عروض “البلاك فرايديه” لم تقدم و لم تؤخر
مع أنه لم يصدر التقرير الخاص بالفصل الثالث لهذه السنة العائد لجمعية تجار بيروت-فرنسبنك بسبب الأحداث المتسارعة خلاله ونشوب الحرب، تقول نشرة المؤشر،الا انه اعتمد الترقـب والحيطة للتطورات، كما تمّ تتبـّـع الأرقام بدقـّـة، وإحتساب النتائج المجمـّـعة والقطاعية لتأمين إستمرارية صحيحة للمؤشر، وعليه،بلغ مستوى 35،06 في الفصل الثالث من العام 2024، أي ما يشير الى تراجع مستمر، كما كان متوقـّـعاً.
أما فيما يتعلـّـق بالفصل الرابع من سنة 2024، فمؤشر جمعية تجار بيروت – فرنسَبنك لتجارة التجزئة الجديد سجّل 31،37، اما تضخم الأسعار خلال هذا الفصل، ووفقاً لإدارة الإحصاء المركزي، فقد بلغ + 6.86 بالمئة .
وقد أعيد هذا الإنخفاض الإضافي، بالرغم من قرار وقف إطلاق النار الذي دخل حيـّـز التنفيذ في 27 تشرين الثاني، الى الإنكماش الإضافي لحركة القطاعات التجارية اللبنانية عمـّـا كانت عليه في الفصل الثالث. بسبب الشعور بعدم الثقة بالتطوّرات في المدى القريب لدى المستهلكين، وإستمرار التأنـّـي في المصروف، مع التركيز، كما بات حال أكثرية الأسر اللبنانية المقيمة، على الأساسيات المعيشية والحياتية من غذاء ودواء ووقود.

وجاءت أرقام الأعمال خلال هذا الفصل الأخير لتشير مجدّداً الى إنخفاض إضافي في حركة العديد من القطاعات التجارية، لا سيما إثر الصعوبات الجمـّـة التى رافقت هذه الفترة، من إقفال عدد كبير من المؤسسات، وصعوبة في توصيل البضائع، وعدم تمكـّـن موظفين الإلتحاق بأماكن عملهم … ولم يكن الشهر الأخير من السنة كافٍ لإلتقاط الأنفاس.
ومع الإنخفاض الكبير الذى لحِق بأعداد المغتربين الذين تمكـّـنوا من القدوم الى لبنان بعد قرار وقف إطلاق النار الذى جاء أربعة أسابيع فقط قبل الأعياد (بعدما كانت قد حصلت مغادرة سريعة للزائرين والسياح خلال فصل الصيف إبـّـان تصاعد التخوّفات من نشوب حرب وشيكة، الأمر الذى كان له بالطبع إرتدادات سلبية جداّ على حركة الأسواق)، هبط المؤشر من مستوى 35.06 في الفصل الثالث الى مستوى 31.37 في الفصل الرابع مع تسجيل هبوط حقيقي فصلي بنسبة 18.83 % مع إستثناء مبيعات الوقود، التي شهدت من حيث الكميات إرتفاعاً بنسبة + 14.63 %.
وكان الإنكفاء، لجهة الزائرين، بالرغم من تشجيع غير المقيمين على الشراء في لبنان أثناء زيارتهم ،لاسيما بعد معاودة تقديم خدمة إسترجاع الضريبة على القيمة المضافة من قـِـبَـل مؤسسة Global Blue في المطار، وكذلك، محاولات التجار بإعادة تنشيط الحركة الإستهلاكية من خلال الـ Black Friday اذ تمّ تقديم عروضات مغرية في كافة القطاعات.
أما من الناحية المالية، فقد تمّ إعلان مصرف لبنان عن إرتفاع بسيط في إحتياطياته من العملات الأجنبية، والتى تخطـّـت الـ 10 مليار دولار، كما تمّ ملاحظة إرتفاع في حجم الودائع الطازجة في المصارف، في الوقت الذي ظلّ فيه لبنان مدرجاً على اللائحة الرمادية. وكان من الملحوظ أيضاً أن سعر صرف الليرة اللبنانية حافظ على إستقراره عند مستوى 89,500 ل.ل. للدولار ولم يبدُ أن الأحداث كان لها إنعكاس على سوق القطع.
وبالتفاصيل، فقد سجـّـلت أرقام الأعمال في الأسواق، في كافة القطاعات، إنزلاقاً لا يزال شديداً في أغلبيتها، وقد أظهرت النتيجة المجمـّـعة لقطاعات تجارة التجزئة هبوطاً سنوياً حقيقياً بنسبة – 29.34 % عمـّـا كانت عليه في الفصل الرابع من السنة الماضية، وهبوطاً فصلياً حقيقياً بلغت نسبته – 18.83 % بالمقارنة مع أرقام الفصل الثالث لهذه السنة كما جاء أعلاه (مع إستثناء قطاع المحروقات في الحالتين).
ختاماً، ومع توقـّـف الحرب، ومع التحوّلات الكبيرة التى شهدتها وتشهدها المنطقة على المستوى الإقليمي، وأيضاً التغيـّـرات التي تحدث على المستوى الدولي، لا بدّ أن يرى الفصل القادم تقلـّـبات جذرية في المشهد السياسي والإقتصادي والمالي الداخلي، وأن تكون المرحلة القادمة مختلفة كلياً عمـّـا شهدناه طوال الحقبة السابقة، مع التشديد على إعادة الإعمار للمساكن والمؤسسات، والمبادرة بالإصلاحات المطلوبة في أقرب فرصة.