نقولا شماس
قانون الإيجارات غير السكنية الذي تمّ اقراره في مجلس النواب مؤخراً، لا يزال عرضة للإنتقادات، وأبرز من أدلى بدلوه في هذا المجال، هو رئيس جمعية تجار بيروت السيد نقولا شمّاس الذي أشار في تصريح أخير له أن “هذا القانون يحتاج الى تعديلات جوهرية لكي يتلاءم مع ما تطالب به الجمعية منذ سنوات، بحيث يكون منصفاً للمستأجرين وغير ظالم للمالكين، وذلك لجهة مهلة التنفيذ والإخلاء التي يجب أن تُحدّد بـ ١٠ سنوات بدلاً من الـ ٤ كما أقرّت، وكذلك لجهة قيمة الإيجار التي تمّ تحديدها بـ ٨٪ من قيمة المأجور، في حين تطالب الجمعية أن لا تتجاوز تلك النسبة الـ ٤٪، أسوة بالإيجارات السكنية”. تابع قائلاً: “ان الأوضاع الإقتصادية الراهنة، لا سيما ما وصلت إليه من إنهيار بعد السابع عشر من تشرين الأول ٢٠١٩، والمزيد الذي تعرّض له الكثير من المؤسسات التجارية بعد إنفجار المرفأ ، والمصاريف الباهظة التي تسبّب بها الإنفجار لجهة إعادة التأهيل والتشغيل، وأخيراً ما آلت إليه حركة الأسواق بعد بدء الحرب في غزّة، وكلّها محطّات وضعت التجار على مسار إنهياري نظراً لإنعدام السيولة والملاءة، ولغياب التمويل والموارد المطلوبة للإلتزام بمندرجات القانون بصيغته الحالية وتحمّل الزيادات المفروضة. وسيستحيل على العديد من التجار الإيفاء بها، الأمر الذى سوف يتسبّب حتماً بمزيد من توقّف النشاط والإقفالات، فضلاً عن خسارة أثمن ما يملكه التاجر، ألا وهو “الخلو” التجاري”.
والى هذه اللحظات التي أوردها في تصريحه، وصف شماس الوضع الذي آل اليه حال التجار والذي “بلغ راهناً قعر القعر، بعدما إنخفضت أرقام أعمالهم بنسبة ٧0 الى ٨٠ بالمئة نتيجة الأوضاع السائدة وتراكم الظروف السلبية منذ أكثر من ثلاث سنوات، وبعدما تهالكت البنية التجارية في البلاد مع إقفال تدريجي طاول اليوم أكثر من ٥٠ بالمئة من المؤسسات والمحال التجارية: فالأموال محجوزة في المصارف، والمبيعات لا تغطّي الأعباء التشغيلية، والإفلاسات تتوالى والإستمرارية أصبحت في خانة المعجزات “.
وتساءل: “هل المطلوب أن يُفسح المجال أمام الغرباء والتجار غير اللبنانيين لإجتياح الأسواق، والحلول مكان التاجر اللبناني الأصيل الذي يحافظ على مصلحته برموش العين، أباً عن جدّ، مع كل ما ينتج عن ذلك من تحوّل وتغيير لصورة وهوية ومهنيّة القطاع التجاري اللبناني الذي لطالما كان، ولعقود طويلة، متميّزاً، لا بل فريداً، في محيطه؟”
ختم قائلاً: “لذا، تعاود جمعية تجار بيروت المطالبة الملحّة من الجهات المعنية بأخذ تلك الوقائع والأوضاع بعين الإعتبار. فلطالما كان للمشرّع اللبناني الوعي والمسؤولية والجرأة لإعادة النظر في النصوص القانونية حيثما يتوجّب، ولا يتجاهل الحجج والأسباب الموجبة التي يتقدّم بها القطاع الخاص اللبناني بشكل عام، والقيّمون على القطاع التجاري بشكل خاص، ويأخذها بعين الإعتبار للتوصّل الى القرارات الحكيمة والصائبة. وعليه، نتمنّى اليوم على المشترع الكريم أن يعيد النظر في القانون المتعلّق بالإيجارات غير السكنية، بسبب الواقع الراهن الأليم، وبخاصة في البنود التى تمّ إقرارها مؤخراً على حين غفلة، لاسيما تلك المتعلّقة بمهل التنفيذ، كما بالنسبة المئوية المفروضة، وذلك حرصاً على إستمرارية النشاط التجاري الوطني السليم، ومساهمةً في إستعادة الحركة الإقتصادية الطبيعية في البلاد”.