الحاسوب الكمّي
بهدف المساعدة في تسريع الفتوح العلمية في مجال الطبّ الحيوي، وقعّت منظومة الرعاية الصحية العالمية كليفلاند كلينك، اتفاقية شراكة مع عملاقة الحوسبة العالمية IBM للحصول على الحاسوب Quantum System One الذي يُعدّ الأول في العالم المخصّص لأبحاث الرعاية الصحية. وتُشكّل هذه الإتفاقية محطة بارزة في الشراكة بين كليفلاند كلينك و IBM التي كانت قد أُبرمت في العام 2021 باسم Discovery Accelerator ، ومدة سيران هذا العقد عشر سنوات، لتعزيز وتيرة البحوث الطبية الحيوية باستخدام الحوسبة الكمية العالية الأداء والذكاء الاصطناعي. وقد أميط اللثام عن النظام الجديد في حدث رسمي ضمّ قادة من IBM وكليفلاند كلينك، الى الدكتورة سوزان موناريز نائب مدير وكالة المشاريع البحثية المتقدّمة للصحة، وشونتيل براون عضوة الكونغرس، ونائب حاكم ولاية أوهايو جون هوستد، وعمدة كليفلاند جستن بيب.
وتُعدّ الحوسبة الكمية، أو الكمومية، تقنية ناشئة تتطوّر بسرعة وتسخّر قوانين ميكانيكا الكمّ لحلّ المشكلات التي لا تستطيع أقوى أجهزة الحواسيب العملاقة اليوم حلّها بطريقة عملية. ويُمكن هذه القدرة على الاستفادة من هذه المجالات الحوسبية الجديدة، أن تُساعد الباحثين في تحديد الأدوية والعلاجات الجديدة بسرعة أكبر.
بالمناسبة، أكّد الدكتور توم ميهاليفيتش، الرئيس التنفيذي لكليفلاند كلينك، رئيس كرسي مورتون ماندل، أن “هذا الإنجاز مَعْلَم بارز في الشراكة مع IBM، تبيّن أن الجانبين يسعيان لاستكشاف طرق جديدة لتطبيق قوة الحوسبة الكمية في الرعاية الصحية”. أضاف: “تنطوي هذه التقنية على وعود هائلة من شأنها، إذا تحققت، أن تُحدث ثورة في الرعاية الصحية وتسرّع الخطى نحو تقديم حلول علاجية جديدة للمرضى، اذ أن تقنية الحوسبة الكمية وغيرها من تقنيات الحوسبة المتقدمة الأخرى، تساعد الباحثين على معالجة المسائل العلمية الذي ظلّت عصيّة على الحلّ، وإيجاد علاجات جديدة للمرضى المصابين بأمراض مثل السرطان والزهايمر والسكري”.
من ناحيته، قال آرفيند كريشنا، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة IBM، إن “الحاسوب الجديد Quantum System One يتيح لفرق الباحثين المرموقين في كليفلاند كلينك الكشف عن تطوّرات علمية جديدة في البحوث الطبية الحيوية”. معرباً عن أمله في أن يتمكّن الجانبان من “إطلاق حقبة جديدة من الاكتشافات المتسارعة، من خلال الجمع بين قوة الحوسبة الكمّية والذكاء الاصطناعي والتقنيات المستقبلية الأخرى من جهة، وريادة كليفلاند كلينك الشهيرة عالميًا في مجال الرعاية الصحية وعلوم الحياة من الجهة المقابلة”.
وتقوم شراكة كليفلاند كلينك و IBM، المسمّاة مشروع Discovery Accelarator، على مجموعة من أحدث IBM في تقنيات الحوسبة، كالحوسبة عالية الأداء عبر السحابة المختلطة والذكاء الاصطناعي. ويتعاون الباحثون من الجانبين في العمل على مجموعة من المشاريع باستخدام هذه التقنيات المتقدّمة لتوليد كميات هائلة من البيانات وتحليلها بهدف تعزيز جهود الأبحاث.
يُشار الى أن الشراكة بين الجانبين، أدّت الى تأسيس مشروعات متعددة تستفيد من أحدث تقنيات الحوسبة الكمومية والذكاء الاصطناعي والسحابة الهجينة، للمساعدة في تسريع الاكتشافات في البحوث الطبية الحيوية. وتشمل هذه المشروعات:
-تطوير الحوسبة الكمية بهدف فحص الأدوية التي تستهدف بروتينات معينة، وتحسينها.
-تحسين نموذج التنبؤ الكمّي المعزّز لمخاطر القلب والأوعية الدموية بعد إجراء عمليات جراحية غير قلبية.
-تطبيق الذكاء الاصطناعي للبحث في نتائج تسلسل الجينوم وفي قواعد البيانات الكبيرة للأدوية للعثور على أدوية حالية فعّالة يمكن أن تساعد المصابين بالزهايمر وغيره من الأمراض.
ويُعد مشروع Discovery Accelarator أيضًا أساسًا تقنيًا للمركز العالمي لأبحاث مسبّبات الأمراض وصحّة الإنسان التابع لكليفلاند كلينك، وهو جزء من منطقة كليفلاند للابتكار. ويجمع المركز، الذي يدعمه استثمار بقيمة 500 مليون دولار من ولاية أوهايو و”جوبز أوهايو” وكليفلاند كلينك، فريقًا يركز على دراسة مسببّات الأمراض الناشئة والأمراض المرتبطة بالفيروسات، والاستعداد لها والوقاية منها. ويستفيد الباحثون العاملون تحت مظلة المشروع من تقنيات الحوسبة المتقدّمة لتسريع الوصول بالأبحاث إلى نتائجها المتوخّاة من علاجات ولقاحات.
وينطوي جزء كبير من التعاون على الاهتمام بتعليم القوى العاملة المستقبلية، ايجاد فرص عمل لتنمية الاقتصاد. ويجري العمل على تصميم منهج تعليمي مبتكر لمشاركين من المدارس الثانوية وحتى المستوى الوظيفي، يتيح برامج تدريب وشهادات في علوم البيانات وتعلّم الآلات و”الحوسبة الكمية” لبناء القوى العاملة الماهرة اللازمة لإنجاز أحدث البحوث الحاسوبية في المستقبل. كذلك، تُقيم كليفلاند كلينك و IBM ندوات بحثية ومحاضرات وورش متخصصة لكل من الأوساط الأكاديمية والمؤسسات في مختلف القطاعات والجهات الحكومة، إضافة إلى عامّة الجمهور، بهدف بناء شريحة واسعة من المتخصصين في الحوسبة في كليفلاند.
يُذكر أن IBM شركة عالمية رائدة في تقديم الخدمات السحابية المختلطة والذكاء الاصطناعي وخدمات الأعمال، وتساعد عملاءها في أكثر من 175 دولة على الاستفادة من الرؤى المستمدَّة من بياناتهم وتبسيط العمليات التجارية وتقليل التكاليف واكتساب الميزة التنافسية في مجالات تخصصهم. ويعتمد ما يقرب من 3,800 جهة حكومية ومؤسساتية في مجالات البنية التحتية الحيوية، مثل الخدمات المالية والاتصالات والرعاية الصحية، على منصة IBM السحابية الهجينة وRed Hat OpenShift لإحداث التأثير المنشود في مسيرة تلك الجهات نحو التحوّل الرقمي بسرعة وكفاءة وأمان. وتقدم ابتكارات IBM في مجالات الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمية والحلول السحابية التخصصية وخدمات الأعمال خيارات مفتوحة ومرنة للعملاء، وذلك بدعم من التزام الشركة الراسخ بالثقة والشفافية والمسؤولية والشمولية والخدمة.
أما كليفلاند كلينك فهي مؤسسة طبية أكاديمية غير ربحية متعددة التخصّصات، تجمع بين الرعاية الطبية وأنشطة البحوث والتعليم، وتتخذ من كليفلاند في ولاية أوهايو مقراً لها. تأسست كليفلاند كلينك في العام 1921 على أيدي أربعة أطباء مرموقين بهدف تزويد المرضى بخدمات رعاية متميزة ترتكز على مبادئ التعاون والتعاطف والابتكار، وقد نجحت في تحقيق العديد من الإنجازات الطبية المهمة، مثل مجازة الشريان التاجي وأول عملية زرع وجه في الولايات المتحدة. وهو يُعتبر أفضل المستشفيات في الولايات المتحدة ونال أرفع تصنيف ضمن أفضل المستشفيات في الولايات المتحدة.
يبلغ عدد موظفي كليفلاند كلينك 73 ألف موظف في مختلف أنحاء العالم، منهم أكثر من 5,050 من الأطباء والباحثين و17,800 من الممرضين والممارسين المختصين المسجلين في 140 من التخصصات الطبية والتخصصات الدقيقة. وتتضمن شبكة مرافق كليفلاند كلينك الصحية المشتملة على 6,500 سرير، المبنى الرئيسي الواقع على مساحة 173 فداناً بالقرب من وسط مدينة كليفلاند، و22 مستشفى وأكثر من 220 مؤسسة للعيادات الخارجية، بينها مواقع في شمال شرق أوهايو وجنوب شرق فلوريدا ولاس فيغاس ونيفادا، بالإضافة إلى أخرى في العاصمة البريطانية لندن ومدينة تورونتو الكندية والعاصمة الإماراتية أبوظبي. وفي العام 2021، سجلت شبكة كليفلاند كلينك الصحية 10.2 مليون زيارة للعيادات الخارجية 304,000 حالة دخول للمستشفى، علاوة على إجراء 259,000 عملية جراحية، وجاء المرضى من جميع الولايات الأميركية ومن أكثر من 185 دولة حول العالم.