جربتا
بقلم غسان إلياس صقر
(أبو نظارة)
لا ادري… لا ادري لماذا بقيت منطقة جربتا (الى الشمال من بيروت في قضاء البترون)، خالية من السكان الا باستثناء قلّة قليلة لا تفي بغرض النمو. الا تضاهي هذه البلدة المجاورة منطقة مار مارون عنايا التي اصبحت تعجّ برائحة القداسة وبالمساكن والبيوتات السياحية والمقاهي والمطاعم؟
لا ادري، ألأنها المنطقة التي كانت تجاور دير المتعبّدات والتي أضحت موقوفة على رأي القلّة القليلة من الراهبات “المسكَّرات”؟ لماذا نهضت منطقة مار مارون ولم تلحق بها جربتا علماً انّ الاخيرة تبعد عن جسر المدفون قدر عشرين كيلومتراً وهي مؤهلة لتحذو حذو عنايا من حيث الموقع وقرب المسافة من الساحل؟
لماذا؟ ألا يستحق هذا الموقع مثل هذا التساؤل؟
ألا يستحق المواطن أن يعرف ما هو السر الذي يهيمن على مناخ هذه المنطقة بالذات ؟
انّ جربتا مؤهلة وتستحق ما استحقت منطقة مار مارون عنايا من نموٍّ زادها رونقاً وثبتها مركزاً للعبادة ومزاراً يرتاده المؤمنون من مختلف الطوائف المسيحية وحتى الاسلامية على تعددها في لبنان والمغتربات .
هذه أسئلة برسم من يعنيهم الأمر من جربتا وبالاخص الراهبات المتعبّدات اللوّاتي ما زال فكرهن المتصوّف يتنازعه تياران في آن: تيار متمسكّ بأهداب الدين من منظار قديم يختلط مع طموحات جديدة بتحويل المنطقة الى واحة سياحية.
مع العلم ان هذه المنطقة لاتقلّ أهمية عن المناطق السياحية الكبرى حيث تجاور منطقة كنيستي سيدة البزاز ومار نقولا اللتين تعودان إلى القرن الثاني عشر والمبنيتَيْن بطريقة غير مألوفة، كما يذكر التاريخ.
إنها تساؤلات بادرت الى ذهني انا المتعبّد والمتمسك بالدين وتقاليده والتي ورثتها عن والدي المدافع عن الكنيسة وتقاليدها وعلومها. الا وهو الياس يوسف صقر المشهود له من قبل الكاردينال Tisserand الذي كان مسؤولاً عن كنائس الشرق الاوسط وهو بعينه تبرّع بطبع كتاب للمرحوم والدي بعنوان “ممَ يشكو الناس؟”
في المفهوم الكنسي ان دور الرهبانيات والراهبات الحلول في الأمكنة التي تحتاج إلى إحياء وإنماء الروح الايمانية، فضلا عن الناحية الاقتصادية والاجتماعية.
هذا هو دور الارساليات في جميع اصقاع العالم. أما في منطقة جربتا، هل هو عينه الدور الذي يلعبه دير مار يوسف جربتا في محيطه ؟ جوابي: كلا ثم كلا..
وهنا اتساءل: ألم يقلع قداسة البابا فرنسيس ومن قبله البابا يوحنا الثالث والعشرون عن تقاليد الباباوات السابقين بأن احتضنا الخاطئين والشاذين؟
قد تكون حجتي ان الباباوات المحدثين تفهموا التطور المجتمعي ومتطلبات الغفران واحتضان الضالين .
سؤالي الجديد: الم تصبح الراهبات الحبيسات اللوّاتي كن نسميهن بالراهبات “المسكَّرات”، راهبات ارسالية؟
ألم يتغيّر دورهن وتصبح مسؤوليتهنّ انماء المحيط وبعث روح الإيمان فيه وتطويره نحو التجديد والإنماء روحياً وسياحياً على غرار منطقة القديس شربل اي منطقة مار مارون عنايا ؟
انه سؤال ملحّ يقتضي التغيير نحو الأفضل خصوصاً مع انتخاب رئيسة جديدة للدير اختصاصها العلوم الحديثة انمائياً واقتصادياً واجتماعياً الا وهي الأخت غادة يونس.
نقول مبروك لها وللراهبات وان شاء الله يكون عهداً جديداً تدشنه بافتتاح الطريق إلى الدير من الناحية الأقرب للناس مادياً وروحيا ً.