من صُور المعرض:فلسطينية تقوم بالتطريز
مؤسسة “فن جميل”، الداعمة للفنانين والمجتمعات الإبداعية، افتتحت معرضها الجديد بعنوان “ذكريات الخيوط: عن التطريز الفلسطيني” في حي جميل بجدة. و يمتدّ المعرض من 23 يناير حتى 17 أبريل 2025. و هو يُقام بالتعاون مع متحف فلسطين في بيرزيت،و يضمّ مجموعة استثنائية من مقتنيات المتحف، إلى جانب أرشيفات شخصية ومقتنيات أثرية تعود إلى القرنين التاسع عشر وأوائل العشرين، ليقدّم لمحة شاملة عن تطوّر فن التطريز الفلسطيني، الذي يُعد أحد أبرز رموز الهوية الفلسطينية وتاريخها الحافل بالصمود.
الى ذلك، يحتوي المعرض على أكثر من 30 ثوبًا تاريخيًا ومعاصرًا، بالإضافة إلى أكثر من 100 صورة فوتوغرافية ومقتنيات أثرية تمثّل تاريخ الحرفية الفلسطينية وفن التطريز الذي أبدعته النساء الفلسطينيات عبر الأجيال، كما يعكس هذا الفن ارتباطًا وثيقًا بالهوية الفلسطينية، مما يتيح للزوار فرصة للتفاعل مع قصة الصمود والمقاومة الفلسطينية من خلال الأقمشة والزخارف التي سُطرت بأيدٍ نسائية مبدعة.
كذلك، يعتبر المعرض، الذي ينطلق من فكرة أن الملابس هي منزل الجسد وموقع حميمي للتعبير عن الهوية، نافذة لفهم تطوّر.فن التطريز الفلسطيني من فترة ما قبل نكبة 1948 وحتى اليوم، حيث أصبح سمة بارزة في التعبير عن الترابط المجتمعي، وتتميز تصاميم التطريز، التي نشأت في المجتمعات الريفية، بالتنوّع حسب المناطق الفلسطينية المختلفة؛ لتعكس القصص المحلية، والأساطير، والنباتات، والحيوانات، والمعتقدات الثقافية. كما يقدّم المعرض أنماطًا متنوعة من التطريز الإقليمي، تشمل تصاميم من القدس، ورام الله، وبيت دجن، والمجتمعات البدوية، وكذلك تقاليد الشتات الفلسطيني، كما يُعرف هذا الفن بحرفيته التي تنتقل عبر الأجيال من الأم إلى الابنة، مما يجعله انعكاسًا بصريًا قويًا للهوية الثقافية والتراثية الفلسطينية.
يُشار الى أن الإشراف على المعرض تتولاه راشيل ديدمان، القيّمة الفنية لمعارض جميل للفن المعاصر من الشرق الأوسط في متحف “فيكتوريا وألبرت” بلندن، والتي تتمتع بخبرة تزيد عن عقد في مجال دراسة وعرض التطريز الفلسطيني والملابس التقليدية، حيث قدمت العديد من المعارض البارزة في هذا المجال، بما في ذلك معرض “عبء الحب” في متحف فلسطين (بيرزيت، 2018) ومعرض “قوة المادة” في كيتل يارد وذا ويتوورث (المملكة المتحدة، 2023/2024)، كما ألفت ثلاثة كتب متخصصة حول هذا الموضوع، تُبرز من خلالها تقاطع التاريخ والثقافة والأزياء.
وبهذه المناسبة، أعربت أنطونيا كارفر، المديرة التنفيذية لمؤسسة فن جميل، عن اعتزازها بالمعرض قائلة: “انه يمثل “ذكريات الخيوط” تتويجًا لأكثر من عشر سنوات من البحث الدؤوب والمعارض التي نظّمتها راشيل ديدمان حول حرفتي التطريز والنسيج في فلسطين ولبنان والمملكة المتحدة، نحن فخورون بتقديم هذا المعرض للجمهور السعودي، حيث يمنحهم فرصة للتعرف على واحدة من أهم المجموعات الثقافية في متحف فلسطين، إلى جانب مقتنيات شخصية سعودية”. أضافت: “يسعى فن جميل من خلال هذا المعرض إلى إبراز أهمية التراث الثقافي وتبادله، وتسليط الضوء على أهمية الحفاظ على التقاليد والحرف اليدوية، وفي ظل الظروف الراهنة، نؤمن بأن رواية قصص الإبداع والصمود هي بمثابة رسالة أمل وتفاؤل تعبر الحدود”.
يُذكر أن المعرض يُقدم لمحة غنية من أرشيف متحف فلسطين الذي يوثّق حياة الفلسطينيين وتاريخهم عبر العصور، ويشمل رقمنة أكثر من 500 ألف صورة ووثيقة، مستخرجة من 414 مجموعة شخصية وألبوم عائلي، كما يتضمن المعرض أثوابًا تراثية من مجتمعات الشتات الفلسطيني المقيمة حاليًا في السعودية، وأغطية رأس مزخرفة، ومجموعة مختارة من المجوهرات الفضية والذهبية المزينة بالخرز، إلى جانب أثواب تمثل التراث المحلي من رام الله ويافا وغزة اليوم. كما يعرض بطاقات بريدية وصورًا تاريخية لقبة الصخرة، والسيارات القديمة، والمناظر الطبيعية، والقرى المهجّرة المستخرجة من مجموعات وألبومات عائلية.
جدير بالذكر أن منظمة اليونسكو اعترفت في العام 2021 بالتطريز الفلسطيني كجزء من التراث الثقافي غير المادي العالمي، مما يؤكد أهميته كرمز للهوية الثقافية وتعزيز الترابط المجتمعي.