الزيارة حدث العام 2025
مصرف سوريا المركزي أنهى طباعة عملة سورية جديدة من 6 فئات، خالية من الصور والرموز، وجاءت محاولة لإنقاذ قيمة الليرة المتدهورة. ورغم أنها خطوة “نفسية” إلى حد كبير، لكنها تأتي ضمن إجراءات كثيرة لإصلاح الاقتصاد السوري بعد عقود من التراجع، كما تزامنت مع الزيارة التاريخية للرئيس السوري أحمد الشرع الى واشنطن واجتماعه بكبار المسؤولين على رأسهم دونالد ترامب. فهل تستعيد الليرة السورية قيمتها الفعلية؟
قبل الحرب السورية التي اندلعت في العام ،2011 كان سعر الدولار الأميركي يبلغ 50 ليرة، لكن العملة استمرت في التدهور بسبب تداعيات الحرب حتى وصل الدولار إلى 15 ألف ليرة، ليستقرّ السعر حالياً فوق مستوى 11 ألف ليرة بقليل.
وللتذكير كانت صورة الرئيس حافظ الأسد كانت موجودة على الورقة النقدية التي تصل قيمتها إلى ألف ليرة، ولكن مع تدهور قيمة العملة صدرت ورقة أخرى بقيمة 2000 ليرة تحمل صورة بشار الأسد، و لذا كان على المواطن السوري أن يحمل “أكواماً من النقد” عليها صورة الأسدين من أجل التسوّق. وفي كانون الثاني من العام 2021 ، أصدر مصرف سوريا المركزي ورقة نقدية جديدة بقيمة 5 آلاف ليرة مع التدهور المستمر في قيمة العملة، لكنها لم تحمل صورة الأسد الأب أو الابن، إلا أنها كانت دليلاً على انهيار اقتصادي غير مسبوق.ذلك أن قيمة العملة تعتمد على قوة الاقتصاد الوطني ووفرة موارده من النقد الأجنبي خاصة الدولار الأميركي، وهي عوامل يفقدها الاقتصاد السوري الذي واجه عقوبات دولية غير مسبوقة بسبب ممارسات النظام السابق.
ورغم غياب البيانات الرسمية بسبب العزلة الاقتصادية السورية، فإن التقديرات تشير إلى أن احتياطي النقد الأجنبي لدى سوريا لا يتجاوز 200 مليون دولار عند رحيل النظام السابق، بالإضافة إلى مخزون من الذهب يصل إلى 26 طناً فقط.

الى ذلك، تعاني سوريا من تدهور الصادرات بسبب إغلاق عدد كبير من المصانع جراّء الحرب وتوقف صادرات النفط بسبب العقوبات الاقتصادية، وهو ما أدى إلى فقدان البلاد للمورد الرئيسي للعملة الصعبة. كما تراجع الإقبال السياحي على دمشق نتيجة تدهور الوضع الأمني وانهيار الخدمات الفندقية والتدمير الذي طاول عددا كبيرا من المواقع الأثرية، ما أدى أيضاً إلى فقدان إيرادات السياحة.
ورغم أن تحويلات المغتربين تُعتبر من أهم موارد العملة الأجنبية في البلاد التي تشهد معدلات هجرة مرتفعة، إلا أن المغتربين بعد الحرب كانوا عائلات كاملة لم يعد لها علاقة بالداخل السوري حتى ترسل الأموال إلى البلاد.
واليوم يعيش نحو 90% من الشعب السوري تحت خط الفقر وسيتعامل بـ “ليرة جديدة” لا تحمل صورة الأسدَين، ولكنها ما زالت متأثرة بسنوات الحرب والانهيار الاقتصادي الذي استمر لسنوات طويلة، فهل تؤدي التطورات السياسية الجديدة المتمثلة بانفتاح سوريا على العرب والمغرب وانفتاح الغرب والعرب على سوريا الى تحسن الأوضاع المادية؟ لا بدّ طبعاً من الإنتظار.

فماذا عن الليرة الجديدة؟
حاكم مصرف سوريا المركزي عبدالقادر الحصرية، ذكر في مقابلة خاصة مع قناة “العربية”، عن أبرز ملامح وتفاصيل العملة السورية الجديدة، قائلاً أنها ستشهد” إزالة صفرين من قيمتها الاسمية، في خطوة تهدف إلى تبسيط التعاملات النقدية وتعزيز الثقة بالعملة المحلية”.
يُشار الى ان العملة الجديدة طُبعت لدى أكثر من جهة، لضمان الجودة والأمان والسرعة في عملية الإصدار،كما قال الحاكم، مشدداً على أن المصرف “سيقوم بكل ما يلزم للتخلص من آثار العملة القديمة”، بما في ذلك سحب الفئات المتقادمة تدريجياً من السوق. أضاف: “أن التصميم الجديد يُراعي الهوية الوطنية السورية من خلال اختيار ألوان ورموز مستوحاة من التاريخ والثقافة المحلية”، لافتاً إلى أن “المصرف قرر أن تكون العملة الجديدة خالية من الصور أو الرموز السياسية، في إشارة إلى توجّه نحو طابع أكثر حيادية واستقراراً.
وفي بيان آخر له، قال الحصرية إن العملة السورية الجديدة ستصدر بست فئات لتلبية احتياجات التداول اليومية بكفاءة أكبر، وستتراوح هذه الفئات بين الصغيرة والمتوسطة والكبيرة لضمان سهولة التعامل النقدي في الأسواق.

ضبط السيولة النقدية
يُشار الى ان إطلاق العملة الجديدة ستواكبها إجراءات مدروسة من قبل المركزي السوري، لضبط السيولة والحفاظ على استقرار الأسعار، وهي تشمل مراقبة السوق النقدية، ضبط حركة الكتلة النقدية المتداولة، تفعيل أدوات السياسة النقدية لضمان عدم حدوث تضخم أو مضاربات نتيجة طرح الفئات الجديدة. والمساهمة في معالجة جانب من مشكلة نقص السيولة، وخصوصاً من خلال استبدال الأوراق التالفة، وضخ أوراق نقدية حديثة أكثر جودة وتحمّلاً.
وعن إيجابيات الخطوة، قال أنها تكمُن في تعزيز الثقة بالعملة الوطنية وإعطائها مظهراً حديثاً ومتطوراً، وتحسين كفاءة التداول النقدي وتقليل تكاليف الطباعة المستقبلية، ودعم النشاط الاقتصادي عبر تسهيل المعاملات التجارية والنقدية، كذلك تحسين استقرار سعر صرف الليرة السورية من خلال رفع الثقة بالسياسة النقدية، والحد من التداول بالأوراق التالفة أو المزورة.
يبقى أن نشير الى أن حاكم المصرف المركزي عقد اجتماعاً تنسيقياً مع وزير الإعلام حمزة المصطفى، تحضيراً لحملة اعلامية شاملة، بمناسبة قرب اصدار العملة الوطنية الجديدة وبالتالي ضمان ايصال رسائل التوعية الى مختلف شرائح المجتمع وتعزيز الثقة بالسياسات النقدية الجديدة.























































