جاك صراف:قطار الاستثمار انطلق
أيام قليلة و تلتئم الجمعية العمومية لإتحاد المستثمرين اللبنانيين لإنتخاب مجلس إدارة جديد بعدما استقال منه بعض المصرفيين لينصرفوا الى أعمال خاصة. وتشير التوقعات الى أن مجلس الإدارة الجديد سيُعيد انتخاب عميد الصناعيين جاك صراف ليكون رئيساً لهذا الإتحاد الذي اشتغل هو شخصياً على إنشائه ودعمه وإحاطته بما يلزم من إهتمام.
ولهذا الإتحاد قصة رواها لنا “البريزيدان” في لقاء أجريْناه معه. قال: “في العام 2013 وهو تاريخ تأسيس هذا الإتحاد، وكان يومها الشيخ سعد الحريري رئيساً للحكومة اللبنانية.جرى،آنذاك، إعداد برنامج تمويلي إستثماري لمساعدة لبنان، حمل إسم “سيدر” ومن أجله عُقد مؤتمر في فرنسا تقرّر فيه تمويل هذا البرنامج بـ 13 مليار دولار من قبل دول أوروبية، خُصّص من المبلغ 3 مليارات كاستثمارات يشارك فيها القطاع الخاص اللبنابي الذي كان جاهزاً للدخول بمشاريع تخصّ الدولة اللبنانية وتهمّها . وبموقفها هذا بدأ الحديث عن شراكة بين القطاعَيْن العام والخاص”.
تابع: “إتفقنا مع الهيئات الإقتصادية، وبالتحديد رئيسها محمد شقير و كان يومها وزيرا في الحكومة،أن نؤسّس جمعية مستقلة عن سائر الجمعيات الموجودة في لبنان ونُسمّيها اتحاد المستثمرين. وبعد دراسة تطلّبت ستة أشهر من الإجتماعات و الاعداد والأخذ والردّ، إرتأى الجميع أن يكون لها دور ليس مع اللبنانيين المقيمين في لبنان فقط وإنما مع المتواجدين في الخارج”. مضى قائلاً: “أسفرت الإجتماعات المتلاحقة عن إطلاق نظام خاص بهذه الجمعية التي ضمّت مئة وتسعة أعضاء.و قضى هذا النظام أن يتوزّع الاعضاء على مجالس مستقلة في لبنان والخارج وبدأنا نشاطنا بانتخاب رئيس له فوقع الإختيار عليّ شخصياً. لماذا مجالس؟ كي يستطيع اللبنانيون في الخارج الراغبون في الإستثمار أن يضعوا أموالاً في صندوق قررنا إنشاءه للتمويل والإستثمار في المشاريع الجديدة. لكن الظروف عاكستنا مع استقالة الرئيس الحريري في العام 2019 ودخلنا بأزمة إقتصادية لا نزال تحت تأثير تداعياتها وذيولها. عندها توافقنا على التروي في المضي قدماً في هذا المشروع، وبخاصة بعد الأزمة المصرفية وقرار احتجاز الودائع. مع ذلك، لم نرمِ هذا السلاح الإقتصادي المهم بل استأنفنا عقد الإجتماعات بدءا من 2020 حتى بداية هذا العام الذي أطّل علينا بمفاجأة سارة وهي انتخاب قائد الجيش جوزاف عون رئيساً للجمهورية. عندها تملّكنا شعور بأن ثمة أجواء إيجابية بدأت تلوح في لبنان و أعدنا تحرّكنا مجدّداً استعداداً لإنتخاب مجلس ادارة جديد و رئيس له “.
س: وهل تقدّم مستثمرون راغبون في الانضمام الى مجلس الادارة الجديد؟وكم هو عدد الاعضاء؟
ج: الأعضاء الحاليون هم 12 ولكننا نسعى الى زيادة العدد ليصل الى 24 كيْ نحوط بجميع المستثمرين في الداخل والخارج وبالتالي تعزيز الصندوق الإستثماري.

س: وهل هناك جدول بالمشاريع التي تنوون الإستثمار فيها؟
ج: هناك قوانين كثيرة في اللجان النيابية وستُعرض في الجلسات العامة لمناقشتها وإقرارها. وبديهي أن تكون الحكومة متحمّسة جداً لمشاريع جديدة نتوّلى الإستثمار فيها. على سبيل المثال: مطار رينيه معوض، مرافئ منطقة الشمال، إستثمارات في معرض رشيد كرامي الدولي، الى غير ذلك من المشاريع الجديدة المتصلة بالتكنولوجيا الرقمية. ذلك أن الدولة لا تريد أن تبيع ممتلكاتها بشكل عشوائي، بل هي تنتظر الفرصة المؤاتية لعرض ما عندها ودراسة كيفية إستثمارها من دون خسارتها.
س: هذا الجهد الكبير الذي يقوم به الإتحاد، الا تخشون أن يصطدم بمعوقات سياسية داخلية جرّاء التأخر في تنفيذ الإصلاحات. ثم ماذا عن سوريا والمنافسة التي يُمكن أن تضرّ بلبنان مع هذا الإهتمام العالمي والعربي بها في وقت لا نزال في لبنان نسير الهوينى كالسلحفاة، فيما “الأرنبان” السوري و العراقي يقفزان قفزاً ليُدركا نقطة الوصول. فماذا تقول عن ذلك؟
ج: بالنسبة للنقطة الأولى فهي شديدة الأهمية و الاجابة عنها ليست بالسهولة.في الواقع أننا نعتمد على مضمون خطاب القسم وعلى البيان الوزاري،فكلاهما يبعثان في الأنفس روح المثابرة والمواجهة وتنفيذ المشاريع. صحيح أن الالتزام بالوعود تأخر بعض الشيء، وهذا طبيعي، لأننا خارجون من أوضاع جدّ مأساوية، غير أن الثقة بالرئيسين عون ونواف سلام جعلت من الإنتظار مرحلة إستعداد لا مرحلة تقاعس ورجوع الى الوراء. وبالتأكيد، فإن النشاط الذي يقوم به الرئيسان عون وسلام لا بدّ أن يُثمر قريباً جداً ويُحقّق مبتغى جميع اللبنانيين.
في ما يتعلق بالنقطة الثانية حول سوريا وما إذا كانت تُشكل منافسة للبنان، فالحقيقة أننا كإتحاد مستثمرين لبنانيين ندعو الى دور تكاملي بين بيروت ودمشق في هذا المجال، وسنضع أنفسنا على خارطة الإستثمار السوري لأن السوريين أنفسهم يطلبون من القطاع الخاص اللبناني أن يدخل معهم باستثمارات في الأسواق الإستهلاكية. ولهذا نُفكّر حالياً بتأسيس مجلس لبناني سوري للدخول الى دمشق. معنى كلّ ذلك أن قطار الإستثمارات وُضع على السكة فعليا في 9 كانون الثاني 2025 ، يوم انتخاب الرئيس عون.
س: بالإنتقال الى الصناعة اللبنانية وأنت عميدها. أين هي اليوم وماذا عن صناعة الدواء التي برعت فيها احدى مؤسساتكم؟
ج: الصناعة في لبنان تسير بخطى جيدة قياساً بالمرحلة الصعبة التي مررنا بها جميعاً خصوصاً إقفال الحدود وما شابه. مع ذلك، وفي ما خصّ صناعة الدواء ،على سبيل المثال، كان حجم الاستيراد في السابق يصل الى مليار و 300 ألف دولار، أما اليوم فانخفض المبلغ الى 740 مليونا أي ما نسبته 40 بالمئة، وهو ما يؤكد أن الصناعة المحلية، مهما يكن نوعها، تسلك طريقها الصحيح إذا تأمّنت لها المواد الخام والظروف المؤاتية لتخفيض التكلفة. هنا يجب أن أُشير ما دام الحديث عن الدواء، أن ثلاثة مصانع جديدة أُنشئت حديثا وبذلك ارتفع العدد الى 14 مصنعاً تقوم بواجباتها والكثير منها بدأ يُصدّر للخارج. نحن مثلاً نصدّر للعراق بشكل اساسي ولغيرها من الدول، كما نُصدّر صناعات غذائية ووجود هذه الصناعات في الأسواق المحلية خفّض كذلك من الإستيراد خصوصاً من المعلبات، باستثناء السردين والتونا.
س: كيف ترى المشهد عندما تُفتح الطريق البرية من لبنان باتجاه السعودية؟
ج: التصدير بين لبنان والعراق مروراً بسوريا والأردن يسير على طريق صحيح، باننظار رفع السعودية الحظرها على المنتجات اللبنانية،وعندها ستكون النتائج أكثر من مضاعفة.
س: عُرفت شركاتكم في العراق وإقليم كردستان من سنوات، و كانت و لاتزال الاكثر مصداقية في التصدير اليهما،فهل مازلتم تتصدّرون اسواق الدواء و الغذاء فيهما؟
ج: بالتأكيد، نحن استثمرنا في العراق وكردستان وبنيْنا في الثانية فندقَيْن. ولا أكشف سراً إذا قلت أن نسبة المبيعات زادت وأن العراقي يحبّ اللبناني والأصناف اللبنانية، مع العلم أن العراق يحمي صناعاته ويدعم الصناعة المحلية. أنا لا أخاف على الإستثمارات اللبنانية في العراق فزيارة الرئيس اللبناني لبغداد كانت مهمة جداً لأن العراق شريان حيوي وهو كان المساعد لنا في كلّ الأزمات خصوصاً في موضوع الفيول.
أذكر هنا انه بين 14 و 15 من الشهر الجاري سيُعقد مؤتمر إستثماري في العراق وسيُشارك المستثمرون اللبنانييون فيه وقد بدؤوا في التوافد الى مكان انعقاده.