من تداعيات أول هجوم ايراني على اسرائيل فجر الأحد الماضي وإغلاق عدة دول مجالها الجوي، امكانية ارتفاع أسعار الشحن الجوي، ربطاً بتغيير مسار أو إلغاء بعض الرحلات. وبهذا الصدد، ذكرت أوساط معينة في الحركة الجوية “إن ما يحدث حالياً من ترقب واضطراب في حركة الطيران بالمنطقة، سينعكس بالضرورة على طول مدة الرحلة، فضلاً عن السعي لاتفاقيات جديدة لعمل هبوط اضطراري للتزود بالوقود في أماكن جديدة محددة، ما يزيد من تكلفة الرحلات على شركات الطيران. لكن هذه الأوساط استبعدت زيادة تكاليف أسعار الشحن الجوي حالياً، الا إذا طالت مدة التوترات في المنطقة، وهو أمر يبدو مستبعداً حاليا. ولا بدّ هنا من اخذ العبر مما حدث في خطوط الملاحة البحرية، وارتفاع أسعار الحاويات التي تمر عبر طريق الرجاء الصالح، تحاشياً لطريق البحر الأحمر وقناة السويس، نتيجة مخاوف هجمات الحوثيين.

معلوم أن توعّد إيران بالرد على إسرائيل، وقبل أن تردّ، علقت شركة الطيران الألمانية «لوفتهانزا» رحلاتها إلى طهران، وأيضاً الخطوط الجوية النمساوية، كما قامت «كوانتاس» بتعديل مسار رحلاتها المباشرة بين بيرث ولندن مؤقتاً لتتوقف في سنغافورة للتزوّد بالوقود الإضافي اللازم لإعادة توجيه مسارها حول المنطقة المضطربة. وتحاشت الخطوط الجوية السنغافورية المجال الجوي الإيراني، فيما ذكر المتحدث باسم شركة «كاثي باسيفيك»، أن الشركة تراقب الوضع في الشرق الأوسط عن كثب، رغم أن عملياتها لا تزال تعمل بشكل طبيعي. وعلى نحو مشابه، أعلنت الخطوط الجوية السويسرية تعليق رحلاتها إلى تل أبيب حتى إشعار آخر، فيما ستتجنب جميع طائراتها المجال الجوي لإيران والعراق وإسرائيل. وعادة ما تستخدم شركات الطيران المجال الجوي الإيراني لرحلاتها بين أوروبا والهند أو جنوب شرقي آسيا، وذلك منذ تداعيات الحرب الروسية – الأوكرانية، التي أدت إلى تعطيل المسارات لكثير من شركات النقل الجوي، ما اضطرها إلى التحول لمسارات أطول لا تزال قائمة حتى يومنا هذا. وبالنظر إلى هذه المعطيات، فمن المتوقع أن تتأثر حركة الطيران بين أوروبا وآسيا، فضلاً عن ارتفاع أسعار الشحن الجوي وأسعار التأمين، عطفاً على ما يحدث في الشحن البحري من اضطرابات في البحر الأحمر، والتي رفعت سعر الحاويات إلى مستويات قياسية، مع زيادة زمن الرحلة إلى 14 يوماً ذهاباً وإياباً بتكلفة إضافية مليوني دولار. تجدر الإشارة إلى أن أسعار الحاويات من شنغهاي لأوروبا ارتفعت بنسبة 256 في المئة، خلال كانون الأول 2023 إلى شباط الماضي.
يُذكر أن الطلب على الشحن الجوي العالمي، ارتفع بنسبة 18.4 في المئة على أساس سنوي في كانون الثاني (يناير) الماضي، مدفوعاً بالتجارة الإلكترونية. وأظهرت البيانات، أن شركات الطيران في الشرق الأوسط حقّقت أقوى أداء في الشهر الأول من 2024 مع زيادة بنسبة 25.9 في المئة على أساس سنوي في أحجام الشحن، كما استفادت هذه الشركات من النمو في أسواق الشرق الأوسط وآسيا بنسبة 29.5 في المئة، وأسواق الشرق الأوسط وأوروبا بنسبة 46 في المئة. واستفادت شركات الطيران في المنطقة من النمو المستمر في السعة الدولية – المُقاسة بطنّ الشحن المتاح لكل كيلومتر – على 3 ممرات تجارية رئيسية هي: أفريقيا وآسيا، والشرق الأوسط وآسيا، وأوروبا وآسيا. في الأثناء، يدرس الاتحاد الدولي للنقل الجوي «إياتا» فتح مسارات جديدة لشركات الطيران في الشرق الأوسط ضمن إجراءات احترازية لتأمين سلامة الرحلات الجوية وتجنب التوترات الجيوسياسية التي تشهدها المنطقة. ونقلت صحيفة «الاقتصادية» عن كامل العوضي نائب رئيس الاتحاد الدولي للنقل الجوي «إياتا» في منطقة أفريقيا والشرق الأوسط، قوله إن “المنظمة في حالة تأهب لرصد حجم خسائر الشركات وإجمالي الرحلات التي تمّ إلغاؤها، وتلك التي تحوّلت إلى مطارات أخرى”. موضحاً “إغلاق المجال الجوي لبعض الدول نتيجة الهجمات الإيرانية على إسرائيل زعزع النقل الجوي في المنطقة”. كذلك أشار إلى أن “المنظمة ستجتمع مع الأقاليم الخمسة بهدف معرفة التأثيرات السلبية في حال تصاعدت الأوضاع الهجمات بين إسرائيل وإيران”، وقال: «ندرس حالياً الحركة الجوية في المنطقة والإجراءات المحتمل اتباعها في حال تصاعدت الأمور، بما في ذلك نقل الرحلات إلى مسارات بديلة بالتوافق مع سلطات الطيران المدني في الدول المعنية». ووفقاً لبيانات الاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا)، يمثل الشحن الجوي، وهو أكثر تكلفة من الشحن البحري، أقل من 1 في المئة من التجارة العالمية، من حيث الحجم.