المستشار عيد عبدالله الناصر
عيد عبدالله الناصر مستشار تأمين سعودي وخبير استراتيجي في تحليل إدارة المخاطر، وله كتب ومقالات عدة تناول فيها هذا الجانب وغيره من الجوانب الخاصة بالتغطيات في الفروع التأمينية كافة. والى ذلك،فإن له إطلالات كتابية في عدد من الدوريات بينها “تأمين ومصارف” التي أغناها سابقاً بمقالَيْن نُشرا في عددَيْن سابقَيْن، وها هو يطلّ علينا بمقال تثقيفي وتعووي عن الوسيط والكفيل والفارق بينهما.
فإلى المقال…
تُعتبر ممارسة التأمين حرفة وتخصصًا دقيقًا، ورغم أن شراءه يمكن تصنيفه كـ “سلعة”، إلا أنها سلعة تتطلب من يعرف أسرارها. وبما أنه من المستحيل أن يتحوّل كل راغب في شراء التأمين إلى خبير، ظهرت قنوات متخصصة تُعرف بـ “منتجي التأمين”، ومن أبرزها الوكيل (Agent) والوسيط (Broker). يمثل الوكيل عادةً شركة تأمين واحدة، بينما يقف الوسيط في صف مشتري التأمين، ممثلاً لمصالحه بشكل كامل، ويتعامل مع عدد كبير من شركات التأمين.
تبدأ مهمة الوسيط بدراسة الأخطار التي قد يتعرّض لها العميل، وتقديم اقتراحات للتعامل معها تشمل ليس شراء التأمين فقط، بل وسائل منع وتقليل الخسائر أيضاً. هذا الدور الاستشاري الحساس يضع على عاتق الوسيط مسؤولية كبيرة، حيث إن أي خطأ قد تكون نتائجه وخيمة عليه و على العميل على حد سواء.

ولكي ينجح الوسيط في هذه المهمة، لا بد أن يمتلك مجموعة من المؤهلات والمواصفات التي تشكّل أساس حرفته. فعلى الصعيد العملي، يجب أن يتمتع بخبرة متخصصة في نوع التأمين المطلوب، ومعرفة عميقة بالتغطيات والشروط والاستثناءات المتاحة في السوق، بالإضافة إلى قدرته على تقييم شركات التأمين من حيث قوتها المالية وسمعتها في تسوية المطالبات. أما على الصعيد النظري، فيُفترض أن يكون حاصلاً على شهادات مهنية متخصصة في التأمين تؤكد كفاءته العلمية.
وقد يتساءل المشتري: “لماذا يجب أن أهتم بكل هذه المؤهلات؟”. تكمن الإجابة في أن اختيار الوسيط المؤهل هو خط الدفاع الأول لحماية المصالح المالية للعميل. فالوسيط الكفؤ يضمن الحصول على التغطية الصحيحة التي تناسب المخاطر بدقة، ويتفاوض للحصول على أفضل سعر وشروط، ويعمل “كمستشار” للعميل في حال وقوع مطالبة، موجهاً إياه خلال الإجراءات لضمان الحصول على تعويض عادل.
ولا يقتصر تأثير الوسيط المؤهل على العميل فقط، بل يمتد ليشمل شركات التأمين نفسها التي تلعب دورًا هامًا في هذا النظام، بعض الوسطاء لهم إمتدادات على مستوى العالم، و يستطيعون الحصول على المعلومات المتسجدة بشكل سريع. شركات التأمين تستطيع المساهمة في رفع كفاءة الوسطاء وتحسين التواصل المهني معهم عبر تقديم التدريب وتحديد معايير مهنية للتعامل معهم. وفي المقابل، تجني شركات التأمين فوائد جمة، أبرزها الحصول على طلبات تأمين مدروسة جيدًا، والوصول إلى شريحة أوسع من العملاء، وتحسين جودة المخاطر المُؤمَّن عليها بفضل الدور الاستشاري للوسيط.
في الختام، يتضح أن وساطة التأمين هي بالفعل حرفة تتجاوز مجرد البيع. فالوسيط المؤهل هو شريك استشاري محترف، وعنصر حيوي يربط بين احتياجات العميل وقدرات السوق، وتساهم كفاءته في رفع مستوى الثقة والمهنية في قطاع التأمين بأكمله، مما يعود بالنفع على جميع الأطراف.