دير مار يوسف جربتا
بقلم غسان صقر
أعتذر.. أعتذر… وأطلب السماح وبخاصة من “دير مار يوسف جربتا” كوني رددت إليه المسؤولية في عدم نمو هذه المنطقة على الشكل الذي نمت فيه وتطورت منطقة “مار مارون عنايا” وأصبحت واحةً سياحية تغزوها وسائل السياحة الدينية والاصطيافية.
اليوم وأخيراً أدركت أبعاد المنطقتين والمفارقة الحاصلة بينهما، علماً ان الواحدة منهما تبعدان المسافة عينها عن الساحل، اي ١٧ كيلومترا تقريبا.
بالمحصلة فدير مار يوسف جربتا يمتاز بأن أهله بعيدون عن النزعة السياحية ويغلب عليهم طابَع الروح الزراعية لا بل روح بناء المداجن واستحداث المشاحر. هذه هي الصفة التي تتصف بها هذه المنطقة، في حين انّ الاخرى تمتاز بروح التطلّع الى بناء الواحات السياحية والمزارات الروحية.
اذاً الفارق بعيد في التطّلع والاستطلاع في المنشأ والتربية. وبناء عليه، أحثّ أهالي منطقة جربتا على الإقلاع عن وسائل العيش المعتمدة والخروج من هذا التقوقع القروي والتطلّع الى أبعد ما هم عليه الآن، وليس في الأمر صعوبة، فعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم كما يقول المثل، وعلى قدر ما هو قائم بينهم من تعاون، خصوصاً انهم بجوار دير مار يوسف جربتا، وهو الدير الذائع الصيت بروح القداسة والعبادة والتعبّد، وأقرب إلى طريق تربطهم بجسر المدفون وبقرب كنيستين تاريخيتين تعودان إلى القرن الثاني عشر، هما كنيستا القديس مار نقولا وسيدة البزاز (دير سيدة القطّين) في وادي صغار الذي قتل رهبانه حوالي عام ١٤٠٥ وهو دير يروي عنه Levon Nordiguian في كتابه “Chateaux et Eglises du Moyen Age au Liban” والذي هو أيضاً مدوّن ذكره في المخطوطة رقم ٥٧ بالمكتبة الشرقية للآباء اليسوعيين في بيروت.
إن في جربتا من هو أهلٌ للعلم والاطلاع والمعرفة ولا ينقصهم من وسائل التطوّر ما هو ليس في مستطاعهم الوصول إليه، فبناء عليه أحثهم واستنهضهم لما هو أفضل مما هم عليه، ولا يَخفى الأمر بأن فيهم من حاول تغيير وسائل الاسترزاق والاقلاع عن المداجن التي تلوث البيئة بالروائح الكريهة والفضلات.
أتيت على خواطر لا تسرّ الخاطر وهدفي الأول والأخير أن تصبح منطقة جربتا منطقة تضاهي المناطق السياحية وبخاصةٍ على غرار منطقة مار مارون عنّايا. انها مؤهلة وقادرة على تحقيق أهداف سياحية تمتاز بروح القداسة على حدّ سواء بفضل دير مار يوسف جربتا الذائع الصيت، وسواه من الاديار الرهبانية والكنائس في المنطقة.
قمت بهذا البحث الموجز لأبرهن برهاناً قاطعاً بأن المنطقة حافلة بما يساعدها على استعادة قيمتها التاريخية والسياحية بصورة سهلة بمتناول الاهالي ان شاؤوا. علماً أن الراهبات اللواتي كنّ مسكّرات وناسكات أصبحن كسائر الاديار يستقبلن رواد الدير ويتفاعلن مع المجتمع ولديهم بيت راحة لكبار السّن . كما ويتعاطين جميع الشؤون التجارية والزراعية المستنبطة من جوار الدير والتي يتسوّقها روّاد الدير كونها طبيعية غير مضروبة بمواد صناعية. إنّ الدير كنزٌ يغني الجوار بممارسة الطقوس في جميع المناسبات الروحية وبتشغيل اليد العاملة بما لا يقل عن خمسين موظفا. فهنيئاً لجوار الدير.