ساحة الأمويين في دمشق
في خطوة ذات أبعاد مرتبطة برفع العقوبات الدولية عن سوريا،و قد تكون متصلة بالإنقلاب على النظام السابق وتولّي الرئيس أحمد الشرع سدّة الرئاسة، فقد صدر عن وكالة الانباء العربية السورية، استقبال دمشق طلبات لتأسيس نحو 500 شركة في مختلف القطاعات، منذ بداية العام الجاري، ما يُشير الى ترقّب آثار إيجابية على القطاعين المصرفي والتجاري. وفي هذا الصدد، أكد وزير الاقتصاد والصناعة السوري، محمد نضال الشعار “أن بلاده تزخر بفرص استثمارية واعدة، في مختلف القطاعات الصناعية والتجارية والخدمية، والطاقة والبنى التحتية، لكنه، شدّد، في الوقت نفسه، على «ضرورة إيجاد وتوفير البنية التحتية المناسبة على صعيد المؤسسات أو التشريعات والقوانين المشجعة على الاستثمار والعمل”.
أضاف: “أن الوزارة تعمل حالياً، بالتعاون مع عدة وزارات، لتعديل قانون الاستثمار، والقوانين والأنظمة المرتبطة بالعمل الاقتصادي في سوريا، لتأمين بيئة عمل مريحة للشركات، تحقق معايير الإنتاجية والتنافسية والجودة”. أنهى تصريحه بالقول: “أن رفع العقوبات الأميركية والأوروبية عن بلاده، سيؤدي إلى تسهيل التحويلات المالية، وتحسّن توريد المواد الأساسية، وتدفق رؤوس الأموال الراغبة في العمل والاستثمار في البلاد”.
ومن المعروف أن الاقتصاد السوري يعاني انهياراً حاداً، نتيجة الحرب التي استمرت نحو 14 عاماً. وتقدّر الأمم المتحدة إجمالي الخسائر في الناتج المحلي الإجمالي خلال الحرب، بنحو 800 مليار دولار.

ضمن هذا الإطار، ودائماً تحت العنوان العريض، وهو رفع العقوبات الدولية، ولو بتمهّل عن سوريا، فقد ذكر مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي الدكتور جهاد أزعور، أن “بعثة من الصندوق برئاسة الخبير الاقتصادي رون فان رودن ستتوّجه إلى سوريا هذا الأسبوع، في خطوة تهدف إلى تقييم الأوضاع المالية والاقتصادية عن كثب”.
وتأتي هذه الزيارة في سياق جهود دولية متزايدة لدعم إعادة تأهيل الاقتصاد السوري بعد سنوات من النزاع والعزلة، وبعد إعلان وزارة الخزانة الأميركية رسمياً رفع العقوبات عن سوريا.
وتعليقاً على هذه الزيارة، قال ازعور في أثناء مشاركته في جلسة «التطورات والآفاق الاقتصادية العالمية والإقليمية» التي نظمها صندوق النقد الدولي في الرياض، إن “البعثة ستطّلع على واقع المؤسسات السورية، بما في ذلك المصرف المركزي ووزارة المالية وهيئات الإحصاء”،موضحاً أن “الهدف من هذه الزيارة هو تحديد الحاجات المتعلقة بالمؤسسات والدعم التقني المطلوب، من أجل وضع إطار تعاون شامل مع سوريا يحدد الأولويات لتأمين المشورة والدعم التقني وتدريب الكوادر الأساسية”، كاشفاً أنه سيزور دمشق أواخر حزيران المقبل، بعد أن ترفع البعثة تقريرها.
وكانت مديرة إدارة الاتصالات في الصندوق، جولي كوزاك، قد أعلنت منذ أيام عن إجراء «مناقشات مفيدة» مع الفريق الاقتصادي السوري، تمهيداً لدعم جهود إعادة تأهيل الاقتصاد السوري.
الى ذلك، أوضح أزعور أن “التواصل مع المسؤولين السوريين بدأ منذ مؤتمر الاقتصادات الناشئة الذي استضافته مدينة العُلا السعودية في شباط الماضي، حيث عُقد اجتماع مع وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني. واستكملت المناقشات في اجتماعات الربيع الأخيرة لصندوق النقد والبنك الدوليين في واشنطن، والتي شهدت جلسة خاصة بسوريا بناءً على طلب من وزير المالية السعودي محمد الجدعان، والمديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا، ورئيس البنك الدولي أجاي بانغا”.

وفي هذا الصدد يُشار الى ان اجتماعات الربيع الأخيرة، شكّلت نقطة تحوّل مهمة لسوريا، حيث قدمت فرصة، بعد سنوات طويلة من العزلة، لإعادة دمجها في المجتمع المالي والاقتصادي الدولي. كما أتاحت الفرصة للحكومة السورية لعرض جهودها الرامية إلى استقرار وإعادة بناء البلاد، ما سمح للمجتمع الدولي بفهم التحديات والأولويات السورية بشكل مباشر. وفي بادرة دعم مالي بارزة، أعلنت السعودية وقطر التزامهما بدفع ديون سوريا للبنك الدولي. هذه الخطوة تمهد الطريق لاستئناف عمليات البنك في سوريا بعد تعليق دام أكثر من 14 عاماً، كما يعزز فرص البلاد في الحصول على تمويل دولي لدعم جهود إعادة الإعمار.
يُذكر أن الولايات المتحدة رفعت قبل أيام وبشكل رسمي، العقوبات الاقتصادية عن سوريا. وقال وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت، في بيان، إنه يجب على سوريا «مواصلة العمل لكي تصبح بلداً مستقراً ينعم بالسلام، على أمل أن تضع الإجراءات المتخَذة اليوم البلاد على مسار نحو مستقبل مشرق ومزدهر ومستقر». وقال وزير الخارجية ماركو روبيو، في بيان، إنه “أصدر إعفاء لمدة 180 يوماً من العقوبات المفروضة على سوريا بموجب قانون قيصر لضمان عدم إعاقة العقوبات للاستثمارات، وتسهيل توفير الكهرباء والطاقة والمياه والرعاية الصحية وجهود الإغاثة الإنسانية”.
من ناحية ثانية وضمن اطار رفع العقوبات، فقد أعلنت «فلاي دبي» استئناف رحلاتها المباشرة إلى العاصمة السورية دمشق بدءاً من الأول من حزيران المقبل، لتكون بذلك أول شركة طيران إماراتية تعيد ربط دبي بدمشق بعد توقف دام 12 عاماً. وأوضحت الناقلة في بيان أن الرحلات ستنطلق يومياً من المبنى رقم 2 بمطار دبي إلى مطار دمشق، في خطوة تعكس التزام «فلاي دبي» بتوسيع شبكة وجهاتها نحو الأسواق غير المخدومة. وقال غيث الغيث، الرئيس التنفيذي لـ«فلاي دبي»: «يسعدنا استئناف رحلاتنا إلى دمشق، المدينة التي تحمل قيمة ثقافية وتاريخية بارزة في المنطقة، والتي كانت من أولى وجهاتنا عند انطلاق عملياتنا في عام 2009. هذا القرار يعكس حرصنا على دعم جهود دولة الإمارات في تعزيز التواصل الإقليمي”. ويأتي استئناف الرحلات عقب إعلان الهيئة العامة للطيران المدني في دولة الإمارات عن إعادة فتح الأجواء أمام الرحلات بين البلدين في نيسان الماضي.
من جهته، أشار جيهون أفندي، نائب رئيس أول للعمليات التجارية والتجارة الإلكترونية في «فلاي دبي»، إلى أن «العودة إلى دمشق تتيح للمسافرين من دولة الإمارات ومن مختلف وجهات شبكتنا الوصول المباشر إلى سوريا بطريقة مريحة، بالتزامن مع عطلة عيد الأضحى وموسم السفر الصيفي”.