وزير الصناعة متحدثا
ممثلو شبكة القطاع الخاص اللبناني LPSN، وبالتعاون مع أركان نقابة الصناعات الغذائية في لبنان وجمعية الصناعيين اللبنانيين، تحاور الجميع في حلقة نقاش ضمن معرض “هوريكا” في نسخته الـ 29 حول “الأمن الغذائي والنمو الصناعي في لبنان”، وذلك بمشاركة كلٌّ من: وزير الصناعة جو عيسى الخوري، وزير الزراعة نزار هاني، رئيس جمعية الصناعيين سليم الزعنّي ونقيب الصناعات الغذائية رامز بو نادر. وأدارت النقاش رئيسة شبكة القطاع الخاص اللبناني ريما فريجي، بحضور عدد من النقباء والصناعيين ورجال الأعمال واعضاء شبكة القطاع الخاص والإعلام.

أو المتحدثين وزير الصناعة، جو عيسى الخوري الذي أكدّ أن “لبنان يستورد أكثر من 80% من احتياجاته الغذائية، لذلك يجب وضع استراتيجية مشتركة بين وزارتي الصناعة والزراعة، والتوصّل إلى خارطة طريق موحّدة تساهم في تأمين نسبة أكبر من المواد الغذائية الوطنية وخلق فرص عمل إضافية، وتنمية الصادرات”. وكشف عن السعي إلى “تأليف لجنة مشتركة بين الوزارتين، ستعمل بالتنسيق مع القطاع الخاص، لتأمين احتياجاته وتحقيق الأهداف المرجوّة”. كذلك لفت إلى أن “الدولة لا يفترض بها دعم أي قطاع بشكل كامل، بل ينبغي عليها، بداية، تحديد الميزات التفاضلية للبنان، والتي يمكن من خلالها معرفة القطاعات الفردية الواجب دعمها، على أن يترافق ذلك مع سياسة مالية من قبل الحكومة، تضع من خلالها الإطار المناسب لتوفير التحفيزات المطلوبة”. وهنا ذكّر بالدراسة التي أجرتها شركة “ماكنزي” عام 2018، والتي شملت مسحًا لكلّ القطاعات وساهمت في تحديد القطاعات الواعدة، ومنها، على سبيل المثال لا الحصر، زراعة القنّب. كما تطرّق وزير الصناعة إلى الرسوم الجمركية الجديدة في الولايات المتحدة الأميركية، معتبرًا أنها قد “تشكّل فرصة لتعزيز صادرات لبنان إلى أميركا، وخصوصًا أن نسبة الرسوم على منتجات الدول المنافسة أعلى من تلك المفروضة على المنتجات اللبنانية، وبالتالي يجب الاستفادة سريعاً من هذه الفرصة، والعمل على دراسة احتياجات السوق الأميركي والسعي إلى تلبيتها، علمًا أن “الاستيراد من أميركا يتخطى المليار دولار سنوياً فيما لا يتجاوز التصدير اللبناني إليها الـ100 مليون دولار. ولهذا أعلن ضرورة التنسيقٍ مع الملحقين الاقتصاديين في الخارج لمعرفة ححاجات الاسواق التي يتواجدون فيها، والبحث في كيفية تلبيتها من خلال المنتجات الوطنية”، كما قال.

انطلاقًا من هذا الواقع، أكد أهمية تعزيز “ديبلوماسية التصدير”، التي لم تُستخدم حتى اليوم بالشكل الصحيح في لبنان، رغم وجود 12 ملحقًا اقتصاديًا في مختلف دول العالم، متحدثا عن أهمية دورهم ووجوب التعاون والتنسيق معهم.
بعده، تناول الكلام وزير الزراعة نزار هاني الذي قال: “أن قانون زراعة القُنّب الهندي قد أُقر في مجلس النواب، وأن العمل جارٍ لتعيين الهيئة الناظمة، ما يعني انطلاق تنفيذ القانون رسميًا. واعتبر أن هذا النموذج يجب أن يُعتمد في مجالات أخرى، مشددًا على أن التحديات الزراعية والمناخية تفرض إعادة توزيع الإنتاج الزراعي وفق رؤية علمية دقيقة تعتمد على ما يُعرف بـ”الأطلس الزراعي” الذي يحدد أنواع الزراعات بحسب الجغرافيا والجدوى”، موضحاً أن خطة الوزارة ترتكز على تحديد أولويات زراعية لكل منطقة: الجنوب: الحمضيات، الخضار، تربية الدواجن، البقاع: محاصيل أساسية مثل القمح، عكار: تحديد الزراعات الأنسب بناءً على التربة والمناخ، جبل لبنان: الزيتون، الأشجار المثمرة والتفاح.
الى ذلك، أكّد الوزير هاني أن “الدولة لن تدعم الزراعات بشكل عشوائي، بل ستخصص الدعم للمحاصيل التي تُثبت جدواها في مناطق معينة. من هنا، سيتمكن المستثمرون في الصناعات الغذائية من تحديد اتجاهاتهم الاستثمارية بشكل دقيق، وفق الخطة التي ستتركز على 6 إلى 8 محاصيل رئيسية (Crops) مدروسة”. أضاف: “أن الزراعات الصغيرة ستبقى موجهة لتلبية الاحتياجات المحلية في الأرياف، مما يخلق توازنًا بين الإنتاج التجاري والاستهلاك الأسري، بما ينعكس إيجابًا على الاقتصاد، ويدعم الصادرات ويخفف من الاستيراد”.
وفي سياق حديثه عن الابتكار الزراعي، شدد الوزير هاني على ضرورة “سن قانون لحماية البذور، باعتبار أن البذور هي “ملكية فكرية” تتطلب حماية قانونية، مشيرًا إلى أن بعض مراكز الأبحاث العالمية تعمل لعشر سنوات لتطوير بذرة واحدة مقاومة للتغيرات المناخية”. تابع: “لدينا شركات لبنانية تنتج البذور، ولكنها تُضطر إلى إنتاجها خارج لبنان بسبب غياب البيئة القانونية الحامية، وتقوم بتصديرها إلى مختلف دول العالم. علينا أن نوفّر لها السياسة الصحيحة لتنتج محليًا”. كما لفت إلى “أن الحيازات الزراعية الصغيرة، خصوصًا في جبل لبنان، تجعل من إنتاج البذور خيارًا اقتصاديًا رابحًا، داعيًا إلى تطوير السياسات الزراعية على أسس علمية واضحة تتماشى مع التحديات الحالية”.
ختم الوزير كلامه بالتأكيد على أن “دور الوزارة هو بناء السياسات وتنظيم القطاع الزراعي”، معتبراً “أن الزراعة المستدامة ليست مجرد خيار بل ضرورة وطنية في بلد يعاني من تداعيات الأزمات الاقتصادية والمناخية، ويملك في الوقت ذاته جذورًا زراعية عميقة”.
أما رئيس جمعية الصناعيين، سليم الزعني فرأى، أن “القطاع الزراعي اللبناني يشكّل ركيزة أساسية في الاقتصاد، حيث يمثل 25% من حجم الصادرات اللبنانية. إلا أن النظرة إلى القطاع الصناعي تختلف، إذ لا يمكن للبنان المنافسة عالميًا من حيث الكميات بسبب محدودية المساحات الزراعية، ما يجعل الصناعة اللبنانية مضطرة للتميز من خلال الابتكار والجودة وتقديم قيمة مضافة على المنتج”. وشدد على “أهمية تشجيع الاستثمار في لبنان عبر تقديم حوافز مالية واقتصادية للمستثمرين، وهو ما تفتقر إليه البلاد حاليًا. كما وجّه تحية للصناعيين الذين لا يزالون مؤمنين بلبنان ويواصلون الصمود رغم التحديات التي واجهوها منذ عام 2020 حتى اليوم”. كذلك أعرب عن أمله في أن يتمكن الوزراء الجدد، الذين يضعون نصب أعينهم العمل على تحسين الإنتاجية وتصحيح المسار الإداري، من إنهاء حالة الفوضى التي استمرت لأكثر من 50 عامًا في مختلف الإدارات.

بدوره، تحدث نقيب الصناعات الغذائية رامز بو نادر عن “أهمية أن يكون لكل الوزارات والإدارات والمؤسسات الرسمية قناعة راسخة بالحاجة الوطنية لهذا القطاع”، مشيرا الى “ضرورة الموائمة بين هذه المكونات وليس فقط بين بعض الوزارات، وذلك بناء لخطة استراتيجية توضع بالتنسيق مع القطاع الخاص وجمعية الصناعيين اللبنانيين. واعتبر ان هذه الخطّة يجب أن تحمل رؤية وأهدافا وخارطة طريق ومحطات زمنية واضحة، كي لا تبقى حبرا على ورق، على أن تترافق مع بيئة حاضنة للصناعات بهدف بناء قدرات تنافسية”. وتوقّف عند وجوب ايجاد مناطق صناعية متخصصة في الأرياف، إذ “إن هذه الخطوة تساهم في تنمية الزراعة والتصنيع الزراعي وتحافظ على اليد العاملة فيها”. كما قال، مطالباً بالعمل على مكافحة البضائع المهربة الى لبنان والاقتصاد غير الشرعي اللبناني الذي يُنتج بضائع دون المستوى المطلوب ما يؤثر على صدقية لبنان وجودة منتجاته”.