تعابير الوجه و الوشوشة تكشفان المستور
وكالات التصنيف الائتماني ماضية في إطلاق تحذيراتها لفرنسا جرّاء ما تواجه من ازمات تنعكس سلبا على الاقتصاد، في ضوء استقالة رئيس الوزراء سيباستيان لوكورنو، بعد أقل من شهر على توليه المنصب و بعد 14 ساعة فقط من الإعلان عن التشكيلة الوزارية،كذلك بعد 27 يوماً من تعيينه خامسَ رئيس وزراء للرئيس إيمانويل ماكرون خلال 21 شهراً، ما يعكس حجم الشلل السياسي الذي تعانيه البلاد.
ويُعد لوكورنو ،بذلك، أقصر رئيس وزراء مدةً في تاريخ فرنسا الحديث، في وقت تواجه فيه، و هي ثالث أكبر اقتصاد في أوروبا، عجزاً مالياً يقارب ضعف الحد الأقصى المسموح به في الاتحاد البالغ 3 في المئة، فيما يقترب الدين العام من نسبة 115 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
وكالة «فيتش»، التي كانت أول وكالة تضيف فرنسا إلى فئة التصنيف الائتماني «إيه» الشهر الماضي،أكدت أن الخلفية السياسية غير المستقرة تحتّم على باريس اتخاذ إجراءات جوهرية لضبط المالية في الوقت الراهن. أضافت: أن «عدم اتخاذ مثل هذا الاجراء، و تاليا الاستمرار في زيادة تكاليف التمويل التي تُبقي الدين العام على مسار تصاعدي على المدى المتوسط، قد يزيد من الضغط السلبي على التصنيف».

الى ذلك،أشارت وكالة «ستاندرد آند بورز غلوبال» التي صنَّفت فرنسا عند «إيه إيه -» مع نظرة سلبية، إلى تحليل نشرته الشهر الماضي، أظهر أن الإنفاق الحكومي الفرنسي، الذي بلغ 57 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، هو الأعلى بين الدول المصنفة عالمياً من الوكالة.أضاف التحليل: «يتمثل التحدي الأكثر إلحاحاً في إقناع أعضاء البرلمان الفرنسي المجزَّأ بقبول موازنة تمكّن البلاد من الوفاء بالتزاماتها بموجب معاهدة الاتحاد الأوروبي».
من جانبها، أشارت شركة «دي بي آر إس»، وهي وكالة تصنيف أصغر حجماً، والتي خفّضت تصنيف فرنسا الشهر الماضي، إلى استمرار وجود عناصر إيجابية مثل اقتصاد غنيّ ومتعدد القطاعات، ومؤسسات عامة مستقرة، ومخاطر محدودة نسبياً على الاستقرار المالي.
في الوقت نفسه، ركزت وكالة «سكوب» للتصنيفات الائتمانية، التي صنفت فرنسا عند «إيه إيه -» بنظرة سلبية، على الصعوبات السياسية المستمرة. وقال توماس جيليه، كبير محللي الشؤون الفرنسية في الوكالة: «يواجه الرئيس ماكرون الآن خيارات محدودة؛ إما تعيين رئيس وزراء جديد لمحاولة إعادة التفاوض على الائتلاف، وإما الدعوة إلى جولة جديدة من الانتخابات التشريعية المبكرة». أضاف: «الاضطرابات السياسية الحالية تزيد من خطر تأخير إقرار موازنة 2026، وتحدّ بشكل كبير من احتمالات اتخاذ تدابير فعّالة لضبط أوضاع المالية العامة».