طائرة ليبية تستعدّ للإقلاع من مطار طرابلس الدولي
من طرابلس الغرب: تأمين ومصارف
شركة القافلة للتأمين (QIC) الليبية تحتلّ موقعاً متقدّماً في تأمينات الطيران في السوق الليبي. ويعود الفضل في ذلك إلى الخَلْفيّة العلمية المناسبة والخبرة الطويلة اللتَيْن يتمتع بهما المسؤول الأول عن أعمال الطيران في الشركة السيد وليد خليفة بازيليا، بصفته مساعداً للمدير العام، فضلاً عن السيد نوري أحمد عاشور اكس الفلاح، مستشار الشركة لشؤون الطيران والخبير القضائي لتأمينات الطيران بمحكمة الإستئناف في طرابلس الغرب. فالأول طيار مدني سابق، وقد مارس مهنته لسنوات عدة قبل أن يلتحق بالعمل التأميني، بادئاً مسيرته الجديدة مع وسيط التأمين المعروف ( UIB ) حيث تمرّس في تأمينات الطيران بعدما تدرّب على وسطاء ومكتتبين، لكلّ منهم باع طويلة في المجال. أما الثاني، وهو السيد عاشور أكس الفلاح، فقد عمل لمدة طويلة مع شركة الخطوط الليبية في أزهى مراحلها، وتقلّد مناصب إدارية رفيعة مكّنته من الإلمام بشؤون خطوط الطيران التجاري وشجونها، والتأمين يأتي في رأس قائمة تلك الشؤون .

مجلة وموقع “تأمين ومصارف”، كان لها لقاء مع السيدين: وليد بازيليا و نوري عاشور اكس الفلاح اللذين أجابا عن أسئلة طرحناها عليهما بالتناوب، في اطار اهتمامنا بمعرفة أوضاع سوق الطيران وتأميناته في ليبيا من أشخاص مهنييّن محترفين وأصحاب اختصاص بالطيران والتأمين معاً، كما الحال مع ضيفَيْنا…
بداية مع السيد وليد خليفة، سألناه: بحكم التخصص الدراسي والخبرة العملية، فأنت خير من يحدّثنا عن تاريخ الطيران في ليبيا. فماذا عندكم بهذا الخصوص؟
ج: تاريخنا مع الطيران يحفل بالكثير من الأحزان. لا أعرف اذا كنتم تعلمون أن ليبيا كانت أول بلد يُقصف بالطائرات الحربية. حدث ذلك في أثناء الاحتلال الإيطالي البغيض لبلدنا سنة 1911، لا بل قصف طيران إيطاليا الفاشية مجاهدينا بالغازات السامة.. كما عرف بلدنا القواعد الأجنبية على أراضيه المحتلة منذ العام 1923، وهو تاريخ إنشاء قاعدة موسيليني التي توسّعت وأصبحت، في ما بعد، قاعدة “هويلس” الاميركية. وقد عادت هذه القاعدة إلى السيادة الليبية في بداية سبعينيات القرن الماضي، علماً أنها تُستعمل اليوم مطاراً مدنياً مؤقتاً ريثما يتمّ الانتهاء من إعادة العمل في مطار طرابلس الدولي.
س: نحن نعرف أن سوق الطيران كان حكراً على شركات أجنبية، ما يؤكد الأمور المحزنة التي تحدثت عنها.. فمتى بدأ الانفراج إشراقة الأمل في ما يتعلق بسوق الطيران؟
ج: ظهرت ملامح الانفراج تلوح في الأفق مع تأسيس شركة الخطوط الجوية للمملكة الليبية عام 1964، بادئة نشاطها بطائرة واحدة. ويصادف هذا التاريخ، إنشاء أول شركة تأمين ليبية أيضاً، هي شركة “ليبيا للتأمين”.
ثم توجهنا بالسؤال الى السيد نوري أحمد عاشور وقلنا له: أنتم تقريباً عايشتم انطلاق وتوسّع شركة الخطوط الجوية الليبية.. فما هي أهم المحطات في مسيرة الشركة؟
-نعم، تأسّست الخطوط الجوية الليبية بوجود طائرة واحدة، كما أسلف الزميل وليد.. لكن، كادت لا تمضي خمس سنوات حتى أصبحت تمتلك 10 طائرات بوينغ 727. وأظنّ أن الخطوط الجوية الليبية كانت أول شركة طيران عربية تشتري طائرات بوينغ 727 العملاقة. حَدَثَ ذلك في العام 1978، ولكن الصفقة أُجهضتْ سياسياً، اذ أوقفت إدارة الرئيس ريغان، في ما بعد، تسليم الطائرات للخطوط الليبية. وبدءاً من العام 2007 ، بدأت الخطوط الليبية تشتري وتستعمل طائرات Air Bus .

س: نحن نعرف أن سوق التأمين حتى العام 2000، كان حكراً على شركة واحدة هي شركة “ليبيا للتأمين”. ونظنّ أن سوق الطيران كان بالموازاة، حكراً على شركة واحده هي الخطوط الليبية. كيف تطوّرت أوضاع هذا القطاع وهل شهد أنفراجاً كالذي حدث في سوق التأمين؟
ج: بالنسبة للتأمين وللطيران، فقد كان العام 2000 مفصلياً، اذ بدأت شركات التأمين الخاصة في الظهور في هذا العام، أوّلها “الشركة المتحدة للتامين”. كما تمّ تأسيس شركة طيران جديدة هي “شركة البراق للطيران” في العام نفسه. وقد توالى ظهور شركات طيران أخرى خاصة في السنوات الخمس الأخيرة، اذ باتت لدينا شركتان حكوميتان رئيستان هما “الخطوط الجوية الليبية” و “الخطوط الجوية الأفريقية”، فضلاً عن عدد أخر من شركات الطيران التابعة للقطاع الخاص: الاجنحة الليبية، البراق، غدامس، أويا، تاج، سماء المتوسط، برنيق، العالمية. أي ما مجموعة 10 شركات .
س: كيف تقيّمون الوضع الاقتصادي لهذه الشركات؟ أجابنا وليد خليفة:
-هناك “تخمه” في عدد شركات الطيران، فعلى المدى القصير، أظنّ أن هناك منافسة شديدة وربحية متدنية، إن لم تكن معدومة. وبتقديري، فإن قصارى ما تطمح إليه شركات الطيران الليبية، في الوقت الراهن، هو الصمود والمحافظة على البقاء بانتظار إنفراج الأوضاع في بلدنا. وإذا جاءت حسابات البيدر على حسابات الحقل، كما يقال، فإن مستقبلاً واعداً ينتظر تلك الشركات.
سؤال الى السيد نوري: كيف تبرّرون نظرتكم المتفائلة الى أوضاع شركات الطيران على المدى البعيد؟
ج: الطيران الليبي، بمجمله، يعمل على عدد قليل من الخطوط هي تحديداً: تونس، القاهرة، إسطنبول، عمٌان . وهذا وضع لن يستمر إلى ما لا نهاية. فنحن نأمل أن تتمكن شركات الطيران الليبية من تسيير رحلات إلى البلدان الأوربية، كما نعتقد أن إنفراج الأوضاع السياسية في بلدنا سيؤدي إلى طفرة كبيرة في الطيران الداخلي. فليبيا، كما تعلمون، بلد مترامي الأطراف ويوجد فيه 27 مطاراً ومهبطاً يعمل منها 5 مطارات فقط. ولكم أن تتصوّروا الزيادة في حجم الطلب على الطيران الداخلي حينما تعود المطارات المتوقّفة إلى العمل مجدداً، ناهيك عن إحتمال قويّ بأن تدخل ليبيا حلبة المنافسة على أن تكون أحدى البوابات الرئيسة لافريقيا. هناك من يقدّرون أن سوق التأمين الليبي سوف يحتاج إلى 300 طائرة، إذا ما سارت الريح السياسية كما يشتهي شعبنا، أي بأتجاه الاستقرار واستئناف النشاط التنموي الشامل .

س: ما هو حال تأمينات الطيران من ناحية توافر إعادة التأمين، أي الحصول على التغظيات المناسبة في الوقت المناسب؟ أجاب السيد وليد خليفة بازيليا:
-جميع خطوط الطيران العاملة في ليبيا مغطاة بالتأمين لدى شركات تأمين ليبية، حسب القانون الليبي . ونحن لم نصادف أي صعوبات تُذكر في الحصول على تغظيات إعادة التامين خلال عملنا في فرع الطيران في موقع المسؤولية. مرًت فترة واجهنا فيها صعوبات مردّها في الأساس إلى صعوبة تحويل الأرصدة المستحقة لمعيدي التأمين. أظنّ أننا تجاوزنا هذه المرحلة وبات الحصول على تغطيات إعادة التأمين مسألة ميسورة وفي متناول اليد، بإستثناء بعض الفترات التي كانت التغطية خلالها شبه مستحيلة. لكن بفضل الخبرة والعلاقات الشخصية مع الأسواق العالمية تمكّنا من النجاح .
س: ماهي طموحاتكم في ما يتعلق بتأمينات الطيران، أعني طموحات شركة “القافلة للتأمين”؟ أجاب:
-نحن ماضون في تعزيز قدرات العاملين معنا في الإدارة المسؤولة عن تأمينات الطيران. وشركة “القافلة للتأمين” تفخر بأنها تقدّم مستوى طيباً من الخدمات لزبائنها في فروع التأمين كافة. هذه هي رؤيتنا لدورنا في الحياة الاقتصادية لبلدنا. وفي هذا الإطار، نأمل أن نستمر في الترفيع بمستوى خدماتنا في فرع الطيران حتى نتمكّن من الإيفاء بمهام دورنا المهني والوطني.

س: تحدثتما، ضيفان العزيزان، بدرجة من التفاؤل عن مستقبل قطاع الطيران. كيف تفسّران تفاؤلكما المرحّب به من جانبنا؟
ج: الطلب المستقبلي على خدمات النقل الجوي ينتظر أن ينمو بوتيرة عالية في المستقبل في شقّيْه الداخلي والخارجي معاً. أولاً، البنية التحتية القادرة على إستيعاب هذا النمو لن تتوافر الا بعد إعادة تأهيل مطارتنا الدولية المتعددة، وفي مقدّمها مطار طرابلس الدولي الذي نأمل أن يعود أفضل مما كان عليه، مع نهاية العام الحالي وكذلك مطار بنينا (بنغازي) الدولي.
إننا نعوّل، معاً، على العنصر البشري في المقام الأول، ونظنّ أن ليبيا تتمتع بميزة كبيرة وهي أن جميع خدمات الطيران مؤمّنة بعناصر ليبية. هذا ينعكس إيجاباً على الكلفة الإدارية لشركات الطيران الليبية ويعطيها موقعاً مريحاً على مستوى المنافسة مع خطوط الطيران الأخرى.