من الاجتماع
مجلس كنائس الشرق الأوسط الذي يُعتبر واحداً من السلطات الروحية المؤثرة في الديانة المسيحية بكافة فروعها، شجب أعضاء لجنته التنفيذية بشدة في اجتماع عقدوه في بيروت في مقر المجلس يومَيْ 17 و 18 الجاري (نوفمبر)، “الحرب المستمرة في فلسطين التي تدمّر البشر والحجر، وبشكل خاص في قطاع غزة”، مندّدين بأشكال العنف جميعها ومن أي جهة أتت، وقد خلّفت الآلاف من الضحايا والجرحى والمصابين، ولا سيما في صفوف الأطفال والمسنين والنساء. وطالب أعضاء اللجنة “بالوقف الفوري والنهائي لإطلاق النار، وإنهاء الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والجرائم ضد الإنسانية بحق الشعب الفلسطيني، وإطلاق سراح جميع الأسرى، والمباشرة في إرسال الإغاثة والمساعدات الضرورية والملحة إلى الشعب المنكوب الذي يعاني الجوع والتشرد، مناشدين الكنائس في العالم والمجتمع الدولي وجميع أصحاب الإرادة الحسنة، بذل كل الجهود بغية إسكات الأسلحة وإحلال السلام العادل والدائم والشامل، من خلال إنهاء الاحتلال والحصار اللذين أديا إلى انفجار ما نراه اليوم من حرب وحشية لا تحترم المواثيق الدولية التي تحمي المستشفيات والمدارس ودور العبادة والسكان المدنيين”، ودان المجتمعون “هذه الأفعال غير الإنسانية والتي تتعارض مع إيماننا المسيحي”.
ترأس الإجتماع الأنبا أنطونيوس، مطران القدس والشرق الأدنى للأقباط الأرثوذكس، بحضور ممثّل عن رئيس المجلس عن العائلة الأرثوذكسية الشرقية البطريرك يوحنا العاشر بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس، هو المطران أنطونيوس الصوري، متروبوليت زحلة وبعلبك وتوابعهما، فضلاً عن القس الدكتور بول هايدوستيان، رئيس إتحاد الكنائس الأرمنية الإنجيلية في الشرق الأدنى ورئيس المجلس عن العائلة الإنجيلية، والبطريرك روفائيل بدروس الحادي والعشرين ميناسيان كاثوليكوس بطريرك كيليكيا للأرمن الكاثوليك ورئيس المجلس عن العائلة الكاثوليكية، وقد مثّله المطران بطرس مراياتي رئيس أساقفة حلب. كما كانت هناك مشاركة عن بُعد لأعضاء اللجنة التنفيذية من لبنان وسوريا والعراق ومصر والأردن وقبرص وفلسطين، وهؤلاء ممثلون لكنائس الشرق الأوسط الأعضاء في المجلس. كذلك شارك الأمين العام للمجلس الدكتور ميشال عبس والأمناء العامون المشاركون وفريق عمل الأمانة العامة من مدراء الدوائر والأقسام وإداريين.
في بداية الاجتماع، وقف المجتمعون دقيقة صمت، وصلوا لراحة نفوس الضحايا الذين سقطوا جراء الحرب الدامية في فلسطين، ولا سيما في قطاع غزة.
خلال الجلسة، عرض د. ميشال عبس لأبرز الأنشطة والمهام التي اضطلع بها المجلس طوال العام الجاري، بما في ذلك تقارير دوائر المجلس ومشاريعها، في المجالات اللاهوتية والمسكونية والإنسانية والإغاثية والإعلامية، إضافة إلى التقرير المالي والآفاق المستقبلية لاستدامة عمل المجلس، والتنظيمات والإجراءات الداخلية لدى مكاتبه كافة. ثم ناقش المجتمعون البرنامج المقترح لليوبيل الخمسين لتأسيس مجلس كنائس الشرق الأوسط طوال العام المقبل 2024، مستعرضين بروح الشكر للرب، المسار التاريخي للمجلس منذ تأسيسه في نيقوسيا – قبرص عام ١٩٧٤، ومتوقفين عند الإستعدادات والتحضيرات الجارية لهذه المناسبة التاريخية.
الى ذلك، تناول المجتمعون موضوع الإبادات الجماعية وتهديد الكرامة الإنسانية والتراث الثقافي وإفلات مرتكبيها من أي محاسبة أو عقاب، واستمرارها حتى أيامنا. واطلعوا على الرسالة التي سيوجهها المجلس إلى مؤتمر التغيير المناخي الذي سيعقد في دبي مطلع شهر كانون الأول (ديسمبر). كذلك نوّه المجتمعون باليوم المسكوني للمخطوفين والمغيبين قسرا، من إكليروس وعلمانيين، والذي أقامه المجلس في 22 نيسان (أبريل) 2023، ولا سيما بعد مرور أكثر من عشر سنوات على اختطاف مطرانَيْ حلب يوحنا ابراهيم وبولس يازجي. وأثنوا على عمل فريق الأمانة العامة للمجلس ودوائره وأقسامه، وأعمال الخدمة والإغاثة التي يؤديها لمد يد المساعدة إلى جميع المحتاجين في ظلّ الظروف العصيبة التي تمر بمنطقة الشرق الأوسط، وكذلك مساعدة المتضررين من جراء الزلزال الذي أصاب سوريا وتركيا. كما شددوا على أهمية التعاون والعمل المشترك ضمن رابطة الكليات والمعاهد اللاهوتية في الشرق الأوسط، وتفعيل دور الشبيبة وتعزيز مشاركتها في حياة الكنائس وعمل المجلس.
والى ما تقدّم، تطرّق المجتمعون إلى الأوضاع العامة في بلدان الشرق الأوسط، داعين إلى:
-أولا، تجديد الدعوة بإلحاح إلى المسؤولين السياسيين في لبنان لتحكيم ضميرهم الوطني وحسّ المسؤولية لديهم، وخاصة أعضاء مجلس النواب، لانتخاب رئيس للجمهورية على الفور، تمهيدا لاستعادة انتظام عمل المؤسسات الدستورية، وانتشال البلد من هوة الأزمات التي يعانيها، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، وكذلك بذل الجهود للحؤول دون امتداد الحرب الدائرة في فلسطين إلى لبنان.
-ثانيا، السعي للحد من معاناة الشعب السوري من خلال رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة عليه والتي تدفع السوريين الى الهجرة، وكذلك التضامن مع العراق الذي يعمل على استعادة عافيته رغم الصعوبات والتحديات، دعما للثبات في أرض الوطن.
-ثالثا، الإشادة بجهود المسؤولين في مصر والأردن لتعزيز الاستقرار وقيم الحرية والعدالة وحقوق الإنسان في البلدين، وتثمين دورهما في الحؤول دون تهجير الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته.
-رابعا، المطالبة بإيقاف الحرب الأهلية في السودان، وتكرار الدعوة إلى توحيد جزيرة قبرص.
-خامسا، تفويض اللجنة التنفيذية للأمين العام توجيه كتاب مفتوح إلى رؤساء الكنائس والمجالس المسكونية والمنظمات الدولية حول موقف كنائس الشرق الأوسط من أحداث فلسطين والشرق الأوسط.
وفي الختام، رفع المجتمعون الشكر إلى الرب يسوع الذي رافقهم في اجتماعهم وأعمالهم، متضرعين إليه، وهو رب السلام، أن يبسط سلامه وأمانه في العالم بأسره، وبشكل خاص في الأراضي المقدسة وفي الشرق الأوسط، فتصمت الأسلحة، وتنتهي الحروب، وتزول المحن والأزمات التي طال أمدها، وينعم الجميع بالاستقرار والطمأنينة، واثقين بوعد الرب للمؤمنين به والمتكلين عليه: “لا تخافوا… ثقوا اني قد غلبت العالم” (يوحنا 16: 33).