ابراهيم مهنا
ماذا يقول الخبير الاكتواري السيد ابراهيم مهنّا، مؤسّس ومدير عام شركة أ. أ. مهنّا وشركاه، عن توسّع شركات لبنانيّة نحو قبرص (أو دبي أو الدوحة أو أربيل، كما يخطّط البعض)؟ وهل صاحب الشركة الذي يبحث عن موطئ قدم في الجزيرة القبرصيّة، يخطئ في مسعاه أو يصيب؟
هذه الأسئلة وغيرها حملناها إلى السيد مهنّا من باب الاستئناس برأيه، باعتباره أنشأ في قبرص، وكان ذلك في العام 1984، أوّل شركة مستقلّة، للاستشارات الاكتواريّة في المنطقة نالت ترخيصها من البنك المركزي القبرصي.
فإلى الأسطر التالية..
س: منذ متى أنت في قبرص وما الهدف؟ وما رأيك بالشركات التي تتوسّع باتّجاه هذه الجزيرة؟
ج: بسبب الحرب التي كانت دائرة في لبنان، انتقلت عام 1984 إلى قبرص لتأسيس أول شركة مستقلة للاستشارات الأكتوارية في المنطقة. خلال ذلك الوقت، نقل العديد من رجال الأعمال اللبنانيين أعمالهم إلى قبرص.
من بين هذه الشركات، قام عدد قليل من شركات التأمين ووسطاء التأمين بنقل مكاتبهم الرئيسية إلى قبرص بموجب ما كان يسمى بشركات الــ offshore لإدارة أعمالهم في لبنان والمنطقة.
وفقاً لمعلوماتي، لم يمارس أي من هذه الشركات أعمال التأمين في قبرص بناء على قوانين الــ offshore التي كانت تحظِّر على الشركات الخارجية ممارسة الأعمال التجارية في الجزيرة. يسعدني أن أقول، نحن شركة ا.ا. مهنا وشركاه i.e. Muhanna & co. وبنك باركليز Barclays Bank، كنا المؤسستَيْن الوحيدتَيْن اللتين تمّ منحهما تراخيص من البنك المركزي القبرصي لممارسة الأعمال التجارية الخارجية والداخلية (offshore & onshore).
حالياً، لم يعد قانون الـ offshore ساري المفعول، ما يعني أن الشركات التي تقوم بتوسيع أعمالها نحو قبرص يجب أن تكون لديها أسبابها الخاصة للقيام بذلك.
إذا كان السبب هو الحصول على حصة من قطاع التأمين في السوق القبرصي، برأيي، فإن السوق صغير وذا قدرة تنافسية عالية. أما، إذا كان السبب هو استخدام قبرص كمنصة مستقرة لخدمة المنطقة، فبرأيي، يمكن أن يكون هذا مبررًا.
س: هل يمكن لقبرص أن تحلّ محلّ لبنان؟
ج: لا أعتقد أن قبرص يمكن أن تحلّ محلّ لبنان، بل على العكس من ذلك، لا يزال لبنان مستودعاً للطاقات البشرية، ومع الأزمة الاقتصادية الحالية، يُمكن أن يصبح منافسًا للغاية في تقديم الخدمات المالية والخبرة النوعية.
بالنسبة للشركات اللبنانية التي تسعى إلى راحة البال والاستقرار والاتصالات الموثوق بها مع الدول خارج لبنان، فيمكن لقبرص بالفعل أن تحلّ محلّ لبنان. نعم، ستقدِّم قبرص كل هذه التسهيلات، فالمواهب التقنية اللبنانية هي التي ستدير تلك الشركات المتموضعة و/أو الموسعة.
ج: ماذا عن نشاط مؤسّستك، وما الجديد؟
س: هذا العام، نحن فخورون بالاحتفال بالذكرى السنوية الخامسة والثلاثين لتأسيس شركة ا.ا. مهنا وشركاه (i.e. Muhanna & co.) كون الشركة اليوم إحدى الشركات الرائدة في قبرص ومنطقة الشرق الأوسط وشرق أفريقيا، حيث تقدّم خدماتها الإستشارية الأكتوارية والإدارية لأكثر من 40 شركة تأمين و 60 هيئة حكومية (صناديق التأمينات الإجتماعية ومعاشات التقاعد والوكالات) والمنظّمات شبه الحكومية وأكثر من 200 مؤسسة خاصة في منطقة الخليج والعالم العربي والأفريقي في 42 دولة مختلفة. قمنا في السنوات القليلة الماضية، بتوسيع خدماتنا في شرق إفريقيا. نحن حاليًا شركة أكتوارية رائدة تقدّم الاستشارات للعديد من مؤسسات الضمان الاجتماعي في العالم.
في السنوات الأخيرة، أصبحت شركات التأمين بحاجة لخدمات استشاريين خارجيين بهدف مساعدتها في تطبيق المعيار الدولي للتقارير المالية رقم 17 (IFRS17). ولما كان تطبيق هذا المعيار يتطلّب وجود مدقّقي حسابات ملمّين بمتطلباته وبالتعاون مع أكتواريين يتميّزون بخبرة واسعة في قطاع التأمين. وقّعنا، في العام الماضي، إتفاقية شراكة مع UHY (وهي شركة تدقيق حسابات تمتاز بالخبرة في لبنان والشرق الأوسط في تطبيق المعايير الدولية للتقارير المالية لتقديم الاستشارات لشركات التأمين التي ستلتزم تطبيق المعيار الدولي لإعداد التقارير المالية IFRS17).
عندما أُسِّستْ شركة ا.ا. مهنا وشركاه لم يكن هناك سوى 19 أكتوارياً مؤهّلين علمياً يعملون في الشرق الأوسط، كان معظمهم يشغل مناصب متقدمة في كبرى شركات التأمين، ثلاثة منهم في مؤسسة الضمان الاجتماعي واثنان كأكتواريين إستشاريين مستقلين. يسعدني القول أنه في العام 1994، أنشأت مؤسسة مهنا فاوندايشن the Muhanna Foundation التي كان هدفها نشر العلم الأكتواري في البلدان غير النامية أكتوارياً. منذ ذلك الوقت بدأت عدة جامعات بتدريس العلوم الأكتوارية ويسعدني الآن وجود عشرات الأكتواريين العرب المؤهّلين الأكفاء ومئات الطلاب.
يتضمن فريق عمل شركة ا.ا. مهنا وشركاه أكثر من 40 موظفاً في فروع الشركة في بيروت ونيقوسيا ودار السلام.
ختاماً، يشرفني أن أكون قد تلقيت من الجمعية الدولية للأكتواريين الاستشاريين يوم 12 أيار 2020 جائزة Max Lander Lifetime Achievement Award التي تعتبر الجائزة الأرقى عالمياً الممنوحة لخبير أكتواري إستشاري، علمًا أنّها تمنح لواحد فقط كل عامين تقديراً لعمله المتميّز والقيّم على مدى سنين طويلة ولمساهمته في إعلاء شأن المهنة الأكتوارية.