المستشار عيد عبدالله الناصر
مستشار التأمين السعودي وإدارة تحليل المخاطر السيد عيد عبدالله الناصر، يواصل الكتابة عن التأمين: شؤوناً وشجوناً. فبعد مقالَتَيْن سابقَتَيْن له، تكرّم بهما لموقع “تأمين ومصارف”، ها هو يخصّ القارئ العربي بشكل عام والمهتمّين بالتأمين بشكل خاص، بمقال عن الأهمية الكامنة في اقتناء وثائق في هذا الفرع أو ذاك، لأن الواقعة اذا وقعت، وهذا ما يحصل ياستمرار، يجد الشخص غير المضمون نفسه أمام مشكلة مالية ضخمة لا يُنتشل منها الا “بسواعد” شركات التأمين، ولا بأي شيء آخر. والملاحظ في مقالات المستشار عيد عبدالله الناصر، الأسلوب السهل الممتنع الذي يشدّ القارئ ويدفعه الى المتابعة وقراءة المزيد.
فإلى المقال في الأسطر التالية..
تعرض أحد الأصدقاء الى مشكلة مع شركة تأمين فشرح مشكلته قائلا:امتلكت وقدت سيارتي الخاصة لسنين طويلة و بدون حوادث والحمدلله، وفي أحد الأيام أقنعنى صديق بفوائد التأمين فاشتريت تأمين على سيارتي. و مرت سنتان بدون حوادث وبعدها قررت عدم تجديد الوثيقة، فالأمان بالله سبحانه وتعالى. وكل ما جنيته من شراء التأمين هو دفع أقساط التأمين بدون أي مقابل.
لو كنت مكاني ألا تعتقد ان شراء التأمين يعتبر مضيعة للمال؟
الرأي: النصيحة التي يقدمها خبراء التأمين دائما تقول: اذا كنت تستطيع أن تتفادى التأمين فافعل، فالتأمين يكون عادة آخر العلاج. التأمين لا يمنع الحوادث، و لا يوقف القدر، ولا يطفيء الحريق، كل ما يعمله هو أن يعوّضك عن الأموال التي تخسرها في حال تعرضك الى حوادث مغطاة بوثيقة التأمين التي اشتريتها. ولهذا تعتبر إدارة المخاطر Risk Management هي الحجر الأساس، لأن التأمين هو مجرد برغي صغير فيه هذه المكينة التي تدعى عالم الأعمال المختلفة في المصانع والمتاجر والمؤسسات الكبيرة ..الخ، يهدف الى إعادتك الى الوضع المالي (وليس الوضع النفسي أو الاجتماعي) الذي كنت عليه قبل وقوع الحادث و بدون أن تتمتع بأية أرباح من هذا التعويض، أي أن التأمين هو آداة تمويل Financing للخسارة التي قد تتعرض لها.

وهناك مجموعة من الملاحظات يجدر الانتباه اليها، وهي:
1) الحوادث لا تخبرنا متى ستقع، قد تمضي سنوات طويلة ولا يقع لنا حادث، و لكن قد تمر علينا أيام قليلة نتعرض خلالها الى حادث أو أكثر.
2) نحن لا نشتري التأمين منتظرين الحوادث أن تقع، بل يفترض أن نشتري التأمين و نحن ندعو الله أن لا نتعرض فيها الى أي حادثة، ولكن لو وقعت هذه الحوادث فعلى الأقل فان ما يترتب عليها من النواحي المالية سوف يكون هناك من يقف الى جانبنا للمساعدة.
يقول مؤيدو التأمين بأنه يوفر لمشترية نوعا من الحماية. ويقصدون بذلك الحماية ضد التعرض الى خسائر مالية. مشكلة الحماية التي توفرها وثيقة التأمين بأنها غير مرئية، وغير ملموسة، ولا يمكن معاينتها، واللحظة الوحيدة التي يمكن فيها معاينة هذه الحماية و تلمسها هي حين يقع لنا حادث وتقوم شركة التأمين بدفع التعويضات المطلوبة. و هذه اللحظة قد لا تأتي أبدا، أو قد تطول الى عقود.
للايضاح دعونا نضرب، مثلا، بحماية من النوع الملموس. فبعض الأغنياء والمسؤولين يكون لديهم طاقم حراسة/حماية لمنازلهم و لهم شخصيا أثناء تنقلاتهم و ترحالهم حول العالم. وتمضي عشرات السنين و هذا الغني أو ذاك يصرف الملايين على أطقم الحراسة هذه و بدون أن يتعرّض الى أي ضرر من أي طرف كان. و هو يشاهد هؤلاء الحراس كل مرة يركب فيها سيارته أو طائرته أو يخرج من منزله ويتحدث معهم. فهو يشعر بالأمان لاحساسه بأن هؤلاء الأشاوس سوف يكونون بالمرصاد لكل من تسول له نفسه تجاوز الخطوط الحمر. فهذا شيء ملموس. ولكن ماذا لو شب حريق في أحد مصانع هذا الغني هل سينفعه هؤلاء الأشاوس في اطفاء الحريق أو دفع تكلفة اعادة بناء المصنع وتشغيله؟ بالتأكيد لا، ما سينفعه هو وسائل منع الخسائر والتقليل منها التي ركبها في مصنعه، وكذلك وثيقة التأمين التي يخبئها مع أوراقه المهمة، اذا كان عنده تأمين.
السؤال البسيط الذي من المفروض أن يسأل الواحد منا نفسه هو: لو وقع لي حادث بالسيارة، و خسرت سيارتي، و حكم عليّ القاضي بتعويض صاحب السيارة الأخرى و كذلك دفع ديات لثلاثة أشخاص أو أكثر من الركاب الذين توفوا نتيجة الحادث مع السيارة الأخرى، هل أستطيع أن أدفع هذه الأموال دون أن أتعرّض الى محنة اقتصادية أو اجتماعية؟
اذا كان جوابك نعم فانت قد لا تحتاج الى التأمين بشكل ضروري ولكن اذا كان جوابك:لا، فعليك أن تفكر من الآن ماذا ستفعل لو لا قدر الله و حدثت لك هذه المشكلة.
التفكير السريع يقول بأن أمامك مجموعة من الخيارات منها:
أ) أن لا تقود السيارة أبدا حتى لا تتعرض الى هذه المشكلة.
ب) أن تبدأ حالا بتوفير المال في صندوق خاص حتى اذا جاء وقت الحاجة ربما يكون فيه ما يساعدك على تجاوز المحنة.
ج) أن تكون مستعدا نفسيا لمد يدك طلبا للعون من الأصدقاء في المجالس وأهل الخير في الشوارع و أمام المساجد,
د) أن تشتري وثيقة تأمين لا تكلفك أكثر من عدة ريالات في اليوم (قسط التأمين).
الخلاصة: مهما يكنن وضعك المالي، فإن الخيار الصحيح والأسلم هو أن تشتري تغطية تأمينية مناسبة، ومن شركة تأمين محل ثقة وأن تستشير من يفهم في الموضوع لتحصل على ما تريده.