المرأة التي اجتازت الخطّ الأبيض ضمن الدائرة الحمراء وخلفها مواجهة بين عسكريّين من كلا الجانبَيْن
بقلم غازي عبدالله
الصورة المنشورة مع المقال هي لإمرأة ركضت بكامل قوّتها حتّى آخر نفس، كما يُقال، فيما كان أفراد من الجيش يَجْرون خلفها بكلّ طاقتهم للقبض عليها. وقبل أن يُمسكوا بها في اللحظة الأخيرة، قفزت من القاطع الشرقي إلى القاطع الغربي، مجتازة الخطّ الأبيض. وكان يكفي لهذه القفزة أن تنقلها من مكان إلى مكان لتتغيّر أشياء كثيرة في حياة هذه المرأة. لقد عَبَرَت خطًّا فاصلاً بين شطْرَيْ وطن، وكلّ شطر يحكمه نظام... عَبَرَت من الاشتراكيّة إلى الرأسماليّة ومن نظام اقتصادي موجّه إلى نظام ليبرالي حرّ، ومن شطر يقمع الحريّات إلى شطر يقدّسها..، وهكذا…
قفزة واحدة أخرجتها من المانيا الشرقيّة وأدخلتها إلى المانيا الغربيّة وغيّرت مصيرها إلى الأبد.
الصورة التقطت قبل تحطيم جدار برلين في 13 حزيران 1990 وتوحّد المانيا وانتصار الشطر الغربي على الشطر الشرقي وعودة اللحمة إليهما، وما العودة إليها اليوم بالتحديد إنّما لنقول أنّ التغيير في غالب الأحيان يكون مرهونًا بخطوة، وهو ما تحتاج إليه دول عربيّة عديدة وفي مقدّمها لبنان الغارق في انقسام كبير، بل كبير جدًّا، انقسام مذهبي طائفي وحتّى ديني، وسيستمرّ في هذا الانقسام الذي يزداد توغّلاً في العمق، ما لم تحصل هذه القفزة التي لا بدّ أن تنقله من حال إلى حال!
والقفزة مطلوبة من حُكم رشيد يضرب بيد من حديد ويوقف هذا التوغّل العميق باتّجاه جهنّم. ومَنْ هو قادر على قلب الطاولة، هو حتمًا شخص شجاع لا يهاب الموت ولا يحسب له أيّ حساب، متعالٍ عن المصالح الشخصيّة، مترفّع عن الصغائر والدسائس وعن مبدأ فرّق تَسدْ…!
ومثل هذه الصّفات إذا وُجِدت في حاكم، تكون بحدّ ذاتها القفزة المطلوبة!
انظرْ، عزيزي القارئ إلى الصّورة جيّدًا وتمعّن ولا تضيّع وقتك بـ … المشاحنات التي لا يستفيد منها إلاّ الحاكم الأرعن!