يتمعّن في تصرّفات اللاعبين
وسط هذه الغيوم السود التي تُظلّل واقع لبنان السياسي والاقتصادي والاجتماعي والاستشفائي، تلوح بين وقتٍ وآخر، بارقة أمل يقف وراءها لبنانيّون صنعوا بجهدهم الفردي، وأحيانًا بمالهم الخاصّ، أمجادًا تعود إلى لبنان أكثر ممّا تعود إليهم شخصيًا.
أخر المجلّين في ميدان اختصاصهم، والاختصاص المُشار إليه هو التحكيم في المباريات الدوليّة لكرة الطاولة، أحد خبراء التأمين (في شركة ليبانو-سويس) السيد عماد مرعب الذي اختير قبل يومَيْن ليكون في لجنة الحكّام الدوليّين في الاتّحاد الدولي لهذه الرياضة، كأوّل لبناني وعربي يفوز بهذا المنصب.
وعلى رغم صِغَرِ سنّه، فإنّ عماد مرعب أصبح حكمًا دوليًا في العام 2000 ليتمكّن من الحصول بعد ثماني سنوات، أي في العام 2008، على الشارة الزرقاء التي تُعتبر أعلى مرتبة في التحكيم الدولي حاليًا في رياضة كرة الطاولة Ping– Pong. وإلى ما تقدّم، فقد شارك مرعب في الكثير من البطولات الدوليّة والعالميّة من بينها على سبيل المثال لا الحصر: ألعاب البحر المتوسط في تونس 2001، بطولة العالم في زغرب 2007، بطولة العالم في المانيا 2021، بطولة العالم في فرنسا 2013، الألعاب الأولمبيّة الآسيويّة في كوريا الجنوبيّة 2014، الألعاب الأولمبيّة الصيفيّة في البرازيل 2016. وقبل عام، شارك في تصفيات الألعاب الأولمبيّة والآسياوية في قطر على رغم جائحة كورونا.
إلى ذلك، فهو يحمل عدّة شهادات دوليّة بالتدريب.
ولمزيدٍ من التفاصيل عن هذا الحدث الرياضي المهمّ، اتّصلنا بالسيد عماد مرعب وطرحنا عليه مجموعة من الأسئلة، فردّ على النحو التالي…
سألناه أوّلاً: ما أهميّة هذا القرار بالنسبة إليك شخصيًا، وما هي الفائدة التي يجنيها لبنان منه؟ أجاب:
بالنسبة إليّ شخصيًا، فإنّ اختياري هو بمثابة اعتراف بالخبرة التي اكتسبتها منذ نَيْلي لقب حكم دولي، وبمعرفتي العميقة بالقوانين العائدة لهذه اللعبة. فأنا مثلاً، صحّحتُ أخطاءً في قانون اللعبة رغم خبرة من وضع هذا القانون وهو شخصٌ قديم في المهنة ويُعتبر من أبرز الحكّام الدوليّين. ثمّ هناك أخطاء في التحكيم يقع فيها البعض وأتولّى أنا لفت النظر إليها. وأكتفي هنا بالإشارة إلى Dimitrij Ovtcharov، وهو من كبار اللاعبين العالميّين، عندما رفعتُ بوجهه البطاقة الحمراء في مبارياة قطر الدوليّة، بسبب خطأ ارتكبه وهو مسح الطاولة بيده مخالفًا بذلك بروتوكول كوفيد، وبعد عدّة إنذارات وجّهتها إليه. وهذا يؤكّد أنّني حَكَمٌ صارم يملك القدرة على الملاحظة الدقيقة ويعرف أصول اللعبة وقوانينها. وربما بسبب كلّ ذلك، كان لي شرف هذا الاختيار الذي سيدفعني إلى المزيد من المثابرة والجهد لمتابعة مسيرتي في رياضة كرة الطاولة، مع الإشارة إلى أنّها المرّة الأولى التي يتمّ فيها اختيار حكم لبناني (وحتّى عربي) ليكون في عداد لجنة الحكّام الدوليّين.
أمّا على المستوى اللبناني، فإنّ هذا الاختيار يؤكّد مرّة من جديد، وعلى رغم الظروف الحاليّة، أنّ في لبنان طاقات كبيرة على مستوى الأفراد لا على مستوى السياسيّين. وأعتقد أنّ هذا الاختيار سيكون بمثابة فكّ العزلة عن لبنان.
س: هل هناك جدول برياضة كرة الطاولة ستُدعى إلى التحكيم فيها؟
ج: لا يمكن من الآن معرفة كافة التفاصيل عن المباراة للعام 2022. ولكن ما يمكنني قوله أنّني رُشِّحت لأكون حكمًا في بطولة الألعاب الآسيويّة الأولمبيّة التي ستُقام في الصين في العام المقبل، وقد تمّ اختياري مع زميل لي في لبنان ليُصار بعدها إلى تسميةأحدنا. ومن يودّ معرفة المزيد عن هذه البطولات، فلا بدّ أن يدخل إلى موقع الاتّحاد الدولي لكرة الطاولة لمعرفة مواعيد البطولات التي ستُقام، علمًا إلى أنّ الروزنامة التي تتضمّن تلك المواعيد هي لثلاث سنوات وربما أكثر، وليس لسنة واحدة.
س: يلاحظ أن رياضة كرة الطاولة قياسًا بالرياضات الباقية، ضعيفة، ونادرًا ما نسمع بمباراة تُقام سواء محليّة أو عربيّة أو أجنبيّة.
ج: صحيح، ولا يقتصر هذا الضعف على لبنان فقط وإنّما يطاول دول العالم كلّها بسبب عدم حماسة الناس لهذه الرياضة وتفضيلهم كرة القدم أو كرة السلّة عليها. يُضاف إلى ذلك، أنّ مشاهدة اللعبة عبر الوسائل المرئيّة لا تثير الحماسة بسبب صغر الكرة. أمّا السبب الأهم فيكمن في غياب الإعلانات عن هذه المباريات، وكما يعرف الجميع فإنّ الإعلان هو عصب المال الذي يوفّر للرياضة الدعم الكافي لتطويرها وتعزيز دورها. وقد تمّ حاليًا إنشاء مؤسّسة WTT تابعة للاتّحاد الدولي لتفعيل الحركة التجاريّة والإعلانيّة لعلّ هذه المؤسّسة تنجح في استقطاب أموال تساعد في تنفيذ مشاريع أخرى. أمّا في لبنان، فالوضع معروف وأوضاع الاتحادات معروفة: كلّ شيء متراجع أو معطّل بسبب فقدان المال!