من الصدف التي تقف أمامها متأملاً لا تستطيع التعليق عليها،ما حصل مع المؤلف الموسيقي أحد أعمدة المدرسة الرحبانية المرحوم زياد الرحباني الذي توفي متأثراً بتلف في كبده في اليوم العالمي لإلتهاب الكبد الذي يُصادف وقوعه كل عام في 28 تموز، المناسبة التي يحتفل بها العالم ، لعل المعرفة عن هذا الداء تُعمّم لتفادي الإصابة بهذا الإلتهاب و بالتالي عدم شرب هذه الكأس المرّة.
منظمة الصحة العالمية وجرياً على عادتها، خصّصت لمتابعيها مقالاً عن التهاب الكبد الذي ينتج في الغالب عن عدوى فيروسية تتطور إلى مرض وخيم في الكبد وسرطان الكبد. والتهاب الكبد هو مشكلة رئيسية من مشكلات الصحة العامة في أنحاء إقليم منظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، إذ يصيب 27 مليون شخص ويؤدي إلى ما يُقدَّر بنحو 97 ألف حالة وفاة كل عام يمكن تلافيها. لذا حثّت المنظمة المجتمعات المحلية وراسمي السياسات والسلطات الصحية على الالتزام باتخاذ إجراءات مُنسَّقة للقضاء على التهاب الكبد وتحت شعار «خطوات يسيرة للقضاء على التهاب الكبد»، علماً ان حملة هذا العام، تدعو إلى اتخاذ إجراءات عاجلة من أجل:
(أ) تفكيك العقبات المالية والاجتماعية والعامة – ومنها الوصم – التي تقف في طريق القضاء على التهاب الكبد والوقاية من سرطان الكبد،
(ب) توسيع نطاق خدمات التهاب الكبد، وتشمل التطعيم، وممارسات الحقن المأمونة، والحد من الأضرار، والأهم من ذلك الاختبار والعلاج، وإدماجها في النُظُم الصحية الوطنية.
تقول المنظمة في تقريرها: “ثمة تقدُّمٌ ملموسٌ قد أُحرِزَ في الإقليم. ففي العام 2023، أصبحت مصر أول بلد على مستوى العالم يحقق المستوى الذهبي على مسار التخلص من التهاب الكبد C، وفقًا لمعايير منظمة الصحة العالمية. ومن خلال المبادرة الرئاسية «100 مليون صحة»، جرى فحص أكثر من 60 مليون شخص للكشف عن إصابتهم بالتهاب الكبد، وحصل أكثر من 4.3 مليون شخص على العلاج مجانًا. وتمثل هذه الجهود 70% من علاج التهاب الكبد C في إقليم شرق المتوسط و35% من الإجمالي العالمي، وقد أدت إلى انخفاض الوفيات المرتبطة بالتهاب الكبد بنسبة 35% منذ عام 2018”. يتابع التقرير: “وفي كانون الأول2024، أصبحت مصر أول بلد في إقليم شرق المتوسط يحقق وضع السيطرة على التهاب الكبد B، إذ نجحت في خفض معدل انتشاره إلى أقل من 5% بين الأطفال الذين تبلغ أعمارهم 90 سنوات فما فوق، والإبقاء على تغطية تزيد على 90%. كذلك في العام 2024، أعلنت باكستان عن برنامجها الطموح للقضاء على التهاب الكبد C، وحُشِد التمويل المحلي بالفعل لاختبار 50٪ من السكان المستحقين وعلاجهم بحلول عام 2027.
د. حنان حسن بلخي، المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، قالت بهذا الصدد: “نحتاج إلى مزيد من الالتزام السياسي والاستثمار المستمر لتوسيع نطاق التدخلات التي ثبتت فعاليتها، ألا وهي: التطعيم ضد التهاب الكبد B، والاختبار والعلاج الشاملان، والإدماج في خدمات صحة الأمهات والأطفال، والتمويل المستدام، والعمل القائم على البيانات. وأحثُّ الحكومات والشركاء على توسيع نطاق العمل المشترك وتجديده لإزالة الحواجز التي تحول دون القضاء على هذا المرض. معًا، نستطيع القضاء على التهاب الكبد وإنقاذ الأرواح”. لذا وحتى يمكن القضاء على التهاب الكبد، ينبغي للحكومات والمجتمع المدني والمجتمعات المحلية لإتخاذ إجراءات عاجلة على جميع المستويات”. ولكن كيف؟ بخضوع عامة الناس لاختبار التهاب الكبد B وC، لا سيّما أثناء فترة الحمل، الحرص على حصول المواليد على جرعة من اللقاح المضاد لالتهاب الكبد B عند الولادة في غضون 24 ساعة، وأن يتبعوا إجراءات صارمة للوقاية من العدوى.
كذلك يجب على راسمي السياسات توسيع نطاق التطعيمات التي تُعطى عند الولادة، وإدماج الاختبار والعلاج بتكلفة ميسورة في خدمات الرعاية الصحية الأولية، وإدراج رعاية التهاب الكبد في التغطية الصحية الشاملة وخطط التأمين الوطنية.
لقد حان الوقت للتغلب على حواجز التواصل والتنسيق، والقضاء على الوصم، وتفكيك العقبات التي تحول دون حصول الناس على الرعاية التي يستحقونها. ولا ينبغي السماح بأن يقف أي شيء في طريق القضاء على التهاب الكبد والوقاية من سرطان الكبد.