بعد توقيع الاتفاقية وتبادلها كانت هذه الصورة للفريقَيْن
مساعدة طبيّة جديدة للبنان قدّمتها الجمعية اللبنانية لمنظمة مالطا التي كانت دائمًا تلتفت إلى لبنان، كما إلى دولٍ أخرى، لتقديم ما يحتاجه القطاع الطبي (وغير الطبي)، تحت شعار “لا أسألكَ عن عرقك أو لونك أو دينك، حسبي أن تقول لي ما هو عذابك”، وهي بذلك تؤكّد هدفها الدبلوماسي – الإنساني. ومن المعروف أنّ هذه المنظّمة هي الأقدم في العالم، إذ نشأت في القدس عام 1048 بهدف تأمين الطبابة لكلّ محتاج، ثمّ انتقلت إلى قبرص فــ رودوس، إلى أن استقرّت في جزيرة مالطا، علمًا أنّ مقرّها الأساس هو روما ولديها علاقات دبلوماسيّة مع 110 دول، فضلاً عن أنّها تحمل صفة مراقب دائم في الأمم المتحدة.
وبحسب المعلومات المستقاة من المنظمة، فإنّ العلاقة الدبلوماسية مع لبنان بدأت في العام 1953 لتُعيّن في أواخر السبعينات سفيرًا لها، ومنذ ذلك الحين، بدأت تطوّر وتُنشئ مراكز صحيّة واجتماعيّة خلال الحروب اللبنانية. وفي العام 2009، وفي أثناء زيارة رسمية لرئيس المنظّمة للبنان، تمّ توقيع اتفاقية بين الدولتَيْن بهدف تطوير التعاون الصحّي والإنساني. ومع مرور الأيّام، أصبح للمنظمة مراكز صحيّة اجتماعيّة خاصّة في المناطق المهمّشة، فضلاً عن مراكز طبيّة متنقّلة ومراكز لرعاية المسنّين وأخرى لضيافة ذوي الاحتياجات الخاصة ومشروع زراعي إنساني. وكان لهذه الجمعية دور بارز في انفجار المرفأ في 4 آب (أغسطس) 2020. في ذلك اليوم المشؤوم، تمّت الاستعانة بالمراكز الطبيّة النقّالة لمساعدة الناس من خلال مئتَيْ متطوّع على الأرض أمّنوا المساعدة وأزالوا الركام ووزّعوا حصصًا غذائية ومواد تنظيف وكذلك استقبلت مراكزها عائلات متضرّرة. وإلى ما تقدّم، أطلقت مشروعًا يتضمّن خدمات الصحّة النفسية والمعاينة الطبية والرعاية المنزلية والعلاج الفيزيائي حتى آخر آذار (مارس) 2021. إلى ذلك، كان لهذه المنظّمة دور ثانٍ خلال انتشار جائحة كوفيد، إذ عزّزت تحرّكها لدعم الجهود المذولة لمواجهة وباء كورونا، ومن جملة ما قدّمته، مستشفًى جامعيًا وأربعة أجهزة تنفّس اصطناعي وألف فحص سريع لفيروس كورونا لمستشفى اوتيل ديو، على سبيل المثال لا الحصر، إذ هي تبرّعت بالكثير من المساعدات، وخصوصًا لقسم الطبابة العسكرية في الجيش اللبناني.
وقبل أيّام، وفي إطار العلاقة التي نشأت بين المستشفى المذكور والجمعية، قدّمت الأخيرة جهازَيْن حديثَيْن، الأوّل جهار للتصوير بالرنين المغناطيسي (IRM) والثاني مجهر لجراحة الأعصاب Microscope de neurochirurgie، على أن يستفيد منهما بشكل خاص المعوزون الأكثر حاجة إليهما. ولوضع هذه الاتفاقية موضع التنفيذ العملي، فقد أنشأ مستشفى اوتيل ديو، بعد توقيع الاتفاقية، حسابًا خاصًا لمساعدة الأكثر من هم أكثر حاجة إلى تلقّي العلاج ضمن أسُسٍ معيّنة.
تأتي هذه المساعدة عقب تعاون بين المستشفى وجامعة القديس يوسف USJ وشركة “ليا اسوركس” تمخّض عن إطلاق منتج استشفائي علاجي عبارة عن بطاقة استشفائية بكلفة متدنية. في ذلك اليوم الذي أُطلق فيه هذا المنتج، كان لرئيس جامعة القديس يوسف الأب سليم دكاش كلمة طالب فيها مدير المستشفى السيد نسيب نصر، وهو بالمناسبة شقيق السيد لبيب نصر المدير التنفيذي في شركة “ليا أسوركس”، بمراعاة المعوَزين من باب التعاون والتعاضد في هذا الظرف الصعب. وتأتي المساعدة المالطية وكأنّها استجابة لمطالب الأب دكاش مع أنّها ليست كذلك، إذ بين هذه الجمعية ومستشفى أوتيل ديو علاقات قديمة واتفاقيات تعاون موقّعة، آخرها هذه الاتفاقية التي جرى تبادلها بين مدير المستشفى السيد نسيب نصر والجمعية.