تحبس الأسواق العالمية أنفاسها قبل قمة التجارة الحاسمة التي ستُعقد في جنيف نهاية هذا الأسبوع، بعد أيام قليلة من إبرام الولايات المتحدة والمملكة المتحدة اتفاقية تاريخية ألهمت معنويات المستثمرين. وفي حال نجحت القمة أو أُحرز تقدم نحو تعاون تجاري أوسع، فقد تكون أسواق الأسهم مهيأة لانتعاش قوي. وفي هذا الصدد يقول نايغل غرين، الرئيس التنفيذي لشركة “ديفير غروب”، عملاق الاستشارات المالية العالمية: “هذه لحظة محورية محتملة”. لقد رأينا كيف يمكن للصفقات الثنائية أن تُحرك الأسواق، والآن أمام الاقتصادات الكبرى في العالم فرصة للاستفادة من هذا الزخم. قد تُحدث جنيف إعادة ضبط للتجارة العالمية، وارتفاعًا جديدًا في أسعار الأسهم”.
يُذكر أن اجتماعات جنيف المقبل يجمع مندوبين رفيعي المستوى من مجموعة العشرين ومنظمة التجارة العالمية ووزارات المالية، بهدف إعادة بناء أسس التجارة بما يعكس الواقع الحالي ويزيل الخلافات المكلفة التي عفا عليها الزمن. لذا تتزايد التوقعات باتخاذ قمة المرتقبة، خطوات ملموسة لخفض الحواجز الجمركية، وتبسيط إجراءتها واستئناف حوارات الاستثمار الرئيسة، لا سيما بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والصين. وبالفعل، يستعد المستثمرون لانطلاقة قوية. فقد شهدت الأسهم الأميركية والبريطانية ارتفاعًا حادًا على خلفية اتفاق الأسبوع الماضي، بينما تحولت تدفقات الصناديق العالمية نحو القطاعات الدورية والمصدرين والأسواق الناشئة. كما يشهد مؤشر “داكس” الألماني ومؤشر نيكاي الياباني اهتمامًا متجددًا. وفي هذا الصدد يقول نايغل غرين: “الأسواق متعطشة للتقدم وللثقة”. أي إن التوصل إلى نتيجة ناجحة في جنيف سيرسل إشارة واضحة إلى أن عصر التشرذم قد انتهى، ليحل محله التعاون العملي. هذه هي نقطة التحول التي تغذي نموًا مستدامًا في سوق الأسهم”.
لقد أحيا الاتفاق الأميركي البريطاني الأخير الذي يلغي الرسوم الجمركية على الغالبية العظمى من السلع ويخفف القيود المفروضة على الخدمات المالية، الآمال بإمكانية إعادة فتح قنوات التجارة على نطاق أوسع. إذا حققت جنيف توافقًا ولو جزئيًا في التجارة الرقمية، أو المعايير البيئية، أو مرونة سلاسل التوريد، فقد يكون تأثير السوق سريعًا وكبيرًا. ويتجلى التفاؤل في المؤشرات المستقبلية، اذ بلغت طلبات التصنيع الجديدة في الولايات المتحدة أعلى مستوياتها في 15 شهرًا، وتحولت ثقة الشركات الأوروبية إلى إيجابية لأول مرة هذا العام، وجاءت بيانات الصادرات الصينية لشهر أبريل إيجابية بشكل مفاجئ. أضف إلى ذلك، التحول العالمي نحو أسعار فائدة أقل، مما يجعل مقومات انتعاش أسواق الأسهم متوافرة في انتظار الإرادة السياسية.
الى ذلك، تُعدّ التكنولوجيا من المجالات الحساسة للغاية. لا تزال حوكمة البيانات والوصول الرقمي من النقاط الخلافية بين اللاعبين الرئيسيين. لكن مصادر مطلعة على المحادثات تُشير إلى ظهور إطار عمل من شأنه أن يمنح الشركات متعددة الجنسيات مزيدًا من الوضوح والمرونة، مما قد يُتيح فرصًا كبيرة للاستثمار في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي، والتكنولوجيا المالية، والمنصات العابرة للحدود.
يقول نايغل غرين في هذا المجال: “المخاطر كبيرة. لكنّ فرص النمو المحتملة بين أكبر اقتصادين في العالم كبيرة أيضًا”. ويضيف: “إنّ اتخاذ خطوة حقيقية إلى الأمام في التجارة سيشجع على المخاطرة، ويدفع إلى رفع الأرباح، ويدعم ارتفاع التقييمات في الأسواق العالمية”. يختتم قائلًا: “رأس المال يستجيب بالفعل. فقد سجّلت صناديق الأسهم الدولية أقوى تدفق أسبوعي لها منذ يناير، بقيادة تخصيصات في آسيا والمحيط الهادئ وأوروبا.
وفي غضون ذلك، تستمر مؤشرات التقلب في التراجع، مما يُشير إلى أن المتداولين يستعدون لمفاجأة نحو الصعود أكثر من الانهيار”.