طفلان يُساهمان في تزيين شجرة صنعية
ويحتفل دول العالم بعيدَيْ الميلاد ورأس السنة. وإذا كان ميلاد السيد المسيح الذي يسبق رأس السنة هو الأكثر اهتماماً عند المسيحيين خصوصاً، فإن شعوباً تنتمي الى طوائف ومذاهب غير مسيحية (إسلامية على وجه التحديد)، غالباً ما تستعد لهذا اليوم بتحضير ما يُعرف بـ “شجرة الميلاد” وزينتها المتنوّعة التي يفرح بها الأطفال على وجه الخصوص الذين ينتظرون “بابانويل” (الشخصية الخرافية)، لتلقّي كلّ منهم هدايا منوّعة يحملها معه ويكون الأهالي قد اشتروها لأولادهم لإدخال الفرح الى نفوسهم. وقد درجت العادة أن تُوزّع هذه الهدايا قرب هذه الشجرة المضيئة وعلى أصوات جرس صغير يحمله هذا الآتي بزّيه الأحمر وبقبعته ولحية بيضاء كثّة وطويلة. وغالباً ما نجد أسفل شجرة الميلاد (وهي قد تكون طبيعية أو صنعية) مجموعة من الهدايا يتمّ تبادلها بين أفراد العائلة ليلة العيد.
ومع أن هذا العيد السنوي لا أساس دينياً له بل هو بدعة “وثنية”، كما يقول رجال دين مسيحيون، الا أن هذا التقليد يبقى مناسبة ذات مفاعيل مهمة لتحريك الإستهلاك وبالتالي العجلة الإقتصادية.
من ذلك، ووفق استطلاعات أُجريت في الولايات المتحدة، فإن الأميركيين يشترون سنوياً في مثل هذا الوقت، ما بين 35 و50 مليون شجرة ميلاد طبيعية، فيما يعمد آخرون إلى إخراج أشجار صنعية من أماكن التخزين في المنازل، استعداداً لهذين العيدَيْن. وأظهرت الإستطلاعات أنّ ثلاثة أرباع الأُسر الأميركية لديها شجرة ميلاد، ما يطرح تساؤلاً بشأن ما إذا كانت الشجرة الطبيعية أو الصنعية لها تداعيات على البيئة وبالتالي على المناخ الذي تنعقد مؤتمرات الـ COP لها، وآخرها COP 28 الذي استضافته مدينة اكسبو دبي.
أستاذ علم الغابات بجامعة ولاية ميسيسبي الأميركية كيرتس فاندرشاف، ردّ على هذا السؤال في مقال كتبه ونشره موقع The Conversation، “إنّ ثمة مزايا وعيوباً للأشجار الطبيعية والصنعية”، موضحاً أنه “عندما تكون أشجار الميلاد الطبيعية حيَّة وفي طور النمو، فإنها تمتصّ ثاني أكسيد الكربون من الهواء، ما يساعد في الحدّ من ظاهرة الاحتباس الحراري. ولكن عندما تُقطع لاستخدامها في موسم الأعياد، والتخلُّص منها لاحقاً، فإنها تبدأ بالتحلُّل وينبعث منها ثاني أكسيد الكربون مجدداً”.
من الناحية العلمية (الإيجابية)، فإنّ جذور تلك الأشجار الباقية في التربة، يقول هذا العالم في مقالته، ستستمر في تخزين الكربون مؤقتاً، ولهذا فهو ينصح باختيار شجرة من منطقة قريبة، لأنّ نقلها على متن شاحنات من أماكن بعيدة يؤدّي إلى انبعاث العوادم والغازات المسببة للاحتباس الحراري. فضلاً عن أنه لا بدّ من اختيار أشجار تُزرع في غابات تُراعى فيها معايير حماية التربة من التآكل، ولا تُسقى بمياه تحتوي على أسمدة أو مبيدات.
لكن موضوع حماية البيئة لا يقتصر على ما سبق ذكره، اذ بعد انتهاء موسم الأعياد، ودائماً حسب فاندرشاف، ينبغي اختيار الطريقة الصحيحة لإعادة تدوير الشجرة، بدلاً من ترك أخشابها للتحلُّل في مستودعات النفايات، لأن التحلّل يؤدي إلى انبعاث غاز الميثان المُساهم في ظاهرة الاحترار العالمي، فيلجأ البعض إلى استخدام أخشابها وسيلة للتدفئة في الأفران الحيوية داخل المباني، أو إطعامها للماعز.
بالنسبة لأشجار الميلاد الصنعية، فرغم أنها مصنوعة من مواد بترولية تستغرق مئات السنوات للتحلُّل، الاّ أن تخزينها طويلاً (20 عاماً أو أكثر) وتمّ تلفها فإنه ينصح بإيجاد “قطع غيار” بديلة لإصلاحها بدلاً من التخلُّص منها وشراء شجرة صنعية جديدة. ورغم أنّ 80 في المئة من هذه الأشجار تُصنع في الصين، فمن الأجدر البحث عن أشجار مصنوعة محلياً للحد من كمية غازات الاحتباس الحراري التي تنبعث خلال عملية الشحن.
لذا يقول هذا العالم: “إذا كنت تعتزم شراء شجرة ميلاد صنعية، فمن الأفضل البحث عن أشجار مصنوعة من مواد أُعيد تدويرها، واختيار الأقصر طولاً والأصغر تصميماً للتقليل من كمية البلاستيك المُستخدَمة في صناعتها”.