هل هو موجود أم القصة خيالية؟
لأن الإتحاد المصري للتأمين يسعى دائماً الى دعم سوق التأمين وتطويره عن طريق اطلاع الشركات على الإتجاهات والمستجدات العالمية، فقد خصص نشرته الأسبوعية ذات الرقم 299 للحديث عن “تغطيات التعويض على الجوائز”، انطلاقاً من حادثة حصلت في 16 آب (أغسطس) الجاري،عندما وجّه مركز إدارة بحيرة Loch Ness في اسكتلندا دعوة لصيادي الوحوش للبحث عن وحش هذه البحيرة Nessie. وكانت شركات مراهنة في العام 2007 قد أعلنت عن مكافأة مقدارها مليون جنيه استرليني لمن يستطيع الإتيان بأي دليل على وجود هذا الوحش، فكانت هذه الجائزة سبباً في ظهور وثيقة تأمين مبتكرة و غير مسبوقة. والتفاصيل في الأسطر التالية…
وحش بحيرة لوتش نيس Loch Ness Monster مخلوق غير مؤكد الوجود ادعى البعض أنهم شاهدوه وأنه يسكن بحيرة لوتش نيس باسكتلندا، مع أن معظم العلماء والخبراء يجدون الأدلة المتوافرة لا تدعم وجوده ويعتبرون المشاهدات لهذا المخلوق، إما غير صادقة أو من قبيل الوهم البصري أو هي أخطاء في تحديد هوية مخلوقات أو ظواهر معروفة.
والوحش Nessie، كما يقول الذين تابعوا هذه القضية، هو سليل مجموعة باقية من البلاصورات Plesiosaurs، وهي زواحف بحرية تملك أجساداً مستديرة ورقابًا بالغة الطول ورؤوساً صغيرة، إضافة إلى أربعة زعانف قوية تُمكّنها من السباحة عبر الماء. وعلى رغم أن وصفه يختلف من شاهد لأخر، فقد قام عالم التاريخ الطبيعي البريطاني Peter Scott في مجلة Nature بإطلاق الأسم اللاتيني Nessiteras rhombopteryx على وحش البحيرة والتي تعني “وحش نيس ذي الزعانف الماسيّة واختصاراً نسي (Nessie).
هذه الضجة الكبيرة التي رافقت الحديث عن “الوحش نسي”، دفعت جهات عدة للبحث عن هذا الكائن، بداية من بعثة إدوارد ماونتين Edward Mountain expedition ثم كلية الهندسة في جامعة بيرمنغهام ، نويورك أكوريم، قناة ديسكفري عام 1993.
وفي العام 2007 ، أعلنت شركة المراهنات البريطانية ويليام هيل عن مكافأة مقدارها مليون جنية إسترليني لمن يستطيع الإتيان بأي دليل على وجود Nessie في مهرجان نيس لموسيقى الروك في 9 و 10 حزيران (يونيو) 2007، وقدرت احتمالية وجود هكذا دليل بمقدار (1:250) ، أي % 0.4 بحسب تقديرات الشركة، لكن أحداً لم يأتِ ومعه دليل! الا ان المساعي بحثاً عن هذا الوحش المزعوم لم تتوقف، بدليل اطلاق وسائل اعلام دولية مثل BBC وروسيا اليوم أكبر عملية بحث عن هذا الوحش المفترض وجوده في بحيرة Loch Ness في اسكتلندا التي تُعتبر أكبر بحيرة مياه عذبة في بريطانيا العظمى.
ويُشار هنا الى أن مركز إدارة هذه البحيرة، وجّهت السبت في 6 آب (أغسطس) 2023 دعوة لصيادي الوحوش المتطوعين والمبتدئين للإنضمام الى ما يُطلق عليه اسم “أكبر عملية بحث عن وحش البحيرة Loch Ness منذ السبعينات.
ويبدو أن الوحش Nessie، كان سبباً في ظهور وثيقة تأمين مبتكرة وغير مسبوقة. ففي العام 1971، أعلنت إحدى الشركات عن مكافأة قدرها مليون جنيه إسترليني لمن يستطيع الإمساك بالوحش.وتبعاً للأصول، تقدّمت الى سوق “اللويدز “للتأمين لتغطية قيمة الجائزة في حالة اقتناص الوحش فعلا، فوافق مكتتبو اللويدز وأصدروا وثيقة تؤمن قيمة الجائزة وبالشروط التالية:
–الخطر المغطى الإمساك بالوحش حياً خلال المدة من 1أيار (مايو) 1971 وحتى 30 نيسان (ابريل) 1972.
التاريخ الطبيعي بلندن بأن الكائن الذي تمّ الإمساك به هو Nessieوفقاً للوصف المتوقع له.
-أن يزيد طول الوحش عن 20 قدماً.
-أن يقرّ مدير متحف يتخلّى المؤمّن له عن ملكية الوحش بمجرد الإمساك به إلى شركة التأمين .
–شرط التخلي : أن يتخلّى المؤمّن له عن ملكية الوحش بمجرد الإمساك به إلى شركة التأمين.
-مبلغ التأمين مليون جنيه أسترليني بأسعار سنه (1971).
-قسط التأمين 2500 جنية إسترليني السعر: 0.2500%
وقد أثارت هذه الوثيقة جدلاً كبيراً، آنذاك، من عده جوانب تدور كلها حول سؤال يبدو بسيطا : “هل يعتبر هذا تأميناً”؟
ان هـــذه الوثيقــة بدت أحــد الأمثــلة المهمة تاريخياً لتـــأمين غير شائع يُـــعرف بـ “تأميـــن تعويـــض قيــــم الجوائز” (Prize Indemnity Insurance).
وبقطع النظر عن أن هذه الوثيقة لا تقابل شروط التأمين ، كما يجب أن يكون، إلا أنه دائما ما” تعلمنا الدراسة المبادئ، وتعلمنا الخبرة الاستثناءات”.
وفي هذا الصدد يمكن التنويه بأن ثمة انواعاً غير مألوفة من التأمين، سبق أن عالجتها نشرة الاتحاد المصري في عددها الـ 82 ومنها على سبيل المثال التأمين الـذي يُعرف بأســــــم Spooksafe insurance، والذي يحمي المؤّمن لهم من نتائج حصول احداث ما وراء الطبيعة Paranormal events، اي أحداث لم يثبت وجودها بالدليل القاطع مثل مصاصي الدماء (Vampires)، إلا أن فلسفته تقوم على أن ثمة عملاء يتخذون هذه الأمور بجدية ، وبالتالي لا مانع من توفير راحة بال لهم Peace of mind ، من خلال تغطية تأمينية، وهو ما يُظهر أن المبـــادئ النظرية ذات القابلية للتأمين Insurability ، لها العديد من الاستثناءات في الواقع العملي.
من هذه المقدمة، ننتقل الى تأمين تعويض الجوائز الذي هو تغطية غير شائعة تؤمن الأحداث الترويجية التي تمنح فيها الشـركات جوائز باهظة الثمن للفائزين بهدف جذب عملاء جدد وبناء ولاء العملاء الحاليين، بحيث يساهم التعويض في تحمّل التكاليف الكبيرة (الإحتمالية) التي ينطوي عليها.
وفي التفاصيل التي أوردتها نشرة الإتحاد المصري ذات الرقم 299 ان عملية الاكتتاب في تأمين تعويض الجوائز ، تُعتبر عملية دقيقة وتستلزم الكثير من المعلومات ، فضلا عنأن الاكتتاب في هذه الأخطار يتمّ بشكل مستقل، اي كل خطرعلى حدة Bespoke underwriting ، لاختلاف كلّ حالة عن سواها، وبالتالي لا يُمكن تنميط عملية الاكتتاب في شكل موّحد حتى لنوعية معينة من المسابقات. ويُعتبر هذا التأمين من قبل الشركات من الفروع ذات الطبيعة الخاصة Speciality، علماً أن تحديد قسط وثيقة تأمين تعويض الجوائز يُعتمد على بعض العوامل الأساسية والتي تتمثل في ما يلي:
-قيمة الجائزة.
-الاحتمالات الإحصائية لفوز شخص بالجائزة.
-المهارة المطلوبة للفوز.
-مبلغ التغطية.
كما يُحقّق هذا النوع من التغطيات، حماية للفائز بالجائزة من خلال ضمان حصوله على الجائزة الموعودة، وذلك لأن شركة التأمين التزمت دفعها.. ويساوي حدّ تغطية الوثيقة قيمة الخسارة المحتملة للمؤمّن له، ما يعني قيمة الجائزة.
وتختلف احتمالات الفوز حسب نوع المسابقة. فهناك مسابقات تتطلّب عنصـراً من المهارة مثل مسابقة الغولف ذات الضـربة الواحدة. وهناك التي تُترك لمحل الصدفة تماماً، كما هو الحال في مسابقة السحب لفوز سيارة، ما يعني أن هناك حالات تحصل فيها شركات التأمين قسطاً دون الحاجة إلى دفع تعويضات.
ويمثل القسط، عادة، قيمة تتراوح بين 3 إلى 15 بالمئة من قيمة الجائزة، وعلى سبيل المثال: إذا كانت قيمة الجائزة 10 آلاف دولار، فقد يتنراوح القسط من 300 إلى 1500 دولار ، اعتماداً على نسبة احتمالات الفوز.
ويصل الحد الأقصي لمبلغ التأمين المتوافر في السوق العالمية إلى ٢٥ مليون يورو بالسوق الأوربية و ٣٠ مليوناً في الولايات المتحدة وكندا، وغالبا ما تكون الوثيقة أما خالية من التحمل Nil deductible أو ذات تحمل ضئيل.
تصل نشرة الإتحاد المصري الى تأمين مسابقات الغولف ذات الضربة الواحدة Hole-in-one Insurance، وفي هذا الصدد تقول:
-يعد تأمين مسابقات الغولف ذات الضربة الواحدة أحد أقدم وأشهر أشكال تأمين التعويض عن الجوائز، اذ يعود تاريخ هذا النوع من التأمين إلى عام 1922. وبحلول التسعينياتمن القرن الماضي، بلغت القيمة السوقية الإجمالية لأقساط هذا النوع من التأمين حوالي 220 مليون دولار، بعد ذلك بدأ في الانتشار في الولايات المتحدة ولكن لتغطية الأشخاص المنظّمين للمسابقة.
وتكمن أهمية ذلك النوع من التأمين الذي يتمّ شراؤه غالباً من قِبل راعي بطولة الغولف، بتعويض منظمي البطولة عن تكلفة منح قيمة الجائزة في حال نجاح أحد الهواة في البطولة في تسديد الكرة إلى ثقب الهدف بضربة واحدة فقط من أول مرة. ووفقًا لإحدى الدراسات، فإن احتمالات إصابة هاوٍالهدف بضـربة واحدة هي 1 / 12500 اذ تسمح هذه الاحتمالات المنخفضة لمنظمي المسابقة تقديم جوائز باهظة الثمن للاعبي الغولف الهواة القادرين على تسديد الهدف من مرة واحدة أثناء اللعب في البطولة.
أحياناً تقدّم شـركات التأمين التي تغطي هذه المسابقات خدمات أخرى لمساعدة منظمّي البطولة مثل الترويج للجائزة. ويشمل عقد التأمين الموقع بين منظمي بطولة الجولف وشركة التأمين بعض الشـروط والاشتراطات مثل: ما هو عدد الحُفر في المضمار الخاص بالمسابقة، وكيفية التحقق من أن تلك الحفرة تمّ تجهيزها بشكل ملائم وصحيح، وماذا سيحدث إذا سدّد المتسابق الكرة بـ” حفرة آخرى” غير الحفرة المؤمن عليها. وتشمل المتغيرات التي تؤثر في تكلفة قسط التأمين مايلي:
-عدد المشاركين في البطولة.
-مهارة المشاركين.
-طول المسافة إلى الحفرة المؤمّن عليها.
-قيمة الجائزة.
تميل شركات التأمين إلى تفضيل ألعاب الاحتمالات مثل مسابقات توقّع نتيجة مباراة معينة على المسابقات القائمة على المهارات مثل مسابقة الغولف ذات الضربة الواحدة. اذ تعد مخاطر الالعاب الاحتمالية في الحقيقة مجرد حسابات احتمالية وإحصائية. ولكن في حالة المسابقات القائمة على المهارة، يكون لدى شركات التأمين تصنيف استناداً إلى سنوات وسنوات من تجميع عدد المحاولات وعدد المرات التي قام فيها شخص ما بتسديده في هدف معين. بالإضافة إلى قاعدة بيانات تاريخية لعدد المرات التي حدث فيها ذلك. لذلك تفضل معظم شركات التأمين الالعاب الاحتمالية. لأنها تتمكّن من احتساب الخسائر المتوقعة.
في ما يلي شروط مسابقات الغولف ذات الضربة الواحدة:
-يجب أن تظل حفرة المنافسة في وضعها الطبيعي دون إجراء أي تعديلات عليها.
-يجب على حكم المنافسة رصد التسديدات في كل حفرة بدقة.
-يجب أن تقام المنافسة بين لاعبَيْن اثنَيْن على الأقل .
أما أكثر الإستثناءات الاستثناءات شيوعاً لتلك الوثيقة فهي:
-إلغاء المسابقة التي كان من المفترض تقديم الجائزة خلالها.
-الاحتيال وخيانة الأمانة ومخالفة القواعد المنظمة للمسابقة.
-أي إصابة جسدية أو أضرار مادية تلحق بأي شخص أو ممتلكات أثناء المسابقة.
-أي أعمال شغب قد تحدث أثناء المسابقة.
ومن الأمثلة على تأمين تعويض الجوائز، تورد النشرة ما يلي:
تعتبر مسابقة التوقّع الصحيح الخاصة بالجمعية الوطنية لألعاب القوى (NCAA) مثالاً على تأمين التعويض عن الجوائز، اذ تعد احتمالات وجود “توقع نتيجة المسابقة” أو توقع الفائز بشكل صحيح في كل لعبة عبر سبع جولات من مباريات كرة السلة ، هو 1/9.2 كوينتيليون 1.
وتعود البيانات المستخدمة للوصول إلى هذا الرقم إلى عام 1939، عندما تمّ إطلاق أول بطولة.
ففي العام 2014، أطلق دان جيلبرت ، مؤسس شركة Quicken، جائزة قدرها 1 مليار دولار لأي شخص يمكنه توقّع النتيجة النهائية لمباراة كرة سلة بشكل صحيح. وقامت إحدى كبرى شركات التأمين بتغطية الجائزة، لكن حتى الآن لم يفز أي شخص بها.
الى ذلك، يمكن أن تُثير العروض الترويجية والألعاب ضجة حول حدث ما، ما قد يؤدي إلى جذب بعض الرعاة والشركاء . في ما يلي نستعرض أشهر الألعاب المؤمّن عليها:
1-اليانصيب. يفوز الشخص بالجائزة الكبرى إذا قام بإعطاء إجابة دقيقة أو قام بتخمين نتيجة حدث لا يمكن التأثيرعلى احتمالات حدوثه.
2-إخدش واربح. تحتوي بطاقة واحدة من أصل 500 بطاقة على ثلاث مناطق خدش محتملة يظهر بها حروف تكون كلمة معينة مثل C-A-R، وفي هذه الحالة سيفوز الشخص بسيارة جديدة.
3-العاب الاحتمالات. تكون تلك الجوائز مرتبطة بتوقّع نتائج المباريات، ورمي النرد، ودوران العجلة.
وبالإضافة إلى تقديم منتجات تأمينية، تقدّم شركات التأمين أحياناً خدمة استشارية كاملة لمساعدة المؤمّن له في تحديد الأثر المالي للجوائز على وضعه المالي في حالة عدم وجود تغطيات تأمينية، وتقييم احتمالات حدوث الحدث موضوع الجائزة و هوامش الانحراف والأمان لتلك الاحتمالات.
وكما في كل نشرة، يبقى أن نعرف موقف الإتحاد المصري للتأمين من موضوع تأمين تعويضات الجوائز. ففي هذا الصدد، يسعى الاتحاد دائماً إلى دعم وتطوير سوق التأمين المصري وذلك بمحاولة إطلاع السوق على المستجدات العالمية والاتجاهات الحديثة في ما يتعلّق بالمنتجات التأمينية الحديثة غير المألوفة في جميع أنحاء العالم والتي من الممكن أن يتمّ تطبيق بعضها في السوق المصري ما يمثل عامل جذب مهماً لبعض انواع العملاء، وانطلاقا من إيمان بعض شركات التأمين بأنه يجب الاستجابة لطلبات العميل وموافاته بالتغطية التي تلائم احتياجاته، هذا بالإضافة الى الدور الذي يقوم به الاتحاد في زيادة الوعي التأميني للعاملين بهذا القطاع وتشجيعهم نحو سلوك نفس المنهج العالمي في عملية الابتكار وتقديم التغطيات التأمينية المصممة خصيصا للعملاء. ولكن بما يتناسب مع احتياجات عملاء السوق.
إن ابتكار منتجات تأمينية جديدة وغير مألوفة أصبح من الضروريات الحتمية، اذ أن طرح منتجات تأمينية جديدة سيُسهم في جذب شرائح جديدة من العملاء وزيادة محفظة أقساط قطاع التأمين. وقد سبق أن قام الاتحاد بإلقاء الضوء على بعض الأنواع غير المألوفة من التأمين في العددال رقم 82 من نشرته الأسبوعية، كما أسلفنا.