د.أمين غلام بعد انتخابه يتوسط أعضاء اللجنة المشتركة
السعودية بالإجماع رئيسة للجنة المشتركة بين المنظمة العالمية للأرصاد الجوية ولجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لآسيا والمحيط الهادئ المعنية بالأعاصير المدارية في بحر العرب وخليج البنغال. ولكن لماذا السعودية تحديداً؟ فلأن “لها دوراً رائداً وجهوداً على المستويين الإقليمي والدولي في أولويات القضايا المتعلقة بالكوارث وما تخلّفه من آثار جسيمة على البشرية، خاصةً مع ازدياد أعداد الأعاصير المدارية بالمنطقة والعالم”، على حد ما قال الرئيس المنتخب لهذه المهنة د. أيمن غلام الرئيس التنفيذي للمركز السعودي للأرصاد.
الى ذلك، عدّد د. غلام تحديات الوضع القائم التي “تتطلب من جميع الدول دوراً أكثر وضوحاً في مجابهتها، عبر تطوير أنظمة الرصد والمراقبة والتنبؤ بالأعاصير المدارية، وتعزيز التأهب للحد من الخسائر في الأرواح والممتلكات، بالإضافة إلى دعم أدوات صنع القرار لبناء القدرة على الصمود والتكيّف مع تغيرات المناخ، وتطوير أنظمة الإنذار المبكر للحد من مخاطر الكوارث”.
يُذكر أن سنة 2023 التي تلفظ أنفاسها بعد أيام، تركت وراؤها وضعاً بيئياً معقداً تتداخل فيه الأحوال الجويّة القاسية لا سيما موجات الحرّ التي جعلت 2023 الأكثر تعرضاً للحرارة المرتفعة تاريخياً، ما تسبّبت بخسائر مادية قياسية. ففي ليبيا على سبيل المثال، أدّت العاصفة «دانيال» إلى وفاة أكثر من 6 آلاف شخص، وألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية. وفي كندا، أتَتْ حرائق الغابات على 18.5 مليون هكتار، وهي مساحة تعادل مساحة سوريا.
وقد عزّزت هذه الأحداث الحاجة الماسة لتصحيح مسار البلدان في الجهود الدولية لمواجهة الاحترار العالمي، وقد يكون مؤتمر COP 28 الأخير البداية في الطريق الى تحقيق أهداف “اتفاق باريس المناخي” لجهة اعتماد الطاقة المتجددة وتعزيز الكفاءة وتقنيات التقاط الكربون لإعادة استعماله أو تخزينه بأمان، وجهود الحفاظ على النظم البيئية وحماية التنوُّع الحيوي، مع الإشارة الى أن حرارة الكوكب في 2023 اقتربت من عتبة 1.5 درجة مئوية التي حددها «اتفاق باريس المناخي» بدليل ما شهدته أوروبا وأميركا الشمالية وآسيا من موجات حرّ حارقة دفعت قدرة الإنسان على التحمُّل إلى أقصى حدودها، علماً أن مدناً مثل لندن وباريس عرفت ارتفاع حرارة الطقس فوق 40 درجة مئوية، بينما اندلعت حرائق الغابات عبر القارات، محوّلة المناظر الطبيعية إلى جحيم.
وقد أدّى الارتفاع المتواصل في الحرارة إلى تسريع ذوبان الأنهار الجليدية القطبية والجبلية. ووصل حجم الجليد البحري في القطب الشمالي إلى أدنى نقطة تمّ تسجيلها على الإطلاق في أيلول الماضي، في حين خسر الغطاء الجليدي في غرينلاند رقماً قياسياً قدره 26 مليار طن في يوم واحد.
اللافت هنا أنه رغم هذه الجهود، فإن العالم لا يزال متخلّفاً عن السياسات المطلوبة لخفض انبعاثات الغازات الدفيئة. ويخلّص تقرير حالة العمل المناخي لسنة 2023 بالقول: “أن التقدم المحرز في سد الفجوة العالمية في العمل المناخي لا يزال غير كافٍ على الإطلاق. وباستثناء مبيعات السيارات الكهربائية، التي حققّت تقدّماً تخطّى التوقعات، فإن 41 من أصل 42 مؤشراً جرى تقييمها لم تكن على المسار الصحيح لتحقيق أهداف المناخ في سنة 2030.
على أن الأخطر مما تقدّم هو الخسارة العالمية السريعة للتنوُّع البيولوجي، والزيادة المطردة في إزالة الغابات، لا سيما غابات الأمازون. وعلى رغم من أن 2023 حملت أخباراً جيدة بتحقيق غابات الأمازون معدلات إزالة متدنية، مقارنةً بالأعوام السابقة، وذلك مع تعهد الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا بإنهاء إزالة الغابات بشكل غير قانوني بحلول 2030، فإن المنطقة لا تزال تعاني موجات جفاف قاسية يتوقع العلماء أن تمتد آثارها حتى 2026.
ويشير تقييم صدر أخيراً للقائمة الحمراء التي يُشرف على إعدادها الاتحاد الدولي لصون الطبيعة، إلى أن ما يقرب من رُبع أسماك المياه العذبة في العالم معرّض لخطر الانقراض؛ بسبب الاحتباس الحراري والصيد الجائر والتلوُّث. كما تخلص دراسة جديدة للقائمة ذاتها إلى أن ما يقرب من نصف النباتات المزهرة المعروفة في العالم مهددة بالانقراض!