مدخل المبنى حيث عُقد المؤتمر ويبدو رقم الخمسين عاماً يتصدر هذا المدخل
خمسون عاماً مرّت على تأسيس البنك الإسلامي للتنمية الذي موّل أكثر من 12 ألف عملية تنموية بنحو 182 مليار دولار، شملت 57 دولة كما قال الدكتور محمد سليمان الجاسر رئيس هذه المجموعة، وذلك على هامش اجتماعاتها السنوية لعام 2024 في العاصمة السعودية الرياض خلال الفترة من 27-30 نيسان (أبريل) الجاري، والتي تزامنت مع هذه الإحتفالية “اليوبيل الذهبي لتأسيس البنك”. وغنيٌ عن القول أن هذه العقود الخمسة الماضية تميّزت بالعمل المتواصل لتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة في البلدان الأعضاء والمجتمعات المسلمة في البلدان غير الأعضاء. وفي موقف له حمل الحضور على التصفيق، قال: «من الصعب تصديق أنه مرّ 50 عاماً على تأسيس البنك الإسلامي للتنمية، لأنها مرت بسرعة، لكن الأجمل أن البنك الإسلامي للتنمية استطاع بدعم قوي جداً من الدول المؤسسة، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، أن يقدم تمويلاً مهماً جداً لمشاريع تنموية خاصة في البنية الأساسية لاقتصادات الدول الأعضاء التي بلغت 57 دولة خلال السنوات الخمسين الماضية”. أضاف «البنك موّل أكثر من 12 ألف عملية تنموية بنحو 182 مليار دولار، وعمل كل ذلك في وقت استطاع فيه خلال العشرين سنة الماضية الحفاظ على تصنيفه.. هذا أداء عظيم جداً بالنسبة للبنك الإسلامي للتنمية”، موضحاً أن “التمويل شمل التعليم والصحة والطرق والمطارات والموانئ ومحطات الكهرباء والاتصالات، أيّ كلّ العناصر الجوهرية في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية”. تابع: «البنك الإسلامي كان حاضراً في هذه الدول، والحمد لله أيضاً الدول وحكوماتها دائماً تشكر البنك الإسلامي للتنمية لطريقة تعامله مع هذه الدول وتفهمه ظروفها، وهذا ليس عجيباً لأن البنك الإسلامي للتنمية من الجنوب وفي الجنوب، والجنوب لا يوجد في عضويته دول من خارج إطار هذه الدول، ولذلك استطعنا أن نقوم بما قمنا به خلال الخمسين عاماً الماضية، وهذا طبعاً يضع علينا ضغوطاً، ونحن ندرس بشكل دقيق جداً الإمكانيات بالنسبة للخمسين سنة القادمة”. الى ذلك أكّد الجاسر “انه بمعونة الله، نستطيع أن نضاعف كميات الإقراض وكميات الصرف على المشاريع في الدول الأعضاء، نحن متفائلون لأن الآليات أصبحت لدينا والعلاقات أيضاً أصبحت لدينا مع مؤسسات تمويل أخرى ومع ممولين ومع فاعلي خير أيضاً، فلذلك البنك الإسلامي للتنمية الآن أصبح معروفاً جداً على المستوى الدولي وعلى المستوى الإقليمي والإسلامي”.
وعن علاقة البنك الإسلامي للتنمية مع البنوك التنموية الأخرى، وخاصة في السنوات القادمة، قال الجاسر: «نحن بدأنا في العمل بنشاط مع نحو 12 منظمة دولية، منها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والبنك الآسيوي للتنمية والبنك الإفريقي للتنمية، وهكذا صار لنا لجنة لرؤساء هذه المؤسسات، وصرنا نجتمع بشكل دوري أيضاً لمناقشة التحديات التي تواجهنا وأيضاً فرص التعاون”. وضرب الجاسر مثالاً للتعاون مع بنوك أخرى بمشروع سد كهربائي في طاجيكستان، فهو “مشروع ضخم جداً لا يستطيع البنك الإسلامي أو أي بنك أن يموّله بمفرده، وحصل أن مجموعة من البنوك التنموية اجتمعت واتفقت على التمويل”. أضاف: «كلنا اجتمعنا وصرنا نمول هذا المشروع الذي سوف ينتج طاقة كهربائية كبيرة تفيض عن حاجة طاجيكستان، إذ إنها تبيع للدول المجاورة، وأيضاً المساقط المائية سوف تساعد على تحسين الوضع الزراعي في هذه الدول، فهذه النوعية من المشاريع يجب أن يكون هناك تعاون بين مؤسسات التمويل، والحمد لله علاقتنا الآن قوية جداً مع هذه المؤسسات ورؤساء هذه المؤسسات”.
وحول توقعاته للعام الحالي 2024، قال الجاسر «في عام 2020 التزامات البنك وصلت لنحو مليار دولار، وفي 2021 ارتفع هذا المبلغ إلى نحو ملياري دولار، وفي عام 2023 وصل المبلغ إلى نحو 3.5 مليار دولار، وفي 2024 نتوقع أن نصل إلى 4.5 مليار دولار من الالتزامات”. أضاف: “هي ليست مشاريع تجارية وإنما مشاريع تنموية، ولذلك دائماً نقول نحن نعظّم التنمية ولا نعظّم الربح، ليس مجالنا الربح، مجالنا التنمية، ولذلك أنا متفائل في عام 2024، فخلال السنوات الثلاث الماضية فقط زاد التمويل من مجموعة البنك الإسلامي للتنمية أكثر من 17 في المئة، ولذلك نحن نعمل بجد على زيادة ضخ التمويل للمشاريع الحيوية في الدول الأعضاء”.
الى ذلك، شهدت الاجتماعات السنوية الآنفة الذكر، عقد الجلسة العامة لمجلس محافظي مجموعة البنك الإسلامي للتنمية، واجتماع المائدة المستديرة للمحافظين لمناقشة أبرز التحديات الاقتصادية التي تواجهها الدول الإسلامية والفرص المستقبلية. كما تتضمن الاجتماعات سلسلة من الندوات والجلسات والفعاليات المصاحبة بحضور خبراء من الحكومات والمنظمات الدولية والإقليمية والقطاع الخاص والأوساط الأكاديمية والمجتمع المدني.
بالمناسبة وجّه الرئيس التنفيذي للمؤسسة الإسلامية لتأمين الإستثمار وائتمان الصادرات (ICIEC) السيد أسامة قيسي، رسالة الى مجموعة البنك الإسلامي للتنمية، جاء فيها: “منذ إنشاء المؤسسة الإسلامية لتأمين الإستثمار وائتمان الصادرات، كان الدعم الثابت من البنك الإسلامي للتنمية (ISDB) كمساهم رئيسي فعّال في تشكيل مسارنا. وقد اثمرت هذه العلاقة التكافلية في العديد من المشاريع التعاونية، مع مبادرات مثل توسيع مشروع سكر كنانة في السودان الذي تمّ التأمين عليه في العام 2000 بموجب تأمين الإستثمار الخاص بالمؤسسة الإسلامية لتأمين الإستثمار وائتمان الصادرات لصالح نافذة تمويل البنك الإسلامي للتنمية، كدليل على تعاوننا المشترك”. أضاف: “وبينما نحتفل بهذا اليوبيل الذهبي، نؤكد من جديد التزامنا بمواصلة هذه الرحلة من الـتأثير والإبتكار، والسعي من أجل مستقبل تعتمد فيه التنمية على المكاسب الإقتصادية لتحقيق أرباح مرنة وشاملة ومستدامة للمجتمعات. وسيظّل البنك الإسلامي للتنمية والمؤسسة الإسلامية لتأمين الإستثمار وائتمان الصادرات معاً في طليعة التدخلات التنموية، ودعم النمو والإزدهار لجميع البلدان الأعضاء”.
يُذكر أن المؤسسة الإسلامية لتأمين الاستثمار وائتمان الصادرات في 1 آب (أغسطس) 1994 (24 صفر 1415هـ)، كمؤسسة دولية ذات شخصية قانونية كاملة. وقد نبعت فكرة إنشاء كيان لتوفير تأمين الاستثمار وائتمان الصادرات للدول الإسلامية من اتفاقية ترويج وحماية وضمان الاستثمار بين الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي (اتفاقية الاستثمار لمنظمة التعاون الإسلامي).
وتنص المادة 15 من اتفاقية الاستثمار لمنظمة التعاون الإسلامي للبنك الإسلامي للتنمية ، على على إنشاء مؤسسة إسلامية لضمان الاستثمارات تعمل وفقًا لمبادئ الشريعة الإسلامية، لتقوم بتوفير منتجات للتأمين على الاستثمارات وائتمان الصادرات.
وعقب اتفاقية الاستثمار لمنظمة التعاون الإسلامي، فقد قام مجلس محافظي مجموعة البنك الإسلامي للتنمية، في اجتماعه السنوي السادس عشر المنعقد في طرابلس، ليبيا، في شهر شعبان 1412هـ (فبراير 1992)، باعتماد اتفاقية تأسيس المؤسسة الإسلامية لتأمين الاستثمار وائتمان الصادرات والإعلان عن إنشائها.
تتمثل مهمة المؤسسة في تعزيز المعاملات التجارية في دولها الأعضاء وتسهيل تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى تلك الدول بهدف المساهمة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية في الدول الأعضاء. وتحقق المؤسسة هذه الأهداف من خلال توفير حلول الائتمان والتخفيف من المخاطر السياسية، وتوفير حلول التأمين وإعادة التأمين التي تعزز الائتمان بما يتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية. وقد كان الطموح الدافع لاتفاقية الاستثمار لمنظمة التعاون الإسلامي ككل و إنشاء المؤسسة الإسلامية لتأمين الاستثمار وائتمان الصادرات هو تعزيز العلاقات الاقتصادية بين الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي على أساس الشريعة الإسلامية.