ماء الإرتواء وماء البشرة ينقذان الحياة خلال الحرارة
الحرارة الشديدة لا تزال تجتاح دول العالم مسببة أذى لا يطاول المزروعات وحتى الجماد وانما البشر. وفي المقال الذي نشرناه على الموقع يوم أمس في سياق نشرة “غلوب مد” الذي حذّرت من جفاف الجسم، ذكرنا أن هذه الحرارة الشديدة قد تقتل بعض الأشخاص، ولكن كيف؟
ومع أن العلماء ينكبون على دراسة الأسباب “القاتلة” لهذه الحرارة، تبيّن لهم أن كبار السن ليسوا وحدهم المعرّضين للموت، بل لا يوجد شخص محصّن ضدها، حتى أفضل الرياضيين في العالم قد يسقطون بسبب هذه الحرارة المرتفعة.
ولإكتشاف الأسباب، قام علماء بريطانيون بإنشاء ما أطلقوا عليه اسم «غُرف الحرارة»، لاختبار استجابة الإنسان لمجموعة كبيرة من درجات الحرارة والرطوبة، وتجربة كيف تؤثر الحرارة في جسم الانسان وتقتله.
تروي شبكة CNN الأميركية تفاصيل عن زيارة لها لإحدى هذه الغرف في جامعة جنوب ويلز بالمملكة المتحدة، حيث استخدم العلماء مجموعة كبيرة من الأدوات لتتبّع العلامات الحيوية، مثل معدّل ضربات القلب، تدفّق الدم في المخ ودرجة حرارة الجلد، أثناء راحة الأشخاص، أو خلال ممارسة تمارين خفيفة على دراجة، انطلاقاً من درجة حرارة مريحة في الغرفة هي 22 درجة مئوية، صعوداً الى 40 درجة بالتدرّج.
يقول العلماء في هذا المجال أن ملايين الغدد العَرَقية تدفع العَرق إلى الجلد فينقل بدوره الحرارة إلى الهواء أثناء تبخّره، ما يبرّد، ومع ذلك عندما يكون الجو حاراً ورطباً للغاية، فقد تخرج العملية برُمّتها عن السيطرة. ويمكن أن يؤدّي التعرق المُفرِط إلى الإصابة بالجفاف، فيتقاعس الجسم عن دقّ ناقوس الخطر عندما يحتاج إلى المزيد من الشرب، وبحلول الوقت الذي يشعر فيه المرء بالعطش، قد يكون الأوان قد فات، اذ تكون السوائل قد فقدت بشكل أسرع بكثير من المتوقع.

والسؤال هنا: ماذا تفعل الحرارة بالقلب؟ والجواب الطبي العلمي هو:
في درجات الحرارة الشديدة يعمل القلب بجهد أكبر للحفاظ على درجة حرارة مستقرة في الجسم، ولهذا يحتاج إلى دفع الدم بسرعة نحو البشرة لإطلاق الحرارة، وهذا هو السبب في احمرار الوجه عند الشعور بالحرارة. ومع تدفّق العرق يقلّل فقدان السوائل من حجم الدم، ما يعني أن القلب مُجبَر على الضخ بقوة أكبر للحفاظ على ضغط الدم، وهذا يعرّضه لمشكلات كبيرة!
من جهة ثانية، اذا قلّ تدفّق الدم إلى الدماغ بسبب درجات الحرارة الشديدة، يتسارع التنفس، تنقبض الأوعية الدموية داخل الرقبة والجمجمة، ما يؤدي إلى حرمان الدماغ من الأوكسجين والغلوكوز الذي يحتاجه، ما قد يؤثر في قدراته المعرفية، فتتفاقم الحالات الصحية العقلية، ما يؤدي إلى قرارات محفوفة بالمخاطر أو سيئة اذ يتعطل الدماغ.
ومع اختراق الحرارة الشديدة دفاعات الجسم، يبدأ الشخص يشعر بأعراض، مثل: الغثيان والصداع وتشنجات العضلات، وحتى الإغماء، كل هذه علامات على الإجهاد الحراري، وإصابة الجسم بالجفاف، ويبدأ يفقد القدرة على تبريد نفسه. أن تبدأ درجة حرارة الجسم الداخلية في الارتفاع فوق 104 فهرنهايت، وهو ما يمكن أن يحدث في غضون 10 إلى 20 دقيقة من التعرض للحرارة الشديدة، قد يموت الانسان في دقائق إذا لم يتم إسعافه سريعاً، اذ تبدأ الأعضاء الرئيسية في التوقّف عن العمل، وتصبح الحواجز التي تفصل الأمعاء بعضها عن بعض أكثر مسامية، ما يؤدي إلى تسرّب السموم القاتلة إلى مجرى الدم. وأخيراً، يفشل القلب.
لذا حال شعورك بالدوار أو الغثيان أو الصداع، فانه ينبغي عليك أن يذهب فوراً لمكان بارد، أو صب بعض الماء على الرأس وشرب الكثير من السوائل في الحال.
تبقى نصيحة أخيرة طالما رددها الأطباء: عند ارتفاع درجات الحرارة ينبغي عليك تجنّب الأنشطة الخارجية، خصوصاً بين الساعة 11 صباحاً و 3 بعد الظهر، وإذا اضطررت للخروج لسبب ما، فعليك ارتداء ملابس ذات ألوان فاتحة، وتغطية رأسك، وشرب الكثير من السوائل.
