الكوكايين داخل كيس النايلون الصغير
كشفت نتائج دراسة جديدة أجراها فريق من الأطباء من كلية الطب بجامعة نورث كارولينا الأميركية ونشرتها دورية «علم
الأعصاب» ، أن استمرار تعاطي الكوكايين يُضعف تواصل الشبكات العصبية المهمة في الدماغ بعضها مع بعض، ما يتسبّب بالكثير من التغييرات ويًمكن أن تؤثّر في مدى استجابة مدمني الكوكايين لمواقف الحياة اليومية، وكذلك تواصل الشبكات العصبية المهمة في الدماغ، بما في ذلك شبكة الوضع الافتراضي (DMN) التي تنشط بشكل خاص عند الانخراط في الأفكار الدّاخلية، كأحلام اليقظة، أو التفكير في الماضي أو المستقبل أو التصوّرات عن النفس، والمسؤولة أيضاً عن التفكير الإبداعي، والشبكة البارزة (SN) التي تعمل على الكشف عن محفّزات التفكير وتصفيتها، والشبكة القشرية الجانبية (LCN) المسؤولة عن الوظائف الحسّية الجسديّة والحركيّة لدى البشر.
وفي بيان صحفي صدر بُعَيْد نشر البحث في مجلة «علم الأعصاب»، أكّد الناطق باسم الفريق الطبي أن ” النتائج ستقود الى رؤى جديدة لعمليات الدّماغ التي تكمن وراء إدمان الكوكايين، ما يسمح بتطوير الأساليب العلاجية، وتحديد علامات التصوير الدالة على اضطرابات تعاطي الكوكايين”.
معلوم أن الدماغ يعمل مثل الأوركسترا، إذ يكون لكل عازف دور خاص حاسم في إنشاء مقطوعة موسيقية متماسكة. مع ذلك تحتاج أجزاء معيّنة من الدماغ إلى العمل معاً لإكمال كثير من المهام الحياتية المختلفة، وهو ما علّق عليه الدكتور لي مينغ هسّو، الأستاذ المساعد في علم الأشعة، والمؤلف الرئيسي للدراسة قائلاً: ” إن تعطيل الاتصال بين تلك الشبكات الدّماغية يمكن أن يزيد من صعوبة التركيز أو التحكّم في النبضات أو الشعور بالمحفّزات الخارجية والداخلية”. أضاف: ” يمكن أن تؤثّر هذه التغييرات في مدى استجابة المدمنين لمواقف الحياة اليومية، كما أنها تجعل التعافي ومقاومة الرغبة الشديدة للإدمان أكثر صعوبة”.
يُشار الى أن الباحثين احتاجوا أثناء الدراسة إلى نموذج حيواني (الفئران) لفهم العلاقة بين اتصال الدّماغ وتطوّر الاعتماد على الكوكايين، إذ يمكّن النهج السلوكي، المقترن بتقنيات التصوير العصبي المتقدمة، من فهمٍ أعمق لتكيّف الدّماغ مع تعاطي المخدرات لفترات طويلة، ويسلّط الضوء على كيف يمكن المواد المسببة للإدمان أن تغيّر عمل شبكات الدماغ الحيوية.
وبحسب د. هسّو، فإنّ “التحليل الطولي التفصيلي لتغيّرات معينة في شبكة الدّماغ، قبل عمليات التعاطي للكوكايين وبعدها، أظهر رؤى جديدة ومفيدة”.
وكان فريق البحث قد استخدم فحوصاً بالتصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفية لاستكشاف التغيّرات التي تحدث في ديناميكيات شبكة الدّماغ على النماذج التي تتعاطى الكوكايين.
ولاحظ هؤلاء تغييرات كبيرة في اتصالات الشبكة، خصوصاً بين «شبكة الوضع الافتراضي» و«الشبكة البارزة». وكانت هذه التغييرات أكثر وضوحاً مع زيادة تعاطي الكوكايين على مدى 10 أيام من التعاطي المستمر.
ووفق الدراسة، توفِّر النتائج هدفاً محتملاً للحدّ من الرغبة الشديدة في تعاطي الكوكايين، وبالتالي مساعدة أولئك الذين يرغبون في التعافي من الإدمان. كما يمكن أن تكون التغييرات في اتصالات هذه الشبكات أيضاً بمثابة مؤشرات تصوير حيوية مفيدة لتتبّع عمليات إدمان الكوكايين.