الخطأ الطبي وارد في كل لحظة
في المؤتمر الدولي السادس حول “الحماية القانونية والتشريعات للمعاملات الإلكترونية”، الذي أقيم مؤخرًا في الرباط بالمملكة المغربية، حذّر د. عبد السلام عبدالله الشهري، المشارك عن المملكة العربية السعودية، وهو المختص في هذا المجال، من “المخاطر القانونية التي تتواكب مع الثورة الرقمية في مجال الرعاية الصحية”، مبينًا أن “أبرز مواطن الخطورة تتعلّق بمصداقية ودقة البيانات، اذ يعتمد الذكاء الاصطناعي على مصادر ضخمة منها، ما قد يؤدي أحيانًا إلى تحيزات أو نتائج غير دقيقة، إضافة إلى نقص الشفافية في اتخاذ القرارات الطبية التي تمثل تحديًا إضافيًا للأطباء الذين يعتمدون على توصيات الذكاء الاصطناعي دون فهم كامل للأسس التي بُنيت عليها هذه التوصيات”. كما أشار إلى “أن الأمن السيبراني وحماية خصوصية المعلومات الطبية من أهم القضايا التي يجب التركيز عليها، خاصة مع زيادة تهديدات الاختراقات السيبرانية التي قد تعرض معلومات حساسة للخطر”.
وفي ورقة عمل قدمها اشار إلى أن “التحديات القانونية تشمل أيضًا قضايا الملكية الفكرية للتطبيقات والابتكارات الطبية، اذ يتطلب الاستخدام الآمن والمسؤول للتقنيات الطبية الحديثة، الامتثال لقوانين الملكية الفكرية وحماية حقوق المبتكرين والمطورين، إضافة إلى تحديات أخرى ترتبط بتحديد المسؤوليات القانونية عند حدوث أخطاء طبية. ففي حال اعتمد الأطباء على الذكاء الاصطناعي وتسببت توصياته في خطأ طبي، فقد تكون هناك صعوبة في تحديد الجهة المسؤولة، مما يستدعي وضع قوانين واضحة لحماية حقوق المرضى وضمان العدالة”. ولمواجهة هذه المخاطر، دعا الشهري “إلى تعزيز التعاون بين القانونيين وأختصاصيي الذكاء الاصطناعي، بهدف تحديد معايير وأطر قانونية تواكب التطورات التقنية المتسارعة”، كما أوصى “بتشكيل فرق عمل قانونية تسهم في توثيق الإجراءات وتقديم الإرشادات للطواقم الطبية حول الاستخدام الأمثل للتقنيات الرقمية مع احترام خصوصية المرضى”. وطالب “بتطوير معايير الشفافية ووضوح القرارات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي، إلى جانب تعزيز الحوكمة المؤسسية والالتزام بالأخلاقيات الطبية، حيث يُعد الالتزام باللوائح الدولية مثل اللائحة العامة لحماية “البيانات في الاتحاد الأوروبي، وضوابط الأمن السيبراني التي وضعتها الهيئات العالمية، خطوة ضرورية في هذا السياق.
الى ذلك، أوضح الشهري أن “نجاح الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية يعتمد على قدرة النظام القضائي والقانوني على مواكبة تطوراته، إذ لا يمكن ضمان الاستفادة القصوى من هذه التقنية إلا من خلال وضع قوانين واضحة ومحدثة تستند إلى أسس العدالة وحماية حقوق المرضى والممارسين على حد سواء”، كما أن “استخدامات الذكاء الاصطناعي تشمل جوانب عدة، بدءًا من التشخيص المبكر وتخصيص العلاجات، والتحليل المالي وابتكار الأدوية، فضلاً عن إمكانيات هائلة في تشخيص الأمراض المعقدة من خلال تحليل كميات ضخمة من البيانات الطبية بسرعة ودقة تتجاوز القدرات البشرية. كما تسهم هذه التقنيات في تخصيص العلاجات بناءً على الفروقات الفردية بين المرضى، إضافة إلى دعم التجارب السريرية التي تسهم في تطوير علاجات جديدة، كما تساهم الروبوتات الجراحية والتطبيب عن بُعد في توسيع نطاق الخدمات الطبية لتصل إلى المناطق النائية أو التي “تعاني من نقص في الطواقم الطبية المتخصصة.