الذهب الى اين؟
من المرجح أن يؤدي ارتفاع الذهب الذي يبدو أنه لا يمكن إيقاف صعوده، إلى دفع الأسعار إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق، و بهذا الصدد، تتوقع شركة الاستشارات المالية العالمية وإدارة الأصول العملاقة deVere Group أن يصل المعدن إلى 3300 دولار للأونصة قبل نهاية الربع الثاني من عام 2025.
يأتي هذا التوقّع الصعودي عقب الارتفاع غير العادي الذي شهد خلاله الذهب اختراقا لمستوى 3 آلاف دولار للمرة الأولى، ما ادى الى ظهور مخاوف جدية تهدد النمو العالمي،تزامنا مع الحرب التجارية التي يشنها دونالد ترامب .
نايغل غرين، الرئيس التنفيذي لمجموعة deVere Group، علّق قائلا:”مع توسيع التعريفات الجمركية، وتعرج السياسات التجارية، وتزايد المخاوف بشأن التضخم والتباطؤ الاقتصادي، يتدفق رأس المال إلى الذهب كمخزن موثوق به. كذلك، تستمر نقاط التوتر الجيوسياسية أيضًا في تعزيز جاذبية الذهب، حيث يساهم الصراع المستمر في أوكرانيا، وتجدد عدم الاستقرار في الشرق الأوسط، والتوترات المتصاعدة في بحر الصين الجنوبي في مشهد عالمي مليء بالمخاطر. ومع تصاعد الصراعات العسكرية والمواجهات الدبلوماسية، ينظر المستثمرون بشكل متزايد إلى الذهب باعتباره أداة تحوّط أساسية ضد عدم اليقين”. أضاف: “وفي الوقت نفسه، فإن الاضطرابات في طرق التجارة العالمية، بما في ذلك تلك الموجودة في البحر الأحمر، تزيد من مخاطر التضخم، مما يضيف طبقة أخرى من الإلحاح إلى الصعود السريع للذهب. وبالإضافة إلى كلّ ذلك، تعمل البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم على تسريع مشترياتها من الذهب، مما يشير إلى تحوّل عميق في استراتيجيات الاحتياطي الدولي”.
الى ذلك، يقوم بنك الشعب الصيني الآن باقتناء و تخزين الذهب للشهر الرابع على التوالي، وهو اتجاه تعكسه السلطات النقدية الأخرى التي تتطلع إلى تخفيف مخاطر العملة والتعرض الجيوسياسي. ومع التشكيك المتزايد في هيمنة الدولار الأميركي، يبرز الذهب باعتباره الأصل الرئيسي المفضل للاحتياطيات السيادية. وإلى هذا الزخم، من المتوقع أن تطلق الإصلاحات المالية الأخيرة في الصين العنان لموجة عارمة من الطلب الجديد. وفي تحول تاريخي، وافقت بكين على برنامج تجريبي يسمح لشركات التأمين أصولها بتغطية اصولها بالذهب، وهي خطوة تتماشى مع الاستراتيجية الأوسع للبلاد المتمثلة في التنويع بعيدا عن الأصول المقوّمة بالدولار الأميركي.
ومع قيام البنك المركزي الصيني بزيادة احتياطياته من الذهب بقوة بالفعل، فإن هذه السياسة الجديدة تفتح الأبواب على مصراعيها أمام المزيد من الاستثمار المؤسسي، وضخ رأس مال جديد إلى السوق وتعزيز المسار التصاعدي الطويل الأجل للمعدن. ومع تقارب هذه الديناميكيات، رفعت مجموعة deVere Group توقعاتها للذهب، وتوقعت أن يرتفع إلى 3300 دولار على الأقل للأونصة قبل نهاية الربع الثاني من العام 2025.
وفي هذا الصدد، يقول نايغل غرين: “لم يعد ارتفاع المعدن الذي يعتبر ملاذا آمنا مجرد انعكاس لحالة عدم اليقين على المدى القصير، بل إنه بات مدعوماً بإعادة ترتيب جذرية للأولويات المالية على أعلى المستويات. يقوم المستثمرون من المؤسسات والبنوك المركزية وأصحاب الأسهم على حد سواء بإعادة ضبط استراتيجياتهم”. يخلص الى القول: “مع توسع الحروب التجارية، واستمرار الضغوط التضخمية، وتطور السياسة الدبلوماسية الأميركية، ومشتريات البنوك المركزية، واحتضان الأسواق المالية في الصين للسبائك على نطاق غير مسبوق، لم تكن الحجة لصالح ارتفاع أسعار الذهب أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى”.