ولي عهد الإمارات محمد بن زايد يستقبل رائد الفضاء هزاع المنصوري
سنة مرّت على الإنطلاق التاريخي لأول رائد إماراتي إلى الفضاء، وأول عربي على متن محطة الفضاء الدولية، هو الإماراتي هزاع المنصوري الذي أنجز مهمة تاريخية استمرت ثمانية أيام أجرى خلالها 16 تجربة علمية بالتعاون مع وكلات فضاء عالمية على متن محطة الفضاء الدولية.
المهمة التي حملت شعار “طموح زايد”، حقّقت حلم المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ورؤية القيادة لدولة الإمارات لتكون شريكاً فاعلاً في صياغة المستقبل، في الوقت الذي حقّقت فيه هذه المهمة إنجازاً كبيراً للدول العربية.

وكانت مركبة فضائية من طراز “سويوز أم أس-15″، قد انطلقت عصر يوم 25 ايلول 2019، من مركز بايكونور الفضائي في كازاخستان، حاملة على متنها رائد الفضاء الإماراتي هزاع المنصوري إلى محطة الفضاء الدولية.
وخلال وجوده على متن محطة الفضاء الدولية، أجرى المنصوري 16 تجربة علمية بالتعاون شركاء عالميين، منهم وكالة الفضاء الأوروبية ESA، ووكالة استكشاف الفضاء اليابانية JAXA، ووكالة الفضاء الروسية ٌROSCOSMOS، ووكالة الفضاء الأمريكية NASA.

وشملت التجارب التي أجراها المنصوري، دراسة تفاعل المؤشرات الحيوية لجسم الإنسان في الفضاء مقارنة بالتجارب التي أجريت على سطح الأرض. ودراسة مؤشرات حالة العظام، والاضطرابات في النشاط الحركي، والتصوّر وإدراك الوقت عند رائد الفضاء، إضافة إلى طبيعة حركة السوائل والدم داخل الجسم وأثر العيش على البشر، لتكون المرة الأولى التي يقوم فيها رائد فضاء من المنطقة العربية بإجراء مثل هذه التجارب.
وتضمنت المهمة، تجارب تخصّ المدارس في دولة الإمارات، ضمن مبادرة “العلوم في الفضاء” التي أطلقها مركز محمد بن راشد للفضاء. حيث نظّم المركز، اتصالين مباشرين عبر الفيديو، بين المنصوري وعدد من طلاب المدارس، أثناء المهمة.
وفي 3 تشرين الأوّل 2019، هبطت على الأرض بنجاح، المركبة “سويوز إم إس 12″، بعد مهمة ناجحة. وفي الأسابيع والشهور اللاحقة للهبوط، نظّم مركز محمد بن راشد للفضاء، من خلال برنامج التوعية التابع له، فعّاليات وورش عمل ومؤتمرات شملت مؤسسات أكاديمية ومراكز بحثية في جميع أنحاء الإمارات، شارك فيها رائدا الفضاء الإماراتيان هزاع المنصوري وسلطان النيادي. وقد شكّلت هذه الفعّاليات والمؤتمرات التي عُقدت مع مستويات مختلفة من المتخصصين وغير المتخصصين، إضافة إلى لقاءات مع طلاب المدراس الإماراتية، مصدر إلهام للجميع. حيث تحدّث رائدا الفضاء، عن أهمية دراسة مجالات العلوم والهندسة والتكنولوجيا والرياضيات، وإنجازاتهم الشخصية، وتجربتهم كرواد فضاء، فضلاً عن الجوانب العلمية والرياضية لحياة رائد الفضاء. ووصل عدد المشاركين في هذه الجلسات التفاعلية أكثر من 120 ألف شخص من 35 جهة ومؤسسة وكيان بحثي وأكاديمي.
وفي إطار سعي مركز محمد بن راشد للفضاء لاستدامة برنامج الإمارات لرواد الفضاء، يخضع رائدا الفضاء الإماراتيان هزاع المنصوري وسلطان النيادي حالياً، لتدريبات خاصة متقدمة في مركز جونسون للفضاء، التابع لوكالة “ناسا” في هيوستن بالولايات المتحدة الأميركية، في إطار الشراكة الاستراتيجية والتي تهدف إلى تدريب وإعداد رواد الفضاء الإماراتيين، وإمدادهم بالخبرات والمعارف وتعزيز جهوزيتهم، لخوض مهمات فضائية مستقبلية طويلة المدى.
ويقوم مركز محمد بن راشد للفضاء حالياً باختيار رائدي الدفعة الثانية من برنامج الإمارات لرواد الفضاء، من خلال لجنة تضم متخصصين وخبراء من المركز من بينهم رائدا الفضاء هزاع المنصوري وسلطان النيادي، ومن المخطط له أن يتمّ الإعلان عن رائدي الدفعة الثانية مطلع العام المقبل.
يشار هنا إلى أنّه بالتزامن مع مشروع دولة الإمارات لاستكشاف المريخ والذي انطلق في مهمته العلمية، تقدّم أكثر من 37 ألف شخص من مختلف الدول العربية، بطلبات التحاق بالدورة الأولى من برنامج «نوابغ الفضاء العرب»، الذي يسعى لرعاية المواهب والكفاءات العلمية من شباب وشابات الوطن العربي. وبهدف هذا البرنامج، كما بات معلومًا، إلى إعداد وتدريب المتقدّمين لرفد القطاع الفضائي في المنطقة بكفايات شابة خبيرة في هذا المجال، وما يمكن أن ينتج عن هذا الاستكشاف من إفادات توظَّف في مجالات عامة متنوعّة.

ونظرًا إلى وفرة العدد المتقدّم، أعلنت إدارة البرنامج الذي تشرف عليه وكالة الإمارات للفضاء، أي المظلة الأم المنظِّمة لكلِّ البرامج والأنشطة الفضائية في الإمارات، إغلاق باب التسجيل في الدورة الأولى، تمهيداً لتقييم طلبات المرشحين وفقاً لمعايير علمية دقيقة، لاختيار من تنطبق عليهم الشروط من أصحاب المواهب والكفاءات العلمية والقدرات الإبداعية والمخترعين والباحثين والمتخصصين في علوم الفضاء والتكنولوجيا ذات الصلة.
اللافت أنّ نصف المتقدّمين (حوالى 19 ألف طلب) هم من المصريّين، بينما توزّع الباقون بين العراق (بواقع 6447 طلباً)، فالجزائر (4836 طلباً)، فالمغرب (3107 طلبات)، فالإمارات (692 طلباً)، فالأردن (681 طلباً)، ففلسطين (422 طلباً)، فسوريا (406 طلبات)، فتونس (370 طلباً)، وأخيرًا السعودية (بواقع 361 طلباً). ولوحظ أنّ أحدًا من اللبنانيّين لم يتقدّم إلى هذا البرنامج، علمًا أنّ فيه من الكفاءات التي تستحقّ أن تجرّب حظّها. وقد يعود السبب إلى الأوضاع المعيشيّة التي يعيشها اللبنانيّون والتي انعكست سلبًا على طموح الشباب!
رئيس مجلس إدارة وكالة الإمارات للفضاء د. أحمد بالهول علّق على حجم المشتركين بالقول: «الإقبال القياسي على التسجيل في برنامج نوابغ الفضاء العرب يؤكد مدى أهمية مثل هذه المبادرات النوعية المبتكرة التي تستجيب لتطلعات وطموحات الشباب العربي والنابعة من رؤية الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم الهادفة إلى تحفيز أبناء وبنات الوطن العربي وبث الأمل في نفوسهم وبناء قدراتهم وصَقْل مواهبهم وإمكانياتهم كي يساهموا بكفاءة وفاعلية في تعزيز التقدّم العلمي في المنطقة». أضاف «ينعكس ذلك على زيادة المساهمة في اقتصاد المستقبل القائم على المعرفة والابتكار في الناتج الإجمالي العربي، عبر الاستثمار في قطاعات اقتصادية حيوية جديدة مثل القطاع الفضائي وتكنولوجيا الفضاء ومختلف التطبيقات الأرضية المتصلة به والذي يشهد نمواً متسارعاً حول العالم. إنّ الحراك العلمي الذي أثاره برنامج نوابغ الفضاء العربي في دورته الأولى، والكلام دائمًا للدكتور بالهول، من شأنه المساهمة في تحويل الطاقات الإبداعية الكامنة لدى الموهوبين والنوابغ من الشباب العربي إلى طاقة إيجابية وواقع ملموس وإنجازات علمية تتحقق على أرض الواقع».