ماهر مروان الحسين
المحامي ماهر مروان الحسين الذي تولّى الإدارة التنفيذية للإتحاد الأردني لشركات التأمين طوال عشرين عاماً قبل أن ينصرف الى مهنته الأساسية: المحاماة وإعادة تفعيل المكتب الذي أسّسه والده المرحوم مروان، ردّ على اسئلة لـ”صوت عمّان” تزامنا مع ضجة تُثار منذ فترة في سوق التأمين الأردني هي تكبُّد معظم الشركات خسائر مالية بسبب وثائق التأمين الإلزامي للمركبات. وقد جاء هذا الحديث زاخراً بالمعلومات والأرقام والمعطيات التي تُساعد في الوصول الى حلّ يُمكن عن طريقه تفادي هذه الأزمة الآخذة في التمدّد. أما السؤال الذي طُرح على المحامي ماهر الحسين من قِبل الوسيلة الإعلامية “صوت عمّان” فهو: هل تتخلّى شركات التأمين عن رخصة تغطية المركبات وعمودها الفقري “التأمين الإلزامي”؟
ما نوّد الإشارة اليه أولاً ،وبالإستناد الى ما ذكره الأستاذ ماهر في سياق حديثه، هو : أن خسائر شركات التأمين في التغطية الإلزامية للمركبات الأردنية تجاوزت الأربعمئة مليون دينار أردني منذ العام 2001 وحتى تاريخه، وهذه الخسائر لا تغطيها أية أرباح يُمكن تحقيقها من التأمين التكميلي أو الإلزامي من المركبات الأجنبية، لا بل تُلحق خسائر إجمالية بملايين الدنانير سنوياً، وذلك حسب الإحصائيات الرسمية الصادرة عن الأجهزة الرقابية في الأردن، سواء كانت هيئة التأمين سابقاً او وزارة الصناعة والتجارة أو البنك المركزي اليوم.
في الأرقام، يقول الأستاذ ماهر أن عدد المركبات المسجّلة في الأردن هو بحدود مليون وستمئة الف مركبة وأن التي ترتكب حوادث مرورية سنوياً يصل عددها الى مئة وعشرين مركبة تقريباً.
من الأرقام أيضاً، أن شركات أردنية قد انسحبت من السوق وأن هناك ثلاث أو أربع شركات قد يتمّ تصفيتها قريباً بحال لم تقم بتسوية أوضاعها اذ أنها تُعاني مشاكل مالية كبيرة وصعوبة في تسوية أوضاعها، وبالنتيجة سيتمّ اتخاذ قرار بتصفيتها وخروجها من السوق من قبل الجهة الرقابية في الأردن، أي البنك المركزي الأردني. ويقول الأستاذ ماهر الحسين، تعقيباً على هذه المعلومات: “اذا وصلت الأمور الى هذا الحد فيمكننا القول أن قطاع التأمين الأردني أصبح أو سيصبح مؤلفاً من فئتَيْن من الشركات هما فئة الخمسة نجوم وهي الشركات الممتازة وفئة الأربعة نجوم وهي الشركات الجيدة جداً”. يتابع : “أن هذا الوضع ليس صحياً ولا جيداً اذ ليس كل من يريد اقتناء مركبة على سبيل المثال يجب أن تكون من نوع الرولز رويز أو حتى مرسيدس اذ هناك من يبحث عن شركة لتأمين لسيارة على قد الحال، متجرا صغيرا أو سوبرماركت متواضعا لا تتجاوز قيمته العشرة آلاف دينار أي دفع قسط تأمين متواضع لهذه الغاية”.
يعود الأستاذ ماهر الحسين الى الموضوع الأساسي ويقول:”اذا قرّرت هذه الشركات التخليّ عن رخصة التأمين الشمولي للمركبات، فإنه بامكانها الإستمرار بعملها من دون الإعتماد على التأمين الإلزامي كمصدر رئيسي لدخلها السنوي، علماً أن هذا النوع من التأمينات غالباً ما يُحقّق أرباحاً جيدة. أما الخسائر فهي تتأتى من عوامل عدّة، ودائماً بحسب الحسين: منها الرواتب المرتفعة لمدراء شركات التأمين التي تستنزف الأرباح”. لذا وتأسيساً على ما تقدم، فإن شركات تأمين أردنية سوف تتخلى عن بيع بوالص تأمين المركبات وعمودها الفقري التأمين الإلزامي، أي أنها ستقفز من السفينة كما حدث سابقاً، حفاظاً على بقائها ووقف نزيف الخسائر التي تلحق بها معتمدة على فروع التأمين الأخرى والتي تعتبرها مصدر ربح لها.

ينتقل ماهر الحسين الى الحلّ ويقول: “على الجهات المعنية أن تتحرّك وبسرعة كبيرة حفاظاً على سوق التأمين الأردني والذي يشكّل خط الدفاع الأول للمستثمر المحلي والأجنبي بشكل عام والمواطن بشكل خاص جداً لإيجاد حل لمشكلة تأمين المركبات بشكل عام والتأمين الإلزامي بشكل خاص وذلك من خلال إعطاء شركات التأمين الحق في تحديد السعر العادل للقسط (وليس من خلال رفع أقساط التأمين)، مع العلم أن جميع الزيادات المتتالية لقسط التأمين كانت لا تغني ولا تسمن من جوع، وإن الحل الوحيد لحل هذه المعضلة هو إعطاء شركات التأمين الحق في تحديد قسط التأمين العادل، كما تراه مناسباً. اذ لا يجوز ان يتحملّ مليون ونصف مليون مواطن لا يرتكبون حوادث، وزر مئة وعشرين ألف مواطن يرتكبون الحوادث المرورية. لهذا وباختصار شديد جداً فإنه، و في حال تمّ منح شركات التأمين حق تحديد قسط التأمين العادل، فإن المنطق والعقل يقولان بأن شركات التأمين سوف تتهافت على المليون ونصف شخص (الذين لا يرتكبون حوادث) والذين يشكلون ما يقارب الـ 90% من المركبات لغايات استقطابهم سواء من خلال التأمين الإلزامي والتكميلي (الشامل)، ومنحهم عروض وخصومات كبيرة بناء على ذلك. وأما في ما يتعلق في ال 10% من الأشخاص الذين يرتكبون حوادث، فإنه من الطبيعي والمنطقي أن يزيد قسط التأمين عليهم، مع الأخذ بعين الاعتبار أنه لن تتم معاملة الشخص الذي يرتكب حادث واحد كما هو بالنسبة للشخص الذي يرتكب أكثر من حادث، ناهيك عن سبب الحادث والذي سوف يكون السبب الرئيسي في تحديد مقدار زيادة قسط التأمين، بمعنى أنه لن تتم معاملة الشخص الذي يرتكب حادث بسيط سببه مخالفة بسيطة، بنفس القدر للشخص الذي يرتكب حادث بسبب القيادة المتهورة أو السرعة الزائدة أو تجاوز الإشارة الضوئية وحتى تحت تأثير الكحول أو المخدرات وما إلى ذلك من المخالفات الخطرة، مخالفات الدرجة الأولى.
ختاما تجدر الإشارة إلى أن تحديد أسعار التأمين الإلزامي هو السلعة الوحيدة التي يتمّ تحديد سعرها اليوم من قبل حكومة المملكة الأردنية الهاشمية.
























































