الطاولة الرئيسية وييدو جوزيف طربيه ووسام فتوح، كما بدا أمين عام اتحاد مصارف الكويت حمد الحساوي
بمشاركة الأمناء والمدراء العامين لجمعيات واتحادات المصارف العربية، ومن ضمنهم عدد من ممثلي البنوك اللبنانية وممثلون عن المصارف العربية، اختتمت أعمال “ملتقى إدارة الأزمات المصرفية والإستدامة المالية” الذي دعا اليه إتحاد المصارف العربية في فندق “فينيسيا”، بورقة توصيات بعد يومَيْن من المباحثات والمناقشات والتداول بالشؤون المصرفية والمالية. ومن أبرز الشخصيات التي شاركت بالملتقى نذكر: الأمين العام لإتحاد المصارف العربية وسام فتوح، رئيس اللجنة التنفيذية لإتحاد المصارف العربية ورئيس مجلس إدارة الإتحاد الدولي للمصرفيين العرب جوزف طربيه، وزير المالية الأردني السابق، الخبير المصرفي والإقتصادي رئيس لجنة الرقابة على المصارف السابق في لبنان سمير حمود، المدير العام للدولية للإستشارات والتحكيم مروان عوض وشخصيات اقتصادية ومالية ومصرفية وممثّلين عن البنوك العربية، علمًا أنّ هذا الملتقى يتزامن مع مرور خمسين عامًا على تأسيسه، وهو مستمر في العمل على تقوية القطاع المصرفي العربي لتعزيز إمكاناته على كافة الصعد المصرفية والإقتصادية، ضمن رؤية واسعة، وهي أن “نكون المنظمة المصرفية والمالية الرائدة في العمل على الإرتقاء بالصناعة المصرفية والمالية العربية الى مستوى مهني متقدّم”، وفق ما قال د. جوزف طربيه في الكلمة الإفتتاحية التي أشار فيها أيضاً الى أن “قطاعنا المصرفي العربي معنيٌ أكثر من أي وقت مضى بتحسين قدراته وإمكاناته في مجال إدارة الأزمات، وإدارة المخاطر، ومكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، والإلتزام بمعايير العمل المالي والمصرفي الدولي، وعصرنة وتطوير قاعدة خدماته ومنتجاته، بما يتناسب ومتطلبات الصناعة المصرفية الحديثة، ودعم المشروعات الإستثمارية والتنموية والإجتماعية في المنطقة. من هنا نتطلع إلى تعاون مثمر وبناء بين الإتحاد وبين جمعيات وإتحادات المصارف العربية على مختلف تسمياتها، بما يخدم التطلعات المشتركة من خلال توثيق أواصر التعاون بيننا وتعزيز مصلحة القطاع المصرفي العليا، وإبراز دور المصارف المحوري في النهوض بالإقتصادات الوطنية، والعمل على بلورة الإجراءات الكفيلة بتطوير المهنة المصرفية، وإبراز صورة القطاع المصرفي من خلال تحسين كفاءات الموارد البشرية فيه، وزيادة مؤهلاتها بصورة مستمرة، إضافة الى تعزيز التعاون مع المؤسسات المالية الدولية، وطرح القضايا المصرفية والمالية المهمة، ومحاولة إيجاد الحلول المناسبة لها”.
الى ذلك، كشف د. طربيه في كلمته أن “مركز الوساطة والتحكيم” لدى إتحاد المصارف العربية، قد تمّ تفعيله ليكون الأول الموثوق به، والمتخصّص في تأمين الوسائل البديلة لحلّ النزاعات المصرفية، وكذلك ليعمل على تسوية كافة المنازعات المحلية والدولية في إطار متميّز بالسرعة والفعالية، وبتوفير الحياد والعدالة بين المتخاصمين، من خلال إقرار نظامه الأساسي الذي يتضمّن في مواده كافة إجراءات وقواعد الهيئة القانونية الرئيسة التابعة لمنظومة الأمم المتحدة في مجال القانون التجاري Uncitral. وسيتضمّن كبار المحكّمين المعتمدين دولياً، وقد بلغ عددهم، حتى الآن، 21 محكماً دولياً”. كذلك، أعلم طربيه مستمعيه من الحضور أنه “بعد لقاءات عدة مع محكمة التحكيم الدولية لدى غرفة التجارة الدولية (ICC)، وقعنا اتفاقية تعاون دولية بين مركز الوساطة والتحكسم لدى الإتحاد وبين غرفة التجارة الدولية في باريس، تهدف الى تعزيز وتنظيم التعاون بين الطرفين في مجال الوساطة والتحكيم، من خلال تبادل الخبرات وعقد المؤتمرات وتقديم الإستشارات التحكيمية”، مضيفاً أنه “في إطار تفعيل عمل هذا المركز على الصعيد العربي، فقد تمّ توقيع اتفاقات تعاون مع جمعيات مصرفية عربية بينها: إتحاد مصارف الكويت، وجمعية البنوك في الأردن، واتحاد بنوك مصر، وإتحاد المصارف السوداني، والمجلس البنكي والمالي في تونس” آملين أن “يتوسع هذا التعاون ليضمّ سائر الجمعيات المصرفية العربية، والعمل سوياًعلى تشجيع المصارف العربية لإعتماد مركز الوساطة والتحكيم لدى الإتحاد ضمن العقود المصرفية وتحفيزها على توقيع عقود شراكة مع المركز بما يؤمن لها الضمانة المعنوية والمادية”.
الى ذلك، كشف طربيه أن “الإتحاد يُحضّر لعقد مؤتمر مشترك مع غرفة التجارة الدولية (ICC) حول الوساطة والتحكيم على هامش القمة المصرفية العربية الدولية التي ستعقد في باريس يوم 26 أيار (مايو) 2023” مقترحاً “انشاء مجلس إستشاري للأنماء والمدراء العامين للجمعيات المصرفية العربية يُشكل منصة دائمة للتحاور والتباحث في شؤون وشجون القطاع، وتبادل الخبرات، وبحث السبل الآيلة للنهوض بالعمل المصرفي-العربي-العربي والعربي-الدولي”. كذلك أعلن عن إطلاق جائزة تحت رعاية ومظلة إتحاد المصارف العربية بمسمى”جائزة العام للأمناء والمدراء العامين في جمعيات المصارف في الدول العربية” عربون تقدير ووفاء لجهود وإنجازات الأمناء والمدراء العامين في تمثيل المهنة والدفاع عن مصالح القطاع المصرفي، وإبراز صورة القطاع المصرفي الإيجابية لدى الرأي العام المحلي والخارجي، والتعاون مع الإتحاد في تحسين كفاءات الموارد البشرية العاملة في هذا القطاع”، مضيفاً: “يشرفنا أن نعلن اليوم عن منح أول جائزة إلى الدكتور حمد الحساوي الأمين العام لإتحاد مصارف الكويت، تقديرا لتميّزه في خلق علاقة متوازنة بين البنوك الكويتية وتعزيز التنسيق بين هذه البنوك ومؤسسات الدولة المختلفة ومؤسسات القطاع الخاص، وكذلك لدوره الفاعل في إدارة أعمال إتحاد مصارف الكويت خلال جائحة كورونا، ومساهمة المصارف الكويتية الفاعلة في قيامها بدورها الوطني الداعم لكل أجهزة الدولة، إضافة إلى دوره المهم والمميّز في تفعيل العلاقات مع إتحاد المصارف العربية”.
والى الكلمة المميّزة للدكتور طربيه، وقد كانت، كما العادة، غنيّة بالمعلومات والمقترحات، عرض الأمين العام للإتحاد وسام فتوح أبرز العناوين التي هي بحاجة الى مناقشة واتخاذ قرارات فيها. وهذه هي:
أولا، الديون السيادية ومخاطر إنكشاف المصارف على هذه الديون.
ثانيا، ادارة الازمات في المصارف، وخطط استمرارية العمل في ظلّ تلك الازمات.
ثالثا، الحوكمة الاقتصادية، والتي تشمل السياسات الاقتصادية الكلية وما يتصل بالبيئة التشغيلية للشركات.
رابعا، الاستدامة المالية، والتخطيط السليم للسياسات المالية للدولة، وخاصة ما يتعلق بالدين العام.
هذه المواضيع الاربعة، يقول وسام فتوح “تهمّ معظم دولنا العربية وتشكّل هاجسا لها جميعا، وليس دولة بعينها، لارتباطها، بشكل أو بآخر، بقضايا التطوير والاصلاح والتحوّل الاقتصادي، وما يرتبط بها من أمور متعلقة بإدارة مالية الدولة ومديونيتها، والسياسات النقدية للبنوك المركزية، وعلى رأسها إدارة أسعار الصرف وتعزيز الثقة بالعملة المحلية، ووضعية القطاع المصرفي بحُكم أنه المموّل الرئيسي للاقتصاد الوطني في دولنا العربية، سواء القطاع العام أو القطاع الخاص، وتطبيق قواعد الحوكمة الصارمة عند رسم السياسات الاقتصادية الكلية، والتي تتضمن السياسات الانفاقية والضرائبية، والسياسات والاجراءات التنظيمية التي تؤثر بشكل مباشر، في مناخ الاعمال والبيئة الاستثمارية والتشغيلية للمؤسسات الاقتصادية من هنا، يجب الاضاءة بشكل خاص على موضوع الاستدامة المالية والتوازن المالي للدولة والادوات والآليات اللازمة لتعزيز قدرة الدول العربية على إدارة الدين العام، بما يحقّق استدامته والقدرة على تحمّله، واستقرار وضعية الاقتصاد الكلي، وتوسيع الحيّز المالي للحكومات، مع تحقيق تمويل كافٍ لأهداف التنمية المستدامة. وعلى رغم تحقيق تقدّم ملحوظ في موضوع الاستدامة المالية في الدول العربية اجمالا، فإن الكثير لا يزال امامنا، وفي المقدمة تحديات استدامة الدين العام التي تقلق دولا عربية عديدة” . تابع فتوح قائلاً: “يأتي عقد هذا الملتقى في وقت أكثر ما تكون فيه معظم دولنا العربية –على اختلاف مستوى الدخل والتطور الاقتصادي فيها– بحاجة الى البدء بتطبيق وتفعيل وتطوير برامج التطوير والاصلاح والتحوّل الاقتصادي فيها. وقد شهدنا جميعا، وفي عدة دول عربية، كيف أن تأخّر الاصلاح، وتجميد الاوضاع على ما هي عليه، يؤديان الى تدمير الاقتصاد الوطني، وطرد الاستثمارات الوطنية والاجنبية، ودفع الكفاءات الوطنية الى الهجرة، واستنزاف مقدرات الدولة. وكل ذلك يؤدي دون شك، الى الفقر والامية والبطالة والهجرة وتفاقم الجريمة والعنف والتطرف. ذلك أنه في ظلّ تراجع إمكانات الدولة، لا شك أن التحوّل الاقتصادي في دولنا العربية يحتاج الى مشاركة جدية ومساهمة كبيرة من قبل القطاع الخاص العربي، وعلى رأسه القطاع المصرفي، الذي يحوز على جزء كبير من مدخرات الشركات والافراد في الدول العربية، بحيث يعادل مجموع الودائع في المصارف العربية، حجم الناتج المحلي الاجمالي المجمّع للدول العربية كلّها، وبالتالي، فإن جزءا من التمويل اللازم لسياسات الاصلاح والتحوّل الاقتصادي، يُمكن الحصول عليه محليا، عبر آليات الشراكة بين القطاعين العام والخاص، والتي تمثّل اليوم أحد أهم آليات التمويل في العديد من دول العالم”.

في نهاية الملتقى، أوصى الإتحاد “بضرورة العمل على استمرار العمل المصرفي بشكل طبيعي في لبنان لأن ذلك يمثّل جزءا من عملية الإصلاح الاقتصادي والمالي، ايجاد الأجواء المواتية لعودة المصارف اللبنانية للقيام بدورها في تمويل الاقتصاد الوطني وتقديم الخدمات المصرفية والعمليات المالية التي تخدم القطاعات الاقتصادية المختلفة، والتركيز على المخاطر التي تمثّلها الديون السيادية على الاقتصادات العربية وخاصة لناحية انكشاف المصارف عليها، وضرورة قيام الحكومات بالإجراءات التي تعزّز ثقة الدائنين، وتعزيز المرونة والمتانة في المصارف العربية والإجراءات التي تحمي المصارف العربية في ظلّ التحديات الاقتصادية والمالية العالمية الناجمة عن التضخم ورفع الفوائد بشكل غير مسبوق”.
كذلك أوصى “باعتماد الشفافية وقواعد الحوكمة الاقتصادية من قبل الحكومات العربية وتطوير البنية المؤسسية في الدول العربية والتي تمثل الأساس لتعزيز ثقة المستثمرين وكذلك الهيئات والمنظمات الدولية وتؤدي إلى زيادة النمو والتنمية. وأخيرا التركيز على الاستدامة المالية، ومن ضمنها استدامة الدين العام عند وضع استراتيجيات التطوير والنمو الاقتصادي، على أن تشكل هذه الاستدامة المالية دعامة أساسية للاستراتيجيات الاقتصادية العربية”.
ووفق الأمين العام لإتحاد المصارف العربية وسام فتوح، فإن هذا المنتدى استطاع جمع ممثلين من 14 دولة عربية، كما احتضنت العاصمة اللبنانية، رغم كل الظروف، 3 اجتماعات، الأول لمجلس الإدارة بحضور 19 دولة عربية، الثاني لـ 14 جمعية من ملتقى جمعيات المصارف، والثالث الملتقى نفسه الذي تناول ادارة الأزمات والاستدامة المالية، وكل ذلك بحضور أكثر من مئة شخص من الدول العربية”.
وبحسب فتوح أيضاً، فإنه في هذا الملتقى، “تم تسليط الضوء بشكل كبير على لبنان وناقشنا الورقة الإصلاحية التي تتلاقى مع الخطة الحكومية في بعض النقاط وتتعارض معها في أخرى، ولكنها على الأقل حوار، ورؤيتنا لا تنحصر فقط على الصعيد اللبناني بل تمّ الأخذ بعين الإعتبار رأي الدول العربية كون الاتحاد منظمة عربية تعمل تحت مظلة جامعة الدول العربية، وبالتالي أخذنا رأي كل الجمعيات من الكويت، اليمن، المغرب، تونس وغيرها، وأصدرنا الورقة التي اقتنع الجميع بها”، مشيراً الى أن “التوصية الأولى كانت عن لبنان، تحديداً عن العمل المصرفي الذي يجب أن يستمر كونه جزءاً لا يتجزأ من الإصلاح الاقتصادي، لأن توقف المصارف عن العمل، بالإضافة إلى الهجمات التي تحصل، لا تنفع لبنان ولا الاقتصاد، وعندما تتوقف المصارف نشهد توقف التمويل والاقتصاد. لكن والحمدالله، فالعمليات المصرفية التجارية لا تزال قائمة بين لبنان والدول العربية، تماما الهجوم على المصارف لأنه صادر من وجع المودعين، ولكن أريد أن أسال: في حال إعلان الإفلاس هل يستطيع المودعون تحصيل أموالهم؟ خصوصاً أن ضمان الودائع 75 مليون ليرة لبنانية أي ما قيمته اليوم أقل من ألف دولار؟! لذلك، وبغض النظر عن الأخطاء والسياسات النقدية والائتمانية، نحن اليوم أمام مشكلة علينا أن نقف جميعا إلى جانب بعض لنجد الحل، وبهدف أساسي حماية الودائع واسترجاعها مع الوقت عبر جدولتها”.
يُذكر أخيراً أن أحمد بن سنكر، المدير العام للبنك الأهلي اليمني وعضو مجلس إدارة اتحاد المصارف العربية علّق على الملتقى بالقول: “لقد لمس الإتحاد في نهاية الملتقى، “أنه لا يزال القطاع المصرفي العربي متماسكاً لإيجاد المعالجات والطرق والوسائل والأساليب الممكنة لمعالجة قضاياه المصرفية التي يتعامل معها في ظلّ ظروف صعبة تمر بها القطاعات المصرفية الدولية كافة في ظل الأزمات المتعاقبة على العالم”. لكن “بتضافر جهود كافة المختصين والمهنيين بدراسة ومناقشة همومهم ومشاكلهم في المنتديات وورش العمل، لا بدّ أن يجدوا وسيلة ممكنه لإيجاد لمعالجات مصرفية ومالية للخروج من هذه الأزمات، خصوصاً أن لدى القطاع المصرفي العربي، العديد من المختصين والمتمكنين على المستوى الدولي”.
يبقى أخيراً أن نشير الى أن د. طربيه قدم درعاً تكريمية الى أمين عام إتحاد مصارف الكويت حمد الحساوي.