10 أشهر للتأكد من حصول الطفل على حليب جيد.
ربما تكون إحدى أكبر الخرافات التي يسمعها مستشارو الرضاعة الطبيعية حول استخدام المضخات أنها تسبب ترهّل الثدي. إنه أمرٌ مُضحك كما يقول خبير، فالذي قد يسبب الترهل هو التدخين وفقدان الوزن الكبير بعد الحمل.

لنضع حداً للتسويق غير الأخلاقي:
قال نيلسون مانديلا: “لا شيء يفصح عن روح مجتمع ما مثل الطريقة التي يعامل بها أطفاله“. والرضاعة الطبيعية، تلك الهبة الربّانية الثمينة، تقي على الأقل من 800,000 وفاة للأطفال دون سن الخامسة، ومن ملايين الحوادث المرضية كالإسهالات والأمراض التنفسية، كما تقي من 20,000 وفاة بسبب سرطان الثدي سنوياً.
والواقع المحزن هو أن المجتمعات فشلت في حماية أطفالها من معظم ما هو ضار. ومن أبشع الأمثلة على ذلك الترويج الشرس لمستحضرات الحليب التجارية على طريقة تسويق الشامبو والأحذية وغيرها، إذ تثني أساليب التسويق عن الرضاعة الطبيعية، وتقوض ثقة الأمهات بأنفسهن، وتستغل فطرة الأهل في البحث عن الأفضل لأطفالهم الذي يظنونه في المنتجات الصناعية.
والقصة عائدة إلى السبعينيات الماضية كما نوّهنا، مع الممارسات الترويجية في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، بما للرضاعة الصناعية من آثار سلبية بسبب المياه الملوثة والتركيبات المخفَّفة جداً (جهلا وفقرا)، لتُعتَمَد المدونة الدولية لتسويق بدائل حليب الأم في عام 1981.
المؤسف أنه بعد مرور أربعة عقود، ما زالت الممارسات البشعة لشركات الحليب المدعومة بميزانيات ضخمة مستمرة، مع تفاقم وقعها االجماهيري بسبب وسائل التواصل.
ومن المزاعم المضللة في حليب العلب:
1. التركيز على المكونات الإضافية التي تحسّن نمو المخّ والمناعة.
2. وعلى أنه ضروري للطفل بعد 12 شهراً من العمر.
3. وأنه يبقي الأطفال أكثر شبعاً ومن ثم يساعدهم على النوم.
4. وأن جودة حليب الثدي تتدنى بمرور الوقت.
إن نوادي الأطفال التي تديرها الشركات (من خلال واجهات مضللة أحياناً) وتقديم الهدايا والخصوم والمعلومات عن الحمل والولادة وخطوط الرعاية الهاتفية لـ “الدعم والمشورة” على مدار الساعة بشأن مختلف العلل، والتسويق بطريقة المشكلة والحل البارعة في إقناع الزبون بأن لديه مشكلة يمكن حلها بشراء منتج معين، وشراء العاملين الصحيين في العيادات والمستشفيات وربما الوزارات والمؤسسات واستمالتهم للترويج للمنتجات بعروض الرعاية وأنشطة التدريب والهدايا (النقدية أحيانا أو العمولات) هي أهم ما تعمل عليه الشركات. وقد وجدت منظمة الصحة العالمية أن ممارسات التسويق تقدر بنحو 55 مليار دولار أمريكي سنويا، وأن شركات الحليب تدفع أموالاً طائلة لمنصات التواصل الاجتماعي والشخصيات المؤثرة من أجل لوصول المباشر إلى الحوامل والأمهات.

حقاً إن لمستحضرات الحليب الصناعي مكانتها واستطباباتها الهامة، غير أن الممارسات غير الأخلاقية (لا المنتجات نفسها) والتي تتبع مبادئ تسويق التبغ والوجبات السريعة والتجميل غير المدروس وغيرها، هي التي تخلّ بعملية صنع القرار، وتقوّض أهم ميزة ربانية: الرضاعة الطبيعية.
العين في 9 تشرين الأول 2025
من المراجع:
- https://pmc-ncbi-nlm-nih-gov.translate.goog/articles/PMC5646745/?_x_tr_sl=en&_x_tr_tl=ar&_x_tr_hl=ar&_x_tr_pto=rq
- https://www-seattleschild-com.translate.goog/to-pump-or-not-to-pump-real-talk-on-breast-pumping/?_x_tr_sl=en&_x_tr_tl=ar&_x_tr_hl=ar&_x_tr_pto=rq
- Victoria CG, Bahl R, Barros AJ, França GV, Horton S, Krasevec J, Murch S, Sankar MJ, Walker N, Rollins NC; Lancet Breastfeeding Series Group. Breastfeeding in the 21st century: epidemiology, mechanisms, and lifelong effect. Lancet. 2016 Jan 30;387(10017):475-90. doi: 10.1016/S0140-6736(15)01024-7