الأمير تركي الفيصل بن عبد العزيز متحدثاً
جائزة الملك فيصل العالمية والتي انطلقت في العام 1979 وكرّمت 295 فائزاً، منحت خمس شخصيات عربية وعالمية، مكرمات لتميّزها في مجالات خدمة الإسلام والدراسات الإسلامية والطب والعلوم.
والمكّرمون هم: «جمعية مسلمي اليابان» التي نالت جائزة “خدمة الإسلام”، تقديراً لجهودها الحثيثة في هذا المجال، ولتعزيز التفاهم والتسامح في المجتمع الياباني. فالجمعيّة المذكورة تأسست عام 1952 تحت اسم «مجتمع الأصدقاء اليابانيين»، وعملت على خدمة ورعاية المسلمين هناك، والدفاع عن مصالحهم، كما أولت اهتماماً خاصاً بتعليم النشء المسلم، وتثقيفهم وتمكينهم من فهم دينهم وثقافتهم. يُذكر أن رئيسها يحيى إندو قال في كلمته خلال الحفل، أن “الجمعية حققت منذ تأسيسها العديد من المنجزات التي تخدم الإسلام، وعلى رأسها مشروع أول ترجمة للقرآن الكريم للغة اليابانية من قبل المسلمين، الذي تولاه رئيسها الثاني الراحل عمر ميتا، عام 1972، كما ترجمت عدداً من كتب التفسير، والحديث، والسيرة النبوية، وساهمت في تأليف وترجمة مواد تعريفية بالإسلام وتوزيعها”.
الجائزة الثانية أعطيت للدكتور محمد السمّاك الذي ترك بصمةً في ميدان تلاقي الأديان من خلال دوره الحواري منذ نصف قرن بين المرجعيات الدينيّة المختلفة، فضلاً عن اسهاماته الفعّالة في مؤتمرات حول العلاقة بين الإسلام والمعتقدات الأخرى، وأدواره القيادية في مؤسسات مختلفة مكرّسة للتسامح والسلام. ويتبوّأ السماك حالياً منصب أمين عام اللجنة الوطنية للحوار المسيحي-الإسلامي، والأمين العام للأمانة الدائمة للقمة الروحيّة الإسلاميّة في لبنان.
وفي فرع الدراسات الإسلامية ا
لتي تناول موضوعها هذا العامّ «النظم الإسلاميّة وتطبيقاتها المعاصرة»، تسلّم الدكتور وائل حلاق، أستاذ مؤسسة أفالون للعلوم الإنسانيّة في جامعة كولومبيا، الجائزة الثالثة وذلك لتقديمه مرجعية علمية موازية للكتابات الاستشراقية التقليدية المؤثرة في الجامعات العالمية، ونجاحه في بناء دليل لتطور التشريع الإسلامي عبر التاريخ. أمّا جائزة اللغة العربيّة والأدب التي كان موضوعها هذا العامّ «جهود المؤسسات خارج الوطن العربي في نشر اللغة العربيّة»، فقد قَرَّرت لجنة الاختيار للجائزة، حجبها، نظراً لأن الأعمال المرشحة لم تحقّق معاييرها. الى ذلك، منحت جائزة الطبّ لهذا العام، وموضوعها «علاجات الإعاقات الطرفية» للبروفيسور الأميركي جيري ميندل، مدير مركز العلاج الجيني في NationWide Children’s Hospital، لعمله الرائد في الفحص والتشخيص المبكر، وعلاج المرضى الذين يعانون ضموراً في عضلات الشوكي والحثل العضلي من نمط دوشين، والضمور العضلي لحزام الأطراف. ويعدّ البروفيسور ميندل أول باحث يوضح سلامة وفعالية الجرعات العالية من علاج نقل الجينات بوساطة الارتباط بالفيروس الغدي لمرضى ضمور العضلات الشوكي من النوع الأول، وهو علاج تمت الموافقة عليه عالمياً. وفي كلمته قال ميندل: إن “مبادئ الجائزة التي تعكس رؤية الملك فيصل ومساعيه لتخفيف المعاناة الإنسانية، تتناغم مع رؤيته الشخصيّة والإنجازات التي تحققت خلال حياته، حيث بذل كلّ ما بوسعه لتحسين حياة المرضى المصابين بأمراض عصبية عضلية، وإطالة أعمارهم”.
أمّا في فرع العلوم «علم الحياة»، فمُنحت الجائزة للبروفيسور هاورد تشانغ، الأستاذ في جامعة ستانفورد بالولايات المتحدة؛ لإسهاماته الرائدة في تفسير الدور الذي يلعبه الحمض النووي الريبوزي غير المشفّر في تنظيم وعمل الجينات، بعدما كان من المعتقد أن 98 بالمئة من الحمض النووي البشري عديم الفائدة.
وقام البروفيسور تشانغ بتطوير وسائل مبتكرة للتعريف بالمواقع المنظِمة داخل الحمض النووي الريبوزي منقوص الأكسجين، وكان لهذه الاكتشافات تأثير بالغ الأهمية في تخصص الأحياء الجزيئية وعلم الوراثة، وفي فهم الأمراض البشرية المعقدة.
وذكر في كلمته أن أبحاثهم طرحت تساؤلات عن كيف تقرر الخلايا ومتى وأين تقوم بتشغيل الجينات المختلفة، وكيف يتمّ تمرير هذه القرارات مع مرور الوقت، لتقود الدراسات التي أجراها مع فريقه إلى فئة جديدة من الحمض النووي الريبوزي، تسمى «الطويل غير المشفّر»، والذي يساعد الخلايا على تذكر مصيرها الخلوي، ما أدى إلى معرفة دور الاختلافات الجينية الموروثة في الإصابة بالأمراض، وخاصة المناعية، والمساعدة في التعامل مع الطفرات التي تنشأ في حالات السرطان.
يُذكر أن الأمير تركي الفيصل بن عبد العزيز، هو رئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية. وفي مستهلّ الحفل هنأ الفائزين بالجائزة التي وصفها بأنها «تحمل اسم الشهيد في بلد عتيد، ورايته الإسلام المجيد، وتحت رعاية مليكه الصنديد»، مشيراً إلى أنها تأسّست لتكريم العلم والعلماء من حول العالم الذين يساهمون في تقدم البشرية وخدمة الإنسانية. الى ذلك، أكد الأمير تركي أن “الجائزة – التي بدأت قبل نحو خمسة عقود – تأتي لتكريم المنجز العلمي دون النظر لأي اعتبارات جغرافية أو عرقية أو دينية أو مذهبية، ما جعلها تغدو محل تقدير للجامعات والمراكز العلمية حول العالم”.