توم كروز بعد التزييف الفارق بسيط جداً
يُسهّل الذكاء الاصطناعي (AI) لآلاف الأشخاص حول العالم، العديد من مهماتهم اليومية، كما تحسّن جودة الحياة. مع ذلك، فهو قد يُمثّل تحديًا كبيرًا فى الوقت نفسه، على أمن الأفراد، وتالياً أمن المجتمع، وهذا هو
الجانب المظلم الذي ظهر بطريقة، أسرع من المتوقع، كما بدأ يشكّل خطرًا على الأفراد والمجتمعات والمؤسسات، عبر تقنيات “التزييف العميق”، التي تمكّن المحتالين من إنتاج محتوى وهمي يُشبه الواقع، مثل الصُور والفيديوهات والأصوات (الرسائل الصوتية)، واستخدامها في عمليات النصب، ما نتج عن ذلك اساءة في استخدام تلك التقنيات خصوصاً لناحية ابتزاز الأفراد، في ظلّ تلك التقنيات وسط مخاوف من أن تتطور تلك الافعال لتنفيذ عمليات احتيالية واسعة النطاق، مثل تزوير التوقيعات والشهادات الرسمية. ويتوقع خبراء التكنولوجيا تزايد هذه المشكلات فى المستقبل، خاصة مع تطوّر التقنيات وتوافرها بسهولة، تحديدًا في ما يتعلّق يتقنية تزييف الأصوات. ونظراً الى أهمية هذا الموضوع وخطورته وارتباطه الوثيق بصناعة التأمين، خصّص الإتحاد المصري نشرته الأسبوعية الرقم 301 للحديث عنه.
فماذا أولاً عن التزييف العميق وما هي تقنياته…
هي تقنية تقومُ على صنعِ فيديوهات مزيّفة عبر برامج الحاسوب من خِلال برامج الذكاء الاصطناعي، بحيث تدمج عدداً من الصُور ومقاطع الفيديو لشخصيّةٍ ما من أجلِ إنتاج مقطع فيديو جديد، باستخدام تقنية التعلم الآلي، وبحيث يبدو للوهلة الأولى أن التزييف حقيقي لكنّه في واقع الأمر، لا.
وقد تمّ، حتى الآن، استخدام تقنية تزييف الصوت لأغراض الترفيه على سبيل المثال، عن طريق تقليد اصوات الممثلين أو المطربين بواسطة الذكاء الاصطناعي في الأفلام لتكرار أصوات الممثلين أو استخدام أصوات مطربيين قد توفوا بالفعل منذ عشرات السنين لغناء بعض الأغاني الحديثة، فضلاً عن الأغراض الترفيهية التي يمكن استخدامها قريبًا لأغراض تعليمية مثل الكتب الصوتية.
ويحتاج المحتال تقول نشرة الإتحاد المصري للتأمين، إلى مقطع مدته 20 ثانية لشخص يتحدث حتى يتمّ تنزيله من منصات التواصل الاجتماعي، مثلاً، لاستنساخ صوت الشخص وبالتالي استخدام الصوت لإرتكاب عمليات احتيال.
إن الاستخدامات الإجرامية لتقنية الصوت التي تمّ إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي لا حصر لها، اذ يمكن المحتالين الاتصال ببعض الاشخاص ومحاولة خداعهم باستخدام أصوات اشخاص يعرفونهم بالفعل للقيام ببعض الإجراءات ، مثل إرسال الأموال أو مشاركة المعلومات الشخصية الخاصة بالبنوك.
وبديهي القول أن مخاطر عدة يتسبب بها التزييف العميق، بدءاً من انتهاكات الخصوصية إلى انتهاكات قانون حقوق الطبع والنشر، فضلاً عن الاستخدامات في النشاط الإجرامي مثل الاختطاف أو النشاط الاحتيالي.
وكما هو الحال مع غالبية التكنولوجيا، فإن معظم أدوات الذكاء الاصطناعي سهلة الاستخدام والوصول، وغالبًا ما تكون متاحة مجانًا على الإنترنت في بعض الدول. ما يعني أنه لا توجد حدود لاستخدام تلك التقنية وهو ما يشكل تهديداً على الاشخاص.
وبالنسبة للمعروفين، فهناك خطر أن يتمّ استنساخ صوتهم وتسجيله بشيء مثير للجدل، ما قد يضرّ بالسمعة امام الجمهور. وتمتد مخاطر التزييف العميق أيضًا إلى اختراق الأمان والخصوصية. وعلى وجه التحديد، تقنية التعرف الى بصمة الوجه.
ويمكن تلخيص المخاطر بالتالي:
-نشر التضليل والدعاية الكاذبة.
-الإضرار بالسمعة .
-اختراق الأمان والخصوصية.
ومن هنا، كان لا بدّ من الإضاءة على التحديات التي تواجهها شركات التأمين تجاه هذا “التزييف العميق”،كما هي العبارة الدارجة، خصوصاً لناحية إنشاء مستندات وصور فوتوغرافية لممتلكات أو عمل تجاري غير موجود واستخدامها لشراء وثيقة تأمين.
فمن حيث الادعاءات، يمكن تزييف الحوادث والحرائق بالقليل من الخبرة التكنولوجية، عن طريق استخدام أي تطبيق مخصّص لهذه الحالة.
ونظرًا لاستمرار نمو الخدمات التي تتمّ بشكل آلي في صناعة التأمين والتي تمكن الأشخاص من تقديم مطالبات بالصور الكترونياً، فهناك احتمالية حدوث خسائر فادحة عن طريق الاحتيال في التأمين في حالة عدم وجود أجهزة الكشف عن التزييف العميق.
وبرغم أن قطاع التأمين يعمل في الوقت الحالي على زيادة الخدمات الآلية بمعدل سريع، لكن تلك السرعة لا يتماشى والسرعة مع معدل استخدام شركات التأمين لبرامج اكتشاف الاحتيال. ففي استطلاع رأي أجرته إحدى الشركات، أوضح أن أكثر من 50٪ من شركات التأمين يخطّطون لتقديم خدماتهم بشكل آلي في غضون عام، بينما يستخدم 22٪ فقط من الشركات شكلاً من أشكال برامج الكشف عن التزييف العميق.
فهل هناك حلول محتملة للشركات لمواجهة تكنولوجيا هذا التزييف؟
والجواب ورد في النشرة الأسبوعية للإتحاد المصري ومفاده أي خيارَيْن أمام شركة التأمين، بمجرد تلقي الوسائط التي تمّ التقاطها عبر المؤمن لهم: إما أن تطلب من العميل إعادة إتخاذ الصُور أو مقاطع الفيديو، أو قد تقوم بالتحقق من صحتها بنفسها. ومع ذلك، ما لم يكن لدى المؤمن له سجل من عمليات الاحتيال في مجال التأمين، فمن غير المرجح أن تقوم شركة التأمين بإجراء فحص متعمّق للصور والفيديوهات المرسلة.
ولحسن الحظ، فمع النمو السريع في التحوّل الآلي للعديد من المعاملات، تمّ أيضًا تحقيق تقدم كبير في تصميم البرامج القادرة على اكتشاف التزييف العميق، مع مشاركة الباحثين بإستمرار في تطوير أدوات الذكاء الاصطناعي القوية التي يمكنها اكتشاف صحة صورة أو مقطع فيديو معيّن. هذه الأدوات هي في الأساس روبوتات تمّ إدارتها لفحص كمية هائلة من البيانات وتدريبها بشكل روتيني لتحديد مجموعة معينة من الحالات الشاذة والأنماط التي قد قد تكون ناتجة عن تزييف عميق. وذلك عن طريق تحليل تناسق الضوء والظلال بالصورة، إلى إكتشاف التناقضات في أنماط الضرر بالممتلكات المؤمن عليها.
مع ذلك، فإن تنفيذ تلك الآليات ليست بالأمر السهل. فعلى سبيل المثال، قد يستغرق تحليل الصُور ومقاطع الفيديو لإكتشاف عمليات التزييف العميقة قدراً كبيراً من الوقت والمال، وذلك نظراً للتقدم المستمر والسريع في تكنولوجيا التزييف العميق.
وبالنسبة للتغطيات التأمينية، فإن بعض الوثائق مثل وثيقة التأمين أو تأمين، قد توفر مخاطر السمعة، بعض التخفيف من الخسارة المالية نتيجة لحادث التزييف العميق، لكن يعتمد ذلك على شروط الوثيقة وتغطيتها.
وفي ما خصّ تأمين الأخطار الالكترونية، فإن التغطيات المستحدثة وهى حماية تأمينية تستخدم لحماية الشركات أو أى شخص يزاول نشاطاً معيناً عن طريق شبكة الانترنت وكذلك الأفراد المستخدمين لشبكة الانترنت من المخاطر القائمة على استخدام تلك الشبكة. وبشكل أشمل هو تأمين من الأخطار المتعلقة بالبنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات وأنشطتها.
ويندرج هذا النوع من التأمين تحت مظلة تأمينات المسؤوليات غير أنه عادة ما يتمّ استثناؤه من وثائق المسؤوليات النمطية ويتم تغطيته بوثيقة خاصة فى حالة طلب العميل لذلك.
أما أهم التغطيات التأمينية، فهي:
-سرقة أو ضياع أو تدمير البيانات أو المعلومات الشخصية أو التجارية أو أى بيانات ذات قيمة للعميل.
-تعطل وسائل الاتصالات الخاصة بالعميل مثل الموقع الالكترونى الخاص به.
-سرقة الأموال الخاصة بالعميل عن طريق إختراق حساباته الشخصية.
لذلك بدأت شركات التأمين التي تكتتب في المسؤولية الالكترونية في اتخاذ بعض الإجراءات الوقائية ويتضمن ذلك، على سبيل المثال لا الحصر، العمل على رفع مستوى الحماية في جميع أنحاء المؤسسة، واستخدام برامج كشف التزييف، والتركيز المتجدد على حماية أنظمة العاملين من المنزل، وزيادة وعي المستخدمين والشركاء بتلك الأساليب.
ومع انتشار برامج الذكاء الاصطناعي، يمكن أن تؤدي تقنية التزييف العميق Deepfakes إلى تدمير سمعة الشركة، واختراق انظمتها ، والاحتيال على المستخدمين للضغط على روابط لاختراق حساباتهم، وإقناع الوكلاء الماليين بتحويل الأموال إلى حسابات خارجية.
فعند الإضرار بسمعة شركة، يمكن أن يؤدي ذلك إلى خسارة الشركة عملاءها وأرباحها، وحتى قدرتها على الاستمرار في ممارسة نشاطها بشكل كبير ولفترة زمنية طويلة. لذلك، يعوّض هذا النوع من التأمين الأضرار المالية الناتجة عن الإضرار بسمعة الشركة لقراءة المزيد من المعلومات فيما يخص تأمين السمعة يرجى قراءة نشرة الاتحاد المصري للتأمين عدد 274 والتي نشرت تحت عنوان “التأمين ضد مخاطر السمعة”.
وثمة خطوات اضافية تجنّب أيضاً عمليات التزييف العميق Deepfakes، منها:
-إنشاء إجراءات أمنية قوية.
-تطوير عملية مصادقة Sync متعددة الخطوات تتضمن أنظمة موافقة لفظية وداخلية.
-إجراء هندسة عكسية لكيفية استخدام المحتالين للتزييف العميق لاختراق أنظمة الأمان.
-وضع السياسات والإجراءات بناءً على معايير الصناعة والمعايير الجديدة.
-البقاء على اطلاع بأحدث الأدوات والتقنيات للتصدي لعمليات التزييف العميق المتطورة.
-التقليل من كمية المعلومات الشخصية التي يتمّ مشاركتها عبر الإنترنت، لا سيما على منصّات التواصل الاجتماعي. فغالباً ما يعتمد المحتالون على البيانات المتاحة للجمهور لجمع عيّنات صوتية لاستنساخ الصوت وجمع صور لتزييف فيديو.
أخيراً، ما رأي الاتحاد المصري؟
لقد كان الاتحاد ولا يزال، من أول الكيانات التأمينية التي حرصت على إلقاء الضوء على الاتجاهات الحديثة الخاصة بالتطوذ ر التكنولوجى ومايصاحبها من أخطار، عن طريق سعيه الدائم لدعم وتطوير سوق التأمين المصري عن طريق إطلاع السوق على المستجدات العالمية والاتجاهات العالمية الحديثة في ما يتعلق بالتغطيات التأمينية والتي من الممكن أن يتمّ تطبيق بعضها في السوق المصري، ما يمثل عامل جذب مهم لبعض انواع العملاء. وانطلاقاً من إيمان بعض شركات التأمين بأنه يجب الاستجابة لطلبات العميل وموافاته بالتغطية التي تلائم احتياجاته.
وبالإضافة الي الدور الذي يقوم به الاتحاد في زيادة الوعي التأميني للعاملين بهذا القطاع وتشجيعهم نحو سلوك نفس المنهج العالمي في عملية الابتكار وتقديم التغطيات التأمينية المصمّمة خصيصا للعملاء، ولكن بما يتناسب مع احتياجات عملاء السوق المصري. لذلك، يوصي الاتحاد شركات التأمين بإتخاذ اللازم نحو دراسة هذا النوع من المخاطر على السوق المصري.
الى ذلك، قام الاتحاد بتحويل لجنه نظم المعلومات إلى لجنه التحوّل الرقمي وتطوير نطاقها واختصاصاتها عند إعادة تشكيل اللجان، فضلاً عن الجهود الحثيثة للهيئة العامة للرقابه المالية في دعم الأمن السيبراني ومنها، على سبيل المثال لا الحصر كتاب رئيس الهيئة الدوري رقم ٣ لسنه ٢٠٢٣ لتعزيز الأمن السيبراني بشركات التأمين بالسوق المصري.